سلسلة قادة الأحزاب الشيوعية العالمية: أنطونيو غرامشي

أنطونيو غرامشي فيلسوف ومناضل ماركسي إيطالي، ولد في بلدة آليس بجزيرة ساردينيا الإيطالية عام 1891، وهو الأخ الرابع لسبعة أخوات. تلقى دروسه في كلية الآداب بتورينو حيث عمل ناقداً مسرحيا عام 1916. انضم إلى الحزب الشيوعي الإيطالي منذ تأسيسه وأصبح عضواً في أمانة الفرع الإيطالي من الأممية الاشتراكية.

أصدر مع بالميرو تولياتي في عام 1917 مجلة (النظام الجديد) بالإيطالية (Ordine Nuovo) وفي شهر يوليو 1919 تم انتخابه عضواً في اللجنة المركزية للحزب تحت زعامة «أماديو بورديجا»، ليوجّه «غرامشي» اهتمامه بعدها إلى تحليل الحركة الفاشية الإيطالية التي بدأت في الهجوم، وازدادت لهجة خطابها بعد فشل الحركة العمالية في احتلال المصانع، ويقوم على إثرها بتحليل أزمة الديموقراطية الليبرالية، والحركة الجماهيرية الفاشية بعيداً عن التسطيح والاختزال.

تأسس الحزب الشيوعي الايطالي عام 1921 وأصبح أماديو بورديغا أمينه العام.

وفي عام 1924، أخذ «غرامشي» في تحويل الحزب الشيوعي الإيطالي إلى سلاح فعال ضد الفاشية. ونتيجة لحدوث ارتباك وحل تكتل المعارضة في البرلمان، بدأت الفاشية في التماسك وتوحيد أجزاء مختلفة من البرجوازية.

في عام 1926، وقبل أشهر من اعتقاله، انتخب غرامشي أميناً عاماً للحزب خلفاً لبورديغا وتم الاتجاه نحو سياسة بعيداً عن التطرف اليساري لبورديغا.

وتم اعتقال «غرامشي» عام 1926 على الرغم من تمتعه بالحصانة البرلمانية، ليبدأ في وضع خطة بحث يكون فيها المثقفون هم القضية المركزية التي سيعمل عليها طوال فترة سجنه.

حُكم عليه 20 عامًا وأربعة أشهر، قضى «غرامشي» نصفها في السجن يعمل على بحثه، حتى توفي في عيادة بروما 1937 نتيجة نزيف في المخ. وفي خلال تلك الفترة، كان قد كتب سبعة​ دفاتر خلال ثلاث سنوات من عام 1929 إلى 1931، وهي التي تم تطويرها في مسودة عشر كراسات تشكل جوهر كتابه مذكرات السجن – (The Prison Notebooks).

وفي هذه الكراسات العشر المركزية، يناقش فيها «غرامشي» أهم القضايا والتيمات التي شغلت فكره، دراسة الفلسفة وتاريخ المثقفين، وسياسات «ميكيافيللي» حول الوحدة الإيطالية، وحول الأمريكانية والفوردية.

وعن طريقه تم التمهيد للمشهد النقدي بداية من «ألتوسير، وحتى سلافوي جيجك، وجوديث باتلر» المعاصرين خصوصًا لاستعماله مطرقة من المفاهيم والأفكار النقدية.

هذه الأفكار النقدية يسميه (البراكسيس) تقوم بعمل قطيعة معرفية مع الأفكار الماركسية بشكليها التقليدي والدوغمائي، وتولي الاهتمام للممارسة النظرية والتصورات الواقعية.

وفي عام 1917، بدأت الطبقة العاملة في تورينو الرافضة للحرب في مهامها النضالية والقيام بأعمال شغب، ويتم اعتقال عدد كبير من الزعماء الاشتراكيين على إثرها، ثم القيام بإضراب عام 1920 وهي الحادثة التي ستؤثر في التوجيه الراديكالي لأفكار «غرامشي» عن ضرورة مقاطعة المنهج الإصلاحي وتأسيس حزب شيوعي ثوري جديد.

وينتقل «غرامشي» نتيجة وضعية المثقف وعضويته في المجتمع إلى الحديث عن نوعين متقابلين من المثقفين؛ المثقف التقليدي والمثقف العضوي. يعرّف العضوي بأنه هو المثقف الذي ينتمي إلى طبقته ويمنحها وعيًا بمهامها، ويصوغ تصوراتها النظرية عن العالم، ويفرضه على الطبقات الأخرى من خلال «الهيمنة»، ويدافع عن مصالحها، ويقوم بالوظائف التنظيمية، والأداتية لضمان تقسيم العمل الاجتماعي داخل الطبقة من ثم استمرارها.

يقول غرامشي:

«كل جماعة اجتماعية، يظهر وجودها على الأرض الأصلية لوظيفة أساسية في عالم الإنتاج الاقتصادي، وهي تخلق بنفسها عضوياً»، طبقة أو أكثر من المثقفين يمنحونها تجانساً ووعياً بوظيفتها الخاصة ليس فقط في المجال الاقتصادي لكن في المجالين الاجتماعي والسياسي أيضاً

يقول غرامشي:

«عندما يتحقق جهاز الهيمنة، فبقدر ما يخلق أرضية أيديولوجية جديدة، فإنه يحدد إصلاحاً لوعي البشر ومناهج المعرفة، فيكون حدثاً معرفياً جديداً، حدثاً فلسفياً» (p605). فهي الحالة التي تسير فيها فلسفة المجتمع وممارساته في انسجام تام وفي نظام يسوده أسلوب معين في الحياة والفكر، ومفهوم واحد للحقيقة يشيع في المجتمع ويضفي تذوقًا خاصًا وأخلاقًا ومبادئ وعادات وأنماطًا دينية وسلوكية واحدة، تنطوي «واحدية الحقيقة» تلك على عنصر توجيه وتحكم خفي يستبعد كل وعي نقدي بالضرورة.

لذلك، فـ«غرامشي» يرى أنه كي تتحقق ثورة لا بد أن يكون هناك حرب مواقع؛ أي حرب في الهيمنة، يحاول مثقفو الطبقة العاملة فيها فرض هيمنتهم القيمية وتصورهم عن الحياة، والقضاء على تصورات البرجوازية المهيمنة على المجتمع المدني.

في نظرته للدولة والمجتمع المدني يحدد «غرامشي» مراحل نشأة المجتمع المدني وعلاقته بالدولة في 5 مراحل كالآتي:

  1. القرون الوسطى حيث لم يكن هناك فصل بين الدولة والمجتمع، وكان التنظيم التعاوني للطبقات السياسية يجمع بين الاقتصاد والسياسة.
  2. ثم الفصل بين الاقتصاد والسياسة دون تسيس للطبقات في دولة الحكم الملكي.
  3. انحلال البنى العضوية التقليدية ذات الطابع الأخوي والطائفي والحرفي والتمهيد للحداثة المبكرة.
  4. قيام الثنائية بين الدولة والاتحادات الاجتماعية الطوعية، مثل المنظمات المدنية والنقابات والأحزاب.
  5. قيام التنظيم الدولي الشيوعي للمجتمع بعد انتصار البروليتاريا في حرب المواقع وسيطرتها على الدولة.

المراجع: موقع إضاءات، وموقع ويكيبيديا.