- الافتتاحية: هل هناك ثورة أم أزمة في سوريا؟
- الرأسمالية السورية وتنقلها بين موقفين
- التسوية والقوى المعرقلة
- خارطة طريق للمواجهة
- توزع النازحين السوريين في المناطق اللبنانية
- القانون الدولي والقانون المحلي – هيئة التحرير
- الهوية الوطنية الجامعة – حبيب حداد
الافتتاحية:
هل هناك ثورة أم أزمة في سوريا؟
هناك تعريفات عدة لمفهوم (الأزمة):
1- في “الويكبيديا” نجد التعريف التالي: “أي حدث يتجه نحو إحداث وضع خطر وغير مستقر مما يؤثر على الأفراد، أو مجمل المجتمع. الأزمة ذات تأثير سلبي على الأمن، والقضايا الأمنية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية والبيئية”.
2- يقدم الأكاديمي الدانماركي (بول سفينسون) تعريفين للأزمة السياسية:
A- “الأزمة السياسية ترتبط بالتحديات التي تواجه النظام السياسي بنوع ودرجة يمكن أن تهدد استمراره. هذا النظام. في هذه الحالة يعيش النظام السياسي حالة كامنة من التعطل أوالانحلال (BREAKDOWN)، وهذا التعطل أو الانحلال يمكن أن يظهر على السطح إذا لم يتغير النظام جذرياً في بنيته أو إذا لم تتغير البيئة المحيطة بالنظام”،
B- “الأزمة السياسية هي أشكال من الاحتجاج تصل إلى نطاق يهدد قدرة أصحاب المناصب في السلطة على حفظ النظام وقدرتهم على الاستمرار في ملء أدوار السلطة”.
3- مفهوم أنطونيو غرامشي للأزمة: “الأزمة تتشكل (أوتتكون- CONSIST)بدقة عند واقعة أن القديم يحتضر وأن الجديد لا يستطيع أن يولد”.
من الواضح أن هذه التعريفات الأربعة ل(الأزمة) تُعنى بحالة داخل معين في بلد محدد عند لحظة صراع سياسي بين طرفين أو عدة أطراف محلية.الصراع السياسي هنا يمكن أن يأخذ أشكال سلمية(مظاهرات- اضرابات- اعتصامات) أو شكل عنيف ضد السلطة القائمة.الأزمة هنا تتكون عندما لايستطيع أحد أطراف الصراع الانتصار، وعندما لايستطيع طرفا الصراع (أو أطرافه) الوصول إلى تسوية للصراع.
يمكن لتعريف غرامشي أن يدل على أن القديم عندما ينتصر فإن انتصاره لايعني حلاً للأزمة بل تسكينها أوتحويلها إلى كامنة عبر انتصاره الذي يكون بأشكال عنيفة عسكرية- أمنية محضة ، وفق تعريف سفينسون ل (الحالة الكامنة )، وبالتالي ستكون قابلة للإنفجار وتتظًهر على السطح في زمن “ما” لاحق.عند غرامشي انتصار الجديد على القديم يعني الحل للأزمة جذرياً، فيما التسوية عبر انتقال سياسي لنظام جديد يمكن أن يكون حلاً آخر للأزمة.
مفهوم غرامشي للأزمة يعني أن الأزمة ناتجة عن استعصاء توازني ناتج عن عدم قدرة أحد أطراف الصراع على الحسم وكسر التوازن، وبالتالي فالأزمة هي انسداد توازني في صراع”ما”، وهو ما يستمر ولا يمكن كسره حتى ولو مالت موازين القوى في هذا الميل أو ذاك، إلا أن هذا لايصل إلى الحسم أو الانتصار. يمكن للأزمة أن تصبح مركبة، مثل الأزمة السورية التي كانت داخلية حتى آب 2011 عندما أصبحت إقليمية مع تصادم أنقرة مع دمشق، ثم أصبحت دولية مع الفيتو الروسي في مجلس الأمن الدولي بيوم تشرين أول 2011، ثم كان هناك طابق رابع لمبنى الأزمة مع دخول تنظيمات دولية عابرة للحدود مثل (تنظيم القاعدة) الذي أعلن عن تنظيمه الفرعي السوري :”جبهة النصرة” في يوم 23 كانون الثاني 2012 والذي أصبح لاعباً رئيسياً في الصراع السوري، ثم (تنظيم داعش) الذي أعلن تأسيسه في 9 نيسان 2013 وكان محركاً رئيسياً للصراع السوري، ليس فقط داخلياً وإنما في كونه كان دافعاً نحو قلب نظرة أطراف الصراع الدولية والاقليمية للأزمة السورية.
الأزمة السورية كانت مركبة :داخلية- اقليمية- دولية- تنظيمات عابرة للحدود، وفي المسار المتحرك للأزمة، أمسك (الدولي) بمقود الصراع السوري، ونافسه (الاقليمي)، وخاصة أنقرة في فترة خلافها مع واشنطن وموسكو بفترة 2013-2016، على رسم مسار الأزمة السورية،ثم كان تعاون أنقرة وموسكو منذ 9آب2016عاملاً أساسياً في تحديد مسارات عسكرية بالأزمة السورية(الغطاء الروسي لأخذ الأتراك لشريط جرابلس – الباب آب 2016- شباط2017،سقوط شرق مدينة حلب من أيدي المعارضة المسلحة في كانون أول 2016، أخذ الأتراك لعفرين في كانون ثاني 2018،سقوط الغوطة الشرقية من أيدي المعارضة المسلحة في نيسان 2018، سقوط حوران من أيدي المعارضة المسلحة في تموز 2018 ،وأخذ الأتراك لشريط تل أبيض- رأس العين في تشرين أول 2019) ومسارات عسكرية- سياسية (مسار أستانة بين السلطة السورية وفصائل مسلحة معارضة منذ كانون ثاني 2017) ومسار سياسي، مثل مؤتمر سوتشي(كانون ثاني2018)الذي عملياً قاد إلى تسبيق (السلة الدستورية) على (سلة الحكم الانتقالي ) في محادثات جنيف بين السلطة والمعارضة تحت اشراف الأمم المتحدة.
يمكن أن تكون (الأزمة) نتاج (ثورة) أو (انتفاضة) أو (حرب أهلية).
مثلاً حصلت أزمة سلطة في روسيا بعد ثورة شباط1917 التي أسقطت الحكم القيصري من خلال ازدواجية السلطة بين سلطتين متنافستين هما (الحكومة المؤقتة برئاسة الأمير لفوف ثم كرنسكي) و(مجالس السوفيتات)التي نشأت مباشرة أيضاً بعد نجاح ثورة شباط.حسمت أزمة السلطة في ثورة أوكتوبر 1917 باسقاط الحكومة المؤقتة وتولي السوفياتات للسلطة .ثم بعد ثورة أكتوبر حصلت في روسيا 1917-1920 حرب أهلية.في سوريا ما بعد 18 آذار 2011 لاتوجد حرب أهلية،رغم وجود مناطق غير خاضعة لسلطة دمشق،مثل شرق الفرات وادلب – شمال حلب،حاولت إقامة سلطات موازية هناك. هنا لا يوجد تماثل مع الحالتين الانكليزية والروسية المشار إليهما.
لم تكن هناك ثورة في سورية ما بعد درعا 18 آذار 2011 إذا أخذنا تعريف الأكاديمي الأميركي تشارلز تيلي (1929-2008) للثورة، وهو الدارس الرئيسي لميكانيزمات الحركات الاجتماعية :”هي تحويل عنيف للسلطة عبر عملية صراع تتضمن على الأقل تكتلين واضحي المعالم من المتنافسين بمطالب، التي لا يمكن مزجها مع بعض في خليط واضح،من أجل السيطرة على الدولة عبر شرائح بارزة العدد من السكان تدعم مطالب المتنافسين”.ضمن آليات مصطلح (الثورة) عند تيلي يمكن إدراج (الانقلاب)و(الحرب الأهلية)و(التمرد).
هو يرى أن هناك انقلابات أنتجت ثورة في العلاقات الاقتصادية- الاجتماعية من حيث النتيجة ،مثل الانقلاب العسكري عام 1952 في مصر، وأن هناك حروب أهلية كانت نتيجتها ثورية مثل الحرب الأهلية في انكلترا1642-1649. أنتج تيلي في العلوم السياسية فرعاً جديداً هو (علم سياسة النزاعات)، وقد بدأ منذ الستينيات ،على ضوء الثورة الطلابية بفرنسة، بدراسة مسار الاضطراب الاجتماعي الفرنسي ليس من ثورة 1789 بل من ثورة 1830.أنتج تيلي كتابه :”من التعبئة إلى الثورة”،عام 1977، ليفتح مجالاً جديداً في علم السياسة.
طبعاً، مفهوم تيلي ل(الثورة) يتضمن حتى الثورات الفاشلة،مثل ثورة 1848 في فرنسا التي انتهت عام 1851 بانقلاب وديكتاتورية لويس بونابرت وحله للمؤسسة البرلمانية قبل اعلانه الإمبراطورية الثانية بالعام التالي، أو ثورة 1905 الروسية الفاشلة ضد الحكم القيصري. لم يكن لمن تحرك في المجتمع السوري بدءاً من يوم 18 آذار 2011 معالم كتلة واضحة المعالم ولم يكن لها مطالب محددة تثبت عليها،حيث انتقلت من مطلب (الاصلاح)إ لى (التغيير) إلى (اسقاط النظام) في أربعة أشهر ثم في الشهر السادس بعد أيلول انتقلت نحو السلاح وطلب التدخل العسكري الخارجي.
ربما كان لثبات النظام في مواقعه ورفضه التنازل سبباً في ذلك، كما أن الاصطدام بالجدار المسدود يفسر الانتقال نحو السلاح،وجزئياً يفسر هذا الانتقال نحو العنف المعارض استعمال السلطة السورية للعنف ضد المتظاهرين السلميين. كانت الكتلة الموالية للنظام أكثر تبلوراً من حيث المعالم،وأكثر ثباتاً،وقد مشت وراء السلطة السورية بثبات ولفترة أصبح عمرها الآن دزينة من السنين.بالتوازي مع هذا لم يكن هناك قيادة واضحة للمعارضة السورية تستطيع الامساك بمقود الحركة الاجتماعية المعارضة وتكون هي مركز القرار وهي واضعة البرنامج .إذا انتقلنا للعدد المؤيد للحراك الاجتماعي المعارض فلايمكن مقارنته مع لندن 1642-1649 عندما كانت في ثورتها على الملك تمثل وحدها نصف مليون نسمة يقطن بالعاصمة لوحدها في بلاد يبلغ عد سكانها أربع ملايين ونصف.بالثورة الايرانية ضد الشاه كان مليون شخص في مظاهرة مدينة طهران بيوم عاشوراء المصادف يوم 11كانون أول 1978.
كان عدد سكان طهران يبلغ 4 ملايين و494ألف نسمة عام 1976. رغم لجوء الشاه لحل مغادرة البلاد مع تكليف شخصية معارضة برئاسة الحكومة ،هو شاهبور بختيار، فإن الشارع لم ينقسم بل ظل وراء الخميني الذي تحدى بختيار بعد ثلاثة أيام من توليه منصبه بمظاهرة في يوم 19 كانون ثاني كان فيها ربع سكان طهران بالشارع ضد بختيار.كان الغرب واعياً لحدود قوة بختيار حيث وصفه دبلوماسي غربي بأنه “كرنسكي إيراني” الذي رأس الحكومة المؤقتة التي أسقطها لينين .في 11 شباط 1979 سقط بختيار وتولى الخميني السلطة .في روسيا 1917 كانت بتروغراد وموسكو وراء لينين في ثورة أكتوبر بكتلة عمالية يقودها الحزب البلشفي عبر جهاز هو (مجالس سوفييتات العمال والجنود)، والمدينتان تبلغان خمسة ملايين من أصل 150مليوناً مجمل عد سكان روسيا آنذاك.مع تحالف لينين مع الاشتراكيين الثوريين اليساريين عشية ثورة أكتوبر قام القائد البلشفي بتأمين قاعدة فلاحية قوية للثورة كانت ظهيراً مساعداً لانتصارها.
لا يمكن للحالة السورية عام2011أن تقارن بتلك الحالات الإنكليزية 1642-1649 ولا الروسية عام 1917 ولا الإيرانية بثورة 1978- 1979. وبالتالي، لا ينطبق على سورية ما بعد 18آذار2011 مصطلح الثورة.
يمكن للوقائع السورية أن ينطبق عليها مصطلح حراك اجتماعي معارض واسع متفرق من دون قيادة موحدة جرى في مناطق (حوران- ريف دمشق- ريف حلب) وفي مدن (درعا- حمص- ديرالزور) وفي بلدات محافظة إدلب.لم يشمل هذا الحراك المدينتين الكبيرتين دمشق وحلب،وكانت قاعدته الاجتماعية الرئيسية في الريف السني، وفي مدن مهمشة.
يمكن تسمية هذا الحراك ب(الانتفاضة) uprising أو insurrection، ولكن لم يكن لها قيادة واضحة، ولا مطالب واضحة،وأساليبها تبدلت بسرعة من مظاهرات سلمية إلى استعمال العنف المسلح، وفي الأشهر الستة الأولى لم تكن ذات طابع أيديولوجي واضح، ولكن منذ خريف 2011 غلب الطابع الاسلامي على الحراك السوري المعارض وهو ما ترافق مع استعمال العنف المعارض .
في الحالة السورية عام 2011 لا نجد وضعاً يتطابق مع الشروط الثلاثة اللازمة التي حددها تشارلز تيلي لنشوء ثورة:
- ظهور منافسين للسلطة يقدمون مطالب حصرية تحوي بديلاً ،
- التزامات كاملة بهذه المطالب،
- عجز الحكومة عن القمع .
هذا الحراك الاجتماعي السوري المعارض منذ يوم 18آذار2011أنتج أزمة سورية لها طوابق أربعة في مبناها:طوابق سورية- اقليمية- دولية- تنظيمات عابرة للحدود.يمكن لحالة التنظيمات العابرة للحدود، مثل (النصرة) و (داعش)، أن يضاف لها تنظيمات أتت من وراء الحدود لمساندة السلطة السورية في الصراع، مثل حزب الله اللبناني،وتنظيمات شيعية عراقية- أفغانية موالية لايران.الأزمة السورية من حيث قوة محركاتها الداخلية وتغذيتها الخارجية ومن حيث تأثيراتها على اقليم الشرق الأوسط ومن حيث تأثيراتها الدولية هي أكبر أزمة شهدتها العلاقات الدولية في فترة مابعد الحرب العالمية الثانية.
بالمقابل لا يوجد (حرب سورية) وإنما نزاع بين سلطة ومعارضة سوريتين،حيث ليس هناك من حرب سورية- سورية مادام لا يوجد حرب أهلية، وليس هناك حرب سورية من خارج على داخل، وبالطبع من داخل على خارج. هناك صراع على سورية وصراع في سورية بين الأطراف الدولية- الإقليمية المتصارعة والمتنازعة في الساحة السورية،والتي أحياناً تتلاقى مثل موسكو وواشنطن عبر تلاقياتهما في اتفاق موسكو بين جون كيري وسيرغي لافروف في 7 أيار 2013 التفعيل (بيان جنيف1)، الصادر في 30 حزيران 2012، ثم اتفاقهما حول السلاح الكيماوي السوري في 14 أيلول 2013، ثم اتفاقهما على القرار الدولي 2254 في 18 كانون أول 2015 الذي قاد إلى مسار جنيف التفاوضي بين السلطة والمعارضة السوريتين.
الرأسمالية السورية وتنقلها بين موقفين
تبلورت الحركة القومية المترسملة في أوروبا بفعل مسار تاريخي احتاج لفتح الأسواق وتوحيدها بهيكل سوقي قومي ، والآن نتجه بثورة العولمة نحو فتح الأسواق القومية ودمجها بسوق عالمية واحدة ، وهذا ما تشتغل عليه فئات أطلق عليها مصطلح البرجوازية العالمية .
في سوريا ، حصل تحديث للبنية الاجتماعية وفق نظام رأسمالية الدولة التي احتكرت التجارة وقسم هام من الصناعة الاستراتيجية والاستخراجية ، ومنذ السبعينات حصل إنفتاح جزئي بالعقارات سمح للعقاريين أن يتحركوا الى حد ما – متعلقة دراسة مداه بالخبراء الاقتصاديين – ، وتلاها بالتسعينات قرارات هامة انفتاحية ، ثم منذ 2005 وما بعدها حصل انفتاح قوي للاقتصاد السوري أو ما سمي بالإصلاح الإقتصادي ، الذي هو نهاية لرأسمالية الدولة بمداه الذي اخذه سابقا وصولا للسياسات النيوليبرالية المطروحة حاليا ( والتي يجرعونا اياها بهدوء وعلى خطوات ) ، التي تتماشى مع التوجهات الدولية لمؤسسات دولية ،اذا لم يكن رضوخا لها ، التي – وفق النتائج – لم يعني سوى سحب الدولة دورها الإجتماعي ، واحتكار مجموعة من الصناعيين والتجار ورموز السلطة وكبار البيروقراطيين آفاق العملية الاقتصادية . هذا التحول الخطير غير المبني على دراسات معمقة ومن غير إجماع وطني حقيقي ، بل تم فرضه بقوة السوق من جهة الرأسماليين ، وبقوة العنف والاستبداد من جهة السلطة ، ليشكل تحالفا تكتيكيا وجدارا حاميا أمام عواصف الانفجارات الاجتماعية .
يبقى السؤال الذي يطرح نفسه بقوة : هل الرأسمال المتوفر بأيدي اعضاء غرفة التجارة والصناعة بشكل عام من غير تخصيص ، قادر على الإنقلاب على الذي تبنى نشاطه وأفسح المجال الحيوي ليراكم رأسماله – المقصود السلطة – ؟ ، وبالتالي هل نحن في مرحلة هامة من تكون الطبقة من أجل ذاتها ؟ ، أم إن نشاط القوى الاقتصادية الرأسمالية لا تهيء المجتمع لتشكل مركز مضاد للسلطة كما حصل في انكلترا ؟ بالتالي يبقى الفصل التام بعقلية البرجوازي السوري بين نشاطه ودوره الاقتصادي وبين الخطوط الحمر – السياسة – ليكون ملحقا للسلطة ورموزها بدلا من أن يكون حاملا اجتماعيا للتغيير والبرنامج الديمقراطيين؟!
الى متى سيظل الرأسمالي السوري من غير دور سياسي فعال كما بعد الجلاء لنهاية الخمسينات ، و التي افتقده المجتمع السوري ؟ وماهو مستقبل الراسمالية السورية أمام السياسات الدولية التي تستبيح الإنتاج الوطني والسوق الوطنية ؟ وماهو الموقف المجتمعي المفروض إتخاذه من قبل القوى المحركة للعملية الاقتصادية من إعادة إنتاج الإستبداد الشمولي مجددا بعد هزيمة المعارضة الديمقراطية والسياسية ( المرتهنة ) بشكل عام ؟
هذا الواقع من اللازم والضروري البحث في شروط استمراره وإعادة إنتاجه وخطوطه وآفاقه وبالتالي شروط التغيير الديمقراطي ، خاصة مع تحضير السلطة لتأبيد علاقات الإستبداد والفساد غير عابئة – بسبب التمويل الروسي والصيني والايراني لها – بتأوهات المواطن السوري والمجتمع ككل ، حيث من الملاحظ إستقلالية السلطة عن المجتمع بسبب ما ذكر أعلاه .
متى ستتفكك المصالح بين الرأسماليين السلطويين والرأسماليين الملحقين ببرامجهم ؟ والى متى ستصمد قوى المحافظة مجددا امام ضرورات التغيير الداخلية ؟ خاصة مع تطور قوى الانتاج التي لم تعد علاقات الاستبداد الشمولية تناسب مستويات نضجها ؟! وإلى متى ستظل السلطة قادرة بأنماط انتاجها الشائخة والقديمة ، قادرة على إدخال سوريا في تدهور وأزمات خانقة !؟،تستفيد منها قوى السلطة في إطار سعيها لإعادة تركيب وتشكيل اللوحة الطبقية للمجتمع وفق ما تهوى ووفق ما يفرض عليها؟
التسوية والقوى المعرقلة
منذ بداية الأزمة السورية ، لم يكن أمام المجتمع من خيارات ايجابية سوى الحوار السوري السوري ، لانتاج صيغة عصرية للرابطة الوطنية بين أبناء الوطن الواحد ، لكن هذا الخيار جابهته السلطة من خلال حملتها القمعية بحق المتظاهرين ، متجاهلة الأزمة الشاملة التي يعاني منها المجتمع السوري ، بل الى حد ما لم تعترف بالأزمة الشاملة الناتجة عن الصيغة السياسية الحاكمة من جهة أولى ، وعن مفاعيل التشريعات والقوانين الذين يقتلان الحياة السياسية وتجعلها استكمالا لسياسات وتوجهات السلطة من جهة ثانية ، وعن الفساد الكبير التي يعاني المجتمع من مفاعيله من جهة ثالثة .
ومن جهة أخرى واجهته قوى الانتفاضة ، من خلال رفضها لدعوات عقد مؤتمر وطني عام ، يرسم سوريا المستقبل، ويضع اللبنات الأولى للجمهورية العربية السورية الثانية ، وبسبب عدم امتلاكها الوعي السياسي الكافي، انحدرت الانتفاضة نحو مسارات التدويل والتطييف والتسلح والتدخل والدعم الخارجيبن، وهذا كان من الممكن تجنبه لو كان هناك جسورا بين الأطراف السورية المتصارعة ، كما كان في سوريا ما بعد الجلاء لنهاية الخمسينات .
نحن كمجتمع نحتاج مجددا لانجاز تسوية للأزمة السورية وفق القرار الدولي2254وبمظلة دولية ، ولعقد مؤتمر انقاذ وطني يحاصر قوى الفساد والاستبداد والمحافظين ، كون الجميع قد تعب ودفع اثمان باهظة ، إن كان على مستوى الكتلة الاجتماعية المعارضة او الكتلة الاجتماعية الموالية والمترددة ،ولا يمكن الاستمرار في هذه الحالة الى ما لانهاية ، ويجب على قوى المجتمع أن تمد الجسور بينها ، وتشكل تحالفات واسعة ، وتدير الازمة بما يخدم بناء سوريا المستقبل ، وهذا ممكن في حال الاعتراف الندي من قبل الجميع بالجميع ، وأحقية الآخر في الوطن والمواطنة ، بغض النظر عن الموقف السياسي والثروة والنوع الاجتماعي والقومية والمذهب الديني .
يجب على المجتمع أن يتخذ موقفا جماعيا صارما ،بكتله الاجتماعية المختلفة ( التي تعاني من شظف العيش والقهر ) ، وتحديد نقاطع التقاطع والبناء عليها ، والا سيستمر الخارج في تدويله للدم السوري ، وامساكه بمفاتيح الحل للأزمة السورية ، بالتالي فقدان القرار الوطني المستقل ، وفقدان للقرار المعارض المستقل و الملتزم بقضايا الشعب والوطن .
من غير حوار شامل تشترك به المعارضة والسلطة والموالين لا يمكن الوصول لحل نهائي ،حيث تخطط السلطة لأربعون سنة اخرى من خلال اعادة انتاج العلاقات ماقبل 2011 ، مع مساحة محدودة من النشاط السياسي ، وهذا يتناقض مع المصالح المجتمعية ، كوننا نحتاج لدولة عصرية ونظام ديمقراطي تمثيلي ، لمواجهة التحديات الخارجية والداخلية ،والمشكلات والتغيرات الكبرى في العلاقات الدولية .
لسنا في حلم ، بل هذه الصيغة التوافقية قابلة للتنفيذ ، فقط من خلال حصار قوى الفساد والاستبداد في السلطة والموالاة والمعارضة ، لاعادة تشكيل الرابطة الوطنية بشكل عصري ، وبما يحفظ حقوق الانسان والحريات العامة والشخصية .
نعيش في مجتمع وبالتالي فأننا نتكمل مسؤولية تجاه المجتمع ، وكل حالات التطرف والارهاب والاستبداد والفساد الكبير الذين ظهروا خلال الأزمة هي نتاج العلاقات القائمة المبنية على الاستبداد ،والزعامة، واحتكار الحقيقة، والانتماءات ما قبل مدنية ،والافقار الشنيع، والطفيلية والبيرقراطية والوكالة السياسية عن قوى وشركات عالميين واحتكاريين .
إن الفئات التي تعارض غجراء تسوية وطنية هم من الفئات الطفيلية ،والمحافظين المستفيدين من الاستبداد بما فيهم البيروقراطيين في أجهزة الدولة ، وايضا الكومبرادور الذي يمثل مصالح وتوجهات دولية ، كون تحالف هذه القوى مع وجهاء المؤسسات الدينية يمثل قوة رجعية لا تريد حلا بل تريد استمرارا للازمة السورية ، كون غذائهم مبني على ممارسة الفساد والافساد في المجتمع وللمجتمع، بما يتعارض مع مصالح الأغلبية المفقرة من ابناء الشعب السوري ومصالح الراسماليين الليبراليين (الذين لم يشكلوا بعد قوة متحدة ومستقلة ) الذين في طريقهم للتبلور والتشكل كقوة سياسية قائدة للتغيير.
خارطة طريق للمواجهة
من المعلوم أنه عند محاربة عدو ما ، فإن هدف المناعة المجتمعية تأخذ راهنيتها ، وخاصة في مجابهة عدو كالعدو الصهيوني ، حيث يلاحظ بعد تفكك الاتحاد السوفيتي ، ومنذ السبعينات ، عندما بدأت رأسمالية الدولة تتجه بخطوات بطيئة أحيانا وصادمة وقوية أحيانا أخرى نحو اقتصاد السوق ، حيث يلاحظ ان تمتين البيت الداخلي اصبح هدفا ثانويا الى حد ما . ومن البديهي ان مهمة اصلاح الداخل في مواجهة الخارج، أن تكون في رأس المهمات ، والا في حال التغاضي المقصود عن هذا الموضوع سوف يؤدي لمسارات لا تحمد عقباها .
لذلك وانطلاقا من معادلات المواجهة مع العدو الصهيوني ، وادارة الصراع معه ، يستوجب على السلطة السورية أن تتخذ عددا من الاجراءات الهامة ، كون المواجهة مع العدو الصهيوني هي ذات طبيعة علمية وفكرية ، تستلزم فك القيود عن تطور قوى الانتاج ، وفتح الافق نحو تحرير قوى الانتاج الثقافي والمادي من هيمنة رأسمالية الدولة ، وهذا يتطلب اصلاح مفهوم الديمقراطية السائد ، وتدعيم العلاقات الديمقراطية بين أفراد المجتمع ، والتأسيس لفتح أفق قوى الانتاج في الانتاج العلمي والتقني والمعرفي ، من خلال اعادة صياغة العقد الاجتماعي وفق مصالح تطور قوى الانتاج ودرجة تطورها ذاته .
ولأن طبيعة المواجهة مع العدو الصهيوني تتشكل من خلال طابع المرحلة قوميا ووطنيا ،فإن خوض هذه المواجهة مرتبطة بدعم الصناعة والانتاج المحلي ،ومرتبطة بتحرير المجتمع من هيمنة السلطة ، كخطوتان أوليتان نحو بلورة مشروع تحرري وطني وقومي ، وبتحرير الفكر والادب التقدميين من قيود البيروقراطية السياسية للسلطة ، كون الأدب التقدمي والفكر الناقد والممنهح أساسيان لأي صياغة جديدة لمهمات التحرر الراهنة ودعم مشروع المواجهة مع العدو الصهيوني بكافة أشكاله .
فالديمقراطية هي أحد دعامات النظام المدني الديمقراطي ، وهي تشكل خطوات متقدمة نحو بناء مجتمع قادر على المجابهة بكل المجالات مع العدو الصهيوني ، فالديمقراطية تفتح الأفق السياسي التحرري ، وتضمن أوسع مشاركة وطنية في صنع القرار ، وأيضا اوسع مشاركة من القوى الوطنية والتقدمية في عملية المواجهة والمشاركة فيها ،وايضا عملية التخطيط لها ، لأن النظام الديمقراطي ذي البنية الراسمالية اجتماعيا ، يكرس حقوق المواطنة والانسان ، ويضع حدا لثقافة الاستسلام والعدمية السياسية والوطنية ، ويضمن خضوع الجهاز العسكري الأمني لمحكمة السلطة التشريعية ، حيث يسيطر المدني على العسكري ، ويوجه العسكري بما يخدم المصلحة الوطنية ، ويضع اللبنات الدعامية للتنمية الحقيقية الشاملة ،ويخطط جماعيا كقوى وتيارات وطنية لاستراتيجية المواجهة المتشعبة مع العدو الصهيوني .
إن العلم هو حجر الزاوية في المواجهة ، وهو العنصر الرئيسي لخوض معركة تحرر قومي ووطني ، ودرجة تطوره تشكل الطابع الذي يطبع مجتمع ما به ، ويحدد تشريعاته ودستوره ومستقبله وهوية حاضره ، لذلك فإن دعم العلم والعلماء والمؤسسات التربوية الخاصة والعامة ، ومراكز البحث العلمي الخاصة والعامة ايضا ، هو نبع تتدفق منه كل بنى المجتمع ليستطيع مواجهة عدو خارجي يقف له بالمرصاد .
أخيرا وباختصار : يمكن القول ان برنامج واستراتيجية المواجهة تتبلور من خلال :
-الديمقراطية السياسية التي تحارب العدمية وثقافة الانهزام والاستسلام ، وهي منطلق ايجابي لأي استراتيجية مواجهة .
– تحرير قوى الانتاج من هيمنة راسمالية الدولة ، ودعم الانتاجية العلمية والمعرفية ، كون دعم الخبرات والكفاءات الوطنية يساهم في انجاز تحولا شاملا لعلاقات الانتاج ، ولطبيعة الاقتصاد الوطني وقدراته ، وأيضا تطويره من خلال العملية الاقتصادية التي تدعم الابداع والاختراع والابتكار ، بما – بترابط التربوي مع العلمي – يطور الجهاز التربوي للمجتمع ليكون انعكاسا للتطوير والتنمية والتحديث ، وانعكاسا لضرورات المواجهة المتشعبة مع العدو الصهيوني .
هذان يشكلان منطلقات موضوعية ضرورية للمجابهة مع العدو الصهيوني، الذي يتخذ من العلم قوة منتجة جبارة في إدارة صراعه معنا نحن العرب وحركة التحرر في المنطقة والعالم.
توزع النازحين السوريين في المناطق اللبنانية
المجموع ٢،٠٤٨،٧١٣ نازح.
المصدر:
Statistics Lebanon
عكّار: ١٨٣،٤٧٨ (٨،٩٦٪)
المنية الضنيّة: ١١٣،٨٤٧ (٥،٥٦٪)
زغرتا: ٤١،٤١٠ (٢،٠٢٪)
طرابلس: ١٣٩،٩٠٥ (٦،٨٣٪)
كورا: ٢٦،٠٢٦ (١،٢٧٪)
بترون: ٣٩،٩٨٩ (٢،٩٥٪)
بشرّي: ٨٦١٦ (٠،٤٢٪)
البقاع الغربي: ٨٤،٤٨٩ (٤،١٢٪)
زحلة: ١١١،٥٧٧ (٥،٤٥٪)
راشيا: ٦٢،٢١٢ (١،٢٨٪)
بعلبك: ٣٠٠،٨٤٢ (١٤،٦٨٪)
هرمل: ١٤،٧٤١ (.،٧٢٪)
جبيل: ٥٤،١٠٣ (٢،٦٤٪)
كسروان: ٤٣،١٥٧ (٢،١١٪)
المتن: ١٥٤،٧٦٧ (٧،٥٥٪)
بعبدا: ١٢٦،٠٩٢ (٦،١٥٪)
عاليه: ٩٨،٩٣٣ (٤،٨٣٪)
الشوف: ١٨٥،١٧٠ (٧،٧٢٪)
جزين: ٢٥،١٦٧ (١،٢٣٪)
صيدا: ٧٩،٤١٥ (٤،٧٥٪)
صور: ٦٠،٧٥١ (٢،٩٧٪)
النبطية: ٤٩،٣٧٦ (٢،٤١٪)
حاصبيا: ٤٣٣٤ (.،٢١٪)
مرجعيون: ٩٦٦٧ (.،٤٧٪)
بنت جبيل: ١٥٦٥٩ (٠،٧٦٪)
بيروت: ٥٩،٩٩٠ (٢،٩٣٪)
القانون الدولي والقانون المحلي
(الجزء الثاني: من إعداد هيئة التحرير)
مسؤولية الدول
الحقوق الممنوحة للدول بموجب القانون الدولي تنطوي على مسؤوليات. الدول مسؤولة عن انتهاكات التزاماتها ، بشرط أن يكون الخرق منسوبًا إلى الدولة نفسها. الدولة مسؤولة عن الانتهاكات المباشرة للقانون الدولي – على سبيل المثال ، خرق المعاهدة أو انتهاك أراضي دولة أخرى. تتحمل الدولة أيضًا مسؤولية الانتهاكات التي ترتكبها مؤسساتها الداخلية ، على الرغم من تحديدها في قانونها المحلي ؛ من قبل الكيانات والأشخاص الذين يمارسون سلطة حكومية ؛ ومن قبل أشخاص يعملون تحت إشراف أو سيطرة الدولة. هذه المسؤوليات موجودة حتى لو تجاوز الجهاز أو الكيان سلطته. علاوة على ذلك ، فإن الدولة مسؤولة دوليًا عن الأنشطة الخاصة للأفراد إلى الحد الذي يتم فيه تبنيها لاحقًا من قبل الدولة. في عام 1979 ، على سبيل المثال ، دعمت الحكومة الإيرانية رسميًا استيلاء المسلحين على السفارة الأمريكية واحتجاز الدبلوماسيين وغيرهم من موظفي السفارة.رهائن . الدولة ليست مسؤولة دوليًا إذا كان سلوكها مطلوبًا بموجب قاعدة قطعية من القانون الدولي العام ، إذا تم اتخاذها وفقًا للحق في الدفاع عن النفس بموجب ميثاق الأمم المتحدة ، إذا كان يمثل إجراءً مشروعًا للضغط على دولة أخرى للامتثال . مع التزاماتها الدولية ، إذا تم اتخاذها نتيجة قوة قاهرة (“قوة أكبر”) خارجة عن سيطرة الدولة ، إذا كان لا يمكن تجنبها بشكل معقول من أجل إنقاذ حياة ، أو إذا كانت تشكل فقط وسيلة لحماية مصلحة أساسية للدولة ضد خطر وشيك ، حيث لم يتم المساس بالمصلحة الأساسية للدول التي يوجد الالتزام تجاهها (أو المجتمع الدولي).
يجب على الدولة تقديم تعويضات كاملة عن أي ضرر ناتج عن عمل غير قانوني تكون مسؤولة عنه دوليًا.يتكون جبر الضرر من رد الوضع الأصلي إن أمكن ، والتعويض عندما لا يكون ذلك ممكنًا ، أو الترضية (أي الإقرار بالخرق والاعتذار عنه) إذا لم يكن أي منهما ممكنًا.
كان أحد الجوانب المثيرة للجدل في القانون الدولي هو الاقتراح الذي قدمته لجنة القانون الدولي في مشروعها لعام 1996 بشأن مسؤولية الدولة ، إنه يمكن تحميل الدول المسؤولية عن “الجرائم الدولية “(التي تشمل الأفعال غير المشروعة دوليًا الناتجة عن انتهاك دولة لالتزام دولي ضروري للغاية لحماية المصالح الأساسية للمجتمع الدولي بحيث يتم الاعتراف بخرقها كجريمة من قبل ذلك المجتمع). ومن الأمثلة المعطاة العدوان والسيطرة الاستعمارية وإبادة جماعية . بالإضافة إلى الحجة القائلة بأن الدول (بخلاف الأفراد) لا يمكن أن تكون مذنبة بارتكاب جرائم في حد ذاتها ، نشأت مشاكل تعريفية خطيرة ، وكان هناك قلق بشأن عواقب مثل هذه الجرائم على الدول. وبناءً على ذلك ، في مشاريع المواد التي اعتمدتها لجنة القانون الدولي أخيرًا في عام 2001 ، تخلت عن هذا النهج المثير للانقسام سياسيًا ولكنها احتفظت بفكرة وجود شكل أكثر خطورة من الخطأ الدولي. شددت اللجنة على مفهوم الانتهاكات الجسيمة للالتزامات الناشئة بموجب قاعدة آمرة من قواعد القانون الدولي (أي قواعد القواعد الآمرة، أو تلك التي تعتبر ضرورية لحماية المصالح الدولية الأساسية). في مثل هذه الظروف ، تكون جميع الدول ملزمة بعدم الاعتراف بمثل هذا الوضع والتعاون على إنهائه.
التعريف المكاني للدول
إِقلِيم
تقتصر سيادة الدولة على قطعة محددة من الأرض ، والتي تخضع للولاية القضائية الحصرية للدولة ويحميها القانون الدولي من انتهاك الدول الأخرى. على الرغم من أن النزاعات الحدودية لا تنتقص من سيادة أو استقلال دولة معينة ، إلا أنه من المتأصل في الدولة أنه يجب أن يكون هناك إقليم أساسي خاضع للسيطرة الفعالة لسلطات الدولة. يجوز للولايات الحصول على أراضٍ إضافية من خلال التنازل عن ولايات أخرى ( قضية جزيرة بالماس عام 1928) ؛ من خلال احتلال الأرض لم يعلن سيطرة أحد أو كيان دولي عليها رسميا- أي أرض لا تخضع لسيادة أو سيطرة أي دولة أخرى أو تجمع منظم اجتماعيًا أو سياسيًا ؛ أو بموجب تقادم ، حيث تستحوذ الدولة على أراضٍ من خلال فترة مستمرة من السيادة غير المتنازع عليها.
بموجب ميثاق الأمم المتحدة ، لا يمكن الحصول على حق السيادة على الأرض بشكل محض وبسيط عن طريق استخدام القوة. الموافقة الصريحة أو الضمنية مطلوبة بموجب القانون الدولي للاعتراف بالأراضي المكتسبة بالقوة ، سواء كان استخدام القوة قانونيًا أم لا. عندما يتم إنشاء الدول من حل أو تفكيك البلدان القائمة ، فمن المفترض أن حدود الدول الجديدة سوف تتوافق مع حدود التقسيمات الإدارية الداخلية السابقة. هذه العقيدة ، والمعروفة باسم الأرض المشاع (“terra nullius “) لضمان استقرار الدول المستقلة حديثًا والتي غالبًا ما تم رسم حدودها الاستعمارية بشكل تعسفي.
المساحات والحدود البحرية
تمتد الأراضي السيادية لدولة ما إلى حدودها البرية المعترف بها وإلى حدود المجال الجوي والفضاء الخارجي فوقها. الدولة التي لها حدود ساحلية تمتلك أيضًا مناطق معينة من البحر. تنظم السيادة على المسطحات المائية أربع اتفاقيات منفصلة لعام 1958 – اتفاقية البحر الإقليمي والمنطقة المتاخمة ، واتفاقية الجرف القاري ، واتفاقية أعالي البحار ، واتفاقية جنيف بشأن صيد الأسماك وحفظ الموارد الحية أعالي البحار – وبشكل شامل معاهدة قانون البحار (1982) ، التي دخلت حيز التنفيذ في 1994.
تشمل أراضي الدول المياه الداخلية (أي الموانئ والبحيرات والأنهار التي تقع على الجانب الأرضي من خطوط الأساس التي يقاس منها البحر الإقليمي والمناطق البحرية الأخرى) ، والتي تتمتع فيها الدولة بالسيادة الكاملة والتامة والولاية القضائية الحصرية . من خلال معاهدة قانون البحار والآن بموجب القانون الدولي العرفي ، يجوز للدولة المطالبة ببحر إقليمي يصل إلى 12 ميلًا بحريًا من خطوط الأساس (أساسًا علامة انخفاض المياه حول سواحل الدولة المعنية) ، على الرغم من ذلك ، في الحالات حيث يتم وضع مسافة بادئة للساحل بشكل كبير ، يمكن رسم سلسلة من خطوط الأساس المستقيمة من نقاط الإسقاط. تتمتع الدولة بالسيادة على بحارها الإقليمية ، لكنها تخضع لحق المرور البريء – أي حق جميع السفن في المرور عبر المياه الإقليمية للدول ، بشرط ألا يكون الممر ضارًا. تشمل الأمثلة على السلوك الضار التهديد بالقوة أو استخدامها ، والتجسس ، والتلوث المتعمد والخطير ، وخرق الجمارك ، واللوائح الصحية والمالية ، ولوائح الهجرة ، وصيد الأسماك. قد تمارس الدول الساحلية درجة محدودة من الولاية القضائية الجنائية فيما يتعلق بالسفن الأجنبية التي تقوم بالمرور البريء عبر البحار الإقليمية (على سبيل المثال ، في الحالات التي تمتد فيها عواقب الجريمة المزعومة إلى الدولة الساحلية أو عندما تكون هذه التدابير ضرورية مثل قمع تجارة المخدرات غير المشروعة).
اتفاقية البحر الإقليمي والمنطقة المتاخمة 1958 تنص على أنه لا يجوز للدول تعليق المرور البريء للسفن الأجنبية عبر المضائق التي تستخدم للملاحة الدولية بين جزء واحد من أعالي البحار وجزء آخر من أعالي البحار أو البحر الإقليمي لدولة أجنبية. أنشأت معاهدة عام 1982 حقًا جديدًا في المرور العابر لغرض العبور المستمر والسريع في المضائق المستخدمة للملاحة الدولية بين جزء من أعالي البحار أو المنطقة الاقتصادية الخالصة وجزء آخر. تخضع بعض المضائق الدولية لأنظمة خاصة. على سبيل المثال ، يتعلق بالقيود في القرنين التاسع عشر والعشرين والتي حدت من الوصول البحري إلى مضيق البوسفور والدردنيل – اللذين يربطان البحر الأسود ببحر مرمرة والبحر الأبيض المتوسط - إلى البلدان المطلة على البحر الأسود .
تمتد سلسلة من المناطق البحرية الأخرى إلى ما وراء البحار الإقليمية. المنطقة المتاخمة – التي يجب المطالبة بها ، وعلى عكس البحار الإقليمية ، لا توجد تلقائيًا – تسمح للدول الساحلية بممارسة الرقابة اللازمة لمنع ومعاقبة انتهاكات الجمارك والأنظمة الصحية والمالية والهجرة داخل وخارج أراضيها أو البحر الإقليمي. امتدت المنطقة في الأصل مسافة 12 ميلاً بحريًا من خطوط الأساس لكنها تضاعفت بموجب معاهدة عام 1982. تطورت المنطقة الاقتصادية الخالصة من مطالبات مناطق الصيد. سمحت معاهدة عام 1982 للدول بالمطالبة بمثل هذه المنطقة ، التي تمتد 200 ميل بحري من خطوط الأساس ، حيث سيكون لديها حقوق سيادية لاستكشاف واستغلال وحفظ وإدارة الموارد الطبيعية للبحار وقاع البحر ؛ لممارسة الولاية القضائية على التركيبات الاصطناعية والبحث العلمي ؛ ولحماية البيئة البحرية والمحافظة عليها. تم قبول المنطقة كجزء من القانون الدولي العرفي في قرار محكمة العدل الدولية عام 1985 في النزاع بين ليبيا ومالطا ، والذي يتعلق بتعيين حدود الجرف القاري بينهما.
يحق للدولة تلقائيًا ممارسة الحقوق السيادية لاستكشاف واستغلال الموارد الطبيعية في منطقة مجاورة الجرف القاري (أي الحواف البارزة من الأرض إلى البحر وتحته). قد يمتد الجرف إما إلى الحافة الخارجية للحافة القارية أو حتى 200 ميل من خطوط الأساس حيث لا تصل الحافة الخارجية للحافة القارية إلى تلك المسافة. وهكذا ، يصبح الجرف القاري كمفهوم في القانون الدولي وهمًا قانونيًا حيث لا يمتد الجرف في الواقع حتى 200 ميل.
نشأت مشاكل حول ترسيم حدود المناطق البحرية المختلفة بين الدول المتجاورة والمتعارضة. يتطلب القانون الدولي عمومًا قرارات عادلة للنزاعات الإقليمية البحرية. على الرغم من أن تعريف الإنصاف غير واضح ، إلا أن العوامل ذات الصلة تشمل تأثير الامتداد الطبيعي للإقليم الأرضي (أي المبدأ الأساسي القائل بأن الجرف القاري هو استمرار للأراضي البرية في البحر) ، والتناسب بين طول الطرف المتنازع. أي الخط الساحلي ومدى الجرف القاري الذي يسيطر عليه ، مبدأ تساوي المسافة (أي خط بمسافة متساوية من الشاطئين المعنيين) ، ووجود (إن وجد) جزر بين السواحل.
الاختصاص القضائي
يشير الاختصاص القضائي إلى سلطة الدولة في التأثير على الأشخاص والممتلكات والظروف داخل أراضيها. يمكن ممارستها من خلال الإجراءات التشريعية أو التنفيذية أو القضائية. يتناول القانون الدولي بشكل خاص مسائل القانون الجنائي ويترك بشكل أساسي الولاية القضائية المدنية للسيطرة الوطنية. بحسب المبدأ الإقليمي ، للدول سلطة حصرية للتعامل مع القضايا الجنائية التي تنشأ داخل أراضيها ؛ تم تعديل هذا المبدأ للسماح للمسؤولين من دولة ما بالتصرف داخل دولة أخرى في ظروف معينة (على سبيل المثال ، ترتيبات نفق القناة بين المملكة المتحدة وفرنسا واتفاقية السلام لعام 1994 بين إسرائيل والأردن). يسمح مبدأ الجنسية لأي دولة بممارسة الولاية القضائية الجنائية على أي من مواطنيها المتهمين بارتكاب جرائم جنائية في دولة أخرى. تاريخيًا ، ارتبط هذا المبدأ ارتباطًا وثيقًا بأنظمة القانون المدني أكثر من ارتباطه بأنظمة القانون العام ، على الرغم من زيادة استخدامه في أنظمة القانون العام في أواخر القرن العشرين (على سبيل المثال ، اعتماد قانون جرائم الحرب في بريطانيا في عام 1991 و قانون مرتكبي الجرائم الجنسية في عام 1997). السفن والطائرات تحمل جنسية الدولة التي ترفع علمها أو التي تم تسجيلها فيها وتخضع لولايتها القضائية.
يسمح مبدأ الشخصية السلبية للدول ، في حالات محدودة ، بالمطالبة بالاختصاص القضائي لمحاكمة مواطن أجنبي على الجرائم المرتكبة في الخارج والتي تؤثر على مواطنيها. وقد استخدمت الولايات المتحدة هذا المبدأ لمحاكمة الإرهابيين وحتى لاعتقال (1989-1990) الزعيم الفعلي لبنما ،مانويل نورييغا ، الذي أدانته محكمة أمريكية في وقت لاحق بتهمة الاتجار بالكوكايين والابتزاز وغسيل الأموال . يظهر هذا المبدأ في عدد من الاتفاقيات ، بما في ذلك الاتفاقية الدولية لمناهضة أخذ الرهائن (1979) ، واتفاقية منع الجرائم المرتكبة ضد الأشخاص المتمتعين بحماية دولية والمعاقبة عليها (1973) ، واتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المعاملة أو العقوبة المهينة (1984). يمكن أن تحتج الدولة بمبدأ الحماية ، الذي تم تضمينه في اتفاقيات الرهائن واختطاف الطائرات واتفاقية سلامة موظفي الأمم المتحدة والأفراد المرتبطين بها (1994) ، في الحالات التي يكون فيها أجنبي قد ارتكب فعلًا في الخارج يعتبر ضارًا بذلك. مصالح الدولة تختلف عن الإضرار بمصالح المواطنين (مبدأ الشخصية السلبية). وأخيرا، فإن يسمح مبدأ العالمية بتأكيد الاختصاص القضائي في الحالات التي يمكن فيها محاكمة الجريمة المزعومة من قبل جميع الدول (على سبيل المثال ، جرائم الحرب والجرائم ضد السلام والجرائم ضد الإنسانية والعبودية والقرصنة).
توجد الحصانة القضائية في سياقات معينة . الموظفون الدبلوماسيون ، على سبيل المثال ، لديهم الحصانة من الملاحقة القضائية في الدولة التي يعملون فيها. في الستينيات ، ومع ذلك ، فإن نصت اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية واتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية على أن مستوى الحصانة يختلف باختلاف رتبة المسؤول. تكون الحصانة بشكل عام أكثر شمولاً في القضايا الجنائية منها في المسائل المدنية. كما يتم حماية البعثة الدبلوماسية والمحفوظات الخاصة بالدولة. تمتلك المنظمات الدولية حصانة من الولاية القضائية المحلية وفقًا للاتفاقيات الدولية (على سبيل المثال ، الاتفاقية العامة لامتيازات وحصانات الأمم المتحدة لعام 1946) والاتفاقيات الموقعة مع الدولة التي يقع مقرها فيها. كما تمتد بعض الحصانات لتشمل قضاة المحاكم الدولية والقوات المسلحة الزائرة.
الخلافات بين الدول
التسوية السلمية
يوفر القانون الدولي مجموعة متنوعة من الأساليب لتسوية النزاعات بالطرق السلمية ، وليس لأي منها الأسبقية على أي طريقة أخرى. تشمل الآليات غير الملزمة المفاوضات المباشرة بين الأطراف وإشراك أطراف ثالثة من خلال المساعي الحميدة والوساطة والتحقيق والمصالحة. زادت مشاركة المنظمات الدولية الإقليمية والعالمية بشكل كبير منذ نهاية الحرب العالمية الثانية ، حيث تحتوي العديد من مواثيقها على آليات تسوية سلمية محددة تنطبق على النزاعات بين الدول الأعضاء. يمكن استخدام الأمم المتحدة على عدة مستويات. قد يستخدم الأمين العام ، على سبيل المثال ، مساعيه الحميدة لاقتراح شروط أو أساليب التسوية ، وقد توصي الجمعية العامة بحلول أو طرق معينة لحل النزاعات. وبالمثل ، قد يوصي مجلس الأمن بحلول (على سبيل المثال ، قراره في عام 1967 بشأن الصراع العربي الإسرائيلي) أو ، إذا كان هناك تهديد أو خرق للسلم والأمن الدوليين أو عمل عدواني ، إصدار قرارات ملزمة لفرض اقتصادي. العقوبات أو الإذن باستخدام القوة العسكرية (على سبيل المثال ، في كوريا عام 1950 وفي الكويت عام 1990). المنظمات الإقليمية ، مثل منظمة الدول الأمريكية والاتحاد الأفريقي، لعبت أيضًا أدوارًا نشطة في حل النزاعات بين الدول.
تشمل الطرق الإضافية لتسوية المنازعات الملزمة التحكيم والتسوية القضائية. يحدث التحكيم عندما تضع الدول المتنازعة نزاعها أمام ملزم محكمة . في بعض الحالات ، يُطلب من المحكمة اتخاذ عدد من القرارات التي تشمل مدعين مختلفين (على سبيل المثال ، في النزاع بين الولايات المتحدة وإيران الناشئ عن الثورة الإيرانية عام 1979) ، بينما في حالات أخرى ، ستمارس المحكمة اختصاصها في قضية واحدة فقط. في التسوية القضائية ، يتم وضع النزاع أمام محكمة مستقلة قائمة. أهم وأشمل هذه المحاكم هو محكمة العدل الدولية ، التي خلفت المحكمة الدائمة للعدالة الدولية ، التي أُنشئت في عام 1920. أنشئت بموجب ميثاق الأمم المتحدة (المادة 92) باعتبارها الجهاز القضائي الرئيسي للأمم المتحدة ، وتتألف محكمة العدل الدولية من 15 قاضياً يمثلون الأشكال الرئيسية للحضارة والنظم القانونية الرئيسية للعالم. يتم انتخابهم من قبل الجمعية العامة ومجلس الأمن لمدة تسع سنوات.
محكمة العدل الدولية ، التي تكون قراراتها ملزمة للطرفين وذات نفوذ كبير بشكل عام ، تمتلك كلا من الاختصاص القضائي الخلافي والاستشاري. يتيح الاختصاص القضائي الخلافي للمحكمة الاستماع إلى القضايا بين الدول ، بشرط أن تكون الدول المعنية قد أعطت موافقتها. يمكن الإشارة إلى هذه الموافقة من خلال اتفاقية خاصة أو حل وسط، من خلال اتفاقية تمنح المحكمة الاختصاص القضائي في الأمور التي تشمل النزاع المعني (على سبيل المثال ، اتفاقية الإبادة الجماعية ) ؛ أو من خلال ما يسمى بالبند الاختياري ، حيث تقدم الدولة إعلانًا مسبقًا بقبول اختصاص محكمة العدل الدولية بشأن المسائل المتعلقة بالنزاع.
أصدرت محكمة العدل الدولية أحكامًا في العديد من القضايا المهمة ، بدءًا من قضية قناة كورفو (1949) ، التي أمرت فيها ألبانيا بدفع تعويض إلى بريطانيا عن الأضرار الناجمة عن تعدين ألبانيا للقناة ، والنزاع الإقليمي بين بوتسوانا وناميبيا (1999) ، حيث فضلت محكمة العدل الدولية مطالبة بوتسوانا بشأن Sedudu)) /جزيرة كاسيكيلي.
ومكّنها الاختصاص الاستشاري لمحكمة العدل الدولية من إبداء الرأي في المسائل القانونية التي تطرح عليها من قبل أي هيئة مفوضة من قبل ميثاق الأمم المتحدة أو تتصرف وفقًا له.
الهيئات القضائية الدولية الهامة الأخرى هي المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ، التي أنشأتها الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان. ومحكمة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان ، التي أنشأتها اتفاقية البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان ؛ والمحكمة الدولية لقانون البحار ، المنشأة بموجب معاهدة قانون البحار. أنشأت منظمة التجارة العالمية (WTO) ، التي تأسست عام 1995 للإشراف على التجارة العالمية وتحريرها ،
آليات لتسوية المنازعات
استخدام القوة
يحظر ميثاق الأمم المتحدة التهديد باستخدام القوة أو استخدامها ضد السلامة الإقليمية أو الاستقلال السياسي للدول أو بأي طريقة أخرى تتعارض مع أهداف الميثاق ؛ هذه القيود هي أيضا جزء من القانون الدولي العرفي. يمكن استخدام القوة من قبل الدول فقط من أجل الدفاع عن النفس أو وفقًا لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الذي يعطي التفويض المناسب (على سبيل المثال ، قرار التصريح باستخدام القوة ضد العراق من قبل الولايات المتحدة وحلفائها في حرب الخليج 1990-1991). وحق الدفاع عن النفس موجود في القانون الدولي العرفي ويسمح للدول باللجوء إلى القوة إذا كانت هناك حاجة فورية وملحة للتصرف ، ولكن استخدام مثل هذه القوة يجب أن يكون متناسبًا مع التهديد. إن الحق في الدفاع عن النفس مقيد بشكل طفيف بموجب المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة ، التي تشير إلى “الحق المتأصل في الدفاع عن النفس الفردي أو الجماعي في حالة وقوع هجوم مسلح” حتى يتخذ مجلس الأمن إجراءً. في سلسلة من القرارات الملزمة التي اتخذت بعد الهجمات الإرهابية 11 سبتمبر 2001 ضد مركز التجارة العالمي والبنتاغون في الولايات المتحدة ، أكد مجلس الأمن أن حق الدفاع عن النفس ينطبق أيضًا فيما يتعلق بالشؤون الدولية .الإرهاب .الضربات الاستباقية من قبل الدول التي تعتقد بشكل معقول أن الهجوم عليها وشيك أمر مثير للجدل ولكنه مسموح به بموجب القانون الدولي ، بشرط وجود معيار الضرورة والتناسب.
لقد قيل إنه يمكن استخدام القوة دون إذن مسبق من الأمم المتحدة في حالات الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان المحلية (على سبيل المثال ، الإجراءات التي اتخذها الناتو فيما يتعلق بكوسوفو في عام 1999 أو التدخل في شرق باكستان (بنغلاديش الآن عام 1971). ومع ذلك ، فإن التدخلات الإنسانية مثيرة للجدل بشدة، لأنها تتعارض مع مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى.
يخضع استخدام القوة لقواعد ومبادئ دولية للقانون الإنسان. تتناول اتفاقيات جنيف (1949) وبروتوكولاتها الإضافية ( 1977) ، من بين مواضيع أخرى ، أسرى الحرب ، والمرضى والجرحى ، والحرب في البحر ، والأراضي المحتلة ، ومعاملة المدنيين. بالإضافة إلى ذلك ، هناك عدد من الاتفاقيات والإعلانات التي توضح بالتفصيل أنواع الأسلحة التي لا يجوز استخدامها في الحرب. يُحظر استخدام ما يسمى بـ “الرصاص الدام (dum-dum bullets )” الذي يتسبب في تلف الأنسجة على نطاق واسع ، والغازات السامة ، والأسلحة الكيماوية ، كما تم تقييد استخدام الألغام. ما إذا كان استخدام الأسلحة النووية في حد ذاته غير قانوني بموجب القانون الدولي هو موضوع يثير الجدل ؛ على أي حال ، يجب استيفاء معيار الضرورة والتناسب.
التعاون الدولي
اختارت الدول التعاون في عدد من المجالات التي تتجاوز مجرد تخصيص وتنظيم الحقوق السيادية .
أعالي البحار وقاع البحر
تقليديا ، كان يُنظر إلى أعالي البحار خارج المياه الإقليمية للدول على أنها مفتوحة للجميع وغير قابلة للتملك. لقد تغير تعريف أعالي البحار إلى حد ما منذ إنشاء المناطق البحرية المختلفة ، بحيث تعتبر الآن تلك المياه غير المدرجة في المنطقة الاقتصادية الخالصة أو البحر الإقليمي أو المياه الداخلية للدول أو في المياه الأرخبيلية. أعالي البحار مفتوحة لجميع الدول ، ولكل دولة حرية الملاحة والتحليق وحرية مد الكابلات البحرية وخطوط الأنابيب وإجراء البحوث العلمية والصيد. على السفن في أعالي البحار ، تمارس الولاية القضائية من قبل دولة العلم (أي الدولة التي ترفع السفينة المعينة علمها). ومع ذلك ، يحق للسفن الحربية الصعود على متن سفينة يشتبه في ضلوعها في أعمال قرصنة وتجارة الرقيق ، أو البث غير المصرح به. هناك أيضًا حق “المطاردة الساخنة “، شريطة أن تكون المطاردة نفسها مستمرة ، في أعالي البحار من البحر الإقليمي أو المنطقة الاقتصادية للدولة المطاردة من أجل احتجاز سفينة يشتبه في انتهاكها لقوانين الدولة الساحلية المعنية.
القاع البحر الدولي
(أي قاع البحر خارج حدود الولاية الوطنية) ، التي يعتقد أن أجزاء منها غنية بالمعادن ، لا تخضع للتملك الوطني وقد تم تصنيفها على أنها “التراث المشترك للبشرية “في إعلان المبادئ التي تحكم قاع البحار (1970) ومعاهدة قانون البحار . من المتوقع أن يتم تنفيذ الأنشطة في قاع البحر الدولي ، المعروف أيضًا باسم “المنطقة” ، من أجل المصالح الجماعية لجميع الدول ، ومن المتوقع تقاسم المنافع بشكل عادل.
الفضاء الخارجي
يقع الفضاء الخارجي وراء الحد الأعلى غير المحدد حاليًا لسيادة الدولة والمجال الجوي . تم إعلانه مجانيًا للاستكشاف والاستخدام من قبل جميع الدول وغير قادر على الاستيلاء الوطني بموجب قرار صادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1963. كررت معاهدة الفضاء الخارجي (1967) هذه المبادئ ونصت على أن استكشاف الفضاء الخارجي واستخدامه يجب أن يتم لمنفعة جميع البلدان. نصت معاهدة القمر (1979) على نزع سلاح القمر والأجرام السماوية الأخرى وأعلنت أن القمر وموارده “تراث مشترك للبشرية”. كما تم التوقيع على عدد من الاتفاقيات المتعلقة بالأجسام الفضائية (1972 و 1974) وإنقاذ رواد الفضاء (1968).
أنتاركتيكا
تمنع معاهدة أنتاركتيكا (1959) عسكرة القارة القطبية الجنوبية وتعلق المطالبات الإقليمية من قبل الدول طوال مدة المعاهدة. ولكن لأنه لا يوفر آلية لإنهائها ، فقد تم إنشاء نظام مستمر ومفتوح. هناك أيضًا العديد من الاتفاقيات التي تحمي بيئة أنتاركتيكا .
حماية البيئة
نظرًا لأن قواعد مسؤولية الدولة تتطلب إسناد أفعال غير مشروعة إلى دول معينة – وهو أمر يصعب إثباته بشكل قاطع في حالات الإضرار بالبيئة – فقد تم الاعتراف بأن حماية البيئة يجب أن تتم بوسائل أخرى غير مسؤولية الدولة الفردية. وبدلاً من ذلك ، تم اعتماد نهج تعاوني دولي. لأنواع عديدة من الملوثات ، على سبيل المثال ، وافقت الدول على فرض قيود مخفضة تدريجياً على انبعاثاتها المسموح بها.
إعلان ستوكهولم (1972) وإعلان ريو (1992) الذي صدر عن مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة والتنمية للدول بضمان أن الأنشطة التي تقع ضمن ولايتها القضائية لا تسبب أضرارًا بيئية لدول أو مناطق أخرى. وقد عالجت الاتفاقات الأخرى الحاجة إلى التشاور المبكر بشأن المشاكل البيئية المحتملة ، والإبلاغ عن المشاكل القائمة ، واستخدام أوسع لتقييم الأثر البيئي . كما تم إنشاء آليات للإشراف والرصد بموجب العديد من هذه الاتفاقيات ، بما في ذلك اتفاقية تلوث الهواء بعيد المدى عبر الحدود (1979) ، ومعاهدة قانون البحار ، واتفاقية فيينا لحماية طبقة الأوزون (1985) ، واتفاقية اتفاقية التلوث البحري من مصادر برية المعدلة (1986) ، اتفاقية تقييم الأثر البيئي في سياق عابر للحدود (1991) ، اتفاقية التنوع البيولوجي (1992) ، اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (1992) ، وبروتوكول كيوتو (1997).
الجهات الفاعلة غير الحكومية في القانون الدولي
على المستوى الفردي
تاريخيا ، كانت الدول هي الموضوعات الوحيدة للقانون الدولي. لكن خلال القرن العشرين ، كرست مجموعة متنامية من القانون الدولي لتعريف حقوق ومسؤوليات الأفراد. تم تفصيل حقوق الأفراد بموجب القانون الدولي بمختلف الأشكال في صكوك واتفاقيات حقوق الإنسان . على الرغم من ظهور إشارات إلى حماية حقوق الإنسان في ميثاق الأمم المتحدة ، فإن المحرك الرئيسي للعملية كان الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (1948 ؛ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان). تم استكمال الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بمجموعة من المعاهدات الدولية ، بما في ذلك اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها والاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري (1965) والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (1966) والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (1966) واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (1979) واتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة (1984) ، واتفاقية حقوق الطفل (1989). باستثناء اتفاقية الإبادة الجماعية، أنشأت هذه الاتفاقيات أيضًا لجان مراقبة، والتي، وفقًا لشروط الاتفاقية الخاصة، يمكنها فحص التقارير الدورية المطلوبة من الدول، وإصدار التعليقات العامة والخاصة بالدولة ، واستقبال الالتماسات من الأفراد. يجوز للجنة مناهضة التعذيب أن تبدأ التحقيق من تلقاء نفسها. تشمل الحقوق الواسعة التي تحميها هذه الاتفاقيات الحق في الحياة والإجراءات القانونية الواجبة ، وعدم التعرض للتمييز والتعذيب ، وحرية التعبير والتجمع. تحمي اتفاقية الحقوق المدنية والسياسية حق تقرير المصير وحقوق الأشخاص المنتمين إلى الأقليات. بالإضافة إلى ذلك ، أنشأت الأمم المتحدة مجموعة من الأجهزة والآليات لحماية حقوق الإنسان ، بما في ذلك لجنة حقوق الإنسان (التي تم استبدالها في عام 2006 بمجلس حقوق الإنسان).
كما توجد حماية لحقوق الإنسان على المستوى الإقليمي. تم إنشاء النظام الأفضل تطورًا من خلال الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان ، التي تضم أكثر من 40 دولة طرفًا بالإضافة إلى محكمة يمكنها الاستماع إلى الطلبات بين الدول والأفراد. ومن الأمثلة الأخرى اتفاقية البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان ، التي لها لجنة ومحكمة ، والميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب (1982) ، الذي له لجنة ويعمل على إنشاء محكمة.
بالإضافة إلى الحقوق الممنوحة للأفراد ، منحهم القانون الدولي أيضًا مسؤوليات. على وجه الخصوص ، بعد ميثاق نورنبرغ (1945) وما تلاه من إنشاء محكمة لمحاكمة مجرمي الحرب النازيين ، تعرض الأفراد للمسؤولية الجنائية الدولية وكانوا مسؤولين بشكل مباشر عن انتهاكات القانون الدولي ، بغض النظر عن الاعتبارات القانونية المحلية . تم تأكيد المسؤولية الفردية في اتفاقيات جنيف وبروتوكولاتها الإضافية وتم تأكيدها ووضعها موضع التنفيذ من خلال الأنظمة الأساسية التي أنشأت محاكم جرائم الحرب في يوغوسلافيا (1993) ورواندا .(1994) ، قام كلاهما بمحاكمة وإدانة أشخاص متهمين بارتكاب جرائم حرب. كما ينص نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ، الذي دخل حيز التنفيذ في عام 2002 ، على المسؤولية الجنائية الدولية الفردية.
على المستوى الدولي
هناك فرق كبير بين القانون الدولي في القرنين التاسع عشر والحادي والعشرين يتمثل في المكانة البارزة التي تحتلها الآن المنظمات الدولية . حجم ونطاق المنظمات الدولية تختلف. وقد تكون ثنائية أو دون إقليمية أو إقليمية أو عالمية ، وقد تعالج اهتمامات ضيقة نسبيًا أو واسعة جدًا. تختلف الصلاحيات والواجبات المخصصة للمنظمات الدولية بشكل كبير. بعض المنظمات الدولية معترف بها قانونًا كجهات فاعلة دولية – وبالتالي فهي مسؤولة عن انتهاكات الالتزامات القانونية الدولية – بينما البعض الآخر ليس كذلك.
منذ نهاية الحرب العالمية الثانية ، كانت المنظمة الدولية الرائدة هي الأمم المتحدة. على الرغم من أنه يجوز للجمعية العامة إصدار قرارات غير ملزمة فقط ، إلا انه يمكن لمجلس الأمن أن يأذن باستخدام القوة إذا كان هناك تهديد أو خرق للسلم والأمن الدوليين أو عمل عدواني . منذ نهاية الحرب الباردة ، وسع المجلس تعريف التهديد أو الانتهاك للسلم والأمن الدوليين ليشمل ليس فقط النزاعات الدولية ولكن أيضًا النزاعات الداخلية (على سبيل المثال ، في يوغوسلافيا والصومال وليبيريا ورواندا) و حتى الإطاحة بحكومة ديمقراطية والاضطرابات اللاحقة وحركات اللاجئين (على سبيل المثال ، في هايتي).
طورت المنظمات الدولية الأخرى أدوارًا مهمة في العلاقات الدولية . وهي تشمل البنك الدولي ، الذي يقدم المساعدة لتعزيز التنمية الاقتصادية ، وصندوق النقد الدولي ، الذي يساعد البلدان على إدارة مشاكل ميزان المدفوعات ، ومنظمة التجارة العالمية ، التي تشرف على التجارة الدولية وتنظمها . تحكم المنظمات والاتفاقيات الإقليمية ، مثل الاتحاد الأوروبي واتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية بين كندا والمكسيك والولايات المتحدة ، المناطق التي كانت تقع تقليديًا ضمن الولاية القضائية المحلية للدول (على سبيل المثال ، التجارة والبيئة، ومعايير العمل). في بداية القرن الحادي والعشرين ، كان من الواضح أن الأفراد والمنظمات الدولية سيلعبون دورًا حيويًا متزايدًا في العلاقات الدولية والقانون الدولي.
الاتجاهات الحالية
لقد تحول القانون الدولي من نظام قائم على أوروبا يمكّن الدول ذات السيادة من التفاعل في عدد محدود نسبيًا من المجالات إلى نظام دولي حقيقي مع متطلبات عميقة وتعاونية بشكل متزايد.لقد ضمنت العولمة أن مبدأ سيادة الدول قد تم تعديله عمليًا ، كما يتضح من انتشار المنظمات الدولية الإقليمية والعالمية. في عدد متزايد من الحالات ، تم تفويض بعض السلطات السيادية للدول إلى المؤسسات الدولية. علاوة على ذلك ، فإن نمو التكتلات التجارية الكبيرة قد أكد على الترابط الإقليمي والدولي ، على الرغم من أنه أدى أيضًا إلى تحفيز المنافسات وإضفاء الطابع المؤسسي عليها بين الكتل المختلفة. التطور اللافت للحركة من أجل حقوق الإنسان العالمية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية ، أدت إلى نزاعات لم يتم حلها بشكل أساسي مع بعض الدول التي تواصل احترام القيم الثقافية التقليدية. ركزت القواعد التي تحكم استخدام القوة اهتمامًا خاصًا على الأمم المتحدة ، ولكن النزاعات العنيفة لم تختف ، وتطوير الأسلحة الفتاكة بشكل متزايد – بما في ذلك الأسلحة البيولوجية والكيميائية والنووية (ما يسمى بـ “أسلحة الدمار الشامل “) – وضعت جميع الدول في موقف أكثر ضعفًا . تُطرح تحديات خاصة عندما تكون هذه الأسلحة مملوكة للدول التي استخدمتها أو تهدد بالقيام بذلك. في عام 2003 ، قادت الولايات المتحدة وبريطانيا الهجوم على العراق والإطاحة بحكومته لاعتقادهم أن البلاد ما زالت تمتلك أسلحة دمار شامل في تحد لقرارات مجلس الأمن الملزمة. استمر الهجوم على الرغم من معارضة غالبية أعضاء المجلس لقرار مقترح يصرح صراحةً بـاستخدام القوة .
على الرغم من أن الإرهاب ليس ظاهرة جديدة ، إلا أن تزايد حجم الدمار الذي قد يسببه ، وكذلك استخدام الإرهابيين لأشكال الاتصال الحديثة مثل أجهزة الكمبيوتر والهواتف المحمولة ، قد أثار تحديات جديدة خطيرة للقانون الدولي – تحديات قد تؤثر على تفسير حق الدفاع عن النفس ويشكل اختبارًا حاسمًا للأمم المتحدة.
هوامش توضيحية
قانون القانون
قانون القانون ، ويسمى أيضًا القانون القانوني ، وهو بيان قانوني مكتوب إلى حد ما وشامل . تم تجميع الرموز القانونية من قبل أقدم الشعوب. أقدم دليل موجود للرمز هو ألواح من الأرشيفات القديمة لمدينة إيبلا (الآن في تل مرديخ ، سوريا) ، والتي يعود تاريخها إلى حوالي 2400 قبل الميلاد . أشهر التشريعات القديمة هي الشريعة البابلية لحمورابي . بدأ الرومان في الاحتفاظ بسجلات قانونية ، مثل قانون الجداول الاثني عشر (451-450 قبل الميلاد ) ، ولكن لم يكن هناك تدوين رئيسي للقانون الروماني حتىكود جستنيان ( 529-565 ) ، والذي تم تجميعه بعد فترة طويلة من تفكك الإمبراطورية الغربية. كما أن الشعوب التي اجتاحت الإمبراطورية الغربية وضعت قوانين قانونية ، مثل قانون ساليك لساليان فرانكس. خلال وقت لاحق في العصور الوسطى في أوروبا ، اكتسبت مجموعات مختلفة من الجمارك البحرية ، المعدة لاستخدام التجار والمحامين ، سلطة كبيرة في جميع أنحاء القارة.
من القرن الخامس عشر حتى القرن الثامن عشر ، أدت الحركات في مختلف البلدان الأوروبية لتنظيم وتجميع قوانينها وعاداتها العديدة إلى تجميعات محلية وإقليمية بدلاً من مجموعات وطنية. ظهرت التشريعات الوطنية الأولى في الدول الاسكندنافية في القرنين السابع عشر والثامن عشر. يمثل الجيل الثاني من التشريعات ، المتمثل في القانون المدني البروسي (1794) ، محاولات لتحقيق الوحدة القانونية وتقديم توليفة من الفكر السياسي والفلسفي في القرن الثامن عشر. جلب القرن التاسع عشر حركات أكثر انتشارًا للتدوين الوطني ، كان أولها قانون نابليون ، الذي تم تبنيه في فرنسا عام 1804. ومنذ ذلك الحين ، سنت دول أخرى_ ذات قانون مدني_ قوانين مماثلة ، مثلا القانون المدني الألماني (1896) ، والقانون المدني السويسري (1907) ، والقانون المدني الياباني (1896). عمل قانون نابليون والقانون المدني الألماني كنماذج للغالبية العظمى من القوانين المدنية الحديثة الأخرى حول العالم.
في بلدان القانون العام ، مثل بريطانيا العظمى والولايات المتحدة ، قوانين القانون العام هي الاستثناء وليس القاعدة ، إلى حد كبير لأن الكثير من القانون يستند إلى قرارات قضائية سابقة. تميل هذه التدوينات في الولايات المتحدة إلى أن تكون أضيق ، وتغطي أنواعًا مختلفة من الإجراءات أو قانون العقوبات والوصايا. تعتمد الدول قوانينها الخاصة ، على الرغم من وجود محاولات لإنشاء قوانين موحدة في مختلف مجالات القانون ؛ أكثرها شمولاً هو القانون التجاري الموحد ، الذي تم تبنيه من قبل العديد من السلطات القضائية في البلاد. في بريطانيا العظمى ، تم اعتماد بعض القوانين في مجالات ضيقة مثل البيع والشراكة ، ولكن تم القيام بعمل كبير في مراجعة وتوحيد القوانين الحالية.
في القانون الدولي كان هناك القليل من النتائج الملموسة ، على الرغم من الجهود الكبيرة في تدوين القانون الدولي العام والخاص. تم إعداد مسودات بشأن مسائل مثل التحكيم وبيع البضائع ، ولكن حتى الآن لم يتم التغلب على صعوبة تحقيق القبول من قبل الدول ذات الأنظمة القانونية المختلفة.
بحكم الواقع
بحكم الواقع ،مفهوم قانوني يستخدم للإشارة إلى ما يحدث في الواقع أو في الممارسة ، على عكس (حكم القانون) ، والذي يشير إلى ما تم تدوينه بالفعل في القانون القانوني . على سبيل المثال ، القائد الفعلي هو الشخص الذي يمارس سلطة على بلد ما ولكن شرعيته مرفوضة على نطاق واسع ، في حين أن القائد بحكم القانون له الحق القانوني في السلطة سواء كان من الممكن تنفيذ هذه السلطة أم لا. غالبًا ما تكون هذه المصطلحات مهمة في الأمور القانونية حيث تختلف الممارسة الواقعية – على الرغم من قبولها ومعروفها واستخدامها على نطاق واسع – عن المعيار القانوني.
في القانون الدولي ، لطالما كان هناك مسألة الحكومات الواقعية والقادة وشرعيتهم في الحكم. غالبًا ما ترتبط عبارة الأمر الواقع بالقادة والحكومات الذين اكتسبوا السلطة بوسائل غير مشروعة . وفقًا للبنك الدولي ، تأتي “حكومة الأمر الواقع” أو تظل في السلطة بوسائل غير منصوص عليها في دستور البلاد ، مثل الانقلاب أو الثورة أو الاغتصاب أو إلغاء أو تعليق الدستور. ” إذا اختارت المنظمات ، مثل البنك الدولي ، ودول أخرى ممارسة الأعمال التجارية مع القائد الفعلي أو الحكومة والاعتراف بها ، فيمكنها المساعدة في تأكيد هذا الكيان والتحقق من شرعيته .. وبالتالي ، فإن قرار الاعتراف بحكومة الأمر الواقع أو زعيم قد يكون مثيرًا للجدل ، وغالبًا ما يختلف قادة وحكومات البلدان الفردية، فيما يتعلق بالسياسة ، فإن أحد الأمثلة البارزة هو الدستور الفعلي لهونغ كونغ ، القانون الأساسي ، الذي تم تطبيقه بعد تسليم هونغ كونغ إلى الصين في عام 1997 من بريطانيا . تضمن الوثيقة للمواطنين بعض الحريات وحقوق الإنسان وتحافظ على درجة من الحكم الذاتي للمنطقة الإدارية الخاصة. تحتفظ بكين بالسلطة الوحيدة لتفسير هذا الدستور الفعلي ، ومع ذلك ، وبعد مرور عام على الاحتجاجات الجماهيرية المؤيدة للديمقراطية في عام 2019 ، فرضت قانونًا للأمن القومي ، أنهى العديد من الحريات التي يتمتع بها سكان هونغ كونغ. تعرض قانون الأمن القومي لانتقادات واسعة من قبل القادة الدوليين وحقوق الإنسان والمنظمات ، بما في ذلك منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش .
يمكن أن يكون الاختلاف بين الأمر الواقع والحكم القانوني مهمًا في الحالات التي تكون فيها مجموعة واحدة من الأشخاص محرومة أو محطمة ويعتمد الإجراء القانوني على تحديد ما إذا كان العلاج قد تم بطريقة غير رسمية ، أو بحكم الواقع ، أو عن طريق التحيز المعاقب ، بحكم القانون. في مثل هذه الحالات ، قد يكون من الصعب تحدي الممارسات الواقعية بنجاح. كان هذا صحيحًا بشكل خاص فيما يتعلق بإلغاء الفصل العنصري في الولايات المتحدة . في قضية براون ضد مجلس التعليم (1954) ، المحكمة العليا الأمريكية اعتبرت أن أنظمة المدارس العامة لا يمكن أن تحتوي على مرافق تعليمية منفصلة للطلاب البيض والسود. ومع ذلك ، في السنوات اللاحقة ، تم اتخاذ سياسات مختلفة والتي على الرغم من عدم تشجيع الفصل بشكل صريح (بحكم القانون) لا يزال لها هذا التأثير (بحكم الواقع). كانت هذه القضية المركزية في قضية ميليكين ضد برادلي (1974) ، والتي تضمنت مدارس منفصلة في ديترويت وضواحيها. في ذلك الوقت ، كانت ديترويت في الغالب من السود ، بينما كانت الضواحي المحيطة بها بيضاء إلى حد كبير. وفقًا للنقاد ، تم تحقيق هذا التفاوت العرقي ، جزئيًا ، من خلال سياسات الإسكان غير العادلة، التي تميز ضد السود. مع منع الطلاب السود من العيش في المناطق التعليمية في الضواحي ، قيل إن حدود المنطقة التعليمية عززت الفصل العنصري. وافقت محكمة أدنى ، وتم وضع خطة لنقل طلاب ديترويت إلى الضواحي. المحكمة العليا ، مع ذلك ، نقضت الاقتراح ، معلنة أنه لم يكن هناك “ما يدل على انتهاك كبير” من قبل المناطق التعليمية في الضواحي. بالنسبة لبعض المراقبين ، أيد هذا القرار الفصل بحكم الواقع.
كما أن الترسيم بين المصطلحين هو أيضًا موضع خلاف في تنظيم التجارة الدولية . في عام 2000 ، استعرضت منظمة التجارة العالمية (WTO) شكوى تتعلق باستيراد منتجات السيارات إلى كندا. كان الخلاف هو قوانين الضرائب في البلاد التي منحت رسومًا ورسومًا مخفضة للولايات المتحدة والمكسيك . تساءل الاتحاد الأوروبي واليابان عما إذا كانت الضريبة تضر ببعض المنتجات المستوردة بينما تمنح امتيازات لمنتجات أخرى. وكان الخلاف أيضا هو ما إذا كان أي امتياز هو بحكم الواقع ، يُمنح كمنتج ثانوي للقانون ، أو بحكم القانون ، يطبق من خلال ممارسة تمييزية متعمدة. اعتبرت منظمة التجارة العالمية أن هناك تمييزًا فعليًا، واضطرت كندا إلى تعديل سياساتها بشأن استيراد منتجات السيارات.
يمكن أيضًا استخدام الأمر الواقع في الحالات التي لا يوجد فيها قانون رسمي (بحكم القانون). ومن الأمثلة البارزة على ذلك لغة يتم التحدث بها على نطاق واسع في بلد ما وتستخدمها الحكومة لممارسة الأعمال التجارية على الرغم من عدم وجود لغة رسمية في الدولة ؛ على سبيل المثال ، اللغة الإنجليزية هي اللغة الرسمية بحكم الواقع للولايات المتحدة.
الهوية الوطنية الجامعة
حبيب حداد
ماهية الهوية الوطنية
عندما يتعرض مجتمع أو شعب ما لتحديات وأخطار داخلية أو خارجية ، تهدد استقراره ومصالحه وأمنه ، يبرز هنا بصورة جلية دور الهوية الوطنية باعتبارها الرابطة أو العصبية أو العروة الوثقى التي تستوعب وتتجاوز كافة الروابط والانتماءات الجزئية والثانوية ،وتوحد مجموع الجهد الوطني في مواجهة وصد تلك التحديات والأخطار وكذا في تنمية وتعزيز القدرات الذاتية لهذا الشعب لتحقيق ما يهدف اليه من إنجازات وأهداف.
الهوية الوطنية إذن بايجاز هي الصلة التي تربط بين الانسان – الفرد- المواطن بالمجتمع أو الوطن الذي يعيش ويحيا فيه ويكون الخلية أو حجر الاساس في بنيانه . وفي مجال العلاقة بين الفكر والشعور والواقع تتجلى الهوية الوطنية على صعيدين:
ا- صعيد الوعي والشعور والعاطفة : إذ يشعر المواطن الفرد بان حياته وما يحرزه فيها من تقدم ونجاح أو من إخفاق وفشل إنما يرتبطان إلى جانب جهده الذاتي بأحوال وطنه ، كما يشعر ان ما يجمعه بغيره من المواطنين يتجاوز كل الروابط الأخرى الثانوية من دينية ومذهبية وأهلية …،وهنا يتضح ان من أهم مستلزمات الهوية الوطنية صيانة التنوع والتعدد في إطار المصلحة العامة . فالمصالحة بين مفهوم التعدد والوحدة تشكل جزءا لا يتجزأ في كيان الهوية الوطنية والهوية العروبية الجامعة .
ب- صعيد الإرادة الموحدة والمصلحة المشتركة حاضرًا ومستقبلًا: إذ يشعر الناس في أوطانهم ،أنهم في كنف دولتهم الوطنية الديمقراطية التي تقوم على أركان العدالة والحرية والمساواة يستطيعون بناء المستقبل الذي ينشدونه والذي يستجيب لاحتياجاتهم المادية والروحية ، هذه الأمور التي لا يمكن تأمينها في موطن اخر إذا ما اختاروا سبيل النزوح والهجرة إلى أوطان أخرى..
يمكن بإيجاز إذن تعيين مقومات الهوية الوطنية المادية والروحية بأنها: الوطن الواحد ،الثقافة الموحدة، إذ أن اللغة الواحدة تكون روح الأمة وخصوصيتها والتاريخ المشترك يكون ذاكرة الأمة وشعورها العام، يضاف إلى ذلك وحدة الإرادة والمصلحة والمستقبل لجميع مكونات الشعب الاثنية والدينية والمذهبية.
تطور الهوية الوطنية
الهوية الوطنية بكل مقوماتها المادية والروحية التي أتينا على ذكرها لها طابع تاريخي يتعايش فيه القديم مع الجديد مرحليًا في مسار تطورها . فهناك عوامل ومقومات تصبح ثانوية أو تندثر . وهناك عوامل أخرى تنشأ وتضاف وتصبح أساسية مع تقدم الزمن ( الروابط الاثنية ، الاديان ،أنماط أنظمة الحكم، العدالة والمساواة ،الديمقراطية ، الحداثة ، الإمبريالية ،الاستعمار الثقافي ،العولمة …
الهوية الوطنية والانتماءات ما قبل الوطنية
يشكل جماع هذه الانتماءات فسيفساء الهوية الوطنية التي تكون مصدر غنى وقوة في إطار الدولة الوطنية الديمقراطية ، دولة الحق والقانون والمؤسسات الشعبية المنتخبة ٠ أمًا في المجتمعات غير الديمقراطية ، و بخاصة في هذا العصر بالذات ،عصر العولمة ، عصر التحديات الكبرى والفرص المتاحة فغالبًا ما تكون الهويات الوطنية في حالة وهن او تشظي في البلدان التي تحكمها أنظمة شمولية أو مستبدة والتي توفر المناخ الملائم لانبعاث وهيمنة الهويات والانتماءات الفرعية وماقبل الوطنية وتهديد الوحدة الوطنية . وفي المقابل فإن الأنظمة الديمقراطية تؤمن كل الحقوق الثقافية والمدنية لكل مكوناتها الاقوامية والاثنية انطلاقًا من ان تلك الثقافات هي تراث وملك الشعب كله.
الهوية القومية والهوية الوطنية
هذه حالة خاصة تتعلق بالوضع العربي الذي يشمل مجموعة من الأقطار والكيانات نتيجة ظروف تاريخية أدت إلى هذا الواقع. لقد كانت حركة القومية العربية عند نشأتها في النصف الثاني من القرن التاسع عشر حركة كفاح وطني للتحرر من الاستعمار المباشر والاستيطاني . بعد الاستقلال كانت هناك تيارات وحركات سياسية عدة تحمل الفكر القومي التقليدي مما أعطى لحركة التحرر العربية عند البعض طابعًا شوفينيا أو اثنيا . وهكذا ففي ظل غياب الحياة الديمقراطية وتدني مستوى الوعي الشعبي تصاب الهوية الوطنية بالضعف والتشويه والهوان وتتراجع ثقافة وقيم المجتمع المدني والسياسي لحساب الروابط والولاءات ما قبل الوطنية ،
لذا فمنذ نهاية القرن الماضي ولتجاوز هذه الإشكالية المتعلقة بمفهوم القومية العربية وبالتالي الرابطة القومية التي قد تحمل عند البعض مضمونًا شوفينيا او عصبويا ، دعا الكثير من المفكرين العرب ،ونحن نتفق معهم ، إلى الاستغناء عن استخدام مصطلح رابطة القومية العربية برابطة أو هوية العروبة التي هي رابطة ثقافية تاريخية حضارية تجسد الإرادة الموحدة والمصلحة المشتركة للشعوب العربية في الحاضر والمستقبل ، فالعروبة كهوية وكحركة تاريخية تهدف إلى تكامل أو وتوحيد الكيانات العربية في أي إطار يجسد إرادة شعوبها ٠ وهذا المستقبل المنشود يمكن بلوغه في مسار أو إستراتيجية عامة تستند مرحلتها الأولى على إقامة أنظمة وطنية ديمقراطية تجسد إرادة شعوبها في الكيانات العربية الحالية ، اي قيام الدولة – الأمة في كل منها للانتقال بعد ذلك لبناء كيان دولة الأمة. إذن تتلخص مراحل هذه الاستراتيجية بواقع أقطار متحررة تجسد إرادة شعوبها في السير على طريق التكامل والتوحيد في كيان كونفدرالي او أية صيغة مرحلية أو نهائية تؤمن تحقيق الأهداف المشتركة لتلك الكيانات في مواصلة التنمية المستدامة و التقدم وصيانة أمنها القومي في هذا العصر بالذات ،عصر التكتلات الكبرى والأقطاب الدولية ، كما يكفل لها المساهمة الفاعلة في إرساء أسس نظام دولي جديد يوفر الحرية والعدالة والسلام لكل شعوب العالم .
في ضوء ذلك يمكن إيجاز المسار المرحلي المستقبلي لنهضة مجتمعاتنا العربية التي لا يزال معظمها يعيش حياة القرون الوسطى بكونه بناء الدولة -الأمة في كل منها أولآ والانتقال بعدها الى بناء دولة الأمة او اي كيان وحدوي يجسد ارادة شعوبها . هذا هو المسار التحرري النهضوي الذي يكفل لشعوبنا مواكبة مسار العصر وهذا هو المسار الذي يعبر أصدق تعبير عن رسالة الأمة العربية: الأفق الإنساني تاريخيًا والأفق الإنساني مستقبلاً.