نظرة على الوضع الجديد في محافظة السويداء – جمال نصر

تعيش السويداء حالة من الاستنفار الشعبي التام نظرًا لوجود مخاوف من السلطات الجديدة ومن المجموعات المسلحة، وهناك حالة من فوضى السلاح واشتباكات دامية في المدينة وأجزاء من المحافظة بين فصائل درزية من جهة وبين الأمن الداخلي ومجموعات مسلحة من جهة أخرى، ويوجد وضع معيشي مأساوي وغلاء في الأسعار وقلة في قطع التبديل وضعف بالخدمات .

بعد سيطرة الأمن الداخلي ووزارة الدفاع على أجزاء من مدينة السويداء حصلت تجاوزات من قبل مجموعات منهم بالقتل وحرق الممتلكات الخاصة دون حسيب أو رقيب من قبل قيادة الامن ووزارة الدفاع . إضافة إلى ذلك، تشن إسرائيل غارات على قوات الأمن ووزارة الدفاع في المحافظة موقعة قتلى وجرحى في صفوفهم ودون حسيب او رقيب من قبل المؤسسات الدولية .

تحاول إسرائيل استثمار مخاوف الأقلية الدرزية لحساباتها الخاصة في منع وجود سلاح ثقيل للجيش السوري الجديد فيها، داعمة بذلك بعض الفصائل المحلية مالًا وسلاحًا. فقد فشل اتجاه تدويل القضية في السويداء، ومع تحويل حالة الاستياء في بعض اتجاهات الرأي العام في السويداء الى قضية وطنية عامة، فالسلطات الجديدة اكتسبت أرضية داعمة لها بين أبناء الطائفة الدرزية رغم وجود مخاوف وخلافات حول مستقبل النظام السياسي .

مصلحة إسرائيل في وضع الجنوب السوري، بما فيه السويداء، في إطار منطقة منزوعة السلاح، لحفظ أمنها القومي واستبعادًا لأي حوادث امنية متوقعة، خاصة بعد إطلاق صواريخ من درعا لمنظمة جديدة تدعى كتائب محمد الضيف الفلسطينية، وهي منظمة ما زالت غير معروفة التمويل والدعم والرؤية .

يضم المجلس العسكري المستحدث بالمحافظة عناصر وضباط من أفراد كانوا في جيش النظام البائد، ويتقاضى عناصره رواتب عالية، ورغم تحدث قائده عن مهمته في حفظ أمن المحافظة والمنطقة إلا أنه، وبسبب تركيبته والدعم المشبوه الذي يتلقاه، يضع اشارات استفهام حول مهماته وحدودها.

يُعدّ الاعتداء على المحافظ ظاهرة خطيرة ندد بها وجهاء وأعيان المحافظة، إلا انها تدل على اتجاه ما زال مضغوطًا يميل للعنف في التعامل السياسي، وممكن اعتباره شكلا انعكاسياً لسوء الأوضاع المعيشية والسياسية والاقتصادية وحالة الاستياء الاجتماعي، رغم تقاطع عدة اتجاهات بالرأي العام حول التفاؤل بمستقبل المرحلة الانتقالية .

رغم سيطرة الفصائل المحلية بالتعاون مع جهاز الشرطة والأمن الداخلي على الوضع الأمني، إلا أنه يُلاحظ انتشار رهيب للسلاح وخاصة بأيدي اليافعين والموتورين. وحصلت عدة جرائم بسبب السلاح ومن الممكن تكرارها بالأمد القريب في حال عدم تنظيمه بخطة مدروسة وتقنين يأخذ بعين الاعتبار وضع أمن المحافظة والتهديدات القائمة والممكنة. 

حصل اعتداء على بائع خضار على طريق دمشق السويداء في يوم السبت 12 تموز 2025، وتطور الوضع لخطف وخطف مضاد واشتباكات دامية بين الفصائل الدرزية من جهة وبعض عشائر البدو، ثم تطورت الاحداث الى صدام مسلح وقصف بالأسلحة الثقيلة وهجوم على بعض قرى محافظة السويداء من قبل مجموعات خارجة عن القانون وحالات سرقة ونهب وحرق للبيوت. لم تستطع سلطة الوجهاء ومشايخ العقل فرض وقف لإطلاق النار الى أن تدخلت قوات الامن الداخلي ووزارة الدفاع ممثلة بقوات فض النزاع وفرضت حظر تجوال من الساعة الثامنة صباحًا من يوم الثلاثاء ١٥/٧ الى وقت غير محدد لفرض الامن والاستقرار .

اما عن موقف الشيخ حكمت الهجري بهذا الصدد، فإنه بعد طول مراهنة على اللعب بالأوراق التي معه أصدر بيان على صفحته على الفيس بوك يدعو إلى دخول قوات الامن ووزارة الدفاع للمحافظة يوم الثلاثاء ١٥/٧/٢٠٢٥ ، ثم بعد ساعات أصدر بيانًا مصورًا اعتبر البيان الصادر قبل ساعات كان بضغط من دمشق وقوى خارجية واعتبره بيان مذل ودعا لمقاومة قوات الحكومة السورية بكل ما أوتي من قوة  .

إجمالًا: يظل هناك إشارات استفهام حول البيانيين المنشورين صباح الثلاثاء ١٥/٧/٢٠٢٥ وما هو الضغط الذي أجبره على إصدار البيان الأول ومن هي القوى الخارجية التي ضغطت، إضافة الى الكيفية التي صدر بها البيان الثاني، مع أسئلة مفتوحة اذا كان هناك ضغطًا من دمشق وقوى خارجية .

هذا الوضع يحتاج لموقف جذري من السلطة الجديدة لضمان الحقوق التي اغتصبها النظام البائد، باتجاه مؤتمر وطني عام مع مقررات تصدر عنه تضع النقاط على الحروف، باتجاه إقامة نظام مدني ديمقراطي حقيقي يضع المواطنة والمساواة والعدالة والديمقراطية في أول سلم أولوياته .