الحركة العمالية البريطانية منذ القرن التاسع عشر حتى الآن

رامز مكرم باكير

بعد نصف قرن من نهاية الإمبراطورية، لا يزال السياسيون البريطانيون من جميع التوجهات ومختلف الأحزاب  يشعرون بأنهم “و من باب القيام بالواجب” مطالبون بتذكر ماضيهم الامبريالي باحترام. مع انه ، ومع القليل من التأمل ،  يلاحظ أن أحفاد بناة تلك الإمبراطوريات والشعوب الخاضعة لها،  والمستعمرة سابقًا ، إضافةً الى خليط اثني وعرقي وديني و قومي كبير من المهاجرين,  يتشاركون معهم ارض و مصير ، وحتى هوية هذه الجزيرة الصغيرة . وعندما تذكر بريطانيا “العظمى” ، تذكر إمبرياليتها وتاريخها الاستعماري، وبورصة لندن، والمال والأعمال والرأسمالية ، وينسى الكثيرون ان لبريطانيا تاريخ عريق ، وتجربة نضالية فريدة مع الاشتراكية والحركات العمالية ، تمتد منذ بدايات القرن التاسع عشر  حتى يومنا هذا، و مازال البريطانيون يتمتعون بإنجازات تلك الحقبة بقدر ما يتمتعون بمكتسبات الإمبراطورية.

الحركة الشارتية “الميثاقية” ١٨٣٨-١٨٥٠

“كن صبورًا ليوم أو يومين ، ولكن كن مستعدًا في غضون دقيقة واحدة” هذا كان احد شعارات الحركة الشارتية ، والتي دشنت  بداية العصر البطولي للطبقة العاملة في بريطانيا ، ان لم تكن اول حركة عمالية حقيقية ، فلا توجد فترة في التاريخ البريطاني أكثر إلهامًا ومليئة بالدروس أكثر من الفترة الشارتية ، وذلك لما حققته من انتشار للديمقراطية . و كتابة  ميثاق الشعب لعام ١٨٣٨ ، وبناء الطبقة العاملة كقوة اجتماعية و سياسية ،  فقد كان الملايين من الرجال والنساء العاملين.  الذين كان لحمهم ودمهم يلتهم باستمرار،  من نهم الرأسمالية الامبريالية البريطانية والتي لم تكن تهتم الى في جني الأرباح ، وتوسيع وحماية مستعمراتها مهما كانت الاثمان ولو حتى  على حساب العمال والكادحين من شعبها وعمالها .  فكانت الجهود البطولية لهؤلاء البروليتاريين هي التي ساهمت في تحويل الحركة الشارتية الى قوة  جماهيرية. فقد أتت بعد سلسلة من الدروس الصعبة  “مذبحة بيترلو عام ١٨١٩” والتغيرات التاريخية والاقتصادية “الثورة الصناعية”. 

عادة ما يتم حجب التاريخ الحقيقي للحركات الطبقية ومنجزاتها، و غالباً ما تختزل او تصور على انها حركات تمرد، او صراعات أهلية او  يتم تقديمها على أنه ليس أكثر من حملات انتخابية من أجل التصويت كما حصل مع الثورة الشارتارية. 

وكان أبرز ما تحقق تلك الفترة من إنجازات، هو إعطاء الحق والمساواة  السياسية بين طبقة العمال التي كانت قد أخذت بالصعود والظهور كقوة بروليتارية من جهة، وطبقة البرجوازيين والملاك من جهة أخرى. 

وكانت أهم وأبرز مطالب الحركة وقتها:

التأكيد على حق الرجال “الذكور فوق سن التاسعة عشر” في التصويت في الانتخابات والاستفتاءات  العامة العام، حيث كان حق الانتخاب يقتصر فقط على الملاك، وربط مسألة الاقتراع بالخبز، وتحويلها الى مسألة وطنية.

يجب أن يتم التصويت بالاقتراع السري.

ان تعقد انتخابات نيابية كل عام وليس مرة كل خمس سنوات.

 تخصيص رواتب لأعضاء البرلمان، وإلغاء ” تأهيل الملكية ” للعضوية.

كان أبرز قادة الحركة الشارتية، الايرلنديين برونتيري أوبراين وفيرغوس اوكونر، والذين أكدا ايضاً على المطالبة بإلغاء الاتحاد مع أيرلندا (نهاية الحكم الاستعماري) والذي حصل في الشارتية الثانية عام ١٨٤٢. حيث حصدت العريضة أكثر من 3 ملايين صوت رغماً عن معارضة البرلمانين من الملاك واللوردات. وتمت متابعة أحداث الثورة الشارتية في فرنسا وبولندا والمجر. فكانت ثورة بروليتارية وأممية بامتياز، حتى أنها وصفت بأنها أحد اهم الحركات في سلسلة الثورات العالمية ضد الاستبداد والاستغلال، وجاء ذلك قبل سنوات من ظهور كارل ماركس وصدور البيان الشيوعي في لندن عام ١٨٤٨، “يا عمال العالم اتحدوا”. 

فكان شعار الشارتيين، “كن صبورًا ليوم أو يومين ، و لكن كن مستعدًا في غضون دقيقة واحدة؛ لا أحد يعرف اليوم ما يخبئه الغد، فكن مستعدًا دائماً لتغذية شجرة الحرية بالدم دفاعا عنها من المستبدين”. نشر في أيار/مايو عام ١٨٣٩. 

و في نيسان/أبريل ١٨٤٨  تم تقديم الميثاق الشارتي الثالث والأخير. والذي تم رفضه ، حيث تنظيم اجتماع جماهيري كبير في ضاحية كينينجتون كومون جنوب لندن من قبل قادة الحركة الشارتية ، وكان أكثرهم نفوذاً هو فيرغوس أوكونور ، محرر “ذا نورثرن ستار” صحيفة نجمة الشمال، وهي صحيفة أسبوعية كانت تروج للقضية الشارتية.و عُرف عن أوكونور  نضاله وبطولته ، ومحاولاته لتحقيق مكاسب للعمال وتحقيق تغييرات جذرية بأي وسيلة ، بما في ذلك العنف .  وكانت تخشاه السلطات و تهابه.  وبفضل هذا الثائر وبجهود العمال والثوار الشارتيين ، كان ومازال إرث الشارتين قوياً وجلياً حتى يومنا هذا، فمع حلول خمسينيات القرن التاسع عشر اجمع أعضاء البرلمان على المزيد من الإصلاحات. وتم تمرير المزيد من القوانين الإصلاحية بين عامي ١٨٦٧ و ١٨٨٤. و بحلول عام ١٩١٨، تم تحقيق خمسة من مطالب الجارتيين الستة – “فقط الشرط القاضي بإجراء انتخابات برلمانية كل عام” لم يتم الوفاء به.

صعود الطبقة العاملة في بريطانيا ١٨٥٠-١٩١٤

كان يُنظر إلى فترة الثلاثين عامًا “من أواخر أربعينيات القرن التاسع عشر إلى أواخر سبعينيات القرن التاسع عشر ” على أنها العصر الذهبي للازدهار في بريطانيا “العظمى” ، إذا ما تجاهلنا الحالة البائسة لأيرلندا وقتها . فكانت بريطانية أعجوبة العصر الصناعي ، وورشة العالم ، حيث هناك بدأت الثورة الصناعية ، وكانت الكثير من الابتكارات التكنولوجية في ذلك الوقت بريطانية بامتياز. و بحلول منتصف القرن الثامن عشر ، اصبحت بريطانيا الدولة التجارية والصناعية الرائدة في العالم ، اضافة الى اتساع سيطرتها الامبريالية الاستغلالية فوصلت   مستعمراتها الى أمريكا الشمالية ومنطقة البحر الكاريبي ، و وصلت هيمنت التاج الملكي العسكرية والسياسية الكبيرة الى شبه القارة الهندية من خلال شركة الهند الشرقية. وعلى الرغم من أن المستفيدين الرئيسيين من هذا الازدهار الكبير كانت الطبقة البرجوازية من صناعيين والتجار ، إلا أن ظروف العمال قد أخذت في التحسن ايضاً ، وخصوصاً بفضل المكاسب السياسية الكبيرة التي حققتها الثورة الشارتية.

بدأ العمال من ذوي المهارات والكفائات العالية يبرزون جماهيرياً في المقدمة ، فقامو بتأسيس النقابات العمالية الفعالة لتحسين وضعهم الاجتماعي وحماية مصالحهم ،  وكانت استراتيجيتهم تعتمد سياسات اصلاحية تدريجية ، بدلاً من تغييرات ثورية في النظام الاجتماعي ، وكان ذلك مزامناً للفترة التي أصر فيها كارل ماركس في خطابه الافتتاحي لعام 1864 أمام الرابطة الدولية للعمال (الأممية الأولى) في لندن ، على أنه  ” لا يوجد تحسين للآلات ولا تطوير لأدوات الإنتاج ولا وسائل اتصال، ولا السيطرة على مستعمرات جديدة، ولا الهجرة، ولا فتح للأسواق، ولا تجارة حرة … يمكن ان تقضي على بؤس الجماهير الكادحة.

فكانت على الطبقة البروليتارية أن تعمل كحزب سياسي ضد الأحزاب السائدة و ضمن النظام البرلماني القائم، وأن البروليتاريا، و بعد أن تطيح بالدولة البرجوازية، وتحقق أهدافها، يجب أن تؤسس النظام السياسي الخاص بها.”

ومع ذلك ، وخلافاً لرؤية ماركس، فقد استسلم الاقتصاد السياسي البرجوازي  للطبقة العاملة، وكان ذلك نتيجة الضغوط المطالبة بالإصلاحات من خلال التشريعات “وحدها” لتحسين أوضاع الطبقة العاملة.  

فتأسست عصبة الإصلاح في عام 1865 مع ستة من أعضاء المجلس الأممي  في الهيئة التنفيذية للحملة من أجل حق الاقتراع العام للذكور ، و الامتياز ات المحدودة التي اقترحها الحزب الليبرالي ، الأمر الذي أثار اشمئزاز ماركس ورفضه.

وذلك بسبب سقوط الحكومة الليبرالية وتولى حزب المحافظين المنتصر مسؤولية الإصلاح الانتخابي.  و نص قانون الإصلاح لحزب المحافظين عام ١٨٦٧ على توسيع نطاق الامتيازات للعمال أكثر بكثير من مشروع قانون الإصلاح الليبرالي السابق، فقام المحافظين بالالتفاف وخطف تمثيل الطبقة العاملة ، فهذه الطبقة “عدديًا” أصبحت أقوى قوة انتخابية في المدن وقريباً ستكون قوة عددية هائلة في المستعمرات ايضاً.

و في عام ١٨٦٩، أصدر مؤتمر بازل الدولي ، بدعم من المؤتمر النقابي البريطاني الثاني ، الذي مثل ٢٥٠،٠٠٠ عامل ، قرارًا لصالح تأميم الأراضي ، على الرغم من عدم التوصل إلى اتفاق بشأن ما إذا كان ينبغي على الدولة أو الكوميونات المحلية امتلاك الأرض او لا، وما إذا كان ينبغي تأجير الأرض للتعاونيات الكبيرة أو للمزارعين المستأجرين الأفراد. و بعد بضعة أشهر، وبدعم من الاتحاد الدولي، تم إنشاء رابطة الأرض والعمل في لندن. و كانت المطالب الأساسية  في برنامج العصبة هي المطالبة بتأميم الأراضي ، مع استخدام الأرض الشاغرة لتوطين العاطلين عن العمل. وشملت المطالب  ايضاً التعليم العلماني المجاني والإلزامي. وإنشاء بنك حكومي لإصدار النقود الورقية، وفرض ضرائب ملكية تصاعدية مباشرة لتحل محل جميع الضرائب الأخرى و تصفية الديون العامة، وإلغاء الخدمة العسكرية الدائمة ، و تخفيض ساعات العمل، وتاكيد على الانتخابات العامة ، ودفع الرواتب للنواب البرلمانيين.

كما شجبت الرابطة الملاكين العقاريين و المقرضين والمستغلين الرأسماليين في بيانها واعتمدت شعار “الأرض للشعب”. 

وفي عام 1870 ، أسس جون ستيوارت ميل “الفيلسوف السياسي الليبرالي” جمعية “إصلاح ملكية الأراضي” الأكثر اعتدالًا وذات الطابع الاصلاحي ، والتي ضمت عدداً من الليبراليين الراديكاليين والاقتصاديين والنقابيين الرائدين. ومن اهم منجزات هذه الرابطة انها دعت إلى فرض ضرائب على الزيادة غير المكتسبة في قيمة الأراضي . ولكن عارضت تأميم الأراضي باعتبارها هدفًا بعيد المنال ، ودعمت ايضاً الى منح حقوق و امتيازات للمزيد من العمال في تملك الأراضي الصغيرة . فكانت النتيجة ذهاب الجزء الأكبر من المحاصيل والثروات إلى أولئك الذين لم يعملوا على الإطلاق ، و تضائل الأجر مع تزايد صعوبة العمل و فشلت قوانين الملكية للأسف في تحقيق العدالة الطبقية الحقيقية في التناسب بين الأجر والإجهاد .

وفي البداية ، و بالرغم من التأثير الكبير لكارل ماركس، و “الأممية الأولى”، و الحركات العمالية التي كانت كانت تعصف في البلاد، كانت بريطانيا البلد الأوروبية الوحيدة التي لم تظهر فيها أي حركات تحت مسميات ماركسية او شيوعية.  فكانت اشتراكية وفق المسار الطبيعي للتطور التاريخي ، ويمكن ان نجادل انها كانت نتاج التقاء الماركسية والثقافة المحلية.  

و بعد عام ١٨٨١ اخذت الماركسية بجذب أتباعًا في بريطانيا ، و اقترب أتباعها من نظريات وكتابات كارل  ماركس من خلال التقاليد المحلية ، فقد كان لماركس شركاء بريطانيون داخل الأممية نفسها ، ولا سيما بعض القادة العمال ،من أتباع الشارتية  القديمة مثل برونتيري أوبراين ، والراديكاليين الليبراليين ، وآخرين من الحركات العلمانية والوضعية. وأسس السياسيين وقتها ،هيندمان وباكس، الاتحاد الاشتراكي الديمقراطي (SDF). وكتبوا مقالات يقدمان فيها كارل ماركس للجمهور البريطاني، وتعامل الماركسيون البريطانيون مع نظرية ماركس الاقتصادية كراديكاليين، وقاموا كالعادة بإدانة البرجوازيين من  مالكي العقارات والصناعيين بسبب الزيادة غير المكتسبة التي حصلوا عليها من احتكار وسائل الإنتاج.  و ظل الماركسيون البريطانيون رغم قلتهم متأثرين بشدة ومتمسكون بهذا الإرث الثقافي. 

وتم استئناف تشكيل نقابات جديدة للعمال الأقل مهارة هذه المرة بمساعدة النشطاء الاشتراكيين، من ماركسيين و غيرهم.  حيث جلب أواخر القرن التاسع عشر اضطرابات عمالية كبيرة أثرت بشكل حاسم على زيادة تطور النقابات  في بريطانيا ، و شهدت البلاد انتعاشاً للأعمال بين ١٨٨٨-١٨٩٢ ، .و تلقت الحركات العمالية حافزًا هائلاً من خلال انتصار عمال أرصفة لندن في إضرابهم العظيم عام ١٨٨٩ ، والذي تم تأمينه في الملاذ الأخير من خلال الدعم المالي الأسترالي والذي جاء تحت شعار “بادرة من العالم الجديد إلى القديم”.

نهاية القرن التاسع عشر:

ومع كل هذه التضحيات والمحاولات التي قدمها العمال خلال القرن التاسع عشر بدأت مرحلة جديدة من التراجع، وفي عام ١٨٩٠، تعرض أرباب العمل في القطاع البحري لهجوم مضاد ضد النقابات الجديدة للبحارة وعمال الرصيف، كما عانى الاتحاد الجديد الذي تأسس في صناعة الغاز من نكسات كبيرة.  حتى بعض النقابات المهنية واجهت مقاومة أقوى من أصحاب العمل ، الذين انزعجوا من إدخال المزيد من التشدد في السلوك النقابي في وقت واجهوا فيه منافسة أجنبية متزايدة في أسواقهم القائمة، وعادت سياسات الأسواق الحرة. 

وبعد الإغلاق الوطني في 1897-1898، اضطرت جمعية المهندسين المندمجة لقبول إدخال آليات وأنظمة دفع جديدة وفقًا لشروط أصحاب العمل. في كل من الصناعات البحرية والهندسية، وأكد أرباب العمل سلطتهم من خلال الاندماج في الاتحادات الوطنية. وكان الأمر الأكثر خطورة على الإطلاق بالنسبة للنقابات ، هو رد فعل أصحاب العمل على المحاكم، حيث أدت سلسلة من الأحكام القضائية، التي بلغت ذروتها في حكم تاف فالي عام 1901، إلى تقويض تشريعات سبعينيات القرن التاسع عشر، وبداية مرحلة نضالية جديدة من سلسلة التاريخ العمالي في بريطانيا.

لمحة عن أبرز القوى في حزب العمال البريطاني

ولد حزب العمال في مطلع القرن العشرين من رحم الطبقة العاملة، وعدم قدرتهم على تقديم مرشحين برلمانيين من خلال الحزب الليبرالي ، و الذي كان في ذلك الوقت الحزب الذي تبنى مطالب الإصلاح الاجتماع  وقتها. وفي عام ١٩٠٠، تم عقد مؤتمر يجمع النقابات العمالية (الاتحاد الوطني لنقابات العمال البريطانية) و حزب العمال المستقل (الذي تأسس عام ١٨٩٣) لتأسيس لجنة تمثيلية للعمال ، والتي في مابعد أصبحت حزب العمال في عام ، ١٩٠٦ بقيادة مؤسسه  كير هاردي . فكانت بداية لمرحلة مد جديدة بعد ان كانت تعصف بالبلاد الاضطرابات السياسية والإضرابات العمالية ، ومحاولات القوى الرجعية لتقويض كل المكتسبات السياسية التي حققها العمال منذ الثورة الشارتية وصولاً الى بداية القرن العشرين.

حزب جديد لقرن جديد: 

كان الهدف الذي وحد كير هاردي وزملائه في الاجتماع التأسيسي الشهير للجنة التمثيلية العمالية في شباط/فبراير عام ١٩٠٠. هو تجاهل المحافظين وخيبة أملهم من الليبراليين ، والمطالبة بالتغيير من خلال تمكين العامة في نهاية المطاف من السيطرة على وسائل الإنتاج والتوزيع والتبادل ،  ووضعها جميعاً في أيدي دولة ديمقراطية حقيقية ، لتكون في خدمة مصالح المجتمع بأكمله ، والسعي لتحقيق الحرية الكامل للعمال من الهيمنة الرأسمالية وهيمنة الملاك العقاريين ، و إقامة المساواة الاجتماعية والاقتصادية بين الجنسين.

وحقق الحزب إنجازات تاريخية كبيرة ، يذكر منها التأمين الطبي المجاني (NHS) ، وتحديد الأجور. 

الآن يضم حزب العمال اكثر من نصف مليون عضو حزب ديمقراطي اجتماعي ذو توجهات اشتراكية ديمقراطية ¡ و متجذرة في الحركة النقابية” .

ويضم الحزب عدداً من الفصائل السياسية و الكتل وجماعات الضغط “فكان جيرمي كوربين مثلاً يقود حزبًا اشتراكيًا يسارياً صريحًا بينما يقود كير ستيرمر حالياً الحزب باتجاه ليبرالي وسطي معتدل ، ولا ننسى طوني بلير والذي كان محافظاً اكثر من المحافظين.

حركة مومينتوم (Momentum):

تأسست الحركة في مطلع عام ٢٠١٥ عن طريق جون لاتسمن و عدداً من رفاقه ، واتى ذلك بعد الحملة الناجحة ، و التي أوصلت جيرمي كوربن لقيادة حزب العمال في أيلول/سبتمبرعام ٢٠١٥. وهي اكبر تجمع لليساريين في بريطانيا . حيث يصف البعض حركة مومينتوم على انها “The grassroots” او الجذور الضاربة في الأرض لحزب العمال ، ويصفها آخرون معارضون على انها حزب متنكر ضمن حزب العمال او منظمة موازية له . حيث تضم الحركة حاليا قوة عددية هائلة ، اكثر من ٥٠.٠٠٠ شخصاً . ولا تتقاضى الحركة اَي رسوم عضوية ، وتشترط على أعضائها الانتساب لحزب العمال كشرط أساسي. 

هدف الحركة المعلن هو “خلق حركة جماهيرية من اجل تحقيق تغيير تقدمي حقيقي” إضافةً الى الحفاظ على اجندتها السياسية اليسارية والسعي الى دمقرطة حزب العمال بالكامل.

النقابات العمالية المنتسبة لحزب العمال (TULO):

تمثل (TULO) المنظمة الجامعة التي تنسق أنشطة النقابات ال١٢ المنتسبة لحزب العمال وعلى رئسهم (Unite) و (TUC) او مؤتمر النقابات العمالية ، و تهدف المنظمة الى منح العمال صوتهم السياسي ، وتنظيم العمل السياسي بين العمال والحزب  لمعالجة المشاكل الملحة التي تواجهها بريطانيا ، من تحسين أجور العمال وحقوقهم ، ومعالجة المشاكل المرتبطة بالخدمات العامة ، والقطاعات المختلفة . 

وتشمل هذه النقابات معظم الجمعيات والنقابات العمالية في بريطانيا ، من جمعية مهندسي القاطرات ورجال الإطفاء ، والعاملون في السكك الحديدية ، وعمال الحديد والصلب ، والخدمات اللوجستية ، والخدمات القضائية ، والجمعيات الخيرية ، والتمويل ، والعمال المعوقين ، و العاملين في خدمات البريد والاتصالات والخدمات المالية. وتشمل ايضاً عدداً كبيراً من الموظفين العاملين في كل من القطاعين العام والخاص.  و الأعضاء في الحكومة المحلية ، والعاملين في الرعاية الصحية والكليات والمدارس و الشرطة وقطاع العمل التطوعي ، والنقل ،والكهرباء والغاز والمياه. وغيرها الكثير من المؤسسات والجماعات. 

الجمعية الفابيانية:

تأسست جمعية فابيان في ٤ كانون الثاني/يناير عام ١٨٨٤ في لندن وهي مؤسسة فكرية وشبكة عضوية تابعة  لحزب العمل، وأحد مؤسسيه الأصليين عام ١٩٠٠، وهي مؤسسة ذات ميول يسارية، مكرسة للشأن السياسي العام. تنشط في جميع أنحاء بريطانيا ومنفتحة على جميع القوى اليسارية في بريطانيا، وتدافع عن الفابيينية ونحتفل بها.

تؤمن الفايينية بان الوسيلة الأفضل  للوصول الى الأهداف الراديكالية طويلة المدى تكون من خلال الإصلاح التجريبي والعملي والتدريجي.

تضم هذه المؤسسة اكثر من ٨٠٠٠ عضواً. وتتنوع مهامها بين إجراء البحوث وإجراء الاستفسارات السياسة الرئيسية ، عقد المؤتمرات والاجتماعات والندوات ، وبصفتها  مؤسسة فكرية فلديها  تأثير كبير على الخطاب العام السياسي .  ويعمل فريق العمل لديهم في لندن وإدنبرة مع شبكة واسعة من كبار السياسيين وخبراء السياسة لتطوير الأفكار الجديدة والترويج لها والتأثير على مناخ الرأي  العام السياسي. من خلال اجتماعات الأعضاء والانتخابات واللجان. و تنظيم المئات من الأنشطة عن طريق أقسام مستقلة من المجتمع – فابيانز، وشبكة فابيان للنساء، وفابيانز الاسكتلندية، وفابيان الويلزية – ومن قبل 40 جمعية محلية تابعة لفابيان.

تعرف نفسها منظمة فابيان على انها “منظمة اشتراكية تهدف إلى تعزيز قدر أكبر من المساواة في السلطة والثروة والفرص، و قيمة العمل الجماعي والخدمة العامة وتحقيق ديمقراطية مسؤولة ومتسامحة وفعالة تخضع لمفاهيم المواطنة والحرية وحقوق الإنسان”

” نحن من المؤسسين الأصليين لحزب العمل وننتمي دستوريًا إلى الحزب كمجتمع اشتراكي. لدينا مصلحة في العملية الديمقراطية لحزب العمال على المستوى المحلي والإقليمي والوطني.  لكننا مستقلون تمامًا عن الحزب تحريريًا وتنظيميًا وماليًا”.

منظمة النداء الاشتراكي (socialist appeal):

هي امتداد لحركة (Militant) التروتسكية في حزب العمال ، والتي حلت نفسها عام ١٩٩٧

أسس حركة النداء الاشتراكي مجموعة من اتباع  تيد غرانت وآلان وودز عام ١٩٩٢ وذلك بعد ان تم فصلهم من (Militant). وينظم اتباع الحركة أنفسهم حول صحيفة (Socialist appeal) وهي صحيفة إخبارية وثقافية تقدم تحليلاً طبقياً للأحداث ، وتبحث في قضايا اليسار والماركسية . 

تعرف الحركة نفسها على انها  “منظمة ماركسية تنشط في حزب العمال، وتناضل من اجل الثورة الاشتراكية العالمية ، وتسعى وتنادي بالتحول الاشتراكي للمجتمع ، في بريطانيا وعلى الصعيد الدولي، وبصفتهم أمميين ، تعمل الحركة مع نشطاء من التيار الماركسي العالمي.”

وترى الحركة ان “الفرق بين الإصلاحية والماركسية هو نفسه الفرق بين التبصر والدهشة. يمكننا أن نرى الصراع الطبقي الهائل في المستقبل، حيث ستُطرح مهمة تحويل المجتمع على أسس اشتراكية.”

وترى الحركة ان مهمتها المباشرة هي بناء تيار ماركسي قوي يمكنه التدخل في الحركات الجماهيرية للعمال والشباب. وعارضت الحركة بشدة استبعاد جيرم كوربن من الحزب، ودعت الى اتخاذ إجراءات حزبية طارئة لإعادة الحزب الى مساره اليساري، حيث ان الحزب يواجه فترة من الصراعات الداخلية والانشقاقات وخصوصاً في ظل القيادة الجديدة بزعامة كير ستيرمر.

منظمة (Progress):

وهي منظمة سياسية تنشط ضمن حرب العمال البريطاني ، تأسست عام ١٩٩٦ لدعم حملة ”قيادة حزب العمال الجديد”  لتوني بلير وتسويقه في الحزب . و عادتاً ما يوصفون بالبليلريين. ويمثلون أقصى اليمين في حزب العمال ، ومن اكبرالداعمين الأساسيين لقيادة  كير ستيرمر حالياً .أسس المنظمة كل من بول ريتشاردز وليام بيرن وديريك دريبر ، كمنظمة للحفاظ على الحوار مع القيادة الجديدة لحزب العمال تحت قيادة توني بلير.  وقد نظمت العديد من الفعاليات والمؤتمرات واستضافت العديد من الفعاليات الهامة لكبار الشخصيات الحزبية.  أصبح مؤتمرها السنوي عنصرًا أساسيًا في البرامج السياسية، و بحضور كبير للزيد من الوزراء وغيرهم من السياسيين البارزين. و في فبراير/شباط ٢٠١٩، استقال مجموعة من نوابهم في حزب العمال البريطاني  وأسسوا مجموعة انديبيندنت.

تعرف المنظمة نفسها و  أهدافها على انها ” منظمة من  أعضاء حزب العمال هدفهم  تعزيز سياسة راديكالية وتقدمية للقرن الحادي والعشرين.

 نحن نسعى لمناقشة وتطوير وتعزيز الوسائل لخلق بريطانيا أكثر حرية ومساواة وديمقراطية ، والتي تلعب دورًا نشطًا في أوروبا والعالم بأسره.

 متنوع وشامل ، نعمل على تحسين مستوى ونوعية النقاش داخل حزب العمل ، وبين الحزب والمجتمع التقدمي الأوسع.”

هذه كانت لمحة عن أبرز الفصائل السياسية والمنظمات التي تنشط ضمن مظلة حزب العمال البريطاني، لإعطاء صورة عامة عن هذه القوى وأهدافها ومجال عملها وطريقة تنظيمها.

من العدد ٤٩ من جريدة المسار