بحث حول تاريخ الحزب الشيوعي السوري: استنتاجات

(الكاتب: أحد أعضاء الحزب الشيوعي السوري – المكتب السياسي)

نشأ الحزب الشيوعي في سوريا ولبنان في 28 تشرين أول عام 1924 حيث اجتمع ثلة من الشبان في منزل لعائلة الشدياق في منطقة الحدث في بيروت (من مصادر أخرى يقال إنها في بلدة بكفيا) وقرروا تأسيس الحزب وفي البداية أطلقوا عليه اسم حزب الشعب اللبناني للتمويه على سلطات الاحتلال الفرنسي وانتخبوا يوسف يزبك كأول أمين عام للحزب وحصلوا على موافقة الأممية الثالثة (الكومنترن) للانضمام إلى صفوفها وكان على الرفاق الأوائل أن يشكلوا خلايا ومنظمات شيوعية وفي الوقت نفسه أن يشتركوا بدون تمهل في المعارك الوطنية والطبقية التي كانت تعصف بالبلاد.

في أيّار 1925 توحّدت كل المنظّمات الشّيوعيّة في منظّمة واحدة وتشكّلت لجنة مركزيّة “الّلجنة المركزيّة للحزب الشّيوعي في لبنان وسوريا”، وتشكّلت من فؤاد الشّمالي ويوسف يزبك وتيبر وهيكازون بوياجيان وأرتين مادويان (بعد انضمام “عصبة سبارتاكوس الأرمنيّة إلى الحزب) وعامل الدّخان فريد طعمة.

فنظم الحزب أولى النشاطات للاحتفال بعيد الاول من آيار 1925 المناسبة الأولى لظهور الحزب وقد أقيم في سينما كريستال في بيروت وسبقه توزيع منشور من قبل الرفاق جاء فيه: (نطلب من جميع العمال والفلاحين في هذه البلاد الشقية أن يتركوا أعمالهم، في يوم أول آيار، ويبرهنوا للمتمولين والإقطاعيين أنهم طبقة لها الحق بالحياة الحرة كغيرها من الطبقات) وقد حضر الاحتفال ما يقرب من 500 شخص منهم وفد من شبيبة سبارتاك التي تتألف من الشباب الأرمن الشيوعيين والتي قررت على أثر الاحتفال الانضمام إلى الحزب.

وبعد الاحتفال بأيام قليلة صدر في الخامس من آيار العدد الأول من جريدة الحزب الأولى واسمها الإنسانية وقد صودر العدد السادس منها بسبب نشرها مقالات عن الاستعمار وعن الواقع المعيشي المأساوي للشعب و وبسبب تحريض العمال ، و قاد الشّيوعيّون مظاهرات ضد الاستعمار وممارساته في العالم العربي، ففي أيّار 1931 انطلقت مظاهرة شعبيّة في طرابلس احتجاجًا على إعدام السّلطات الفاشستيّة الايطاليّة للمناضل الوطني الّليبي عمر المختار، وكان على رأس المتظاهرين المناضل الشّيوعي أحمد زكي الأفيوني.

من النّشاطات الهامّة الّتي قام بها الحزب في السّنة الأولى لتأسيسه اضرابات أبرزها اضراب 800 عامل في بيروت والمظاهرة الكبرى في الأوّل من أيّار 1925،الّتي توِّجت باحتفال أول أيّار في قاعة الكريستال في بيروت عام 1925، وهو أوّل احتفال عربي علني بيوم العمّال، وفي صدر هذه القاعة العلَمان الّلذان دخلا تاريخ الحركة الكفاحيّة في لبنان بلونهما الأحمر وبالكلمات المكتوبة عليهما:” فليحيَ العمّال والفلّاحون – وليحي أوّل أيّار- ثمّ: “حزب الشّعب الّلبناني- المركز الرّئيسي- بكفيّا” ، (يوسف ابراهيم يزبك في كتابه ” حكاية اول نوار”  الذي يقول بأن أول احتفال بأول ايّار جرى عام 1907 على الشّاطئ الّلبناني قرب بيروت وخطب فيه كل من مصطفى الغلاييني وفيلكس فارس وداود مجاعص وجرجي نقولا باز وخيرالّله خيرالّله) وكان من بين الخطباء في احتفال 1925 خيرالّله خيرالّله ويوسف يزبك وشكري البخّاش رئيس تحرير جريدة “زحلة الفتاة”، وألقى الشّاعر الياس أبو شبكة قصيدة بعنوان “العامل الثّائر”. وصف فيها حياة العامل وصفًا دقيقًا مؤثّرًا. وتحدّث حنّا أبي راشد صاحب جريدة “النّادي”، وكان آخر المتحدّثين السكرتير العامل “حزب الشّعب الّلبناني” فؤاد الشّمالي ، في الخامس عشر من أيّار 1925 صدر العدد الأوّل من جريدة “الإنسانيّة” وفي أعلى الصّفحة” اتّحدوا أيّها العمّال”، وقد أصدرها يوسف ابراهيم يزبك وجعلها لسان حال العمّال. وكانت في صدر الصّفحة الأولى صورة لجماهير العمّال والمثقّفين في قاعة الكريستال وفوق الصّورة “أوّل أيّار في بيروت”. وكانت مطالب العمّال والمطالبة بتنظيمهم الهدف الأساسي من هذه الجريدة. وكان لها تأثيرها فقد بدأ العمال بتنظيم أنفسهم في نقابات مهنيّة، ففي حزيران 1926. على سبيل المثال قام عمّال المطابع بتأليف نقابة على أسس جديدة.

قرر الحزب دعم الثّورة السّوريّة الكبرى بكل ما لدى الحزب من إمكانيّات بما فيها السّعي لدى الحركة الشّيوعيّة العالميّة لتنسيق وسائل دعم الثّورة (نجح الحزب في تهريب الأسلحة للثّوّار من الاتّحاد السّوفييتي عبر الحزب الشّيوعي التّركي) ووزّع أعضاء الحزب بيانًا يحتوي الموقف من الحدثين ويدعو للنّضال ضدّ الإمبرياليّة الفرنسيّة وإلى دعم الثّورة السّوريّة وعدم رفع جنود فرنسا لسلاحهم ضد الثائرين ونتيجتها تم اعتقال عدد كبير من أعضاء الحزب الشيوعي وكانوا على حافة الإعدام ، في 18 كانون الثّاني 1928 صدر قرار العفو العام عن المعتقلين السّياسيّين وعاد قادة الحزب الشّيوعي في سوريا ولبنان من السّجون البعيدة والمنافي (قدموس وأرواد والرّقّة) إلى مركز الحزب .

لقد تطور موقف الحزب من قضية الوحدة، مع تطور مراحل النضال: ففي الوثيقة البرنامجية الأولى التي صدرت في تموز 1930 ” فللقضاء على الاستعمار، يجب أن يسود الإخاء والتضامن بين جميع الشعوب المظلومة، وإيجاد جهة متحدة بينها للنضال ضد الاستعمار، وأن تتحد مع طبقة العمال العالمية التي هي العدو الأكبر للاستعمار، وذلك للقضاء على الاستعمار وسحقه سحقاً نهائياً “. وفي عام 1934 خطا الحزب الشيوعي خطوة هامة، فقد عقد في مدينة زحلة اللبنانية مؤتمر لمثقفين شيوعيين وقوميين عرب وغيرهم، وصدر عنه بيان يحمل العنوان التالي: ” في سبيل الوحدة العربية ” وتناول هذا البيان التطور التاريخي للأمة العربية، وبين أن الدين كان عامل التوحيد والدافع للرقي والفتوحات. وأوضح أنه رغم مرحلة التراجع والتفكك، فقد بقيت عوامل الوحدة تعمل فيها من حيث لا تشعر، فكانت اللغة العربية والعادات العربية الواحدة شاملة جميع الأقطار العربية من غير استثناء. وظهرت نتيجة عملها في القرن التاسع عشر مع اشتداد نزعة القومية في العالم العربي.. ويتابع فيقول »أما اليوم، فقد بدأ الشعور القومي يظهر بطريقة نضالية، وبدأت الأمة العربية ترفع عنها كابوس الاستعباد، بجهود شعوبها الجبارة، فلم يبق إلا أن نعرف الطريق الذي يجب أن تسلكه لتتم به الوحدة العربية…«.

وطرح البيان برنامجاً من أربعة عشر نقطة تقول:

1 ـ القضية العربية قضية قومية بحتة، وهي قضية أمتنا العربية.

2 ـ أمتنا العربية هي القاطنة في العالم العربي والمرتبطة بصلات اللغة والثقافة والتاريخ والتقاليد والمصالح والآمال الواحدة.

3 ـ وطننا العربي هو البلاد الواقعة ضمن الحدود التالية: جبال طوروس والبحر المتوسط من الشمال، والمحيط العربي وجبال الحبشة وصعيد السودان والصحراء الكبرى من الجنوب. والمحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط عند سواحل الشام من الغرب وجبال إيران وخليج البصرة من الشرق.

4 ـ العربي هو كل من لغته الأصلية العربية أو يسكن الأقطار العربية، وليست له في الحالتين أية عصبة تمنعه من الاندماج في القومية العربية.

5 ـ هدف القضية العربية إيقاظ أمتنا وتنظيم عناصرها في دولة مستقلة متحدة متحضرة.

6 ـ القضية العربية وحدة تامة لا تتجزأ ولا يمكن أن تتنافر أجزاؤها.

7 ـ كل عصبة إقليمية أو جنسية أو طائفية تنشأ في وطننا العربي هي قوى هدامة يجب القضاء عليها أو إذابتها في العصبة القومية الجامعة.

8 ـ البلاد العربية ملكنا، وكل اعتداء عليها اعتداء على أنفسنا.

9 ـ لأمتنا العربية تاريخ مجيد، ولها على المدنية فضل كبير فنحن نفتخر بكوننا عرب.

10 ـ أشد أعداء بلادنا الاستعمار والفقر والجهل والرجعية الاجتماعية والتعصب الديني، فلنحاربها بكل جهودنا.

11 ـ لا يفصلنا عن إخواننا العرب، دين أو مذهب، بل تتحد عقائدنا في خدمة قضيتنا.

12 ـ حياة بلادنا برفاهها الاقتصادي، فليكن هذا هدفنا في جميع أعمالنا.

13 ـ كل من يخل بواجبه نحو أمتنا هو عضو فاسد في جسمنا، فلنقطعه ولندسه بأقدامنا.

14 ـ تدخل الدين في السياسة والدولة أساس مصائب بلادنا، فواجبنا أن نسعى لفصلهما فصلاً تاماً.

في 18 كانون الأول 1937 أصدرت اللجنة المنطقية للحزب الشيوعي في لواء إسكندرون بياناً إلى شعب اللواء جاء فيه:

»… إن الحزب الشيوعي السوري الذي يناضل في سبيل الحرية الوطنية والاشتراكية لجميع سكان اللواء، وفي سبيل حكومة ديمقراطية إنسانية، كان أول من احتج على قرار عصبة الأمم، ذلك القرار الجائر الذي يفصل اللواء عن وطنه الأم سورية، والذي قُرِّر رغماً عن إرادة شعبي سورية واللواء، والذي يعرض حياة اللواء الوطنية والاقتصادية إلى أخطار كثيرة.

»ورغماً عن هذا القرار الموقع من قبل الحكومتين التركية والفرنسية نجد أنفسنا منذ أيام قلائل أمام سلسلة من تحديات وهجمات تقوم بها حكومة أنقرة وعملاؤها الكماليون الذين يبتغون استعباد شعب اللواء، وأكبر دليل واضح على هذه التحديات المتتابعة، القرار القاضي بمنع رفع العلم السوري على الدوائر الرسمية ابتداء من 29 تشرين الثاني سنة 1937، التاريخ الذي ابتدأ فيه تطبيق النظام الجديد«.

قام الحزب في السّنوات 1929-1931 بدعم وتأييد المطالب النّقابيّة مثل إضراب سائقي السّيّارات في بيروت وهذا الأمر اتّخذته القوّات الفرنسيّة ذريعة لحظر نشاط” النّقابة العامّة لتعاون العمّال في زحلة” في تشرين الثّاني 1929، النّقابة الّتي قادت النضال دعمًا لسائقي السّيّارات في بيروت وزحلة ، و في 17 آذار 1930 صدر العدد الأوّل من جريدة ” صوت العمّال” الأسبوعيّة، وكان رئيس تحريرها ومديرها المسؤول فؤاد الشّمالي.

في شهر نيسان 1930 ورغم السّرّيّة الصّارمة، عُقِد الكونفرانس الوطني الثّاني للحزب الشّيوعي (المؤتمر الأول للحزب:9كانون أول1929)في أحد منازل حي الجمّيزة ببيروت وحضره 36 مندوبًا من بيروت، زحلة، طرابلس، بعلبك،بكفيّا،عكّار،دمشق،النّبك، يبرود، حلب وحمص. وقد طالب الشّيوعيون بتأليف حكومة عمّاليّة فلّاحيّة ومصادرة أراضي الإقطاعيّين والامتيازات الأجنبيّة وتسليم هذه الأراضي للفلّاحين وشدّدوا على مهمّة النّضال في سبيل الاستقلال الوطني.

في آذار 1931 بدأت بمبادرة الشّيوعيّين مقاطعة عامّة للاحتكارات الأجنبيّة استمرّت عدّة أشهر. وفي كانون الأوّل 1931 تدفّقت في سوريا.كلّها موجة من المظاهرات والمعارك ضدّ الأمبرياليّة لمناسبة انتخاب أوّل برلمان سوري. وتميّزت الفترة الممتدّة من عام 1933 إلى 1935 بنهوض الحركة الإضرابيّة ففي 1933 و1934 فقط حدث في سوريا ولبنان 45 اضرابًا اشترك فيها 50 ألف عامل.

وفي هذا الاطار وتطبيقًا لتكتيك الجبهة الشّعبيّة الموحّدة المعادية للإمبرياليّة، أنشأ الشّيوعيّون لجانًا فلّاحيّة ولجانًا للدّفاع عن اثيوبيا أمام الغزو الايطالي  ولجانًا لمكافحة الفاشيّة والصّهيونيّة. وأقام الشّيوعيّون السّوريّون والّلبنانيّون علاقات أخويّة وثيقة مع الحزب الشّيوعي الفرنسي، وكان من ثمار هذا التّعاون ضغط الحزب الشّيوعي الفرنسي على الحكومة الفرنسيّة لتوقيع معاهدة 1936، لكنّ هذا الانجاز جاء بعد الاضراب العام الّذي دام خمسين يومًا، من شهري كانون الثّاني وشباط 1936 والّذي أجبر الإمبرياليّين الفرنسيّين على إعادة الحياة الدّستوريّة

بعد فوز الكتلة الوطنيّة في انتخابات 1936 أُجيز نشاط الحزب الشّيوعي وأسّس الجريدة الشّيوعيّة” صوت الشّعب” والمجلّة المعاديّة للفاشيّة” الطّليعة”، وتُرْجِمت وأُصدرت بالعربيّة بعض مؤلّفات أعلام الماركسيّة الّلينينيّة وطالب الحزب أثناءها بالإستقلام التام الناجز للبلاد وخروج القوات وإلغاء القواعد الفرنسية والأجنبية .

كما أصدر الحزب بدءاً من عام 1934 جريدة “نضال الشعب” و التي أصبحت إلى جانب مجلة الطليعة أبرز مطبوعات الحزب وتحولت الطليعة إلى منبر للمثقفين التقدميين أما مجلة الطريق فبدأت بالصدور في العام 1941 و  ابتداءً من النصف الثاني من الثلاثينات عمل واسع في صفوف المثقفين، صدور مجموعة من المجلات (الطليعة – الدهور)، الدور في الصحافة اليومية وفي الثقافة (الطريق – النداء – الأخبار – الثقافة الوطنية)، إتحاد الكتاب.

في العام 1939 وبعد القضاء على مكاسب الجبهة الشّعبيّة في فرنسا، تعرّض الحزب الشّيوعي الفرنسي للملاحقات، وانعكس هجوم الرّجعيّة الفرنسيّة على مصير سوريا ولبنان، فقد رفض البرلمان الفرنسي المصادقة على معاهدتي 1936 مع سوريا ولبنان ومدّد مفعول نظام الانتداب، وتمّ تسليم لواء الاسكندرونة لتركيّا وشارك الحزب بممثله خالد بكداش الأمين العام للحزب بلجان الدفاع عن لواء إسكندرون ، وفُصِل جبل الدّروز والّلاذقيّة عن سوريا، وأقيل الرّئيس السّوري والحكومة السّوريّة وألغي الدّستور وتعرّض الحزب الشّيوعي في سوريا ولبنان لملاحقات قاسية واعتقل بعض قادته. وفي أيلول 1939 مُنِع الحزب الشّيوعي في سوريا ولبنان ومُنعت لجنة مكافحة الفاشيّة الّتي كان يقودها الشّيوعيّون.

بعد استسلام فرنسا لألمانيا في 22 حزيران 1940 وقعت سوريا ولبنان تحت رقابة لجنة الهدنة الألمانيّة الإيطاليّة الّتي تعاونت مع الجنرال بيتان في غرس النّظام الفاشي في البلاد،فتعاظمت حركة المقاومة الّتي كان الحزب الشّيوعي المبادر لها وظلّت جريدة الحزب” صوت الشّعب” تصدر وتوزّع بسريّة تامّة.

في حزيران 1941 دخلت القوّات البريطانيّة وقوّات “فرنسا الحرّة” لبنان وسوريا. ولكي تجتذب قيادة الحلفاء الأهالي إلى جانبها، عمدت إلى تطبيق بعض الاجراءات الدّيمقراطيّة ومنها إخلاء سبيل قادة الحزب الشّيوعي ، لكنّ إخلال فرنسا بوعودها منح لبنان استقلالًا تامًّا واعتقالها لرئيس الجمهوريّة ورئيس الوزراء وحل المجلس النّيابي وتعطيل الدّستور أدّى إلى إضرابات ومظاهرات شعبيّة ضخمة في جميع المدن الكبرى في لبنان واتّحدت الأحزاب السّياسيّة في جبهة وطنيّة وكان الحزب الشّيوعي الّلبناني مشاركًا فيها وكان يمثّله فرج الّله الحلو الّذي انتخب رئيسًا للحزب الشّيوعي الّلبناني في المؤتمر الثّاني للحزب الشّيوعي في سوريا ولبنان والّذي أقرّ تقسيم الحزب إلى حزبين السّوري والّلبناني وذلك في أوائل عام 1944. لكنّ خالد بكداش الّذي كان أمينًا عامًّا للحزب منذ 1937 بقي أمينًا عامًّا للحزبين مع لجنة مركزيّة واحدة ومن أبرز أعضائها فرج الّله الحلو، نقولا الشّاوي، رشاد عيسى،مصطفى العريس،يوسف خطّار الحلو وعبد القادر اسماعيل.

وفي 31 كانون أول من عام 1943 و1،2 كانون ثاني من عام 1944 انعقد المؤتمر الثاني للحزب الشيوعي في سورية ولبنان، وقدم فرج الله الحلو التقرير التنظيمي ومشروعاً للنظام الداخلي واتخذ قراراً بإنشاء حزب شيوعي مستقل في كل من سورية ولبنان، وصار فرج أمينا للجنته المركزية في لبنان . وفي 23تموز1944 قرّرت الّلجنة المركزيّة للحزب تحقيق استقلاليّة كل حزب تنظيميًّا وماليًّا على أن يستمر التّعاون في الشّؤون السّياسيّة ،عاد الحزب الشّيوعي إلى العمل العلني بعد اعلان الاستقلال وعادت جريدته ” صوت الشّعب” إلى الصّدور وتطوّرت الحركة النّقابيّة ونشطت، وتمكّنت الطّبقة العاملة الّلبنانيّة من حمل السّلطة على سن قانون العمل.

في مستهل 1946 بدأت وزارة الدّاخليّة في لبنان باتّخاذ إجراءات للحد من حقوق الشّعب الدّيمقراطيّة، فأغلقت جريدة “صوت الشّعب” الّتي يصدرها الحزب الشّيوعي الّلبناني.وتعرّض الشّيوعيّون الّلبنانيّون للملاحقات خاصّة لانتقادهم سياسة بريطانيا الإمبرياليّة .

أثناء تأزم القضية الفلسطينية دولياً إتخذ الحزب الشيوعي موقفاً ضد تقسيم فلسطين بالبداية ونظم عدد من المظاهرات ومنها دمشق حتى وافق الإتحاد السوفيتي على القرار في 29تشرين ثاني1947 وبعد نقاشات واسعة قرر الحزب تأييد قرار التقسيم وكان نتيجتها هجوم عدد من المعتدين من الإخوان المُسلمين الذين أرسلوا سابقاً تهديداً إلى قيادة الحزب من ضمنها الوعد بالهجوم على مكتب الحزب في دمشق وقد نشرت جريدة الحزب الاساسية هذا التهديد وطالب الحزب بمحاكمة قيادات الاخوان المسلمين إستشهد على إثر الإعتداء الغادر الرفيق حسين عاقو وقد مُثل بجسده من قبل المعتدين ، رفض فرج الله الحلو قرار التقسيم حتى تم فصله من الحزب ولم يتخيل فرج الله الحلو نفسه خارج الحزب ولذلك تقدم بالعودة لكنه اشترط قادة الحزب على الرفيق فرج تقديم انتقاد ذاتي فما كان منه إلا تقديم انتقاد ذاتي ومن كثرة ماقدم من انتقاد ذاتي وقوبل بالرفض أعطى هذه المسؤولية لخالد بكداش حتى تم الموافقة عليها ومعروفة باسم ورقة “سالم”.

اجتمعت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي في سورية ولبنان في دورة عادية عقدت خلالها عدة اجتماعات في 22 و 23 و 24 نيسان 1956 وكذلك يومي 6 و 7 أيار من نفس السنة، وأصدرت العديد من القرارات منها قرار حول (الوحدة العربية وفق افق اشتراكي) .

تتالت الانقلابات العسكرية على الحكم في سوريا  عام1949:حسني الزعيم وسامي الحناوي وأديب الشيشكلي ،وكان راي الحزب واضحاً بخصوصها جميعها تأتي في اطار الصراع بين المراكز الامبريالية العالمية بريطانيا أمريكا فرنسا لمد نفوذها في سوريا ،وكان نصيبه قاسيا شنت كل الانقلابات حملات اعتقال لاعضاء الحزب وزجهم في السجون واهمه سجن المزة حتى دخلت سوريا بعد انقلاب على الشيشكلي في عهد ديمقراطي حكم فيه هاشم الاتاسي ثم شكري القوتلي و لأول مرة في البلدان العربية دخل نائب شيوعي الى البرلمان خالد بكداش بآلاف الأصوات عن دمشق  في انتخابات1954وجرى اثناء العهد الديمقراطي استقلال النقابات المهنية والأحزاب وأٌصدرت عشرات الصحف والمجلات المستقلة والحزبية وخاض العمال عشرات الإضرابات من اجل حقوقهم ومطالبهم وجرت انتفاضات للفلاحين كبيرة ضد الاقطاع لتوزيع الأراضي على الفلاحين ووضع حد لجور الاقطاعيين.

ذهب عدد من ضباط الجيش السوري الى عبد الناصر من غير علم الدولة السورية والبرلمان يطالبون بالوحدة بين سوريا ومصر لإنقاذ البلاد من نفوذ الشيوعيين .في 22شباط1958تمت الوحدة تحت اسم الجمهورية العربية المتحدة بعد موافقة البرلمان والنتيجة في الاستفتاء وصلت اكثر من 90% لصالح ” نعم للوحدة ” ، تغيب الأمين العام للحزب الشيوعي خالد بكداش عن جلسة البرلمان بخصوص الوحدة وطلب ممثل الرئيس عبدالناصر ،أي كمال الدين رفعت، من ممثلي الحزب الشيوعي السوري احمد محفل وجورج عويشق في اطار عملية للقاء عبد الناصر للقوى السياسية: فرد ممثلي الحزب على اقتراح الحل بانه لا توجد هيئة مخولة بحل الحزب داخل الحزب .

لم يتخذ الحزب موقفا معارضا للوحدة فكان انتقاده ان تقوم على أسس صحيحة ديمقراطية فشن جهاز عبد الناصر حملة اعتقال للشيوعيين في ليلة رأس سنة 1959 واستشهد عدد من أعضاء الحزب داخل المعتقلات تحت التعذيب ومنهم فرج الله الحلو الذي كان في مهمة حزبية في دمشق وقد اُخبر على مكانه وتعرف عليه ” رفيق رضا ” الذي كان عضوا بالحزب وجاسوساً للمخابرات فتم اذابت جثة فرج الله الحلو بعد قتله بالاسيد .

أصدر الحزب الشيوعي السوري مطالبه لتصحيح الوحدة لضمان استمرارها متمثلة بالبنود الثلاثة عشر التالية (آب1958):

إن توطيد استقلال الجمهورية العربية المتحدة، وإحباط مكائد الاستعمار ومؤامرته الموجهة ضد حركة التحرر العربي بوجه عام، ودعم فكرة الوحدة العربية على أساس التحرر التام من الاستعمار وعلى أساس الديمقراطية، هي أهداف قومية ووطنية كبرى ينبغي لتحقيقها اتحاد جميع القوى الشعبية والوطنية في سورية، في سبيل انتهاج سياسة تقوم على الأسس التالية:

1 ـ يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار، في الحكم والإدارة، الظروف الموضوعية في كل من سورية ومصر وذلك عن طريق إنشاء برلمان وحكومة للإقليم السوري، وبرلمان وحكومة للإقليم المصري، إلى جانب برلمان مركزي وحكومة مركزية تهتم بقضايا الدفاع الوطني والسياسة الخارجية وغيرها من القضايا المشتركة. وينبغي أن تتألف جميع هذه الهيئات بالأساليب الديمقراطية على أساس انتخابات نيابية عامة وحرة بدون قيد.

2 ـ إطلاق الحريات الديمقراطية: حرية الصحافة والنشر والاجتماع وحرية التظاهر والإضراب، وحرية الجمعيات والنقابات وتأمين حق الجماهير الشعبية وسائر القوى الوطنية في التنظيم السياسي بحرية تامة.

3 ـ تمتين عرى الإخاء والتعاون مع الجمهورية العراقية الشقيقة لخير العرب جميعاً.

4 ـ تقوية عرى الصداقة مع الاتحاد السوفييتي وسائر بلدان العالم الاشتراكي، وذلك لدعم استقلالنا الوطني وتأمين التطور الصناعي والزراعي في البلاد.

5 ـ الوقوف بحزم في وجه الاستعمار الأمريكي ومناوراته، والنضال ضد محاولاته الرامية إلى إيقاعنا في شباكه تحت ستار التظاهر كذباً ونفاقاً بأن أمريكا تنوي تغيير سياستها نحو العرب.

6 ـ صيانة الاقتصاد السوري، وخصوصاً الإنتاج الصناعي، والعمل على تشجيعه وتطويره. وإيجاد أسواق لتصريف المنتجات الصناعية والمحاصيل الزراعية وخصوصاً القطن والقمح، وبذل الجهود للإسراع في تنفيذ المشاريع التي نصت عليها الاتفاقات المعقودة عام 1957 بين سورية والاتحاد السوفييتي والبلدان الاشتراكية الأخرى.

7 ـ تنظيم الصلات التجارية والاقتصادية بين الإقليمين السوري والمصري على أساس تؤمن التطور الاقتصادي، وخصوصاً التطور الصناعي، لكلا الإقليمين.

8 ـ النضال ضد تغلغل الرساميل الاستعمارية، الأمريكية والبريطانية وكذلك الرساميل اليابانية والإيطالية ورساميل ألمانيا الغربية. والعمل بحزم لإحباط المحاولات الاستعمارية الخبيثة الرامية إلى بسط سيطرة الرأسمال الاستعماري الأجنبي من جديد على اقتصادنا الوطني.

9 ـ إن الإصلاح الزراعي يجب أن يكون شاملاً لكي يؤمن الأرض لجميع الفلاحين السوريين الذين لا يملكون أرضاً، مع مراعاة نوع الأرض ودرجة خصوبتها ومياهها وموقعها. ومن الضروري اتخاذ التدابير لتأمين البذار والأدوات والقروض للفلاحين الذين يُعْطَوْن الأرض، مما يؤدي إلى المحافظة على مستوى الإنتاج الزراعي في سورية والمساعدة على ارتفاعه.

10 ـ صيانة أجور العمال السوريين، والسعي لإيجاد عمل للعاطلين عن العمل، واحترام حقوق العمال في حرية التنظيم النقابي وفي الإضراب والمحافظة على مكتسباتهم المنصوص عليها في قانون العمل السوري.

11 ـ تنشيط التجارة والعمل على توسيعها، وذلك بتقوية العلاقات التجارية بين الإقليم السوري والجمهورية العراقية وجمهورية لبنان وسائر بلدان العالم الاشتراكي.

12 ـ رفع مستوى الشعب العام معاشياً وثقافياً واجتماعياً وصون الفضيلة والأخلاق.

13 ـ رفع مستوى العلم بوجه عام، وصيانة واحترام تقاليد الطلاب السوريين الوطنية والديمقراطية، وصون حقوقهم الثقافية والديمقراطية التي حصلوا عليها بنضالهم الطويل .

وتقدم الحزب بالبنود الثامنة عشر في 24 أيار 1961 ونوقش في جميع المنظمات القيادية والقاعدية للحزب وجاء فيها :

1- إعادة النظر بأسس الوحدة .

2 – تنظيم العلاقات بين الإقليمين السوري والمصري على أسس تراعى فيها الظروف الموضوعية التي تكونت تاريخيا في كلا القطرين ، ويضمن ذلك انشاء حكومة وبرلمان لسورية ينبثقان عن انتخابات حرة ديمقراطية عامة يتمتعان بالحرية الكاملة في تقرير شؤون البلاد كلها سواء الشؤون المشتركة التي يتفق الاقليمان على ان تكون من صلاحيات حكومة مركزية تتالف من ممثلي القطرين على قدم المساواة

3 – إنقاذ البلاد من الديكتاتورية والاستبداد والفوضى واطلاق الحريات الديمقراطية .

4 – إلغاء الأحكام العرفية وجميع القوانين التعسفية التي صدرت بعد الوحدة ومنع نزع أي جنسية لمواطن وردها الى الذين سقطت عنهم وإعادة مبدأ التحقيق القضائي ومنع التوقيف الكيفي والتعذيب الجسدي والإضطهاد القومي والديني ، واطلاق سراح المعتقليين السوريين الوطنيين ومحاسبة من ارتكب جرائم بحق الشعب .

5 انقاذ الاقتصاد السوري من التدهور وحمايته من نهب الاحتكارات المصرية واحتكارها وتنظيم العلاقات الاقتصادية بين الاقليمين بما يحفظ مصالح الإنتاج السوري من المزاحمة المصرية ويصون مصالح السوريين .

6 مساعدة الصناعة السورية وحمايتها وإيجاد الأسواق لتصريف المنتجات الصناعية والزراعية وخصوصا المنسوجات والقطن ودعم النقد السوري وحمايته من التضخم وإقامة العلاقات التجارية بين سورية وسائر البلدان العربية الشقيقة والبلدان الأخرى على أساس المنفعة المتبادلة المتكافئة .

7 حماية القطاعين العام والخاص السوريين من تسرب الراساميل والقروض الاستعمارية الامريكية والألمانية الغربية وغيرها التي استفحل تغلغلها وزاد خطرها منذ قيام الوحدة ووقف اعمال النقطة الرابعة الامريكية .

8 الإسراع في تنفيذ المشاريع الاقتصادية التي تضمنتها الاتفاقات المعقودة 1957 بين سوريا والاتحاد السوفيتي التي تنص على بناء السدود المائية وإنتاج الكهرباء وبناء المعامل ومد السكك الحديدية وانشاء شبكة ري واسعة وغير ذلك من المشاريع التي لها أهميتها وحيويتها لازدهار سوريا ورفع مستوى معيشة الشعب .

9 تنفيذ قانون الإصلاح الزراعي تنفيذا صحيحاً ووقف كل سوء تعامل وتحايل وخرق للقانون من الاقطاعيين والسماح للفلاحين بواسطة لجان ينتخبوها بالاشراف على تنفيذ الإصلاح الزراعي والمساهمة في تطبيقه ومساعدة الفلاحين ممن حصلوا على ارض ليمكنهم من استثمارها .

10 توفير البذار والمياه للفلاحين ومساعدتهم ماليا وفنيا وتخليصهم من نهب المرابين والبنوك ومنع طردهم من الأرض وزيادة حصة الفلاحين العاملين بالحصة ورفع راتب العمال الزراعيين .

11 امداد المناطق الجائعة والعطشى بالغذاء والمياه واعلاف الماشية ومكافحة غلاء المعيشة المتزايدة وتوفير المواد الغذائية والأدوية الضرورية لجميع الفئات الشعبية والمناطق وتحسين الخبز وتخفيف أعباء الضرائب ومنع تزايدها

12 حماية أجور العمال من الانخفاض مع زيادتها واسترجاع المكتسبات التي حصل عليها العمال قبل الوحدة وتوفير الحقوق والحريات النقابية الأساسية كحرية الاضراب وحرية التنظيم النقابي ووقف التدخل بشؤون النقابات وعدم جعلها مركزا تابعا للدولة ومنع التسريح التعسفي ومكافحة البطالة .

13 توسيع نشر الثقافة والتعليم وإلغاء القيود التي تمنع الطلبة من ممارسة دراستهم الثانوية والجامعية والمهنية وإعادة البرامج الى المستوى التي كانت عليه قبل الوحدة من الناحيتين الثقافية والعلمية ومنع اضطهاد رجال الفكر والادب والفن واحياء التراث العربي الديمقراطي والتقدمي وصون حقوق الطلاب الثقافية وحماية اتحاداتهم من وصاية الدولة وحماية الاخلاق والفضيلة من سياسة التفسخ والجريمة ومن تسهيل استعمال المخدرات ومنع الدعايات الاستعمارية بمختلف اشكالها .

14 صون الجيش السوري وتعزيز مكانته والكف عن سياسة التنكيل والتشريد بحق الضباط والجنود الوطنيين وإعادة الذين سرحوا منهم والذين اجبروا على الاستقالة وحفظ كرامة أفراد الجيش ومنع أساليب الإهانة والجلد .

15 النضال بحزم وثبات ضد الاستعمار وضد القواعد الامريكية والبريطانية الموجود في المشرق العربي والتي تهدد سلامة بلادنا والسلم العالمي بافدح الاخطار .

16 التضامن العربي على أساس النضال المشترك ضد الاستعمار وعملائه ومشاريعه وحماية استقلال البلدان العربية المتحررة وتأييد نضال الشعب الجزائري من اجل الاستقلال وحق تقرير المصير وشعب عمان ضد الاستعمار الانكليزي ونصرة جميع الشعوب العربية المكافحة من اجل الاستقلال وحريتها وتأييد عرب فلسطين في مطالبهم العادلة ومنع تحقيق مشروع همرشولد لتوطين اللاجئين ومشروع جونسون لتحويل نهر الأردن ووقف اعمال التآمر ضد البلدان العربية الأخرى .

17 الاستجابة عمليا لواقع ان تحقيق الاستقلال البلاد وسيادتها الوطنية وتحقيق مصالحها ببناء اقتصاد وطني متطور مستقل يتطلبان بالضرورة تقوية عرى الصداقة مع الاتحاد السوفيتي وسائر دول المعسكر الاشتراكي والاستفادة من معونتها الاقتصادية والفنية غير المشروطة اطلاقاً بشرط ما سياسي او غير سياسي.

18 انتهاج سياسة حياد صحيح قوامها الاسهام في صيانة السلم العالمي وتوطيده على أساس التعايش السلمي ونزع السلاح بالكامل ومقاومة مساعي المستعمرين لتسعير الحرب الباردة وزج البشرية في اتون حرب نووية مدمرة ونبذ الاحلاف العسكرية ومساندة شعوب آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية من اجل استقلالها وحريتها بالكامل.

…………………………………………….

تم اثناء الوحدة تسلط البرجوازية المصرية على الاقتصاد السوري فسرقت الاحتياطي الذهبي والبارجة الحربية السورية الوحيدة وسرحت العديد من الضباط السوريين من الجيش والموظفين من وظائفهم بسبب مواقفهم السياسية وجرت تأميمات لكن الحزب لم يتخذ موقفاً منها معارضاً او داعماً وكمحصلة نهائية للتوجهات داخل الوحدة وقع الانفصال يوم 28 سبتمبر / أيلول 1961فقامت الجمهورية العربية السورية وكان رئيس الجمهورية مأمون الكزبري من 29 أيلول حتى 20 تشرين الثاني عام 1961 ثم جاء بعده عزت النص حكم حتى 14 كانون الأول 1961 ثم جاء ناظم القدسي حكم من 14 كانون الأول حتى قيام انقلاب الثامن آذار 1963 وخلع من منصبه خلعاً ،

في صبيحة الانفصال أصدر الحزب بياناً جاء فيه :

“لقد انهار عهد الطغيان والتسلط المصري فقد سحق الشعب السوري والجيش الباسل حكم الفراعنة الجدد وتسير سورية الآن نحو آفاق أوسع وأرحب .

إن الانتصار الذي حققه الشعب السوري بالتعاون مع الجيش خلال الأيام القليلة الماضية هو انتصار تاريخي وقد أحدث دوياً عظيماً في الشرق العربي وفي جميع انحاء العالم وسيكون له أثر كبير .

لقد وجد الشعب السوري في دمشق وحلب واللاذقية وفي كل مدن سورية وفي حركة الجيش الأخيرة تعبيراً عن حقده على الاستعمار والتحكم الفرعوني .

وآزر الجيش الشعب وأبدى وحدته وتآخيه مع أبناء وطنه لكن حكام القاهرة لم يعجبهم هذا المصير فأرسلوا جنودا ومظليين لإعادة الاحتلال الى سورية لكن الجيش السوري كان بالمرصاد للجنود الذين وضعهم عبد الناصر في وضع غزاة وهكذا يتحمل وزر إراقة الدماء العربية بأيدي الجنود العرب كما يتحمل وزر إراقة دماء عشرات المناضلين في سجون سورية في كل مكان .

إن حكام القاهرة يتباكون اليوم على مصير العروبة وعلى الوضع الذي آلت إليه سورية ولكن الشعب السوري يعرف أن علاقتهم بسورية كان تسلطاً وقد تسترت زمنا طويلا بستار الوحدة العربية والقومية العربية والوحدة العربية منها براء .

لقد نكل الحكم الناصري بالسوريين بالجيش وبالعمال والفلاحين والمثقفين والطلاب وبجميع الفئات الوطنية الأخرى وقام بتخريب الاقتصاد السوري وعهد عليه السيطرة عليه سيطرة تامة لمصلحة البرجوازية المصرية .

وفي عهد الناصرية ضرب الإنتاج الصناعي وعرقل تنفيذ الاتفاقات الاقتصادية مع الاتحاد السوفيتي وفي عهدها فتحت السجون للألوف وقتل المواطنون الشرفاء في أقبية المباحث واستخدم الأخ ضد أخيه .

وفي عهد التحكم الناصري ضربت الجبهات الوطنية المناضلة ضد الاستعمار وضرب التضامن العربي ضد الاستعمار وجرى التساوم مع المستعمرين وفتحت الأبواب امام رساميلهم

كان من الطبيعي ان يقاوم السوريون ذلك ببطولة وكان من الطبيعي ان يكون الحزب الشيوعي السوري في الطليعة بين الذين قدموا الضحايا وخاضوا المعارك ضد الديكتاتورية الناصرية وتحدوا إرهابها منذ أول عهدها فقد استشهد في اقبية المباحث تحت التعذيب القائد العربي الكبير وسكرتير الحزب الشيوعي اللبناني الرفيق فرج الله الحلو وهز مقتله العالم العربي والتقدمي بأسره كما استشهد تحت التعذيب الرفاق الابطال سعيد الدروبي ومحيي الدين فليون وجورج عدس .

وبقي عشرات السجناء في سجن المزة يقاسون التعذيب الجهنمي طوال عهد الديكتاتورية الناصرية وقد عبروا بصمودهم عن مقاومة الشعب السوري وعن روحه البطولية وإعتزازه بكرامته .

إن الشعب السوري الذي قاسى محناً كثيرة والذي حقق انتصاره التاريخي ضد الديكتاتورية يرى ان خير وسيلة لصيانة هذا الانتصار هو في إقامة حكم وطني ديمقراطي معاد للاستعمار يستند الى انتخابات نيابية حرة ينبثق منها مجلس وحكومة للجمهورية العربية السورية حكم يستند للشعب ولقواه الوطنية والتقدمية ويطلق الحريات الديمقراطية ويلغي جميع المراسيم والقوانين والقرارات الاستبدادية التي أصدرها الحكم الفرعوني وتطهير أجهزة الحكم والادراة من عملاء الديكتاتورية الناصرية ويعاقب المجرمين الذين اذلوا الشعب وقتلوا خيرة المواطنين في سراديب واقبية المباحث ويطلق سراح المعتقليين الوطنيين ويعيد الى الخدمة العسكرية الضباط الذين سرحتهم الديكتاتورية الناصرية حكم ينهج نهج معاد للاستعمار واحلافه ويعمل للتضامن العربي ضد الاستعمار ومساندة كل حركة وطنية تحررية حكم يبعث الاقتصاد الذي نهبه وخربه حكام القاهرة ويسير بسوريا في طريق التصنيع الحقيقي الذي يدعم الاستقلال السياسي حكم يوطد مكاسب العمال والفلاحين ويعيد لهم ما سلب من حقوقهم وحرياتهم ويعمل على رفع المستوى المادي والروحي ويؤدي لازدهار العلم والأخلاق والثقافة ويقضي على بقايا التفسخ والانحلال التي نشرها الحكم الفرعوني في سورية حكم يكون حكم الشعب حقاً وصدقاً .

والحزب الشيوعي السوري الذي ناضل ابدا ودائماً في هذا الاتجاه يرى ان مثل هذا الحكم لا يمكن قيامه الا بالاستناد الى جبهة وطنية تضم مختلف القوى والاتجاهات الوطنية في أي حزب او فئة .

وهو يدعو جميع الشعب وجميع الوطنيين لمضاعفة  يقظتهم ورص صفوفهم من اجل مقاومة وسحق مؤامرات المستعمرين ومنع تدخلهم في شؤون سورية وحماية منجزات الشعب الوطنية والديمقراطية كما يدعوهم للوقوف بالمرصاد لتحطيم اية مغامرة تلجأ اليها الديكتاتورية الناصرية المهزومة ضد الجمهورية العربية السورية .

عاش شعبنا السوري الأبي

عاشت ذكرى شهداء الشعب السوري في نضاله ضد الديكتاتورية والاستعمار

عاش نضال الشعب السوري من اجل الاستقلال والديمقراطية والتقدم الاجتماعي

الحزب الشيوعي السوري “

………………………..

أصدر الحزب في عام 1962 نشرة داخلية تحلل فيها ظروف الانتخابات البرلمانية(كانون أول1961) والقوى التي اشتركت فيها ونتائجها ومهام الشيوعيين في حماية الاستقلال الوطني والدفاع عن الحريات الديمقراطية والعمل لحماية قانون الإصلاح الزراعي والحفاظ على مكتسبات الطبقة العاملة وتقوية القطاع العام وإصدار دستور ديمقراطي تقدمي والاهتمام الجدي بمعيشة الشعب اليومية ونشر أفكار الاشتراكية العلمية .

أصدرت وزارة الدواليبي  في آذار1962قرارات بالغاء الإصلاح الزراعي والعلاقات الزراعية وقرارات التأميم وإبقاء حالة الطوارئ وجرت احتجاجات من قبل الكتلة الاشتراكية في البرلمان على القرارات ونظمت احتجاجات كبيرة وطلابية ونتيجتها تقرر تعديل قانون الإصلاح الزراعي .

نظر الحزب الشيوعي السوري لانقلاب الثامن من آذار 1963على أنه انقلاب عسكري وانطلق من هذا التقدير من طبيعة الحركة نفسها والترابط السياسي بينها وبين انقلاب البعثيين في العراق في 8شباط1963وشكل الانقلاب حكومة يرأسها صلاح البيطار ضمت البعثيين والناصريين والقوميين العرب وصدر العزل السياسي بحق أربع وسبعين شخصية منهم خالد بكداش ووقف الحزب الشيوعي ضد الممارسات غير الديمقراطية التي نفذتها حكومة الانقلاب من اعتقال الشيوعيين وإغلاق الصحف والتسريحات الواسعة من الجيش وإعادة العمل بقانون الطوارئ وفي 18 تموز جرت محاولة من قبل القوى الناصرية للانقلاب على البعث لكنها فشلت . وأصدر الحزب الشيوعي بخط خالد بكداش لكن باسم مستعار وثيقة بعد انهيار ميثاق 17 نيسان1963بين مصر وسوريا والعراق بعنوان: ” إلى أين ؟” حلل فيه الوضع قبل الوحدة واثناء الوحدة وبعد الانفصال باعتباره وضعاً ناتجاً عن  الصراع الطبقي بالمجتمع بين الاتجاه التقدمي والاتجاه الرجعي المتمثل بكبار البرجوازيين والملاكين والمستثمرين وأما عن حكم البعث فهو متداع ومتهافت ولا يجد مخرجاً للصراع سوى بالجنوح للفاشستية والديكتاتورية وإرهاب الدولة ،ودعا الكراس لحكم تتحالف به الطبقة العاملة وجماهير الفلاحين والطبقة المتوسطة والفئات التقدمية من البرجوازية الوطنية وسياسيا حكم يستند للقوى التقدمية والقومية والشيوعية وأهم مهام الحكم اجراء اصلاح زراعي جذري وبناء قطاع عام وتوسيعه في الاقتصاد الوطني وتصفية كل أنواع الاحتكار والتعجيل في تنفيذ المشاريع المتوقفة او المعطلة واستثمار النفط بأنفسنا ولأنفسنا واطلاق الحريات الديمقراطية وتحقيق مطالب العمال وارجاع مكتسباتهم وهذا هي المهمات الكبرى التي تضع في الطريق اللارأسمالي نحو الاشتراكية .

جرت تدابير اجتماعية تقدمية بين 1964 1965 من تاميمات كبيرة وموسعة وإصلاح زراعي وغيرها مما أدى لاضطرابات واسعة ودموية واضرابات في دمشق وحماة وحمص وغيرها وأصدر الحزب موقفه بتأييد قرارات التأميم لكنه وقف ضد تأميم المنشآت الصغيرة ووجه رسالته للحكم وقوبل بالإيجاب حيث تم إلغاء قرار تاميم هذه المنشآت وكان الحزب سرياً ويتعرض للملاحقات الأمنية ثم في عام 1965 تم تسمية عضوين كممثليين للحزب في المجلس الوطني الموسع لقيادة الثورة وكنتيجة للملاحقات الأمنية استشهد تحت التعذيب القائد الشيوعي عبد القادر اخوان وعبر الحزب عن موقفه تجاه البعثية العفلقية بأنها ضربت الحريات الديمقراطية وشلت الإصلاح الزراعي وأضعفوا البلاد..الخ ورفع الحزب شعار الجبهة الوطنية التقدمية .

وبين عامي 1964 و1965 استقل الحزب الشيوعي اللبناني عن السوري تنظيمياً .

وفي 23 شباط 1966 حصل انقلاب صلاح جديد ودعم الحزب هذا الانقلاب ودعا الى أوسع تحالف بين الحكم والقوى الوطنية التقدمية وانتهاج سياسة اجتماعية لصالح العمال والفلاحين والفئات الوطنية ، وقد أجرى الحكم مباحثات مع السوفييت للبداء في مشاريع سد الفرات وغيرها وابدى الحزب الشيوعي موافقته واعتباره حدثا هاما ومكسبا كبيرا للطبقة العاملة السورية .بعد 23شباط 1966دخل وزير شيوعي للوزارة هو سميح عطية ليس بصفته الحزبية بل الشخصية وفق اصرار قيادة 23شباط1966.

وفي عام 1967 حصل العدوان الإسرائيلي على سورية والأردن ومصر والذي أدى لخسارة القنيطرة كاملة ( نكسة حزيران )  وذلك بعد التحضيرات ونشر الجيش الإسرائيلي لقواته على الحدود الذي واجهه الحكم والقوى الوطنية والتقدمية بتشكيل اللجان الشعبية وتدعيم الجيش والوقوف صفا واحداً امام احتمالية الحرب التي حصلت فيما بعد ، اعتبر الحزب هذا العدوان حركة لصد حركة التحرر الوطني العربية ومحاولة لاسقاط الأنظمة الوطنية التقدمية في سورية ومصر ولتحقيق الاطماع الاستعمارية في سورية ومصر واعتبر النكسة مؤقتة واقترح الحزب إزالة آثار العدوان الإسرائيلي من خلال دعم الجبهة الداخلية اقتصاديا وديمقراطيا والتعبئة الشعبية ودعم القوات المسلحة .

في عام 1968 تم قبول واصل فيصل ممثلا عن الحزب الشيوعي في الوزارة وتم تسليمه وزارة المواصلات وليس كشخصية تقدمية .

نفس هذا العام وقف الحزب داعما لتدخل الدول الاشتراكية واحتلالها لعاصمة تشيكوسلوفاكيا براغ واعتبره انقاذا للاشتراكية وضربة للامبريالية والصهيونية .

تم تشكيل التنظيم الفلسطيني للحزب الشيوعي السوري ووفر لهم اصدار نشرة خاصة بهم ” عائدون ” والاتصال بشيوعيين فلسطينين  .

عقد الحزب المؤتمر الثالث 1969 في فيلا في المزة وقد تقرر البرنامج الاقتصادي والزراعي والنظام الداخلي بالأغلبية وقدم الأمين العام للحزب انتقاد ذاتي لعدم عقد مؤتمرات للحزب وانتخب خالد بكداش امينا عاما للحزب وقدم الحزب مراجعة لمواقفه من الانفصال والتأميم اثناء الوحدة والنواقص في مواقفه السابقة ،كمافوض اللجنة المركزية بتشكيل لجنة صياغة مشروع البرنامج السياسي للحزب(تم ذلك كنص للمشروع في حزيران1970).

جرى انقلاب عسكري سميَّ بالحركة التصحيحية داخل حزب البعث قاده الفريق حافظ الأسد الذي اصبح رئيسا للجمهورية وقائد للجيش والقوات المسلحة ، بعض أعضاء الحزب حلله كانقلاب يميني لكن موقف الحزب لم يكن هكذا عموماً فاعتبرها حركة تقدمية وذلك في 17 18 تشرين ثاني1970 حيث اجتمعت اللجنة المركزية وباغلبية صوت واحد 8 من اصل 15 تم الاشتراك في الوزارة ، طالب الحزب بالجبهة الوطنية التقدمية وبعد الانقلاب كان تم بناء سد الفرات الذي اعتبره الحزب إنجازا للطبقة العاملة ولمجموع الشعب السوري ودعا الى أعمق تحولات اقتصادية اجتماعية وسياسية للدخول في الاشتراكية والتعاون وتوثيق الصلات والعلاقات مع المنظومة الاشتراكية وعلى رأسها الاتحاد السوفيتي.

بسبب ضغط الصراع الطبقي الجائر في البلاد على جميع أعضاء الحزب والقيادات الحزبية فجرى المجلس الوطني عام 1971 لمناقشة ملاحظات السوفييت والبلغار على (مشروع البرنامج السياسي)والوضع المستجد بالحزب بقيام استقطابات وتكتلات داخل الحزب فكان عقد المجلس الوطني بمثابة كشف لكل شيء كان يدار تحت الطاولة بشكل صريح ومباشر وعقدت اللجنة المركزية للحزب في كانون الثاني 1972 اجتماعاً وصدقت فيه بالاجماع على توصيات المجلس الوطني لكن رغم ذلك لم تؤدي لتهدئة  الوضع بالحزب ، صدر بيان الثالث من نيسان 1972من قبل خالد بكداش ويوسف فيصل وبتوقيع سبعة من اصل 15 من أعضاء اللجنة المركزية واثنين من اصل 7 من المكتب السياسي واتهمت رياض الترك وعمر قشاش وقيادات الحزب التي لم توقع وتشكل أكثرية الحزب بالتحريفية والانتهازية والتطرف القومي ، و كان الخلاف متمثل :

الموقف من  السلطة – فلسطين – القومية العربية والوحدة العربية – التبعية للسوفييت – تحسين التركيبة الطبقية للحزب لجذب الصفوف العمالية والمهمشة – عدم إيلاء الاهتمام للمسألة الزراعية .

عقد فصيل 3 نيسان المؤتمر الرابع 1974في أيلول وعقد فصيل المكتب السياسي المؤتمر الرابع كانون اول 1973 حيث تم انفصال الحزبين:(الحزب الشيوعي السوري- بكداش)و(الحزب الشيوعي السوري- المكتب السياسي)، ولا يلاحظ تغير لجناح المكتب السياسي بالبرنامج السياسي عن (مشروع البرنامج). انضم كليهما للجبهة والمجالس المحلية واصبحوا لهم ممثلين في البرلمان لكن (المكتب السياسي) لم يكن له ممثل بالجبهة والوزارة بعد عودة الثلاثي ( ظهير عبد الصمد- دانيال نعمة- إبراهيم بكري ومن معهم ) في 30تشرين ثاني1973من (المكتب السياسي) الى (فصيل بكداش) . توسعت صفوف المكتب السياسي بين عامي 74- 75 . اعتقلت السلطة خمس من أعضاء الحزب وذلك بعد تطويق مظاهرة مستقلة في ذكرى يوم الأرض في 30آذار 1976. قاطع الحزب الانتخابات المحلية ولم يعلن عنه كتابياً وفي حزيران 1976 أدان الحزب الشيوعي- المكتب السياسي بببان رسمي نشر في ” نضال الشعب ” العدد 190 التدخل العسكري السوري في لبنان وطالب بخروج القوات السورية منه واعلن تضامنه مع الحركة الوطنية اللبنانية والمقاومة الفلسطينية وقد سحب الحزب في كانون الثاني من عام 1976 جميع أعضائه من اللجان الفرعية للجبهة الوطنية التقدمية ولم يبق له سوى نائبين في البرلمان وقد انتقد الحزب موقف الاتحاد السوفيتي من مشكلة اريتريا عام1978 وتلاها ادانة التدخل الفيتنامي في كمبوديا 1979. عقد الحزب الشيوعي- المكتب السياسي المؤتمر الخامس في كانون أول 1978 وطرح شعار الديمقراطية بدون أي إضافة ( ك الديمقراطية الثورية  أوالشعبية) واتجه بشكل علني وخاصة في الموضوعات الحزبية للمطالبة بالتغيير الوطني الديمقراطي الجذري كحل للأوضاع بالبلاد واتجه شيئا فشيئا للتقرب من القوى والشخصيات المعارضة لتشكيل جبهة سياسية موازية لجبهة النظام. تعرض نتيجة مواقفه للملاحقات والاعتقالات بين آذار1980وآذار1990واستشهد تحت التعذيب عدد من أعضائه حتى افرج عن آخر عضو في عام 2000 .

جناح 3 نسيان تعرض لهزات عدة فلم يدعو خالد بكداش ويوسف فيصل عدد من أعضاء اللجنة المركزية وكوادر الحزب للمؤتمر الخامس(أيار1980) مما أدى ليعقد هؤلاء مؤتمرهم الخامس المستقل واسسوا الحزب الشيوعي السوري – منظمات القاعدة وانتخب مراد يوسف امينا عاما للحزب طالب بتحسين الوضع المعيشي للجماهير واطلاق الحريات الديمقراطية او ما اسموه انعطاف ديمقراطي والاهتمام بالإنتاج الوطني لكنهم فكريا لم يطرحوا شيئا يمكن تمييزهم عن الاجنحة السابقة وانتهوا تنظيمياً بعد توحدهم مع جناح يوسف فيصل  عام1991الذي انشق عن فصيل بكداش في المؤتمر السادس 1986 بسبب عبادة الفرد وتضخم المركزية على حساب الديمقراطية الحزبية وعدم اعتبار التقرير السياسي البرنامج السياسي للحزب وانضم للجبهة لاحقاً وله نواب في البرلمان ومجالس المحافظة والنقابات واتحاد الفلاحين والقيادة المركزية للجبهة ، انشق عن جناح بكداش اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين عام2001 بقيادة قدري جميل مؤلفة من 27 عضو وكتبت ميثاق الشرف الشيوعي ووقع عليه اكثر من مئتي شيوعي وتحولت لحزب الإرادة الشعبية في عام 2011 .

بعضاً من الاستنتاجات :

1 – عبَّر نشوء الحزب عن وجود عناصر بالبنية الاجتماعية السورية اللبنانية مثقفة خارجة من أصول عمالية وفلاحية فقيرة ومتوسطة تبحث عن حلول لالغاء التبعية والانتداب والاقطاعية والظلم والاستغلال الاقتصادي ونزعة عروبية لتحقيق الوحدة العربية تعتز بانتماءها القومي فتبنت النظرية الشيوعية للتغيير الاجتماعي .

2 – اتخذ الحزب موقف يدعو للاستقلال في كل مراحل نضاله وانضم للعديد من النضالات من اجلها وقدم العديد من التضحيات.

3 – دعا للوحدة العربية وأن الامة العربية تتعرض لضغوط الاستعمار والقوى الاجتماعية الرجعية والتجزئة منها التجزئة الاقتصادية والقضاء على التعاون والسوق العربية المشتركة واي بنى قد تقاوم الاستعمار وتقلل نفوذه في المنطقة .

لا يمكن وصف موقف الحزب من الوحدة السورية-  المصرية بالمعارضة لها بل كما اشير أعلاه فقد قدم مقترحاته للوحدة ولا يدعو بها للانفصال بل إلتزام بمصالح الإنتاج الوطني والعمال واستقلال تنظيماتهم المهنية واجراء اصلاح زراعي جذري للقضاء على الاقطاعية ، ونادى بالديمقراطية ومعاداة الاستعمار ووقف تغلل الراسمال الأجنبي والتعاون مع الاتحاد السوفيتي ،أما عدم حضور خالد بكداش لجلسة البرلمان فقد  انتقدها عدد من أعضاء اللجنة المركزية(فرج الله الحلو- أحمد محفل- ظهير عبدالصمد) لكن تم التصويت بالأغلبية لعدم حضوره وهو قرار خاطئ كان من المفروض عرض وجهة نظر الحزب بشكل صريح ووافي في البرلمان حول أسس الوحدة لاستمرارها وتحقيق آمال الشعبين السوري والمصري .

كان موقف الحزب من تأميمات الوحدة والإصلاح الزراعي واضحا حيث صور الأمر بأنه يصب لصالح القوى الراسمالية المصرية وزيادة سيطرتها على مقدرات البلاد واقتصادها وفق كراس أصدره الحزب باسم امينه العام .كان  من المفروض تأييد التأميمات حتى يتبين طريقة توزيعها .

4 – عدم عقد مؤتمرات للحزب وتجديد القيادات الحزبية ووضع برامج للحزب وتطوير العمل الشيوعي مما حتم نشوء مركزية وبيروقراطية حزبية وعبادة الفرد  وتأبيد الأمانة العامة وذلك يمكن إرجاعه الى انخفاض الوعي الطبقي وبسبب الطابع العام للعلاقات في البلاد ” القبلية والعشائرية وزعيم القبيلة والعشيرة الذي لا يتغير بل يورث منصبه لاولاده او احد اخوته او اقربائه ” وسيادة الاقطاعية السياسية والاقتصادية .

5 – موقف الحزب من قرار التقسيم  لفلسطين الذي أدى لهجوم البعض على مكتب الحزب واستشهاد حسين عاقو وحرق المكتبة ، يعود ذلك الموقف الذي تم تبريره بالمحافظة على ما تبقى من أراضي الشعب الفلسطيني ووضع حد للاستيطان . من المفروض عدم القبول بهذا القرار من قبل الحزب فهذا اعتراف فعلي بشرعية إسرائيل ومبرر لابادة و طرد الشعب الفلسطيني من أراضيه فالاتحاد السوفيتي اعترف بإسرائيل وتبادلوا السفراء فموقف السوفييت استراتيجي على مستوى مصالح القيادة السوفيتية وليس في اطار مصالح الشعب الفلسطيني لذلك يجب انتقاد الموقف بشكل علني من قبل الشيوعيين الغيورين بدلاً من  التبعية العمياء لموسكو أي الارتباط بمصالح قوة خارجية .

6 – لقد كان موقف الحزب من البعث سابقا وفق كراس لخالد بكداش يصفه بالفاشية القومية وبعد الانفصال واستلام البعث للحكم كان موقف الحزب الشيوعي متعاونا رغم الملاحقات والاعتقالات فقد تحدد موقفه من خلال تعاون البعث مع السوفييت و بعض الإجراءات .

وصف الحزب الإضرابات ومظاهرات السيتينيات في حماة وحمص ودمشق وغيرها بأنها اعمال قوى رجعية فقد كان من الأفضل الدعوة لمناقشة التاميمات ونتائجها شعبياً وفتح ندوات بخصوصها لشرحها.

8 – ارتفع مستوى الخلافات الحزبية بعد الحركة التصحيحية حول الموقف من الحركة ووصفها وأي قوى اجتماعية ورائها مما أدى لانشقاق 3 نيسان ونشوء حزبين متوازيين بالقوة رغم انعقاد المجلس الوطني(تشرين ثاني 1971) لكن الكلمات في المجلس تبين بشكل واضح الخلافات وتظهر انشقاق الحزب لا بد سيحصل.

أظهرت الانشقاقات في صفوف جناح 3 نيسان أن هناك سياسة غير صحيحة من قبل القيادة وبيروقراطية حزبية واضحة ونهب لموارد الحزب وتبرعات الأعضاء والاصدقاء وعدم التزام الحزب بمبادىء الماركسية والديمقراطية.

اما على صعيد (المكتب السياسي) فالوضع الداخلي  دفع للسعي للتغيير الديمقراطي الجذري ودفع اثمان باهضة نتيجتها لكن تبقى الأسئلة هل كان من الممكن تفادي الضربات الأمنية من خلال التخفيض  في وتيرة النبرة السياسية دون ان يؤثر على الخط السياسي للحزب هذا من جهة.

بالمختصر على القوى الشيوعية السورية المناهضة للرأسمال الاتحاد الجبهوي او تشكيل تنظيم حزبي موحد على أساس خط فكري موحد وخط سياسي واحد  ومناقشة مواقف الحزب وسياساته المسبقة والاهتمام بحقوق المرأة وتغيراتها والاهتمام بحقوق الاطفال ومراجعة التركيبة الطبقية باتجاه ضم عناصر عمالية لها وابعاد العناصر البرجوازية لان البرجوازي لا تستدعيه الظروف ليكون ثورياً بل ينافس ويزاحم لتكون بضاعته هي السائدة في السوق ولا يهمه من العامل سوى رفع شدة العمل عليه ليحقق له أرباح ، يجب الاتجاه نحو الاعداد الفكري للاعضاء ومناقشة ادق التفاصيل معهم واتخاذ قرارات جماعية واستمرار انعقاد المؤتمرات وتجديد القيادات وضم قيادات شبابية وفق معايير الديمقراطية الحزبية.

ما زال التطور الرأسمالي في سوريا جديدا بالتالي ستنشأ مختلف الاوهام وردات الفعل المتسرعة اضافة لضعف البروليتاريا السورية عدديا وفكريا وعدم استقلال نقاباتها ذلك عائد لتجفيف منابع العمل الشيوعي في الماضي بين العمال وكما قال لينين خطوة للامام وخطوتان للوراء وهذا ينطبق على وضع الحركة الشيوعية السورية ، إذا لم يكن للحركة برنامجها السياسي والاقتصادي والزراعي ووضوحها الفكري والطبقي وتضامنها مع الطبقة العاملة العربية والعالمية فستبقى حبيسة مكانها ولن تنال ثقة الناس وفي انحسار حتى الانحلال  فالقضية الانسانية الشيوعية تحتاج لعمل يومي بسيط وصبر طويل جداً ورؤية دقيقة لمجريات تطور النظام العالمي بكل نواحيه.