تم نشره في تاريخ:11-8-2025
دراسة وتحليل من قبل:
(الدكتور مردخاي خازيدا، محاضر أول في قسم السياسة والحكم والدراسات متعددة التخصصات في العلوم الاجتماعية بكلية أشكلون الأكاديمية في إسرائيل، وزميل أبحاث في قسم الدراسات الآسيوية بجامعة حيفا، متخصص في العلاقات الخارجية والاستراتيجية الصينية)
- هيئة الترجمة في الحزب الشيوعي السوري(المكتب السياسي) –
بدعم أمريكي وهندي وخليجي وأوروبي، يسعى مشروع الممر الاقتصادي الهندي-الشرق الأوسطي-الأوروبي(10أيلول2023) (IMEC)
إلى دمج إسرائيل ضمن ممر تجاري غربي يواجه مبادرة الحزام والطريق الصينية عام2013، لكن عدم الاستقرار في المنطقة والحرب المستمرة في غزة تهدد نجاح المشروع حيث تتجاوز الجهود لايقاف الحرب على غزة حدود معارك الميدان والضغوط السياسية المحلية لتشمل مسارا استراتيجيا أعمق وأكبر.
في التقرير التالي للقناة الإسرائيلية الرابعة عشر يشير التقرير الى تعاون القادة التالية أسماؤهم وهم:نتنياهو ،ترامب،ورئيس وزراء الهند ناريندرا مودي وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ورئيس الامارات العربية المتحدة محمد بن زايد لاحياء مبادرة اقتصادية ملهمة تحمل طابعا عالميا.
ويشكل هذا المشروع الضخم نقطة محورية في المنافسة الاقتصادية الجيوسياسية الحديثة، إذ يسعى لاحتضان إسرائيل في شبكة بنى تحتية وتجارية تربط بين الهند، الخليج، وإسرائيل، وصولاً إلى أوروبا، مدعوماً من الولايات المتحدة والهند والاتحاد الأوروبي ودول الخليج. هدفه ليس فقط تجاري، بل يطمح إلى أن يكون رادعاً غربيًا لمبادرة “الحزام والطريق” الصينية، خاصة مع امتدادها البري نحو آسيا الوسطى وروسيا الاتحادية.
تم الإعلان عن المشروع في قمة العشرين بنيو دلهي في أيلول عام 2023، ويتضمن نظاماً متعدد الوسائط يحوي السكك الحديدية، الموانئ، خطوط أنابيب الطاقة والبنية الرقمية، يربط الهند بالشرق الأوسط وأوروبا.
تلعب مركزية إسرائيل التي تتمثل في موانئها المتوسطية وبنيتها الرقمية، دورا هاما لتكون الجسر الأخير بين آسيا وأوروبا .
لكن اشتعال الحرب في غزة وتصاعد الفوضى في الاقليم، بسبب نفوذ إيران ووكلائها، أضعف بشكل كبير فرص نجاح الممر. الرياض وأبوظبي، رغم دعمهم للمشروع، يشترطون تقدمًا في تخفيف التوتر في غزة والتوجه نحو حل الدولتين، ويوازن هؤلاء القادة المساعي لتطبيع العلاقات مع إسرائيل مع الظروف الداخلية وحاجتهم للشرعية الإقليمية.
بالنسبة لإسرائيل، يشكل الممر أكثر من مجرد فرصة اقتصادية؛ إذ يعد مسارًا لإعادة تعريف موقعها الاستراتيجي وتحالفاتها الجغرافية السياسية.
يسوق نتنياهو للممر كمنصة وسيطة تدمج إسرائيل في اقتصادات العرب وسلاسل التوريد العالمية.
ينطبق هذا التصور مع فكرة التطبيع، خاصّة مع السعودية، ويعيد رسم علاقات الشرق الأوسط بحيث يتم تهميش إيران وتعزيز دور إسرائيل كبوابة حيوية بين الشرق والغرب. في هذا السياق، إن إنهاء الحرب في غزة ليس مجرّد استجابة للضغط الغربي، بل شرط ضروري لتفعيل المشروع وتثبيت موقع إسرائيل في النظام الاقتصادي الإقليمي الجديد الذي يضعف النفوذ الإيراني ويقوي مكانة إسرائيل كمركز للتجارة والطاقة في المنطقة.
لكن استمرار الحرب في غزة سبب ايقاف المحادثات المتعلقة بالتطبيع، وأعاق انطلاق مشروع الممر الاقتصادي الهندي-الشرق الأوسطي-الأوروبي (IMEC)
، كما لفتت حرب غزة النظر الى مخاطر أمنية تهدد ثقة المستثمرين. وقد أعادت الجهات الغربية، خاصة الولايات المتحدة والدول الأوروبية، ضبط مواقفها الدبلوماسية، وضغطت على إسرائيل للموافقة على وقف إطلاق النار وبدء مسار سياسي لاستقرارالمنطقة وإعادة تنشيط مشروع الممر، لكن في غياب حل سياسي، يواجه المشروع خطر التأجيل الى وقت غير محدد رغم جاذبيته الاستراتيجية والتجارية.
لا توجد أدلة تربط مباشرة هجوم حماس في 7 أكتوبر2023 على إسرائيل بمشروع الموقع في نيودلهي في 10أيلول2023بحضور الرئيس جو بايدن.لكن تفسيرات عدة تشير إلى أن الهدف من الهجوم هو إحباط زخم التطبيع الذي يقوم عليه المشروع. وأشار الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن إلى أن هذا الهجوم استهدف عرقلة التكامل الإقليمي في إشارة غير مباشرة الى مشروع الممر، وهو ما يتفق معه محللون هنود وغربيون يرون أن زعزعة استقرار إسرائيل يضر بمكانتها كمركز للبنية التحتية المستقبلية ،وسواء كانت حماس تستهدف مشروع الممر الاقتصادي كبوابة بين أوروبا وآسيا عبر اسرائيل أم لا، فإن النتيجة كانت شلل دبلوماسي وقلق المستثمرين وتأجيل تفعيل الممر.
يمثل توقيف المشروع مصلحة استراتيجية من وجهة نظر بكين، على الرغم من عدم مشاركتها في الحرب أو في المشروع، فإن الصين تعتبرالمشروع منافسا قويا يهدد مركزية مبادرة الحزام والطريق في تشكيل دبلوماسية البنى التحتية في الدول النامية وعبر العالم. وتثبيت استقرار الشرق الأوسط ضمن كتلة بنية تحتية موجهة نحو الغرب قد يقيّد قدرات الصين الدبلوماسية ويضعف سرديتها بأنها الخيار الوحيد للتنمية في الجنوب العالمي. إن نجاح مشروع الممر يعني ولادة نظام مضاد تقوده واشنطن يرتكز على قواعد واضحة، تمويل شفاف، ومشاركة القطاع الخاص، في مقابل نموذج الصين الذي يتميز بالغموض وقيادة الدولة الصينية له عبر الحزب الحاكم.
في هذا الإطار، الحرب في غزة ليست مجرد مأساة إنسانية مستمرة، بل محطة محورية في الصراع الاستراتيجي العالمي حول التواصل الأوراسي. وقد يمكّن وقف إطلاق النار والتطبيع العربي الإسرائيلي من إطلاق المشروع، ما يعيد تشكيل الاقتصاد الجيوسياسي للمنطقة، ويعيد التوازنات باتجاه الغرب، ويقلص نفوذ إيران ويحد من دور الصين في إدارة البنى التحتية الإقليمية والعالمية.
مع ذلك، لا ينبغي فهم المشروع كمفتاح لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، فهو لا يعالج القضايا السياسية، الأيديولوجية، الدينية، أو الإقليمية الجوهرية مثل وضع غزة، حكم حماس، سياسات الأمن الإسرائيلي، أو تراجع المشروع الوطني الفلسطيني
،حيث الممر مبادرة اقتصادية تركز على التجارة والربط الإقليمي، ومن الأفضل اعتباره حافزاً اقتصادياً لما بعد النزاع قد يدعم ترسيخ سلام هش إذا اقترن بإطار دبلوماسي فاعل.
وبالتالي، يعتمد نجاح الممر على اندماجه ضمن هيكل أوسع للتطبيع السياسي وحل النزاعات.
من شروط تحقق مشروع الممر الاقتصادي الهندي-الشرق الأوسطي-الأوروبي
أن يندرج ضمن حزمة دبلوماسية شاملة تعالج المطالب الفلسطينية،و تعيد رسم خطط الأمن الإقليمي، وتجمع الفاعلين المختلفين حول رؤية موحدة للتكامل والاستقرار.
من غير المعقول اعتبار مشروع الممر عاملا مباشرا لإنهاء الحرب في غزة؛ بل هو بمثابة حافز استراتيجي وانعكاس اقتصادي مهم مرهون بظهور نظام مستقر بعد النزاع. فدوره لا يكمن في تسوية الصراعات السياسية والإقليمية الأساسية المتجذرة في النزاع، وإنما في بناء هيكل إقليمي يوازي التطبيع. وإذا ما ظهر إطار دبلوماسي يسهّل الاستقرار الإسرائيلي-الفلسطيني ويفتح طريقاً للتطبيع بين إسرائيل والسعودية،و يمكن أن يتحول مشروع الممر إلى آلية صيغة هجينة تعيد تشكيل أنماط الارتباط والتجارة والنفوذ في الشرق الأوسط.
في هذه الحالة، سيمثل الممر نقطة تحوّل هيكلية، حيث يعزز كتلة جيو-اقتصادية غربية متماسكة ويقلص مركزية الصين الاستراتيجية ضمن مبادرة الحزام والطريق، ان المشروع يعتمد في تحقيقه على ليس عبر أوعلى استخدام القوة أو الضغط، بل التقاء الإرادات السياسية، واستقرار المنطقة، وترسيخ نظام جديد تنهض فيه البنية التحتية والتحالفات المتبادلة.
إضافة المترجم:
الهند: يبدأ من ميناء (مومباي) على الساحل الغربي للهند
الخليج العربي: ينتقل عبرعُمان(مرفأ صُحار) وعبر ساحل الامارات على خليج عُمان عند مرفأ الفجيرة ثم براً نحو مرفأ جبل علي ثم السعودية عبر المنطقة الشرقية، متجهاً نحو دول الخليج الأخرى وصولاً إلى الأردن
الأردن: يمر عبر الأردن إلى اسرائيل ، مروراً من الحدود الأردنية مع اسرائيل أراضي1948الواقعة شمال الضفة الغربية نحو حيفا ، و بمعبر الملك حسين عبر الضفة الغربية نحو حيفا ، وبالعقبة نحو النقب ثم غلاف غزة وصولاً لعسقلان-أشدود- حيفا .
إسرائيل: يتجه نحو حيفا ومن هناك نحو أوروبا ، والعكس نحو الهند.
أوروبا: من إسرائيل، يمر إلى أوروبا عبر إيطاليا أو اليونان، حيث تستمر الشبكة إلى وسط وشمال القارة .
ملاحظة :الخريطة الجغرافية للمشروع لم تنتهي بعد والمعلومات عن جغرافيته مازالت ضمن الأخذ والرد.
هذا الممر يهدف إلى خفض زمن الشحن حوالي 40% ويُعتبر بديلاً مهماً لمسارات مثل قناة السويس، كما يضمن صمود التجارة في ظل أزمات أمنية مثل هجمات الحوثيين في البحر الأحمر.
: مشروع الممر الاقتصادي الهندي-الشرق الأوسطي-الأوروبي(IMEC) يشمل شبكة متكاملة من أنابيب غاز ونفط وتضم السكك الحديدية، الطرق، والموانئ، وتربط نحو 4,800 كم، وتدعم التعاون التجاري والسياسي بين آسيا والبحر المتوسط وأوروبا.
