-1 يسرني بشدة أن أقدم إحاطة لمجلس الأمن لأول مرة بحضور صديقي العزيز الوزير أسعد الشيباني. مرحباً بكم
في نيويورك. تعكس مشاركتكم اليوم التطورات الهامة التي شهدتها سوريا خلال الأشهر الأخيرة. وأود أن أعرب عن تقديري لالتزامكم بتعزيز الاستقرار الإقليمي وانخراطكم البناء على المستوى الدولي.
السيد الرئيس،
-2 وأ رحب أيضاً بوحدة الموقف في مجلس الأمن حول سوريا، كما تجلى في البيانين الصادرين في ديسمبر/كانون الأول ومارس/آذار، ودعم المجلس المستمر لعملية انتقال سياسي بقيادة وملكية سورية وبتيسير من الأمم المتحدة، بما يتماشى مع المبادئ الأساسية لقرار مجلس الأمن .٢٢٥٤
السيد الرئيس،
-3 لم تمضِ سوى أربعة أشه„ر ونصف على سقوط النظام السابق، وبداية فص„ل جديد في تاريخ سوريا. وأود هنا أن أ حيّي الشعب السوري الذي، في خضمّ المعاناة المستمرة، والشكوك والمخاطر الكثيرة، يظهر بوضوح رغبته الشديدة في انجاح هذا الانتقال السياسي. فالإرث الثقيل من سوء الحكم، والصراع، والانتهاكات، والفقر الذي تسعى سوريا للتخلص منه هو من أصعب ما واجهته أي دولة أو أي شعب في أي مكان في العصر الحديث. وهذا يعني أن الوضع – بطبيعته – لا يزال هشاً للغاية، وأن العناصر الأساسية لمعالجة هذه الهشاشة واضحة: نحتاج إلى شمول سياسي حقيقي يمكّن جميع السوريين من المشاركة الفاعلة في رسم مستقبل البلاد السياسي؛ بالإضافة إلى مكافحة التطرف والإرهاب؛ ودعم حقيقي من المجتمع الدولي لإتاحة الفرصة لإنجاح هذا الانتقال رغم كل المصاعب.
-4 يمرّ الانتقال السياسي في سوريا بمنعطف حرج. فقد ساهم الإعلان الدستوري بشكل جزئي في ملئ الفراغ
القانوني الذي كان قائماً قبل صدوره. وانتقلت سوريا من حكومة تصريف أعمال إلى حكوم„ة جديدة موسعة وأكثر تنوعاً. ويعدّ هذا تحسناً بالتأكيد عما كان عليه الحال سابقاً. ومع ذلك، لا يزال هذا الإطار يفتقر إلى الشمول الكامل للانتقال السياسي. وهو ما يترك – السيد الرئيس – الكثير من السوريين غير واثقين من مكانهم في سوريا الجديدة الناشئة. فهناك تركيز للسلطة، ولا تزال خطط إرساء سيادة القانون، وعقد اجتماعي جديد، وانتخابات حرة ونزيهة في نهاية المطاف، غير واضحة المعالم. هذا وتخبرنا الكثير من النساء بشعورهن بالقلق إزاء التوجهات
المجتمعية والسياسية – فلا توجد سوى امرأة واحدة من بين ٢٢ وزيراً في الحكومة الحالية. ولا يزال العديد من مكونات سوريا يعانون من آثار العنف الذي جرى في الساحل في مارس/آذار، والذي أثّر سلباً على بناء الثقة.
-5 لقد اندلعت أحداث مارس/آذار، بطبيعة الحال، نتيجة تحّد عنيف لسلطة الدولة. ومع استمرار غياب سلطة الدولة، واستمرار نشاط مجموعات مسلحة متعددة، ومستويات فقر غير مسبوقة في بلد لا يزال يرزح تحت وطأة العقوبات، توجد توترات كامنة خطيرة على جبهات متعددة.
السيد الرئيس،
-6 أ قدر النقاش الصريح والموضوعي الذي أجريته حول هذه التحديات مع الرئيس الانتقالي أحمد الشرع في دمشق قبل نحو أسبوعين، بناءً على عدة اجتماعات عقدتها معه، ومعكم السيد الوزير.
-7 وتعدّ خطط تشكيل مجلس شعب مؤقت خطوةً حاسمةً في عملية الانتقال السياسي. فقد شرح لي الرئيس أحمد الشرع رأيه بالتفصيل في هذا الشأن. ومن جانبي، شددت على ضرورة بذل جهود جوهرية لتحقيق الشمول والشفافية والانفتاح، نظراً لأن هذا الكيان سيقود برنامج إصلاح تشريعي عاجل في العديد من المجالات التي
تؤثر على كافة السوريين، وعلى ضرورة ضمان أن ينظر السوريون إلى هذا الكيان على أنه يمثل وحدة البلد
وتنوعه. وقد تشرفت بلقاء الوزير هذا الصباح، وتبادلنا الأفكار والخيارات وأفضل الممارسات مع السلطات المؤقتة بشأن هذه القضايا. وأرحب، معالي الوزير، باستعدادكم لتعميق الحوار حول هذه المسألة المهمة.
-8 كما ناقشنا في دمشق الحاجة إلى عملية دستورية مستقبلية لا تصاغ بوصفها عملية تقنية بمشاركة خبرات فحسب، بل من خلال عملية تشمل جميع المكونات المجتمعية والسياسية في سوريا للمساهمة معاً في صياغة العقد الاجتماعي الجديد لسوريا، ووضع الأسس لإجراء انتخابا„ت حرة ونزيهة بعد ذلك.
-9 لا يزال الوضع في الساحل السوري يشكّل تحدياًملحاً. فأثناء تواجدي في دمشق، التقيت بأفراد من الطائفة
العلوية، الذين أعربوا عن قلقهم العميق وعرضوا روايا„تمروّعة عن العنف الذي حدث. وتحدثت مطولًا مع
الرئيس الشرع حول هذا الموضوع، وأيضاً إلى أحد أعضاء لجنة السلم الأهلي التي قام بتعيينها، والذي شرح بالتفصيل الجهود المبذولة لمعالجة هذه القضايا. كما التقت وكيلة الأمين العام السيدة روز ماري دي كارلو، ونائبة المبعوث الخاص السيدة نجاة رشدي باللجنة الوطنية المستقلة للتحقيق وتقصي الحقائق، والتي تم تمديد ولايتها لثلاثةِ أشهر. وأناشد السوريين الذين لديهم مزاعم حول العنف أن يتواصلوا مع اللجنة، التي تجري تحقيقاً في جميع الحوادث منذ السادس من مارس/آذار وحتى انتهاء مهمتها. كما أناشد السلطات المؤقتة أن تعلن عن النتائج التي ستتوصل إليها اللجنة بما يتماشى مع المعايير الدولية، وأن تتخذ الخطوات اللازمة لتقديم مرتكبي العنف ضد المدنيين إلى العدالة، كما دعا مجلس الأمن.
-10 لكن، السيد الرئيس، لا يزال هناك شعورٌ بالظلم لدى الجانبين – فهناك شعورٌ عميقٌ بالإقصاء من
العملية السياسية والقطاع العام من جانب، ومظالمٌ عميقةٌ أيضاً تجاه الأشخاص المرتبطين بالنظام السابق من جان„ب آخر. ويتعين على السلطات المؤقتة ضمان، ليس فقط حماية جميع شرائح المجتمع السوري، بل شعورها أيضاً بأنه سيتم إشراكها بشك„ل كامل في الحياة السياسية وهياكل الدولة، بما في ذلك في المجال الأمني. وفي الوقت نفسه، فإن كل خطو„ة نحو إرساء سيادة القانون – والمضي قدماً على طريق العدالة الانتقالية – ستسهم
في طمأنة جميع مكونات المجتمع السوري. وستسهم في الحد من احتمالية لجوء الأفراد أو الجماعات إلى تحقيق العدالة بأنفسهم أو ارتكاب أعما„ل انتقامية، وعلى الرغم من كونها حوادثٌ متفرقةٌ، إلا أنها لا تزال مستمرةً بشك„ل مقلق.
-11 كما ترد إلينا أيضاً تقارير عن اختطاف نساء وفتيات. وقد ناقشت هذه المسألة مع الوزير اليوم، واتفق
معي على أن مثل هذه الممارسات غير مقبولة، وطلب مني مشاركة المعلومات المتوفرة لدينا وهو ما سنقوم به كأولوية. ومن المهم اتخاذ إجراءات لطمأنه المجتمعات المتضررة بهذا الشأن.
السيد الرئيس،
-12 من المهام الرئيسية الأخرى، السعي إلى إعادة دمج شمال شرق سوريا بشكل سلمي. وقد عبرت للسيد
أحمد الشرع مرة أخرى عن ترحيبي بالاتفاق المبرم في ١٠ آذار/مارس بينه وبين السيد مظلوم عبدي. وقد نقلت الرسالة نفسها للسيد مظلوم عبدي. وهناك إشارات مشجعة تم اتخاذها، منها: تشكيل لجان وزيارا„ت متبادلة؛ وتطوير نهج تفاوضي مشترك في شمال شرق سوريا يضم مجموعة من الأحزاب الكردية؛ والاتفاق على ترتيبا„ت
أمنية متبادلة في المناطق ذات الأغلبية الكردية في مدينة حلب؛ وانسحابات متفق عليها من سد تشرين يتعين
„ض ملحوظ في التصعد العسكري
تنفيذها؛ وجهود لإيجاد أرضية مشتركة في مجالات التعليم؛ وبشكل خاص، خف من كافة الأطراف السورية والدولية.
السيد الرئيس،
-13ومن الأهمية بمكان أن تصب هذه الخطوات، وخطوات أخرى تندرج في نطاق بناء الثقة، في إطار عملية سياسية أوسع نطاقاً، بما يتماشى مع المبادئ الأساسية لقرار مجلس الأمن ٢٢٥٤، بمشاركة جميع الأطراف والشرائح السورية. ويشكل الوضع في شمال شرق سوريا تحديا„ت ومخاطر جسيمة: من حيث تواجد عناصر
داعش داخل المخيمات وخارجها، في ظل تضاؤل التمويل الدولي؛ ووجود قوة عسكرية كبيرة لا تزال تعمل خارج هياكل القيادة في دمشق؛ وتركيبة ديموغرافية وسياسية معقدة؛ ومطالب سياسية رئيسية تتعلق بحقوق الأكراد وقضايا اللامركزية والهوية. سيحتاج كلا الجانبين إلى إرادة سياسية للتوصل إلى حلول وسط، حتى يتسنى دمج شمال شرق سوريا في عملية سورية-سورية، بما يحافظ على استقرار البلاد والمنطقة، ويستعيد سيادة سوريا ووحدتها. نقوم بتعميق مشاركتنا دعماً لهذه العملية: فنجاحها أمرٌ بالغ الأهمية لاستمرارية أي انتقال سياسي في سوريا.
السيد الرئيس،
-14 كما ناقشت مع الرئيس أحمد الشرع، هناك نية إيجابية لضمان عدم وجود أي سلاح خارج سيطرة الدولة – سواءً في شمال البلاد، أو جنوبها، أو شرقها، أو غربها – إلى جانب أفكار حول كيفية نزع سلاح الفصائل المختلفة وتسريحها وإعادة دمجها. وهي عملية معقدة وستستغرق وقتاً. ومن شأن بيئة سياسية مواتية وهياكل حوكمة شاملة، تحظى بدعم دولي مناسب وفي التوقيت المناسب، أن تساعد على دمج الفصائل المسلحة المتبقية في جيش وطني ونزع سلاحها.
-15 وقد أجريت نقاشاًمفصّلًا كذلك مع الرئيس أحمد الشرع حول مخاوف أعضاء المجلس المتعلقة بالمقاتلين الإرهابيين
الأجانب. فلا تزال هذه القضية بالغة الخطورة، وهناك حاجة للمزيد من التقدم في هذا الصدد. وأ شير إلى استمرار النقاشات حول هذه القضية مع العديد من الدول المعنية.
السيد الرئيس،
-16 تقوّض الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة لسيادة سوريا وسلامة أراضيها عملية الانتقال. فقد أسفرت مواجهة عنيفة اندلعت في أوائل أبريل/نيسان في محافظة درعا بين القوات الإسرائيلية في منطقة تقع ما وراء خطوط 1974 وجماعات مسلحة محلية عن سقوط تسعة ضحايا مدنيين على الجانب السوري، وفقاً لما ذكرته الجمهورية العربية السورية. وبعد
أسبوع،شنّت موجة من الغارات الجوية الإسرائيلية على دمشق وحماة وحمص، بما في ذلك على قواعد جوية، مما أسفر،
وفقاً للتقارير، عن سقوط ضحايا بينهم مدنيون. هذه الهجمات يجب أن تتوقف. كما أجدد ندائي إلى الاحترام الكامل لاتفاقية فض الاشتباك بين القوات لعام ١٩٧٤، وإلى هذا المجلس أنيلزم إسرائيل بما تعهدت به من عدم السعي لتحقيق مكاسب على الأرض في سوريا. فيجب على إسرائيل الانسحاب واحترام سيادة سوريا، وسلامة أراضيها، ووحدتها، واستقلالها.
–17فهذا النهج الصدامي الحاد لا مبرَّر له ،لاسيما في ظل وجود مجال واضح للدبلوماسية .و قد اتضح ذلك من خلال
اجتماعي مع المسؤولين في دمشق. وأرحب بالمحادثات التيعقدت بين الأطراف الإقليمية، بما في ذلك بين تركيا
وإسرائيل في أذربيجان، والتي آمل أن تسهم في خفض التصعيد. السيد الرئيس،
-18الوضع الاقتصادي في سوريا كارثي بالفعل ،في ظل تراجع مستمرفي معدلات الدعم الإنساني،و هو ما يشكل خطراً جسيماً، ولا شك أن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية سيتصدى لهذا الأمر. وبخلاف الجانب الإنساني، فلا يمكن تحقيق استقرار وانتقال سياسي ناجحان دون انتعاش واستقرار اقتصادي حقيقي.
-19 ودعوني هنا أشيد بالدعم المقدم من دول المنطقة الذي يمكّن سوريا من سداد ديونها للبنك الدولي. وأ نوّه بالاجتماعات التي عقدها مسؤولون ماليون سوريون في الأيام الأخيرة مع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي في واشنطن.
-20 كما أعرب عن تقديري لإجراءات تخفيف العقوبات التي اتخِ´ذت حتى الآن، وأ رحّب باستمرار النقاشات بشأن رواتب موظفي القطاع العام المدنيين. كما أ شير إلى الإجراء الذي اتخذته المملكة المتحدة أمس، والذي شمل رفع المزيد من العقوبات وإلغاء عقوبا„ت قطاعية.
السيد الرئيس،
-21 كافة السوريون تقريباً داخل سوريا وخارجها يؤيّدون الدعوة إلى تخفيف العقوبات على نطا„ق أوسع وبوتير„ة أسرع. فهو أمرٌ ضروري لإعادة تنشيط الاقتصاد السوري، والحصول على دعم„ ملموس من دول المنطقة، وتمكين الكثيرين من المشاركة بفعالية في الجهود الوطنية لإعادة بناء بلدهم.
-22 وفي الواقع، فإن التداخل المعقّد للعقوبات المفروضة على سوريا يعيق تحقيق المكاسب التي يفترض أن تنتج عن قرارات تعليق العقوبات الممنوحة بالفعل، هذا بالإضافة إلى التأثير السلبي على المدى الطويل للعقوبات. لذلك، أدعو الحكومات إلى التعاون مع القطاع الخاص لضمان تطبيق قرارات تعليق العقوبات الممنوحة حتى الآن في قطاعا„ت حيوية كالطاقة والقطاع المصرفي. كما أحثّ على تخفيف العقوبات على الاستثمارات والصادرات والخدمات بشك„ل أكبر، لما لها
من تأثير على تقديم الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة والتعليم. ويتمثل جزءٌ أساسيٌّ من هذا في طمأنة الدول الراغبة في المساعدة إزاء قدرتها على القيام بذلك، دون التعرض لعقوبا„ت ثانوية.
السيد الرئيس،
-23 ختاماً: لقد تحقق الكثير، وهناك الكثير مما يستحق الإشادة والدعم، لكن لا تزال التحديات هائلة، ولا يزال الوضع هشاً للغاية. فهناك حاجة إلى مزيد من الشمول السياسي، ومزيد من العمل على الصعيد الاقتصادي. فبحدوث تغيير جذري في هذين العنصرين، يمكن للانتقال السياسي في سوريا أن ينجح. وبدونهما، فإنه على الأرجح لن يكتب له النجاح، وهو
ما لا يجب القبول به ولن نقبله. ولهذا تعمل الأمم المتحدة على تسهيل ودعم عملية بقيادة وملكية سورية، وفقاً للتفويض الممنوح بموجب القرار .٢٢٥٤ وآمل أن يواصل مجلس الأمن دعمه أيضاً لتلك العملية.
