انطلاقاً من مسؤوليتنا الوطنية والتاريخية، وإدراكاً للواقع الأليم الذي تمر به سورية، الذي هو واحدٌ من نتاتج التركة الثقيلة التي سببها النظام البائد، وصراع القوى الإقليمية والدولية وتوظيفاتها الداخلية، لتعزيز مصالحها التي تعمل على ضرب مشروع دولة القانون والمؤسسات التي يطمح لها الشعب السوري، وذلك من خلال إثارة الفتن والأحقاد الطائفية بين أبناء الشعب الواحد، في سعيٍ حثيثٍ لزعزعة الاستقرار، وضرب السلم الأهلي وخلق انفلات أمني وفوضى في البلاد. تجلى هذا الواقع في أحداث الساحل ، وفي أحداث محافظة السويداء الموجعه، وتتحمل سلطة دمشق بالدرجة الأولى مسؤولية ما جرى، من الجرائم وانتهاكات بحق المدنيين العزل في السويداء، عبر أدواتها الأمنية والعسكرية، مدعومة بحملات عشائرية طارئة. دون أن يعفينا ذلك من تحميل المسؤولية لكل من صادر قرار أهالي السويداء.
إن كل هذه الأحداث المُؤسفة ، والانتهاكات المُروِّعة بحق المدنيين لم ولن تنجح في تمزيق النسيج الاجتماعي أو التقسيم ، ولم تكن إلا تنفيذاً لأجنداتٍ خارجيةٍ، ورفضاً للحلول السلمية، وتقويضاً لأسس العيش المُشترك والوحدة الوطنية التي طالما تَميَّز بها شعبنا السوري عبر عقودٍ من السنين..
لقد أعادت ساحات الكرامة في جبل العرب بإعتصامها السلمي المفتوح الذي دام سنة ونصف حتى سقوط النظام المُجرم في ٨ كانون الاول ٢٤ ، والذي دام بشكلٍ يوميٍ دون إنقطاع ،حيث أعاد ذلك الاعتصام لروح الثورة السلمية ألَقَهَا، وأوصل صوت الحق والحرية إلى كل انحاء العالم. حيث أصبحت مقصداً لكثيرٍ من آحرار سوريا ، لذا نرى واجباً علينا الاستمرار في إعلاء هذا الصوت المُوَحِّد من خلال “إعلان جبل العرب” هذا، الذي نُطلقهُ اليوم نحن مجموعة من مثقفين وناشطين من تيارات سياسية ومدنية واجتماعية في المُحافظة، للمساهمة في عملية إنقاذ وطني تشاركي عام، تهدف إلى معالجة الجروح العميقة بناءً على مبادئ دولة المواطنة والقانون، والعدالة الانتقالية التي ينتظرها السوريون، مع احترام الاختلاف بالرأي …
لذلك نعلن ما يلي:
أولاً: إدانة كل أشكال العنف والتطرُّف من كل الجهات التي ارتَكَبَت جرائم وانتهاكات طالت المدنيين الأبرياء في كل أنحاء سوريا، أكانت من أجهزة السلطة أو الفصائل المُنفلتة.. ونطالب بوضع قوانين تُجرِّم هذا التجييش والخطاب الطائفي المقيت..
ثانياً: رفْضَنَا القاطع لكل التدخلات الخارجية، ورفع الأعلام الأجنبية ، وخاصةً الإسرائيلية التي تدّعي حماية الجنوب وهي العدو التاريخي لشعبنا السوري ، ولا ننسى إجرامها في حرب الإبادة بحق أهلنا في غزة ، دون إغفال أدوار القوى الدولية الأخرى وتدخلاتها التي تسعى لفرض مصالحها ، ونؤكد على رفع العَلَم السوري وحده في كل انحاء البلاد، رمزاً للوحدة الوطنية .
ثالثاً: المطالبة العاجلة بمعالجة الآثار العميقة للجروح التي خلفتها أحداث السويداء المُؤسفة ، وذلك عبر :
-1-. الإعتراف بالجرائم الطائفية ضد الإنسانية التي حدثت في محافظة السويداء ، ومُحاسبة مُرتكبيها من كل الأطراف..
-2الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المخطوفين والمخطوفات.
–3حماية طريق دمشق – السويداء مَفتوحاً بشكلٍ آمنٍ ومستقر، دون عوائق أو ابتزاز.
–4البدء الفوري بإعادة إعمار جميع المنازل المدمرة وترميم البنى التحتية من كهرباء وماء ومدارس.
–5-· تأمين عودة جميع النازحين إلى منازلهم في محافظة السويداء بأمان.
6-. – المُطالبة بإعطاء الحرية للجنة التحقيق الدولية وعدم عرقلة مَهَمَّتَها في توثيق حجم الانتهاكات غير الإنسانية بحق المدنيين السلميين ،وتقدير الخسائر المادية والمعنوية ،والتأكيد على جبر الضرر بالتعويضات العادلة..
-7-. تأكيدنا على حل مُشكلة الطلاب ولا سيِّما الجامعيين من أبناء المحافظة وحقهم بالوصول إلى جامعاتهم ومدارسهم كسوريين في إستكمال دراستهم بأمنٍ وسلام ،ونضع هذه المسؤولية برسم السلطة بكل مفاصلها الإدارية والأمنية..
-8 – وتأكيداً على ما سبق، نرى بخارطة الطريق التي تقدمت بها المجموعة الدولية ممثلة بالولايات المتحدة الأمريكية، إضافة للمجموعة العربية ممثلة بالأردن، ومُمثل عن حكومة دمشق ،والتي وُقِعَت في دمشق في16/ آيلول / 25 / مدخلاً لحل ازمة السويداء مع المركز ، ونتفق مع غالبية بنودها التي يُمكن البناء عليها لحل كل الأزمات في كل المناطق السورية …
رابعاً : رَفضَنا لثنائية الانفصال أو الخضوع لنظام مركزي ذي لون واحد، والعمل على إيجاد خيار ثالث يحقق طموحات السوريين في الحرية والكرامة، وليكن نظام لامركزية إدارية موسَّعة أو أي شكل يتفق عليه السوريون..
خامساً : رَفْضَنَا لكافة النشاطات والبيانات المتماهية مع مخططات الاحتلال أو الداعية للانفصال، والتي تُنكِر الهوية الوطنية وتُجرِّم المختلفين. وتُعتَبر الجهات التي تُطْلِقهَا لا تُمثِّل إلا أصحابها..
سادساً : نرى بأن مُعالجة الأوضاع في كل مناطق سورية ، يُمكن أن تُساهم في خلق فُرص لإطلاق سيرورة سياسية وطنية بديلة، قائمة على إعادة البناء من خلال توافقات سياسية موضوعية كإتفاقية 10 آذار 25/ مع قسد ، وخارطة الطريق التي تقدمت بها المجموعة الدولية والعربية في 16/ أيلول /25 – للحل مع السويداء ، وبالتالي التركيز على السيادة الوطنية بكل الطرق المشروعة..
خاتمة:
إننا في “إعلان جبل العرب” هذا :
ندعو أهلنا في السويداء وكل السوريين شركاءنا في الوطن، من مثقفين وأحزاب وتيارات وطنية ومجتمع مدني، إلى التفاعل الإيجابي مع هذا الإعلان للمساهمة في معالجة الأزمة العميقة التي تُهدد أمن البلاد بالشرذمة والتقسيم والضياع ، كما ندعو إلى تشكيل رأي عام فاعل يعيد بناء الهوية السورية الجامعة، وينقل البلاد من حالة الفوضى والعصبيات إلى حالة المواطنة ، ومن الحالة الراهنة إلى الدولة الوطنية التعددية التي تحتضن كل ألوان التنوع السوري التاريخي…
دمشق عاصمتنا .
المجد والخلود لشهدائنا الأبرار.
والشفاء العاجل للجرحى.
وعاشت سوريا حرةً موحَّدة، أرضاً وشعباً.
السويداء جبل العرب..
( ١٢ / 11\2025)
