يوسف الطويل
لقد خرج الاستعمار التقليدي من البلاد العربية مفضلاً الاستعمار الاقتصادي مع القواعد العسكرية لحماية مصالحه الاستراتيجية، ويأتي في هذا السياق، ترسيخ علاقات كولونيالية تابعة في الأطراف بما يؤدي إلى استدامة الهيمنة الإمبريالية على دول الأطراف، موظفة هيئات ومؤسسات دولية تخدم استدامة هذه الهيمنة من خلال قوتها الاقتصادية لجعل دول الأطراف مكانا لفائض الإنتاج ونقل الأزمات البينية والمركزية لها ومصدراً للمواد الأولية.
فالمركز الإمبريالي من خلال سيطرته على الأنظمة التابعة لبلدان الأطراف إنما يعيد تجديد نفسه وإعادة إنتاج نفسه كمركز إمبريالي من جهة ومنظومة علاقات رأسمالية متطورة من جهة أخرى، من خلال إبقاء دول الأطراف على تبعيتها الدائمة والمستدامة للمركز الإمبريالي، وهذا الذي يساعد على إعادة انتاج المركز الإمبريالي كمركز إمبريالي.
إن هذه العلاقة بين المركز الأطراف يطرح على القوى الاشتراكية والشيوعية واليسارية بشكل عام مهمة تعزيز التضامن الطبقي بين الطبقات العاملة في المراكز والأطراف، كون إعادة إنتاج المركز الإمبريالي كمركز إمبريالي ينتمي في جزء كبير منه إلى منظومة العلاقات الكولونيالية للأطرف كونها جزء من إعادة إنتاج المركز الإمبريالي لنفسه وذاته بشكل خاص ، فمهمة الثورة الاشتراكية في المراكز الإمبريالية لن تحقق ذاتها من غير دعم شعوب دول الأطراف وعلى رأسها الطبقة العاملة وحلفائها لهذه الثورة ، كون كما أشرت أعلاه إن إحدى المهام الرئيسية للبنى الاجتماعية لدول الأطراف هي إعادة إنتاج المركز الإمبريالي كمركز إمبريالي توسعي مهيمن على نظام العلاقات الدولية بين المراكز والأطراف ، وبالتالي بما أن عملية إعادة إنتاج المركز الإمبريالي لذاته متعلقة بجزء كبير منه من خلال استدامة العلاقات الكولونيالية في الأطراف والإبقاء على البنية الكولونيالية لمجتمعات الأطراف ، فإن النضال الطبقي السياسي بين القوى الشيوعية في المراكز لا يمكن أن يحقق هدفه من غير دعم القوى الطبقية العمالية في الأطراف لها ، وهذا ما يطرح مدى إمكانية ترسيخ التضامن الطبقي بينهما وبلورة علاقة نضالية ناتجة عن العلاقة الموضوعية بين المركز والأطراف بينهما.
فهل ستعي القوى الشيوعية العالمية واليسارية والإنسانية لأهمية هذه العلاقة ولهذه العلاقة بالذات؟ وهل سيحدث تعاون نضالي بين هذه القوى في المستقبل القريب؟