الحلول المطروحة على مسار الأزمة الرئاسية اللبنانية

لم يكن لبنان ذو دور ثانوي في قضايا المنطقة، بل كان في لب التفاعل الحي معها، وانعكاسا لها في التوازنات الداخلية، والعلاقات بين القوى السياسية فيه. يمر لبنان بأزمة اقتصادية وسياسية عميقة، هما آتيان بسبب التوجهات الدولية او منظور القوى الكبرى لموقع لبنان من جهة أولى في السوق العالمية ومن جهة ثانية لموقعه الممكن في قضايا المنطقة والعالم، ولا يمكن فصل الازمات الاقليمية والدولية عن الحراك السياسي في لبنان والعلاقات بين القوى السياسية الكبرى فيه. وفي هذا الإطار تطرح السعودية وفق مصادر العماد جوزيف عون كرئيس للبنان في شبه تفويض امريكي لها،  وتطرح فرنسا سليمان فرنجية بعد تفويض امريكي لها، وبين هذا وذاك، تلعب إيران دورها من خلال حزب الله وحركة امل او الثنائي الشيعي، في ظل انقسام في البيت المسيحي الماروني حول الرئيس الجديد، وفي ظل هذه النقاشات والتفاعلات والرؤى المطروحة من قبل دول إقليمية وعربية ودولية، يقدر بعض السياسيين ان حل الازمة الرئاسية سيتم في 23 شباط من العام 2023، وستتوافق مع حل المسألة السورية من خلال اللقاء الثلاثي بين تركيا وروسيا والسلطة السورية، ومع توافق حول حل تسووي للازمة الاوكرانية بين قوى النزاع.

تريد امريكا من خلال الحرب الاوكرانية اضعاف الاتحاد الأوروبي، وجعله بموقع التابع وليس بموقع قطبي تابع لها،  فهي تريده منفذ لاجنداتها دون سؤال، وهذا ما انعكس من خلال التفويض الامريكي لفرنسا لطرح رئيس جديد في لبنان،  رغم عدم الاتفاق في مؤسسات القرار الامريكي حول الرئيس الجديد للبنان ودوره المناط به.

هذه القضايا تطرح من جديد مدى قدرة الواقع اللبناني على انجاز دولة المواطنة المتساوية بدلا من ديمقراطية المكونات الفاعلة فيه؟،وإلى أي مدى يمكن للقوى اليسارية العروبية منها والشيوعية على قدرتها لفرض أجندتها الوطنية والشعبية على القوى السياسية الكبرى التابعة لاجندات خارجية.
في النهاية،  هل لبنان قادر على لعب دور عروبي في السياسة العربية؟  وهل قادر على انجاز تحول في طبيعة ومرتكزات النظام السياسي القائم،  وبالتالي في بنية السلطة القائمة نحو واقع جديد يحقق جزءا من متطلبات المرحلة الراهنة لبنانيا وشعبيا ومن حيث التراكم الرأسمالي الوطني؟  

من العدد ٧٢ من جريدة المسار