- الافتتاحية: السياسة هي مكثف لمحتوى اقتصادي ــ اجتماعي ــ ثقافي تأخذ كممارسة أشكالاً عدة
- عودة ترامب للبيت الأبيض ثانية ، كابوس يؤرق الاتحاد الأوروبي
- عن غياب السياسة في سوريا- مازن كم الماز
- “أربع فِكر عقب اغتيال اسماعيل هنية – رشا عمران – “العربي الجديد
- مقارنة بين الدساتير السورية لأعوام 1950 و1973 و 2012
- في أهمية استعادة النقاش حول “الهوية الوطنية”- شورش درويش “المركز الكردي للدراسات”
- – التيارات السياسية السورية – محمد سيد رصاص “المركز الكردي للدراسات
باستثناء الافتتاحية والبيانات الموقعة من الحزب فإن النصوص والمقالات الواردة في العدد لا تعبّر بالضرورة عن رأي الحزب.
الافتتاحية:
السياسة هي مكثف لمحتوى اقتصادي ــ اجتماعي ــ ثقافي تأخذ كممارسة أشكالاً عدة
في نص كارل ماركس «طريقة علم الاقتصاد السياسي»، الموجود في كتاب «الغروندريسة: أسس نقد الاقتصاد السياسي» (1857-58)، هناك تعامل مع الحركة التاريخية – الاجتماعية بوصفها مولدة لأشكال من المجتمعات وأشكال من التشكلات الاقتصادية. كما يتحدث ماركس في هذا النص عن «الأشكال الأخيرة للمجتمع البورجوازي» وعن «تركز المجتمع البورجوازي في شكل دولة». يمكن الاستنتاج بأن ماركس يرى التاريخ بوصفه تغيُّراً في الأشكال.
يمكن نقل هذا إلى السياسة، فالسياسة مكثف لمحتوى اقتصادي – اجتماعي – ثقافي تأخذ كممارسة أشكالاً عدة: طبقية، قومية، قومية – دينية، طائفية، طائفية – قومية، جهوية، طائفية – جهوية، إثنية – جهوية – قبلية. كل هذه الأشكال تحوي أو تحمل، عبر الجسم السياسي الذي غالباً ما يأخذ شكل حزب أو حركة أو جماعة مع برنامج منطلق من رؤية فكرية – سياسية (= إيديولوجيا) تستند إلى منهج تحليلي، محتوى اقتصادياً – اجتماعياً – ثقافياً. الأشكال السياسية هي المتغيرة والمحتوى واحد حيث السياسة، كشكل، هي الطابق الأعلى للمبنى الاقتصادي – الاجتماعي – الثقافي، وهي شكله التعبيري والممارساتي.
يمكن رؤية الأشكال السياسية في التعبيرات السياسية: طبقية (حزب العمال البريطاني، الحزب الديمقراطي الاجتماعي الألماني، الحزب الليبرالي الألماني: أحزاب طبقية البنية والتمثيل والبرنامج)، أو قومية (حزب البعث العربي الاشتراكي، حركة القوميين العرب، حزب العمل القومي التركي\ لاحقاً: حزب الحركة القومية\، الحزب الديمقراطي الكردستاني)، أو قومية – دينية (نمور التاميل: حركة تاميلية – هندوسية ضد هيمنة الأكثرية السنهالية – البوذية في سريلانكا)، أو طائفية (حزب الدعوة في العراق، المجلس الأعلى للثورة الاسلامية في العراق)، أو طائفية – قومية (الجيش الجمهوري في الشمال الايرلندي الخاضع لسلطة لندن حيث هناك تنظيم سياسي «الشين فيت» وجناح عسكري يعبر عن الأقلية الكاثوليكية الايرلندية في وجه أكثرية بروتستانتية تم جلبها عبر قرنين سابقين إلى شمال الجزيرة الايرلندية من اسكوتلاندا وانكلترا)، أو جهوية (الحركة المطالبة بالفيدرالية في اقليم برقة شرق ليبيا، والحركات المسلحة في الشرق السوداني عند الحدود الإريترية)، أو طائفية – جهوية (الحوثيون في شمال صنعاء، و»الاتحاد المسيحي الاجتماعي» في ولاية بافاريا الألمانية ذو القاعدة الكاثوليكية)، أو إثنية – جهوية – قبلية (حركة العدل والمساواة في اقليم دارفور في السودان التي تستند إلى قبيلة الزغاوة).
يمكن رؤية أشكال أخرى أيضاً، مثلاً حزب «بهاراتيا جاناتا» الحاكم حالياً في الهند حيث يحاول أن يقدم إيديولوجيا قومية هندية استناداً إلى الديانة الهندوسية، وهو لا نجد في نوابه الحاليين في البرلمان أي مسلم (10% من السكان)، حيث الاعتماد على موروث ثقافي ديني لبناء قومية في مجتمع متعدد الديانات، وهو ما جعله يأخذ طابعاً هندوسياً دينياً طائفياً بنظر المسلمين والسيخ، فيما عند «نمور التاميل» لا يوجد ذلك رغم التشابه كحركة قومية – دينية، حيث يتم فقط الاستناد إلى الجسم الاجتماعي في الجماعة القومية – الدينية التي كانت مهمشة ومضطهدة من قبل الأكثرية السنهالية – البوذية لتحقيق المطالب التي تراوحت بين الانفصال والحكم الذاتي في أثناء التمرد العنيف لأعوام 1983-2009 بالشمال والشمال الشرقي من سريلانكا. أيضاً يمكن أن نجد في الهند أحزاباً ذات طابع فئوي تمثيلي لفئة، مثل المنبوذين، وهي قوية في ولاية «أوتار براديش»، مثلاً.
في المسار التاريخي تطفو أشكال سياسية وتخبو أشكال أخرى، في عراق 1959-1963 كان الصراع يأخذ شكل صراع بين الشيوعيين والعروبيين، رغم تركز الشيوعيين، كشكل سياسي، في الوسطين الشيعي والكردي، فيما كان البعثيون يستندون كقاعدة اجتماعية إلى السنة العرب. اضمحل هذان الشكلان وظهرا ضعيفين في مرحلة ما بعد سقوط بغداد بيد المحتل الأميركي يوم 9 نيسان 2003 لتظهر التعبيرات العارية للشيعة والأكراد والسنة العرب في شكل أحزاب طائفية ( حزب الدعوة، الحزب الاسلامي الذي هو التنظيم المحلي العراقي لجماعة الاخوان المسلمين) بوصفها الأشكال السياسية الأقوى تعبيرياً، وهذا ما ترجم في الانتخابات البرلمانية المتلاحقة منذ عام 2005. عبّر هذا المسار العراقي عن أزمة اندماج اجتماعي وضحت فيها عوامل اللااندماج أكثر من الاندماج، وهذا ما أفرز أشكالاً تعبيرية سياسية تعبر عن هذا أحياناً بشكل تصادمي عنيف (تمرد الملا البارزاني 1961-1970، 1973-1975، وصدام حزب الدعوة مع حكم صدام حسين في نيسان 1980، و»القاعدة» و»داعش” في مرحلة تهميش السنة العرب بعد عام2003).
لا يعبّر هذا عن «تطور رجعي» أو عن «تخلف المجتمع» بل عن مشكلات لم تحل بعد وهي تطل برأسها عبر هذه الأشكال السياسية التي يتم فيها استدعاء الموروث التاريخي واستخدام أيديولوجيا تولد من رحمه للتعبير عن مشكلات الحاضر وللصراع على مصالح راهنة وحاضرة ، عبر السياسة ولو أخذت مساراً عنيفاً، هي اقتصادية – اجتماعية – ثقافية. يساهم في هذا فشل الأشكال السياسية التعبيرية الحديثة وخاصة من خلال تجاربها في الحكم، وليتم إثر ذلك «الاستنجاد بالسماء حين لا تبقى حيلة أخرى لشعب محكوم» وفق تعبير جون لوك، حين وصفه للثورة البيوريتانية في انكلترا 1642-1649 ضد الملك والتي أخذت شكلاً طائفياً: بيوريتان ضد أنجليكان. ولكن هذا الشكل الذي استند إلى حرفية «العهد القديم» عند البيوريتان مع تزمت أخلاقي وتقييد للحريات الاجتماعية ونزعة تسلطية أفرزت ديكتاتوراً (هو أوليفر كرومويل قام بتنصيب نفسه كحامي وحلّ البرلمان عام 1653)، وهو ماأنتج ثورة اقتصادية – اجتماعية – ثقافية قادها تجار لندن والمزارعون الأغنياء وسكان المرافئ البحرية ضد سلطة الملك المطلقة، وأريد منها نقل السلطة إلى البرلمان.
في الثورة الثانية (1688- 1689) لم يأخذ الصراع شكلاً طائفياً بل حزبياً: حزب الأحرار (الويغ) ضد حزب المحافظين (التوري)، ولكن تقريباً بالحوامل الاجتماعية نفسها التي كانت قبل نصف قرن، ومن أجل الهدف نفسه: سلطة البرلمان و»الملك يملك ولا يحكم» بعد أن عادت الملكية في عام 1660 وجرت محاولات لإعادة الحكم الملكي المطلق.
في عامي 1995 و2002 نزل ليونيل جوسبان مرشحاً عن الحزب الاشتراكي ضد جاك شيراك بالانتخابات الرئاسية الفرنسية، وقد أصبح جوسبان رئيساً للوزراء بين عامي 1997 و2002. لم يذكر أحد من الفرنسيين بأن جوسبان بروتستانتي حيث البروتستانت لا تتجاوز نسبتهم 1%. في فترة 1562-1598 كانت الأرض الفرنسية مسرحاً لحرب أهلية عنيفة بين الكاثوليك والبروتستانت (الهوغنوت)، وجاء مرسوم نانت عام 1598 لكي يقيم تعايشاً قلقاً بين الطائفتين. في عام 1685 قام الملك لويس الرابع عشر بنقض مرسوم نانت وحرق كنائس البروتستانت وهجّر الملايين منهم، وهم بمعظمهم تجار وبورجوازية صاعدة، إلى جنيف، حيث كانوا أساس المصارف بتلك المدينة السويسرية، وإلى جنوب انكلترا ليكونوا عماد صناعة النسيج هناك. يدل مثال جوسبان على أن فرنسا تجاوزت الطائفية كشكل تعبيري سياسي إلى آخر حديث. في المقابل يدلّ المثال اليوغسلافي في أعوام 1991-1999 على انفجار شكل دولتي ما فوق قومي – ديني وتذرره إلى أشكاله البدائية، وعلى أن الشكل التعبيري سياسي، وهو الشيوعية، لم يكن أكثر من إطار تسكيني مؤقت منذ عام 1945 ولم يستطع حل المشكلة القومية هناك والوصول إلى شكل اندماجي ما فوق قومي – ديني في بلد حيث الجماعات ذات طابع قومي – ديني (الصرب الأرثوذكس، الكروات الكاثوليك، مسلمو البوسنة، الألبان المسلمون في كوسوفو
عودة ترامب للبيت الأبيض ثانية ، كابوس يؤرق الاتحاد الأوروبي.
لم يعيش قادة الاتحاد الأوربي منذ تأسيسه عام1957قلقاٌ كما يعيشه الأن بعد انسحاب الرئيس الأمريكي الحالي بايدن من سباق الانتخابات الأمريكية في مواجهة الرئيس السابق الجمهوري ترامب ومن عودة هذا الأخير ثانية إلى البيت الأبيض ، فهم بعد أن تنفسوا الصعداء واستفاقوا من كابوس صعود اليمين القومي الأوربي وفشله من سيطرته في الانتخابات الأوربية الأخيرة هذا العام ، فهم لا يزالوا حاملي هم كابوس أكبر اسمه ( عودة ترامب لرئاسة أمريكا ) ، وترجع أسباب هذا القلق عند أغلب القادة الأوربيين لاعتبارات عديدة عسكرية- أمنية واقتصادية وسياسية ومالية ، فقد واجه الاتحاد الأوربي مع الولايات المتحدة الامريكية خلال رئاسة ترامب للبيت الأبيض السابقة صعوبات عديدة اتسمت بعداء شديد لهم ، فترامب الذي وصف خلال رئاسته السابقة للبيت الابيض أوربا بالقارة العجوز، اتبع اتجاهها سياسة عداء واضحة ، وذلك من خلال سياسة دعم النزاعات الانفصالية وتأجيجها بين دول الأعضاء، كما حدث مع انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي 2016- ٢٠٢١ ، إلى تعزز التباعد والتباين مع الاتحاد الأوربي حول الموقف من طبيعة القيم مثل الديمقراطية وحقوق الانسان والعدالة والموقف من الليبرالية الاقتصادية والسياسية وقيم الحرية اضافة الى فرض الرسوم الجمركية العالية على الواردات الأوروبية إلى أمريكا الى تهديدها بأمنها الوطني عبر الانسحاب من حلف شمال الأطلسي او التقليل من تقديم الدعم المالي له .
فالولايات المتحدة الأمريكية وتحديدا اليمين يصر على مساهمات حكومات الأعضاء في حلف شمال الأطلسي في النفقات على الدفاع وأن واشنطن أنفقت عام ٢٠١٩ في زمن ترامب ٣،٤ في المئة من إجمالي نتاجها القومي على الدفاع وقد هدد ترامب في اكثر من مناسبة خلال ولايته السابقة للرئاسة الأمريكية عام ٢٠١٧ – ٢٠٢١ و المرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية الأمريكية الحالية التي ستجري في ٥ تشرين الثاني /نوفبر/ هذا العام ، من أن أمريكا قد تنسحب من حلف الناتو أن لم تلتزم الدول الأوروبية بزيادة أعباءها المالية وبشكل كبير في الحلف وعليها أن تزيد أيضا في الإنفاق على الاحتياجات العسكرية للحلف ،كما صرح خلال حملته الانتخابية الحالية بأ نه سينهي الحرب الروسية – الأوكرانية عبر وقف الدعم العسكري والمالي لأوكرانيا وعبر الضغط على الحكومة الاوكرانية للتخلي عن بعض أراضيها لروسيا التي احتلتها خلال الحرب وهذا الامر ان تحقق سيزيد من مخاوف أوروبا لجهة اطماع روسيا نحو الدول الأوروبية .
أما فيما يتعلق بمخاوف الاتحاد الاوروبي على صعيد السياسة الاقتصادية, فإن القادة الأوربيين يتذكروا سياسة ترامب خلال ولايته السابقة وتصريحاته المرتبطة بمبدأ السيادة الوطنية وعلى أولوية هذا المبدأ على العديد من الاتفاقات الدولية بما فيها المتعلقة بالاتحاد الأوربي وطالب بتعديل تلك الاتفاقات التي تحد من استقلالية أمريكا ، فهو أعطى الأولوية للمصالح في الإطار الاقتصادي وتحديداٌ فيما يتعلق بتدابير الحماية الجمركية التي قد تفرض على المنتجات الأجنبية وكذلك فرض شروط تفضيلية للولايات المتحدة الأمريكية في التجارة الدولية ولا يستثني منها الحلفاء في الأطلسي ،وهو الأن خلال حملته الانتخابية يرفع شعار ( لنجعل من أمريكا عظيمة ) ، هذا الشعاراعتبره رئيس الوزراء المجري القومي أوروبان أنه يستهدف أوروبا فرد عليه ( لنجعل من أوربا عظيمة ) .
يرى خبراء الاقتصاد الامريكيين أن اقتصادات الطرفين ، أي اقتصاد كل من أمريكا وأوروبا، يمثل ثلث التجارة العالمية في السلع والخدمات وثلث الناتج المحلي الإجمالي العالمي لجهة القوة الشرائية ، كما يروا أن أمريكا هي أكبر شريك تجاري لأوروبا الا انهم اعتبروا هذه الأخيرة هي المستفيدة أكثر من أمريكا من هذه الشراكة ، لذلك ينظر الأميركي اليميني القومي في الحزب الجمهوري ويتعامل مع الاتحاد الاوربي منذ تأسيسه على أنه شريك خصم ويتوجب السيطرة عليه بشكل كامل ويجب اضعاف قدراته الاقتصاديات والسياسية ومنعه من تشكيل أي قوة اوربية موحدة أو جيش موحد ، وهم يتبنوا استراتيجية بأن تكون أمريكا ضامنة لأمن أ وروبا وحدودها وتحديداٌ من البعبع الروسي ، فأوروبا التي تمتد على حدود واسعة مع روسيا (بوتن ) تخشى من التهديد الروسي لها ومن طموحات هذه الأخيرة لإعادة أمجاد امبراطوريتها المفككة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وخاصة بعد احتلالها لجزيرة القرم وغزوها لأوكرانيا واحتلالها لجزء من أراضيها، لذلك ترى أمريكا أن على أوروبا ان تبقى تحتمي دائماٌ بحلف شمال الأطلسي/ الناتو/ باعتبار أن الولايات المتحدة الأمريكية هي القوة الضاربة به فهي وحسب المركز البريطاني للأبحاث أن حجم الدعم النقدي الذي تقدمه أمريكا بلغ ٧٠ في المئة من إجمالي الاجراءات والقيود الاقتصادية على الواردات الأوربية لعكس المعادلة الربحية الاقتصادية بين الطرفين ، وهذا ما فعله ترامب خلال ولايته السابقة في البيت الأبيض ففرض رسوم جمركية عالية على أهم الصادرات الأوربية للولايات المتحدة الأمريكية ، فباشرعام ٢٠١٨ بفرض رسوم جمركية على العديد من البضائع والواردات الأوروبية بلغت ٦،٦ مليار يورو وقد فرض تلك الرسوم في وقت كان الاتحاد الأوربي يتمتع بفائض تجاري كبير مع أمريكا فتضرر الاقتصاد الاوربي ضرراٌ كبيراٌ حينها ، وبسبب تلك السياسة اعتبر الأوروبيون أن فترة ولاية ترامب للرئاسة الأمريكية السابقة من عام ٢٠١٧ – ٢٠٢١ كانت فترة مؤلمة لهم في وقت كان الاتحاد الأوروبي يتمتع بفائض تجاري كبير مع أمريكا فتضرر حينها الاقتصاد الاوروبي ضرراٌ كبيراٌ ، ومع اشتداد تلك المواجهة الاقتصادية بين الشريكين رد الاتحاد الأوربي بفرض رسوم جمركية على الواردات الأمريكية بقيمة ٢،٨ مليار يورو على بعض المواد مثل الدرجات النارية والقوارب والكحول ، والآن ومنذ اندلاع الحرب الروسية – الأوكرانية يستورد الاتحاد الأوروبي من أمريكا كميات كبيرة من الغاز الطبيعي عوضاٌ عن استيرادها من روسيا وهم يخشون في حال عودة ترامب للرئاسة الأمريكية ثانية أن يتحكم بهذه المادة لجهة السعر والكمية فيفرض رسوماٌ عالية على الاتحاد الاوربي على استيرادها ، وهم سعوا منذ اندلاع الخرب الروسية – الأوكرانية لإبرام عدة عقود مع دول أخرى لتأمين البديل لهذه المادة في حياة ونمو أوروبا، كما يرى أحد مسؤولي الاتحاد الأوروبي أن أوروبا مستعدة للدفاع عن أنفسها ولن تستسلم للمخاوف من عودة ترامب للبيت الأبيض ثانية ،وأيضاٌ صرّح مفوض التجارة الأوروبية عن أمله باتباع نهج التعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية في حال عودة ترامب للبيت الابيض ويأمل أن لا يتكرر نهج المواجهة الماضية بيننا ونحن مستعدون للدفاع عن مصالحنا.
تشير أغلب الدراسات الاقتصادية على أن اقتصاد الاتحاد الأوروبي ينمو بمعدل أقل من نصف معدل نمو اقتصاد أمريكا ومع ذلك فهو يبقى ثالث أكبر قوة اقتصادية في العالم بعد كل من الولايات المتحدة الأمريكية والصين الشعبية وهذا العامل يجعله يتمتع بنفوذ اقتصادي ومالي وسياسي كبير وفي أن يلعب دوراٌ سياسياٌ أكبر مواز لثقله الاقتصادي وهي رغبة موجودة عند قادة الاتحاد الأوربي وقد تزامنت تلك الرغبة مع ظهور متغيرات دولية في النظام الدولي الحالي الذي يتسم بتراجع الثقل الأمريكي وتصاعد الدور الصيني العالمي ومع تشكيل تكتلات اقتصادية كبرى في العالم ، لهذه الأسباب مجتمعة يتخوف القادة ولاقتصاديين الأوروبيين من رياح التغيير في أمريكا ومن نجاح ترامب بالانتخابات الأمريكية وعودته لسياسة العداء السابقة لأوروبا فهو والحالة هذه سيلحق ضرراٌ كبيراٌ على النمو الاقتصادي وعلى الناتج المحلي وسيرتفع معدل التضخم في دول الإتحاد الأوروبي وبالتالي سيحد من طموحات الاتحاد الأوربي في أن يكون قوة اقتصادية وسياسية ومالية كبيرة وفي أن يكون لاعباٌ هاماٌ في الصراعات الدولية ، كما كما يرى القادة الأوروبيون أن سياسة الاضرار بالنمو الاقتصادي الأوروبي هومن أحد الاهداف التي يسعى إليها طاقم ترامب الاقتصادي لأن أوربا تشكل بالنسبة لهم صين ثانية فيما ذا ازداد نموها الاقتصادي فتصبح تحدي أخر على صعيد هيمنتها العالمية باعتبار أن حصته حالياٌ من التجارة العالمية أكبر بثلاث مرات من حصة الولايات المتحدة الأمريكية ، كما أنه يتمتع حاليا بنفوذ ودبلوماسي وعسكري عالي ، هذا اضافة لقوته الاقتصادية والدبلوماسية والعسكرية فهو له عملة موحدة أصبحت تشكل تهديداٌ لهيمنة الدولار الأمريكي وأيضاٌ له علماٌ واحد مشترك ، وهو يسعى إلى توحيد سياساته الخارجية لذلك فأن هذه الميزات ستمنحه قوة ونفوذاٌ واعداٌ ليس فقط على القارة الاوربية بل ايضاٌ عند العديد من دول العالم وخاصة في أفريقيا وأسيا .
ويبقى السؤال المرهق للأوربيين دون جواب حتى انتهاء الانتخابات الأمريكية ، هل ستتغير سياسة الولايات المتحدة الأمريكية نحو الاتحاد الأوربي وحلف شمال الاطلسي وهما الحليفان الأكثر أهمية في العالم في حال نجاح ترامب في الانتخابات الأمريكية المقبلة أم أن التصريحات الانتخابية لن تكون جدية ولن تأخذ طريق التنفيذ عندما يكون ترامب في البيت الأبيض وسيبقى الطرفان رغم كل الاختلافات الجوهرية بينهما حليفين كبيرين على الصعيد العالمي لعدم قدرة أي منهما الاستغناء عن بعضهما في ظل الأزمات الإقليمية والمتغيرات الدولية المقلقة لكل منهما مهما يكون الرئيس الذي يجلس على كرسي البيت الأبيض . ؟
____________________________________________________________
عن غياب السياسة في سوريا
مازن كم الماز
أحد أسوأ نقاط ضعفنا هو غياب السياسة كممارسة عامة و بقائها حكرًا آو حصرًا بأشخاص انتهازيين أو بخصومهم المباشرين في الديكتاتوريات الحاكمة و رغم أن الربيع العربي جاء تحت شعار مشاركة أوسع في السياسة لكن ما خلفه هذا الربيع من ناشطين و كتبة فيسبوكيين و معلقين الخ يتحاشون المشاركة المباشرة بالعمل السياسي و ربما يكون معهم بعض الحق فالانخراط بالعمل المعارض تحول إلى وصمة عدا عن الشعور العام بلا جدواه و انتقال غالبية هؤلاء الناشطين إلى المنافي … بالتالي تكرس العمل السياسي كفعل تخصص به معارضون سابقون مع تأثير محدود أو انتهازيون قفزوا من سفينة النظام المتأرجحة معتقدين بقرب سقوطه و باحثين في صفوف المعارضة عن ذات المكاسب التي كان النظام يمنحهم إياها و مثير أن تسمعهم اليوم يستخدمون نفس لغة النظام الخشبية في ذمه بعد أن استخدموها طويلًا في مدحه و أن تسمع من كان يتحدث بحماسة عن الأمة العربية و هو يتحدث بذات الحماسة عن الطائفة السنية المقهورة و الإسلاميين السوريين … لكن ليس هدفنا هنا هو “كشف” هؤلاء فموقع هؤلاء على رأس تشكيلات المعارضة السورية محفوظ إلى أجل غير مسمى و أنا هنا لا اقصد فقط الائتلاف و هيئة المفاوضات بل أيضًا الأحزاب أو “التشكيلات السياسية” التي تتشكل و تنقسم و تتوحد و تتفكك في أوروبا و أميركا … أمًا الناشطون فهم يكتفون بإطلاق أحكام “أخلاقية” تفاضل بين القوى المتنافسة و بينما تجدهم يتحدثون عن حالة مثالية عن حقوق الإنسان لكنهم في النهاية يقبلون بانتهاك حقوق الإنسان من الطرف الذي يرونه الأقل سوءًا و يصمتون عنها أو يبررونها بينما يمتنعون عن تقديم مشروع أو إطلاق نقاش جدي حول مشروع سياسي اجتماعي اقتصادي متكامل و لا يتجاوزون الحالة الشعاراتية التي هي كما حال النص الديني “حمالة أوجه” و بالتالي لا يجدون أية حاجة للتفكير في حامل اجتماعي لهذه الشعارات أو وسيلة تحققها في الواقع … بالنسبة لهم الغرب هو الفاعل الوحيد و المطالب بإنجاز تلك الحالة المثالية في سوريا و لسنا كسوريين سوى مفعول بنا سلبيين و بلا مسؤولية أو قدرة سوى الانتظار و استجداء الحلول … لا يمثل أيضًا ما يسميه البعض بالحراك و أحيانًا بالحراك الشعبي نافذة جدية للحركة و الأمل فهو أقرب لشعور ينتاب البيئة الحاضنة لكل من سلطات الأمر الواقع بحقها في رفض القمع الذي يمارس بصمت على غيرها و بالاحتجاج على الانهيار الاقتصادي والاجتماعي الذي تعيشه ، في شمال غرب سوريا يتصدر هذا الحراك مثلًا المشايخ المطرودين و المهمشين و ذوي الحلول الصفرية كحزب التحرير و بقايا الجهاديين … و إلى جانب بلدات ريف حلب و ادلب يتركز هذا الحراك في عفرين ، إسرائيل الصغرى ، حيث يصمت الجميع و أولهم الحراكيون عن ظروف أكرادها … نحن بحاجة لمشروع بل لمشاريع سياسية اجتماعية اقتصادية و قد يكون أحدها أو بعضها إسلاميًا ، مشاريع جدية و ليست ملفقة على طريقة مشروع سوريا المستقبل الإخواني الذي مارس الإخوان نقيضه تمامًا و ما زالوا منذ ٢٠١١ … مشاريع أبعد من مجرد الوصول إلى السلطة ، مشاريع يعنيها أصحابها و تمثل طبقات و فئات اجتماعية تبحث عن تمثيل و عن بناء توازنات سياسية اجتماعية جديدة لا تكتفي بفتح مجال الصعود الاجتماعي المسدود حاليًا أمام أبناء الطبقة الوسطى و زيادة حصة بعضهم في الثروة و السلطة بل تنتج حالة اقتصادية أقوى مع توزيع عادل للثروة و السلطة
حول مفهوم رأسمالية الدولة
يوسف الطويل
بعد المٱلات التي وصلت لها المجتمعات المحكومة برأسمالية الدولة ، يجب توضيح هذا المفهوم وان كان بشكل مختصر وعام وعلاقته مع اقتصاد السوق . رأسمالية الدولة هي فعل القوانين الراسمالية بصيغة مدارة من قبل جهاز الدولة التنفيذي في المجتمع ، وتتحكم الحكومة بكل مفاصل العملية الاقتصادية ، لتتحول الدولة لرب العمل الاساسي في المجتمع . عادة تتحول نظم راسمالية الدولة لاقتصاد السوق ، بسبب انشائها بنية مجتمعية اصبحت تعوق نموها البنية الدولاتية لراسمالية الدولة بشكل اساسي ، اضافة للعب الخارج دور في التحول نحو اقتصاد السوق ، وهذا لا يعني أن راسمالية الدولة انتهت بل تبين تجارب عديدة بأن الدولة تقوم بدور رئيسي في التحول مع اتاحة مجالا تشريعيا وانتاجيا يحدده جهاز الدولة لعمل الراسمال الخاص المحلي ام الاجنبي . عموما تبقى قوانين الراسمالية فاعلة في ظل راسمالية الدولة ، ويبقى مٱل مشروعها الى اقتصاد السوق وفق تجارب عديدة لكن بتوجيه وادارة من راسمالية الدولة بشكل رئيسي ،مع تخفيف محددا تاريخيا لمجالات عمل رأسمالية الدولة تقرره التوازنات الداخلية وشروط الخارج .
أربع فِكر عقب اغتيال اسماعيل هنية
– رشا عمران – “العربي الجديد”،2آب2024
ليس ضرورياً أن نقف مع حركة حماس أو نساند مواقفها وتحالفاتها، وقد تكون مواقفنا وقناعاتنا مناوئة لعملية طوفان الأقصى، ونراها سبباً أول للحرب الإسرائيلية السافلة على غزّة، وقد نكون ضدّ حركات الإسلام السياسي كلّها، وضدّ دمج الدين في السياسة أصلاً، وضدّ الدول الدينية بأكملها. قد نكون ذلك كلّه وأكثر، لكنّ هذا كلّه لا يُعطي أحدنا الحقّ في تأييد إسرائيل في أعمالها الإجرامية، حتّى لو كان أعداؤها أعداءنا، أو بعضَ المتسبّبين في الضرر الذي لحق بنا يوماً ما. إسرائيل أولاً وأخيراً دولة أبارتهايد عنصرية، ودولة احتلال مجرمة، وهي تمثل أفكارنا كلّها عن الدول المُستعمِرة وعن المُحتلّ. علينا أن نضع هذا أولاً عنواناً عريضاً ورئيساً، تحته يمكن أن نذكر كلّ ما نتعارض معه أيديولوجياً أو استراتيجياً، من عمليات عسكرية غير محسوبة أو من أشكال المقاومة المُتعدّدة. أمّا خلاف ذلك فلن نكون معه أكثر من متهافتين صغار ضمن المتهافتين الكبار (الأنظمة والدول) الذين يدعمون إسرائيل من دون أيّ قيد أو شرط، لأنّهم يظنّون أنّ هذا التأييد قد يصنع لهم مكانةَ ما أو يجعل منهم أصحابَ أدوارٍ مُهمّة وضرورية في السياسة.
(2)
بعض مواقف العرب والسوريين في مواقع التواصل الاجتماعي (بعضهم محسوب على “الربيع العربي”، وبعضهم ضدّه)، المُعبّرة عن الفرح باغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنيّة مثيرةً للدهشة، فكأنّ هنيّة هو العدو الأول لهؤلاء، أو كأنّه من كان السبب في “الربيع العربي” أو في هزيمته. هذا الفرح والتهليل يدلّ على تخبّط سياسي كبير، وعلى عماء وسذاجة في فهم الحدث العربي والإقليمي، وعلى جهلٍ بالتحالفات السياسية الحاصلة. ترتبط حركة حماس بإيران ارتباطاً وثيقاً، فهما يلتقيان في المصالح البعيدة الاستراتيجية المُستمدّة من الأيديولوجيا، وهما يتحدران من جذر واحد هو الإسلام السياسي، بشقّيه السنّي والشيعي (وهذا أول صد في وجه المُبشّرين بحلفين سنّي وشيعي). عدا عن أنّ الدعم اللوجستي العسكري للجناح المُسلّح من “حماس” يأتي من إيران بشكل مُحدّد. لكن، هل تدخّلت حركة حماس يوماً ما عسكرياً لتكون بندقية إيران المأجورة كما هو حال حزب الله في سورية والعراق مثلاً؟ نعرف جميعاً أنّ “حماس” لم تنفّذ عملية واحدة ضدّ أيّ جهة غير الاحتلال الإسرائيلي، سواء قبل عملية طوفان الأقصى أو بعدها، هي تقول عن نفسها إنّها حركة مقاومة ضدّ الاحتلال، وهي التزمت عسكرياً بهذا من دون أن تُخلَّ يوماً بذلك. ظلّت مُحافظةً على خطّها العسكري ضدّ الاحتلال مع مواقف سياسية تتبع مصالحها المباشرة، وتساعدها في السيطرة على قطاع غزّة وحكمه بآلية لا تراها كاتبة هذ السطور عادلةً في حقّ أهل القطاع، وفيها كثير من الاستبداد (وهو رأي الكاتبة بخصوص الطريقة التي تحكم بها السلطة الفلسطينية الضفّة الغريبة، أو طريقة أيّ نظام حكم عربي لبلاده).
(3)
تعطي بعض المواقف السورية والعربية المُرحّبة باغتيال هنيّة (لأنّه إسلامي) المشروعية لعمليات الاغتيال السياسي كلّها، التي يقوم بها أيّ طرف ضدّ مُعارِضيه، سواء أكانت إسرائيل، صاحبة التاريخ الأسود في هذه العمليات، أم أولئك الذين يدّعون معارضتها من الأنظمة، وبعص حركات “المقاومة”، ممّن تاريخهم لا يقلّ سواداً عن إسرائيل. وهذا الترحيب أيضاً يصبّ في صالح الأنظمة والحركات كلّها، التي لديها فائض قوّة لتستعرضه ولتستبيح المواثيق الدولية السياسية كلّها، وتقتل وتغتال من تشاء وقتما تشاء، من دون أن يعاقبها أحد. وطبعاً، مرّة أخرى، إسرائيل هي الأكثر احترافاً لهذه النوع من الاستباحة والاستعراض.
(4)
ينسى هؤلاء، ومعظمهم معارضون لأنظمتهم، أنّ هذه الأنظمة ما كانت لتوجد أو لتبقى لولا الدعم الكامل من إسرائيل لها، ولولا تنسيقها الأمني والاستخباراتي مع إسرائيل، وما التهافت للتطبيع والترحيب بتبييض سمعة الآنظمة المجرمة، وإنقاذ الأنظمة الفاشلة سياسياً واقتصادياً، سوى مُؤشر واضح ومباشر لدور إسرئيل في ما يحدث كلّه من كوارث عربية. إسرائيل هي العدو الأول، وبوجودها لا سبيل لأيّ شعب عربي أن ينال حقّه في الحرية والعدالة
مقارنة بين الدساتير السورية لأعوام 1950 و1973 و 2012
– اعداد مكتب الدراسات والتوثيق بهيئة التنسيق الوطنية (29\12\2015) –
1-في التشابهات:
أكد كل دستور على :
دين رئيس الجمهورية الاسلام.
الفقه الاسلامي هو المصدر الرئيس للتشريع.
وكفلت الدولة للمرأة جميع الفرص التي تتيح لها المساهمة الفعالة والكاملة في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية في المادة (45) من دستور عام 1973 وكذلك في المادة (23) من دستور عام 2012.
يرد في القسم: ” أن أعمل لتطبيق وحدة الأقطار العربية ” 1950. ” أن أعمل و أناضل لتحقيق أهداف الأمة العربية في الوحدة والحرية والاشتراكية ” 1973. ” أن أعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية و وحدة الأمة العربية ” 2012.
أكد كل دستور على:
إلزامية التعليم ومجانيته، تحديد ساعات العمل وكفالة الدولة لحق المواطنين بالعمل وتحسين شروطهِ والضمان الاجتماعي والصحي. وعلى التنظيم النقابي وينص على الضريبة التصاعدية وعلى أن القانون يعين كيفية حيازة الملكية الخاصة والتصرف بها بحيث تؤدي وظيفة اجتماعية ولا يجوز استخدامها بشكل يتعارض مع المصلحة العامة.
مبدأ الاستملاك و مبدأ ملكية الدولة للثروات الطبيعية الباطنية والسطحية معينةً بنود دستورية. ويحق للدولة التأميم بتعويض عادل. القانون يعيّن الحد الأعلى لحيازة الأراضي.
2- في الاختلافات:
الحريات:
في دستور عام 1950 المادة 10:
لا يجوز تحري أحد أو توقيفه إلا بموجب أمر أو قرار صادر من السلطات القضائية أو إذا قبض عليه في حالة الجرم المشهود أو بقصد إحضاره إلى السلطات بتهمة ارتكابه جناية أو جنحة.
في دستور عام 1973 المادة 28:
لا يجوز تحري أحد أو توقيفه إلا وفقاً للقانون.
في دستور عام 2012 المادة 36:
الحياة الخاصة حرمة يحميها القانون.
في دستور عام 1950 المادة 12:
المساكن مصونة لا يجوز دخولها أو تفتيشها إلا في حالة الجرم المشهود أو بإذن من صاحبها أو بموجب أمر قضائي.
في دستور 1973 المادة 31:
المساكن مصونة لا يجوز دخولها أو تفتيشها إلا في الأحوال المبينة في القانون.
في دستور 2012 المادة 36:
المساكن مصونة لا يجوز دخولها أو تفتيشها إلا بأمر الجهة القضائية المختصة في الأحوال المبينة في القانون.
في دستور عام 1950 المادة 18:
للسوريين حق في تأليف الأحزاب السياسية على أن تكون غاياتها مشروعة ووسائلها سلمية وذات نظم ديمقراطية وينظم القانون طريقة إخبار السلطة الإدارية بتأليف الأحزاب ومراقبة مواردها.
في دستور عام 1973 المادة 26:
لكل مواطن حق الإسهام في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية وينظم القانون ذلك.
في دستور 2012 المادة 45:
حرية تكوين الجمعيات و النقابات على أسس وطنية و لأهداف مشروعة و بوسائل سلمية مكفولة وفقاً للشروط و الأوضاع التي يبينها القانون.
في دستور 1950 المادة 15:
الصحافة والطباعة حرتان ضمن حدود القانون.
في دستور عام 1973 المادة 38:
لكل مواطن الحق في أن يعرب عن رأيه بحرية وعلنية بالقول والكتابة وكافة وسائل التعبير الأخرى و أن يسهم في الرقابة والنقد بما يضمن سلامة البناء الوطني والقومي ويدعم النظام الاشتراكي وتكفل الدولة حرية الصحافة والطباعة والنشر وفقاً للقانون.
في دستور 2012 المادة 43:
تكفل الدولة حرية الصحافة والطباعة والنشر و وسائل الإعلام واستقلاليتها وفقاً للقانون.
مجلس النواب:
في دستور عام 1950 المادة 59:
لا يجوز لمجلس النواب التخلي عن سلطته التشريعية المادة 41، 42. يجب اجراء الانتخاب العام خلال الأيام الستين التي تسبق انتهاء مدة المجلس فإن لم يكن الانتخاب قد تم عند انتهاء المجلس أو تأخر لسبب من الأسباب يبقى المجلس قائم حتى انتخاب مجلس جديد ويعتبر في حالة انعقاد دائم.
في دستور 1973 المادة 58:
تجري الانتخابات خلال الأيام التسعين التي تلي تاريخ انتهاء مدة مجلس الشعب ويعود إلى الانعقاد حكماً إذا لم ينتخب غيره ويجتمع بعد انقضاء التسعين يوماً ويبقى قائماً حتى يتم انتخاب مجلس جديد.
في دستور 2012 المادة 62 مثل دستور 1950:
تجري الانتخابات خلال الأيام الستين التي تسبق تاريخ انتهاء ولاية المجلس و يستمر الانعقاد حكماً إذا لم ينتخب غيره و يبقى قائماً حتى يتم انتخاب مجلس جديد.
السلطة التشريعية:
دستور 1950 المادة 35:
يتولى السلطة التشريعية مجلس النواب المنتخب انتخاباً عاماً و سرّيّاً و مباشراً و متساوياً وفقاً لأحكام قانون الانتخاب.
دستور 1973 المادة 50:
يتولى مجلس الشعب السلطة التشريعية على الوجه المبين في الدستور لكن في نفس الدستور تقول المادة 111:
يتولى رئيس الجمهورية سلطة التشريع خارج انعقاد دورات مجلس الشعب على أن تعرض جميع التشريعات التي يصدرها على المجلس في أول دورة انعقاد و يتولى رئيس الجمهورية سلطة التشريع أثناء انعقاد دورات المجلس إذا استدعت الضرورة على أن تعرض التشريعات على المجلس في أول انعقاد. و تقول المادة 145:
إذا اعترض رئيس الجمهورية على دستورية قانون قبل إصداره يوقف إصداره إلى أن تبت المحكمة فيه خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ تسجيل الاعتراض لديها و إذا كان للقانون صفة الاستعجال وجب على المحكمة الدستورية أن تبت فيه خلال سبعة أيام. و المادة 112:
لرئيس الجمهورية أن يستفتي الشعب في القضايا الهامة و تكون النتيجة ملزمة و نافذة من تاريخ إعلانها ينشرها رئيس الجمهورية.
أما في دستور 1950 المادة 63:
إذا اعترض ربع أعضاء مجلس النواب على دستورية قانون قبل إصداره أو أرسله رئيس الجمهورية إلى المحكمة العليا بحجة مخالفته للدستور يوقف نشره إلى أن تصدر المحكمة العليا قرارها فيه خلال عشرة أيام و إذا كان للقانون صفة الاستعجال وجب على المحكمة العليا أن تبت فيه خلال ثلاثة أيام. إذا قررت المحكمة العليا أن القانون مخالف للدستور أعيد إلى مجلس النواب لتصحيح المخالفة الدستورية. فإذا لم تصدر المحكمة قرارها خلال المدة المحدودة وجب على الرئيس إصدار القانون.
في دستور 2012 المادة 55:
يتولى السلطة التشريعية في الدولة مجلس الشعب ويحق له الاعتراض عليها بقرار معلل خلال شهر من تاريخ ورودها إلى رئاسة الجمهورية فإذا أقرها المجلس ثانيةً بأكثرية ثلثي أعضاءهِ أصدرها رئيس الجمهورية.
-لا يوجد في أي دستور من الدساتير الثلاثة فترة زمنية محددة تلزم رئيس الجمهورية إصدار قانون أقره مجلس الشعب.
الترشح إلى رئاسة الجمهورية:
في دستور عام 1950 المادة 71:
انتخاب رئيس الجمهورية من قبل مجلس النواب بالتصويت السّرّي ويجب الفوز بأكثرية ثلثي مجموع النواب.
في دستور 1973 المادة 84:
يصدر الترشيح لمنصب رئاسة الجمهورية عن مجلس الشعب بناءً على اقتراح القيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي ويعرض الترشيح على المواطنين لاستفتائهم فيه.
في دستور 2012 المادة 85:
يدعو مجلس الشعب لانتخاب رئيس الجمهورية قبل انتهاء ولاية الرئيس القائم في مدة لا تقل عن ستين يوم ولا تزيد عن تسعين.
في دستور 1950 المادة 121:
يقسم رئيس وأعضاء المحكمة العليا أمام مجلس النواب في جلسة خاصة يحضرها رئيس الجمهورية.
في دستور 1973 المادة 134:
يقسم رئيس المحكمة الدستورية العليا وأعضاؤها أمام رئيس الجمهورية بحضور رئيس مجلس الشعب قبل توليهم عملهم.
في دستور 2012 المادة 145:
تطابق المادة السابقة في دستور 1973 و رقمها 134.
في دستور 1950 المادة 98:
الوزارة مسؤولة بالتضامن تجاه مجلس النواب عن السياسة العامة وكل وزير مسؤول عن وحده عن أعمال وزارتهِ.
في دستور 1973 المادة 71:
يتولى مجلس الشعب مناقشة سياسة الوزارة.
في دستور 2012 المادة 121:
رئيس مجلس الوزراء و نوابهِ والوزراء مسؤولون أمام رئيس الجمهورية وأمام مجلس الشعب.
القضاء:
في دستور 1950:
المادة 104: القضاء سلطة مستقلة.
المادة 123: يتألف مجلس القضاء الأعلى من سبعة أعضاء، رئيس المحكمة العليا و اثنين من أعضاء المحكمة العليا وأربعة من قضاة محكمة التمييز الأعلى مرتبة.
المادة 116: تؤلف المحكمة العليا من سبعة أعضاء ينتخبهم مجلس النواب من قائمة تحوي أربعة عشر اسماً ينتقي هذه القائمة رئيس الجمهورية.
المادة 119تنتخب المحكمة الدستورية العليا بأكثرية أعضاءها المطلقة رئيساً من أعضاءها.
في دستور عام 1973 :
المادة 139: تؤلف المحكمة الدستورية العليا خمسة أعضاء ويكون أحدهم رئيساً ويسميهم رئيس الجمهورية.
المادة 146: لا يحق للمحكمة الدستورية العليا أن تنظر في القوانين التي يطرحها رئيس الجمهورية على الاستفتاء الشعبي وتنال موافقة الشعب.
في دستور عام 2012:
المادة 141: تؤلف المحكمة الدستورية العليا من سبعة أعضاء على الأقل يكون أحدهم رئيس يسميهم رئيس الجمهورية بمرسوم.
المادة 148: لا يحق للمحكمة الدستورية العليا أن تنظر في دستورية القوانين التي يطرحها رئيس الجمهورية على الاستفتاء الشعبي وتنال موافقة الشعب.
المادة 149: ينظم القانون أصول النظر والبت فيما تختص به المحكمة الدستورية العليا ويحدد ملاكها والشروط الواجب توافرها في أعضاءها.
في دستور 1950:
المادة 72: مدة رئاسة الجمهورية خمس سنوات كاملة تبدأ منذ انتخاب الرئيس ولا يجوز تجديدها إلا بعد مرور خمس سنوات كاملة على انتهاء رئاسته.
المادة 85: لرئيس الجمهورية أن يحل مجلس النواب بمرسوم معلل متخذ في مجلس الوزراء.
المادة 86: رئيس الجمهورية مسؤول في حالتي خرق الدستور والخيانة العظمى وهو مسؤول أيضاً عن الجرائم العادية ولا يحاكم رئيس الجمهورية إلا أمام المحكمة العليا.
في دستور 1973:
المادة 85: ينتخب رئيس الجمهورية لمدة سبعة أعوام تبدأ من تاريخ انتهاء ولاية الرئيس القائم.
المادة 107: لرئيس الجمهورية أن يحل مجلس الشعب بقرار معلل يصدر عنه وتجري الانتخابات خلال تسعين يوم من تاريخ الحل.
المادة 91: لا يحاسب إلا في حالة الخيانة العظمى ويكون طلب اتهامه بناء على اقتراح من ثلث أعضاء مجلس الشعب بتصويت علني وبأغلبية ثلثي أعضاء المجلس بجلسة خاصة سرية ولا تجري محاكمته إلا أمام المحكمة الدستورية العليا.
في دستور 2012:
المادة 88: ينتخب رئيس الجمهورية لمدة سبعة أعوام ميلادية تبدأ من تاريخ انتهاء ولاية الرئيس القائم ولا يجوز إعادة انتخاب رئيس الجمهورية إلا لولاية واحدة تالية.
المادة 111: هي ذاتها المادة رقم 107 في دستور 1973.
المادة 117: هي ذاتها المادة 91 في دستور 1973.
الجيش والمؤسسة العسكرية:
في دستور عام 1950:
المادة 30: الجيش حامي الوطن وتنحصر مهمته في الدفاع عن الوطن وسلامته.
في دستور 1973:
المادة 11: القوات المسلحة ومنظمة الدفاع الأخرى مسؤولة عن سلامة أرض الوطن وحماية أهداف الثورة في الوحدة والحرية والاشتراكية.
في دستور 2012:
المادة 11: الجيش والقوات المسلحة مؤسسة وطنية مسؤولة عن سلامة أرض الوطن وسيادته الإقليمية وهي في خدمة مصالح الشعب وحماية أهدافه و أمنه الوطني.
القسم:
في دستور 1950: يقسم رئيس الجمهورية على أن يكون مخلصاً للنظام الجمهوري.
في دستور 1973: يقسم رئيس الجمهورية على تحقيق أهداف الأمة في الوحدة والحرية والاشتراكية.
في دستور 2012: يقسم رئيس الجمهورية على احترام النظام الجمهوري والعمل على تحقيق وحدة الأمة العربية.
السيادة:
في دستور 1950 المادة 2:
السيادة للشعب لا يجوز لفرد أو جماعة ادعاؤها. وتقوم السيادة على مبدأ حكم الشعب بالشعب وللشعب ويمارس الشعب السيادة ضمن الأشكال والحدود المقررة في الدستور.
في دستور 1973 المادة 8:
حزب البعث العربي الاشتراكي هو الحزب القائد في المجتمع والدولة ويقود جبهة وطنية تقدمية تعمل على حشد طاقات جماهير الشعب و وضعها في خدمة أهداف الأمة العربية.
في دستور 2012 المادة 2:
السيادة للشعب وجاء في المادة 8: يقوم النظام السياسي للدولة على مبدأ التعددية السياسية وتتم ممارسة السلطة ديمقراطياً عبر الاقتراع.
أهداف التعليم:
دستور 1950 المادة 27:
يهدف التعليم إلى انشاء جيل قوي بجسمه وتفكيره مؤمن بالله معتز بالتراث العربي.
دستور 1973 المادة 21:
يهدف الى انشاء جيل عربي قومي اشتراكي علمي التفكير مشبع بروح النضال من أجل تحقيق أهداف أمنه في الوحدة والحرية والاشتراكية.
دستور 2012 المادة 28:
يهدف الى انشاء جيل متمسك بهويته وتراثه وانتمائه و وحدته الوطنية
في أهمية استعادة النقاش حول “الهوية الوطنية”
شورش درويش
(المركز الكردي للدراسات)،12آب2024
https://nlka.net/archives/12224
شغلت موضوعة «الهوية» المتن العثماني المتأخر بين قائلين بوجوب صياغة هويّة عثمانية بمقدورها المحافظة على الوحدة الترابية وحماية «الدولة العثمانية الخالدة» على ما درج في الأدبيات الأخيرة لمفكّري بلاط عبد الحميد الثاني، وبين اتجاهات بدت الهوية لديها تأخذ مناحٍ قومية لاسيما مع الصعود القومي للنخب التركية والمتأثرة بالوهج القومي في أوروبا، والتبشير بهوية جديدة قادمة لاسيما بعد الحرب في البلقان. وبين الاتجاهين، كان ثمة فريق يحاول صياغة هوية عثمانية برأس لامركزي يحفظ لهويات الدولة الفرعية مقداراً من الاحترام والاعتراف ويوقف تالياً سيل التتريك في السلكين البيروقراطي والعسكري.
ولئن تأخّر انتاج هويّة عثمانية طبقاً لتصورات اللامركزيين ودخول بريطانيا وفرنسا على الخط، فإن فكرة انتاج هوية ذاتية أُجلت إلى ما بعد الحرب العالمية الأولى، لتستقرّ تركيا بعد أن تخطّت السلطنة والخلافة إلى الجمهورية على نمط شديد التمركز حول القومية التركية. وباتباعها سياستي «المجانسة والاستيعاب» نجحت تركيا الكمالية في الشطب على فكرة الدولة متعددة الإثنيات أو ذات الإثنيتين الرئيسيتين (التركية والكردية) على غرار الإمبراطورية المجرية النمساوية القابلة للاستعادة في إهاب جمهوريّ هذه المرّة. فبعد أن نجحت في تحييد الأرمن في وقت سابق، بقي السؤال الكردي أحد الموضوعات التي سعت الكمالية لحسم إجابتها عبر سياسة الإنكار والصهر والإبادة الثقافي
لم تجرِ تركيا تعديلات على مخيّلتها القومية لفكرة الوطن الجديد الخارج من عباءة معاهدة لوزان 1923. وتبعاً لذلك، صار النموذج التركي أحد وسائل المقايسة بالنسبة للنخب القومية العربية في العراق وسوريا، ذلك أن ما كان يُحدثه مصطفى كمال في تركيا، كان يتردد في سوريا والعراق. فبحسب صاحب سيرة مصطفى كمال، كلاوس كرايزر، فإن إلغاء الخلافة «لم يُحدث زلزالاً في أرجاء العالم الإسلامي؛ بل ازدادت شعبية أتاتورك في صفوف بعض القوميين والعلمانيين العرب». على هذا النحو، كان ثمّة تحفّز عربيّ لتشييد النموذج الخاص للدولة–الأمة. وكل ذلك رغم شكوى النخب القومية العربية من التقسيم الاستعماري، ما عزّز من حضور الأفكار الاتحاديّة التي تبلورت قبيل جلاء القوات البريطانية والفرنسية بعد أن تعطّلت المشاريع الوحدوية سحابة ربع قرن، لتعود وتنشط في أعقاب نهاية الحرب العالمية الثانية.
كان نصيب سوريا في مرحلة تصنيع هويتها الوطنية سيلاً من المشاريع العابرة للحدود: الهلال الخصيب طبقاً لرؤية الحزب السوري القومي الاجتماعي، أو مشروع الاتحاد مع الهاشميين على ما ذهب إليه سياسيو حزب الشعب، وكذلك التقارب مع مصر والسعودية طبقاً لهوى الحزب الوطني وهو ما تحقق في نهاية المطاف وانطوى على انفصالٍ دراميّ قاده عروبيون سوريون صدحوا للوحدة وعملوا لأجلها. قلّص الانفصال من حضور دمشق بوصفها «بيمونت العرب» على ما كانته بيمونت زمن غاريبالدي والوحدة الإيطالية، ما دفع العراق النشط قومياً لمنافسة دمشق في محاولة إنجاز هذه «المهمة الرسولية»، لاسيما مع صعود القوميين إلى السلطة في 8 فبراير/شباط 1963. لكن البعث «في تكوينه الإيديولوجي لا يحترم مصر»، على ما قاله المفكر السوري إلياس مرقص. وبالتالي، فإن وجهة الوحدة المقبلة بالنسبة للبعثيين بقيت محطّ جدل داخليّ، الأمر الذي جعل «سوريا المؤقّتة» تدخل في مرحلة طويلة من الانتظار، وهو ما انعكس على بناء هويتها الوطنية الذاتية بمعزل عن تحقّق الوحدة العربية وإن بشكل جزئي.
بطبيعة الحال، لم تشغل مسألة الهوية الوطنية الجماعات السياسية السورية. أو أقلّه، جرى الحديث عن سوريا خارج السياق العربيّ المتخيّل على استحياء، إذ إن ما اصطُلح على تسميتهم «آباء الاستقلال» لم يضعوا تصوّرات واضحة لسوريا المستقلّة كوطن نهائيّ، ومن المفارقة، أن أقدم الأحزاب «الوطنية»، وهما هنا حزب الشعب والحزب الوطني الخارجان من عباءة «الكتلة الوطنية»، كانا تعبيرين عن مصالح محليّة وتنافس جهويّ (حلب ودمشق). وبالتالي، لم يساهم الحزبان في رسم هويةً وطنية حالهم في ذلك حال الأحزاب الإيديولوجيّة التي نشطت هي الأخرى في تلك الفترة، إذ لا يشير اسم حزب الشعب بالضرورة إلى الشعب السوري، وكذا حال تسمية الحزب الوطني حيث لا يعني «الوطني» هنا الانتماء إلى سوريا على ما أشارت إليه سياساته العربية.
قد يكون من المنصف ألا يجري تحميل «النخبة الوطنية السورية» في الفترة القصيرة الواقعة بين الاستقلال 1946 والوحدة السورية المصرية عام 1958، والتي تخلّلتها مراحل انقلاب عسكري قطعت خيط الحكم المدني مراراً، وزر عدم التأسيس لهوية وطنية سورية، ذلك أن بناء الهوية فعل تراكمي يستند قبل كل شيء إلى وجود ندوة برلمانية نشطة وصحافة مستقلة ومستقرة، وإلى درجة من حضور أبناء الهويات الفرعية المطالبين بإدماج هويّاتها في هوية وطنية ينبغي الاشتغال عليها، وهو ما لم يكن متحققاً قبل تأسيس الحزبين القوميين الأوّلَين: الحزب الديمقراطي الكردي في 14 يونيو/حزيران 1957 والمنظمة الآثورية الديمقراطية في 15 يوليو/تموز 1957. ومن المهم أيضاً النظر إلى حكم الانفصال القصير بوجهه «العروبي» وتأثيرات ما بعد الناصرية عليه، ثم انقلاب حزب البعث عام 1963 بأنهما من العوامل الرئيسية المعطّلة لفُرص إدراج مسألة الهوية في حقل النقاش العام، وترسيخ «هوية سوريا العربيّة» كأمرٍ مسلّمٍ به غير قابل للجدل.
ساهم حزب البعث عبر أدبياته ودستوره في تكريس تصوّراته لهوية سوريا باعتبارها «جزءاً من الوطن العربي» وأن السوريين ما هم سوى «جزء من الأمة العربية»، وهو ما يتعارض حتى مع رؤية جمال عبدالناصر فيما خصّ القول بوجود «شعوب الأمّة العربية». والحال أن «الجزء السوري» بقي يبحث عن الالتصاق بشيء من «الكلّ العربي» خلال أكثر من ستين عاماً دون أن ينجح في مسعاه أو أن يبذل محاولة عقلانية للتخفيف من رطانة الشعارات الوحدوية غير القابلة للتنفيذ. وفي مقابل ذلك، حال التحديد الحاد لصورة سوريا المتخيّلة، العربيّة، دون إحياء نقاشات الهوية. وباتباع مقياس الأكثرية والأقلية، غدت هوية سورية عربية، وإسلامية حتى درجة ما وفق التصريف الدستوري، الأمر الذي استبعد الكرد والسريان الآشوريين من دائرة الشراكة المؤسسة للكيان السوري واعتبار ثقافاتهم الفرعية روافد حية للثقافة السورية. وبالمثل، نُظر إلى الأرمن والشركس على أنهم ضيوف أبديون رغم حلولهم في سوريا قبل تأسيس الكيان السوري. وإذا كان الأرمن والشركس، بعكس الكرد والسريان، جماعات أهلية غير متطلّبة، فإن اعتبارهم قطعاً من المركّب الثقافي السوري لم يدخل في حيّز النقاش العام حتى اللحظ .
والحال، أن التهتّك المتواصل للنسيج المجتمعي السوري منذ مارس/آذار 2011 فصاعداً، أعاد شيئاً من أهمية التفكير في طبيعة الهوية السورية. غير أن الجهد النظري المبذول في هذا السياق مازال يخضع لعدة مؤثّرات سلبية من بينها اعتبار إعادة التفكير في الهوية وسياساتها ترفاً فكرياً ومحاولة لتعيين جنس الملائكة في بلد محطّم، أو ترحيل النقاش إلى حين إقامة برلمان منتخب بمقدوره رسم ملامح الهوية الوطنية مع ما ينطوي عليه الأمر من مخاوف حكم الأكثرية بمعناه القومي والديني. ولعل هذا التبريرات وسواها، تعكس أزمة تضاف لقائمة الأزمات السياسة في سوريا
التيارات السياسية السورية
– محمد سيد رصاص-
– – المركز الكردي للدراسات،9آب2024 –
– https://nlka.net/archives/12219
– في عام 1924، ولد الحزب الشيوعي في سوريا ولبنان. وفي عام 1928، ولد حزب الكتلة الوطنية، وهو تجمع وطني عام له طابع ليبرالي يشبه حزب الوفد في مصر وحزب المؤتمر الوطني الهندي. كانت هذه الظاهرة لافتة، أي أن تكون الماركسية الشيوعية والليبرالية أولى مواليد الحياة السياسية السورية. في الثلاثينيات، بدأت ملامح جنين التيار العروبي ولكنه لم يولد مولوده الأول سوى عام 1947 مع حزب البعث العربي. وفي الثلاثينيات، ولد تيار قومي غير عروبي هو الحزب القومي السوري الاجتماعي. في عام 1946، تأسس الفرع السوري لجماعة الإخوان المسلمين. في عام 1957، ولد أول حزب كردي سوري هو الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا. في عام 2003، ولد حزب الاتحاد الديمقراطي- PYD ليكون ظاهرة جديدة في الحياة السياسية السورية من خلال طرحه فكرة الأمة الديمقراطية التي هي، فكرياً، خارج نطاق فكرة الأمة العربية والأمة الكردية والأمة السورية.
أنتجت كل الأحزاب المذكورة أعلاه تيارات سياسية: ماركسية شيوعية، ليبرالية، قومية سورية، إسلامية، عروبية، قومية كردية، وكذلك تيار الأمة الديمقراطية. اقتصرت بعض تلك التيارات على حزب واحد أصبح الممثل الوحيد لتياره مثل حزب الاتحاد الديمقراطي، فيما ظل الحزب الشيوعي حتى عام 1972 الممثل الحزبي الوحيد للتيار الماركسي الشيوعي قبل أن ينشق إلى حزبين. ثم جاء فصيل جديد إلى هذا التيار عام 1976 هو رابطة العمل الشيوعي الذي تحول إلى حزب العمل الشيوعي عام 1981. كذلك، ظلت جماعة الإخوان المسلمين الممثل الوحيد للتيار الإسلامي حتى انشقاقها عام 1970 إلى ثلاثة أجنحة. في النصف الثاني من الأربعينيات، انشقت «الكتلة الوطنية» وماتت بفعل تأسيس حزبين ليبراليين من رحمها هما الحزب الوطني ويتركز في دمشق وحزب الشعب ويتركز في حلب. وفي عام 1952، اتحد حزب البعث العربي مع الحزب العربي الاشتراكي الذي أسسه أكرم الحوراني عام 1950 ليصبح الاسم حزب البعث العربي الاشتراكي، قبل أن ينشقا عام 1962 ويذهب الحوراني إلى تأسيس حركة الاشتراكيين العرب، وهو ما توازى مع نشوء أحزاب عروبية مثل حزب الوحدويين الاشتراكيين عام 1961 في فترة ما بعد انفصال الوحدة السورية- المصرية في سبتمبر/أيلول 1961، ومن ثم الاتحاد الاشتراكي العربي عام 1964، وهو أول حركة سياسية سورية ناصرية تحولت في نهاية الستينيات لتحمل اسم حزب الاتحاد الاشتراكي العربي، قبل أن ينشق عنه التنظيم الشعبي الناصري بزعامة رجاء الناصر عام 1978 ليعود بعدها إلى صفوف الاتحاد الاشتراكي العربي في 1990. وفي 1965، انشق «البارتي» السوري بفعل انشقاق 1964 الذي وقع في العراق داخل الحزب الديمقراطي الكردستاني بين قيادة الملا مصطفى البارزاني وجناح إبراهيم أحمد- جلال الطالباني، ليتجسد الانشقاق سورياً في ما سمي «اليمين» بقيادة عبدالحميد درويش، وكان أقرب لأحمد والطالباني، وبين «اليسار» الموالي للبارزاني بقيادة عثمان صبري. ومن هذين الجناحين المنشقين، حدثت ولادات متسلسلة للأحزاب القومية الكردية طوال نصف قرن لاحق من الزمن. ويمكن تسمية كل منهما بتيار منفصل، ولو أن ظاهرة عبدالحميد درويش ومحي الدين شيخ آلي، سكرتير حزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا «يكيتي»، كخط وسطي ثالث بين هذين التيارين حدث مستقل في القضايا السورية والكردستانية، خاصة في صراعات الطالباني والبارزاني. من اللافت للنظر تغيير المرحوم عبدالحميد درويش، عام 1976، اسم الحزب إلى «الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا». ومن اللافت للنظر أيضاً أن تأسيس «الحزب الديمقراطي الكردستاني- سوريا» عام 2014 كاندماج بين «البارتي» وجناحين من «حزب آزادي» مع «يكيتي» كسر معادلة 1965 حينما اندمجت تفرعات من التيارين المنشقين. وكان تأسيس المجلس الوطني الكردي أواخر أكتوبر/تشرين الأول 2011 تعبيراً عن تأسيس معادلة جديدة في الوسط الاجتماعي السوري الكردي بين «المجلس»، الذي دخل الائتلاف الوطني المشكّل عام 2012 تحت رعاية الأتراك، وبين «PYD» الذي ظل حتى 7 يناير/كانون الثاني 2016 ضمن «هيئة التنسيق الوطنية» التي انسحب منها في ذلك التاريخ بعد شهر من تأسيس «مجلس سوريا الديمقراطية- مسد». ومن اللافت للنظر كذلك أن «الحزب التقدمي» انسحب من المجلس الوطني الكردي في 2015.
فيما يخص الانتقالات العابرة بين التيارات السياسية، كانت ظاهرة انتقال عروبيين في أحزاب قومية عروبية إلى التيار الماركسي في فترة ما بعد هزيمة حرب 1967 أمراً لافتاً للنظر، حيث كان تأسيس «الحلقات الماركسية» التي ولدت منها رابطة العمل الشيوعي نتيجة هجرات انتقالية أيديولوجية نحو الماركسية مارسها العديدون من حركة الاشتراكيين العرب (فاتح جاموس- أكرم البني ) ومن «حزب البعث – 23شباط» (عبد العزيز الخيّر- عصام دمشقية) ومن حركة القوميين العرب (زياد مشهور- عبدالملك عساف- عبدالقهار سعود). ولم تقتصر هذه الظاهرة على السوريين بل شملت عديدين في حركة القوميين العرب ممن اتجهوا نحو الماركسية، وتضمنت أسماء من وزن جورج حبش ومحسن إبراهيم وعبدالفتاح إسماعيل. وكان «حزب البعث اليساري» أول من بدأ بهذه الهجرة من العروبة إلى الماركسية حيث انشق عام 1964 عن حزب البعث، وهو ما قاد عام 1965 إلى تأسيس حزب العمال الثوري العربي بزعامة ياسين الحافظ. وفي بداية القرن الحالي، حدثت انتقالات من التيار الماركسي الشيوعي نحو تيار جديد يمكن تسميته بـ«الليبرالية الجديدة»، وهي غير ليبرالية حزب الشعب والحزب الوطني، إذ ماتت سورياً في فترة ما بعد 8 مارس/آذار 1963، وشملت معظم تلاميذ ياسين الحافظ وقيادات شيوعية مثل رياض الترك الذي أسس عام 2005 حزب الشعب الديمقراطي ومن ثم «إعلان دمشق». كما شملت هذه الانتقالات قيادات من حزب العمل الشيوعي، مثل أصلان عبد الكريم وأكرم البني وعصام دمشقية، وأسماء وكوادر من الحزب الشيوعي، جناح خالد بكداش، مثل عبدالرزاق عيد.
وفيما يخص انشقاق التيارات السياسية إلى أحزاب أو حركات سياسية متصارعة، أتت ظاهرة انشقاق «الكتلة الوطنية» بين عامي 1947و1948 إلى حزبين ليبراليين (الحزب الوطني وحزب الشعب) متنافسين مناطقياً (دمشق وحلب) تتوزعهما ولاءات إقليمية متباعدة للدمشقيين مع القاهرة والرياض وللحلبيين مع الهاشميين المدعومين من بريطانيا في مشروعهم لتأسيس «الهلال الخصيب». وفي فترة 1962-1964، انشق التيار العروبي بين المدارين البعثي والناصري، وسال الدم بينهما في 18 يوليو/تموز 1963 حينما قام العقيد جاسم علوان بمحاولته الانقلابية المدعومة من القاهرة ضد البعثيين الذين أمسكوا لأربعة أشهر خلت بمراكز القرار السوري. وكان لافتاً للنظر أن رموزاً بعثية كانت ضمن المؤسسين لـ«الاتحاد الاشتراكي» في يوليو/تموز 1964. بعد المؤتمر القومي السادس في أكتوبر/تشرين الأول 1963، انشق المتمركسون عن البعث بزعامة ياسين الحافظ وعلي صالح السعدي وحمدي عبد المجيد. وفي 23 فبراير/شباط 1966، انشق حزب البعث بين الجناح القطري (صلاح جديد) والجناح القومي (ميشيل عفلق ومنيف الرزاز)، ثم حسم الصراع في حزب البعث بين عامي 1968 و1970 لصالح وزير الدفاع السوري حافظ الأسد ضد صلاح جديد وأنصاره في حزب البعث بدمشق، فيما مال البعثيون العراقيون بعد وصولهم للسلطة عام 1968 إلى الجناح القومي. أيضاً، كان الحزب الشيوعي السوري ولّاداً بعد انشقاقه عام 1972 لأحزاب شيوعية عديدة: الحزب الشيوعي- بكداش، والحزب الشيوعي- المكتب السياسي. ثم ولد من جناح بكداش أحزاب عديدة، مثل الحزب الشيوعي- منظمات القاعدة عام 1979، والحزب الشيوعي- يوسف فيصل عام 1986، قبل أن يتحد الأخير عام 1991 مع منظمات القاعدة ويؤسّسا الحزب الشيوعي الموحد، ثم «تيار قاسيون» عام 2001 بقيادة قدري جميل. وقاد إنشاء رياض الترك عام 2005 لحزب الشعب الديمقراطي إلى حركة مضادة عند كوادر عديدة في الحزب الشيوعي- المكتب السياسي كان رأيها الإبقاء على اسم الحزب وفكره الماركسي مع رفضها لمراهنة الترك على عامل التغيير من الخارج بعد مجيء الأميركيين إلى العراق وطرحه نظرية <<الصفر الاستعماري>>
أما فيما يخص علاقات التيارات السياسية ببعضها البعض، نجد أن علاقات الحزب الشيوعي مع الكتلة الوطنية كانت وفاقية في فترة 1936-1947. وكان لافتاً للنظر هذا الوئام بين الشيوعيين والليبراليين، مع عداء عند الشيوعيين آنذاك للقوميين السوريين والعروبيين. في عامي 1955و1956، تباعد الحزب الوطني مع حزب الشعب وتخاصما بسبب حلف بغداد. وبفعل ذلك، تقرّب من حزب البعث الذي تقرّب من جمال عبدالناصر المتخاصم مع نوري السعيد في بغداد ومن ورائه البريطانيين. وشكًل الحزب الوطني والبعثيون ثالوثاً مع الشيوعيين، الذين تقرّبوا من العروبيين بحكم اقتراب عبدالناصر من موسكو منذ صفقة الأسلحة التشيكية في 1955. كان صعود قوة الحزب الشيوعي السوري في 1957 دافعاً للتفكير عند قادة بعثيين مثل الحوراني أو قادة يمينيين مثل صبري العسلي وفارس الخوري للذهاب في 1958 إلى وحدة مصر وسوريا لأنها «الطريقة الوحيدة لصد زحف الشيوعية إلى البلاد» وفق تعبير فارس الخوري لباتريك سيل (الصراع على سورية، دار الأنوار، بيروت 1968، ص423). اشتعلت النار في العراق بين العروبيين والشيوعيين بعد 14 يوليو/تموز 1958. وترجم ذلك في دمشق والقاهرة عبر اعتقال الشيوعيين السوريين والمصريين في ليلة رأس سنة 1959 وخصام عبدالناصر ونيكيتا خروتشوف الذي توازى مع اقتراب القاهرة من واشنطن واتفاقهما على تولية فؤاد شهاب رئيساً للبنان في خريف 1958 واتفاقهما ضد نظام عبدالكريم قاسم في بغداد، حتى اشتراكهما في دعم وتخطيط الجهد الانقلابي الذي أطاح به في 8 فبراير/شباط 1963. كان أحد ترجمات ذلك هو تأييد الحزب الشيوعي السوري لحكم الانفصال واقترابه من جديد من ليبراليي الحزب الوطني وحزب الشعب ضد العروبيين. ومع زيارة خروتشوف لمصر في مايو/أيار 1964 وطرح سوسلوف قبل ذلك بثلاثة أشهر نظرية «التطور اللارأسمالي» التي تدعو لتعاون الشيوعيين مع ما أسمي آنذاك «الديموقراطيون الثوريون»، وقصد بهذا المصطلح عبد الناصر وأحمد بن بيللا وحزب البعث وجواهر لال نهرو في الهند، عاد التقارب بين القاهرة وموسكو وعاد معه التقارب بين الشيوعيين والعروبيين في القاهرة (حل التنظيمات الشيوعية وانضمام أفرادها للاتحاد الاشتراكي) وبغداد (خط أغسطس/آب 1964 عند الشيوعيين العراقيين) ودمشق (دخول وزير شيوعي للوزارة بصفته الشخصية عام 1966وعودة خالد بكداش لدمشق بنفس العام). وفي مايو/أيار 1968 عندما تشكلت «الجبهة القومية الوطنية» ضد نظام 23 شباط 1966، وضمت الاتحاد الاشتراكي والبعث القومي وحركة الاشتراكيين العرب وحزب العمال الثوري العربي، رفض بكداش الدعوة للانضمام إليها، بينما كان مصير جمال الأتاسي الاعتقال، لكنهما أيدا حركة 16 نوفمبر/تشرين الثاني 1970 التي أطاحت بنظام 23 شباط 1966، وشارك في تأييدها إسلاميون مثل عصام العطار وأمين يكن.
هنا، كان الموقف من نظام حافظ الأسد أحد أسباب انشقاق الحزب الشيوعي عام 1972. وفي عام 1973، انسحب حزب الاتحاد الاشتراكي من «الجبهة الوطنية التقدمية» بسبب المادة الثامنة في دستور 1973 التي تقول بأن «حزب البعث هو القائد للدولة والمجتمع». وعندما انسحب الحزب الشيوعي- المكتب السياسي من «الجبهة الوطنية التقدمية» مطلع 1976، شكّل ذلك أساساً للقاء رياض الترك وجمال الأتاسي الذي ولد منه «التجمع الوطني الديمقراطي» أواخر عام 1979 بالتشارك بينهما مع حزب العمال وحركة الاشتراكيين العرب وبعث 23 شباط. واجتمعت هذه الأحزاب والحركات الخمس على مقولة «الديمقراطية» وطلاقها مع مفاهيم سادت لديها منذ عام 1964 مثل «التطور اللارأسمالي» و«الديمقراطية الثورية» و«الديمقراطية الشعبية»، إضافة إلى شيء جديد قام به «التجمع» وهو طرحه لبرنامج ديمقراطي تغييري وليس إصلاحياً مع سكوته عن عنف الإسلاميين في أحداث 1979-1982 السورية. هذا العنف الذي قاد إلى توحيد أجنحة الإسلاميين الثلاثة: التنظيم العام، تنظيم الطلائع بقيادة العطار، وتنظيم الطليعة في نهاية عام 1980، فيما كان تأسيس «التحالف الوطني» بين جماعة الإخوان المسلمين وبعث العراق وحركة الاشتراكيين العرب في مارس/آذار 1982 سبباً في انسحاب تنظيم الطليعة وانشقاقه عن جماعة الإخوان، وهو انشقاق كان بذرة لتأسيس تيار سياسي جديد هو السلفية الجهادية الذي نظّر له سوريون مثل أبو مصعب السوري الذي تعاون مع أسامة بن لادن وأيمن الظواهري في تنظيم القاعدة بالتسعينيات ثم كان ملهماً لأبو مصعب الزرقاوي.
أيضاً، في ربيع 1998، حاول جمال الأتاسي، بالتعاون مع قياديين في الحزب الشيوعي- المكتب السياسي مثل عبدالله هوشه ومازن عدي وأشخاص قريبين من الحزب مثل ميشيل كيلو، طرح مشروع لتوحيد «التجمع الوطني الديمقراطي» وتحويله إلى حركة سياسية واحدة بدلاً من كونه تحالف أحزاب منذ 1979. ولكن أغلبية الجسم الحزبي في الحزب الشيوعي- المكتب السياسي رفضت ذلك، وساعدها على ذلك رياض الترك الذي خرج من السجن أواخر مايو/أيار 1998. وكان رأي الترك أن «التجمع» على وشك الموت ويجب البحث عن تشكيل أوسع يكون على شكل تحالف وطني عريض يضم الإسلاميين والأحزاب الكردية وأحزاب «التجمع» لملاقاة متطلبات مرحلة سورية جديدة بحكم الوفاة المتوقعة للرئيس حافظ الأسد بسبب وضعه الصحي. وفعلاً منذ عام 1999، بدأت اتصالات مع الإسلاميين من خلال فرع الخارج في الحزب الشيوعي- المكتب السياسي ومع أحزاب كردية، وهو ما أنتج مؤتمراً عريضاً للمعارضة السورية بالخارج في لندن في أغسطس/آب 2002 ضم ممثلين عن الإسلاميين وعن الأحزاب الكردية وشخصيات ديمقراطية مستقلة إضافة لأحزاب «التجمع». وكان مؤتمر لندن النواة التي أنتجت «اعلان دمشق» في خريف 2005. ولكن الخلاف حول دور الخارج الأميركي في التغيير السوري أدى إلى ابتعاد ناصريي حزب الاتحاد الاشتراكي وماركسيي حزب العمل الشيوعي عن «إعلان دمشق» منذ أواخر عام 2007. وشكل الاتحاد الاشتراكي مع «تجمع اليسار الماركسي- تيم» نواة خط ثالث بالتشارك مع الحزب الديمقراطي الاجتماعي (يوسف سليمان) والحزب الديمقراطي الكردي «البارتي» بقيادة نصرالدين إبراهيم، علماً أن «تيم» ضم حزب العمل الشيوعي والحزب الشيوعي- المكتب السياسي والحزب اليساري الكردي وهيئة الشيوعيين السوريين و«التجمع الماركسي الديمقراطي- تمد». وكان الخط الثالث الرحم الذي ولدت منه «هيئة التنسيق الوطنية» في 2011 بالتشارك مع حزب الاتحاد الديمقراطي. ودعت الهيئة إلى رفض التدخل العسكري الخارجي وتسوية انتقالية تشاركية بين السلطة والمعارضة.
منذ الأزمة السورية في 2011، أصبحت استقطابات التيارات السياسية السورية في محورين: تحالف بين الإسلاميين في جماعة الإخوان المسلمين وليبراليي «إعلان دمشق» والقوميين الكرد في المجلس الوطني الكردي تجسّد في «الائتلاف»، ومحور آخر في «هيئة التنسيق الوطنية» ضم عروبيي حزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي وحزب البعث الديمقراطي وماركسيي «تيم»، ومعهما حزب الاتحاد الديمقراطي. وعارضت الهيئة دعوات «الائتلاف» (وقبله المجلس الوطني المشكّل عام 2011) للتدخل الخارجي والعنف المسلح المعارض. ولم يحصل الفراق بين الهيئة وحزب الاتحاد الديمقراطي إلا بعد فشلها في تأمين تمثيل للحزب في مؤتمر الرياض للمعارضة السورية أواخر 2015 بسبب معارضة أنقرة وصمت واشنطن عن ذلك.
خلال سنوات ثمان مضت، هزمت المعارضة الإسلامية المسلحة بدءاً من حلب في الشهر الأخير من عام 2016، وباع الأتراك بعد ذلك المسلحين الإسلاميين في الغوطة وشمال حمص وحوران مقابل الحصول على موافقة الروس على مناطق سيطرة تركية في جرابلس- الباب- إعزاز وفي مدينة عفرين ومنطقتها وفي خط تل أبيض- رأس العين (سري كانيه). ثم طفت على السطح مظاهر كثيرة على تباعد ليبراليي «إعلان دمشق» عن الإسلاميين. التقت «مسد» و«هيئة التنسيق الوطنية» على وثيقة 24 يونيو/حزيران 2023 ثم تباعدتا بسبب «العقد الاجتماعي» الذي وافقت عليه «مسد» أواخر العام الماضي. هناك تقارب بين الهيئة وحزب الإرادة الشعبية في مواضيع كثيرة. كما أن «مسد» وحزب الإرادة الشعبية وقّعا على وثيقة تفاهم في موسكو قبل عدة سنوات. إذا أضيف لذلك ظهور مجموعات سورية في عواصم أوروبية مختلفة قبل عدة سنوات، فإن هناك مؤشرات على أن المعارضة تتجه نحو معسكرين: معسكر الإسلاميين ومعسكر ديمقراطي يضم كل المعارضين السوريين الآخرين من غير الإسلاميين، وبحيث أن هناك نواة يمكن أن يتشكل منها قطب ديمقراطي في موازاة القطب الإسلامي في جسم المعارضة السورية، فالسؤال الآن: كيف يمكن استشفاف الاستقطابات القادمة للوحة السياسية السورية؟
لقراءة أعداد جريدة المسار اضغط هنا
