رحيل مناضل : الرفيق صبحي أنطون وداعاً

رحيل مناضل : الرفيق صبحي أنطون وداعاً

رحيل مناضل :

الرفيق صبحي أنطون وداعاً…

في يوم 12تشرين الثاني2024توفي في مدينة سيدني الأوسترالية الرفيق صبحي أنطون (أبويسار) عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوري ( المكتب السياسي) بين المؤتمرين الرابع والخامس للحزب1973-1978.

الرفيق صبحي أنطون من مواليد مدينة الحسكة في عام1937. انتسب للحزب الشيوعي السوري في عام1955، وكان من الكوادر الأساسية في منطقية الجزيرة. اعتقل في حملة الاعتقالات التي شنت ضد الحزب منذ يوم رأس سنة 1959وظل في سجن المزة حتى شهر تشرين الأول1961عندما أفرج عنه مع باقي المعتقلين الشيوعيين بعد حصول الانفصال السوري- المصري، وكان الرفيق أبويسار واحداً من المعتقلين الذين تعرضوا لأشد التعذيب من قبل مخابرات عبدالحميد السراج ومن أكثرهم صموداً. استقبل استقبالاً حافلاً عندعودته للحسكة بعد الافراج عنه وظل أبناء المدينة يذكرون هذا الاستقبال لعقود. كان من المساهمين الرئيسيين في إعادة ترميم منطقيتي الجزيرة وديرالزور للحزب بعد ضربة الاعتقالات. كان الرفيق أبويسار من أول من طرح منذ أواسط الستينيات مقولة استقلالية الحزب الشيوعي السوري عن الاتحاد السوفياتي وكان الشيوعي السوري الوحيد الذي تجرأ في صيف1968على معارضة وإدانة التدخل السوفياتي العسكري في تشيكوسلوفاكية لضرب توجهات شيوعية استقلالية كان سائدة في الحزب هناك بزعامة الأمين العام للحزب ألكسندر دوبتشيك، وبسببها نفي أبويسار بأمر من خالد بكداش من الحسكة إلى دمشق ومن ثم حمص بوصفه متفرغاً حزبياً يأخذ راتبه من الحزب. في فترة أزمة الحزب أيار1971-نيسان1972كان الرفيق أبويسار في لجنة سرية مع رفاق آخرين من أجل ترتيب الأوضاع التنظيمية لمواجهة تكتل خالد بكداش- يوسف فيصل الذي ظهر في تلك الأزمة بدعم من موسكو التي أرسلت “الملاحظات السوفياتية على مشروع البرنامج السياسي للحزب” في شهر أيار1971وهو ماكان الفتيل الذي أشعل أزمة الحزب. بعد انشقاق كتلة خالد بكداش- يوسف فيصل في يوم 3نيسان1972، التي كانت أقلية في اللجنة المركزية وفي المكتب السياسي وفي الجسم الحزبي العام ولكن مدعومة من السوفييت ، كان الرفيق أبويسار أساسياً في الحزب وفي بناء الحزب الشيوعي السوري( المكتب السياسي) وقد انتخب عضواً في اللجنة المركزية بالمؤتمر الرابع في كانون الأول1973التي انتخبته عضواً في المكتب السياسي وظل في منصبه هذا حتى المؤتمر الخامس الذي انعقد في الشهر الأخير من عام1978.

كان رأي الرفيق أبويسار بين المؤتمرين الرابع والخامس أنه لايكفي أن يستقل الشيوعيون السوريون عن موسكو تنظيمياً وأن يخالفوها هي وبكداش في قضايا (الوحدة العربية) و(فلسطين)

و(الموقف من السلطة)، بل يجب أن أن تترافق هذه القضايا للخلاف مع رؤية ماركسية جديدة تختلف عن الماركسية السوفياتية تكون هي الأساس النظري- الفكري للخط السياسي، وهو مااختلف فيه مع الأمين الأول للحزب الرفيق رياض الترك( أبوهشام) ، كمااختلف معه بعد عام1976على أن تبني (مقولة الديموقراطية) من دون مزجها مع رؤية ماركسية جديدة قريبة للشيوعية الأوروبية التي عارضت اللينينية بماركسية كارل ماركس وأنطونيو غرامشي سيقود الحزب إلى (الليبرالية)، وهو ماكان الرفيق أبويسار يذًكِر به في عام2005عندما أنشأ رياض الترك (حزب الشعب) وتخلى عن الماركسية وعن اسم الحزب واتجه نحو الليبرالية، كماأن الرفيق أبويسار عارض الرفيق أبوهشام في أن أي تصعيد سياسي ضد السلطة من دون بنية تنظيمية موائمة، وبحيث يكون التنظيم عربة قادرة على حمل حمولة الخط السياسي التصعيدي ، سيقود الحزب إلى التحطم التنظيمي وهو ماكان جوهر مداخلة الرفيق أبويسار في المؤتمر الخامس ، ولكنه كان أقلية في المؤتمر ، حيث ترك الحزب بعد المؤتمر وأسس مع رفاق آخرين، منهم الرفيق يوسف نمر ، ” حركة اتحاد الشيوعيين”، ولكن عندما أرادت غالبية هذه الحركة الانضمام إلى جناح يوسف فيصل المنشق عن حزب خالد بكداش بصيف1986رفض الرفيق أبويسار الانضمام إلى تنظيم له علاقات جبهوية مع السلطة ، واعتزل السياسة.

كل من عرف الرفيق صبحي أنطون لفت نظره ثقافته الواسعة وقدراته الفكرية الكبيرة ، وهما ماكان يفتفدهما الكثير من قادة الحزب الشيوعي السوري ، حيث تقتصر القدرات عند أغلبهم على السياسة والتنظيم ، وبعضهم الكثير يكون عنده واحدة منهما. كماكانت تلفت النظر في الرفيق أبويسار أخلاقه السمحة والتي تبتعد عن الشتم وتنابذ الألقاب واحترام المختلف في الفكر والسياسة سواء كان خالد بكداش أم رياض الترك أوغيرهما.

الرفيق أبويسار عاش ماركسياً – شيوعياً حتى يومه الأخير.

الحزب الشيوعي السوري ( المكتب السياسي)

——————————————————————————————————-