بسبب الوضع المعيشي الكارثي الذي وصل له الأهالي في محافظة السويداء ، خرجت المظاهرات مطالبة بتحسين الوضع المعيشي ( من خلال المطالبة بربط الأجور بالأسعار ورفع أجور العاملين بأجر في قطاع الدولة ومحاسبة ناهبي المال العام ) وبعض المطالب التي تخص أسعار المواد وللمطالبة بتراجع الحكومة عن رفع الدعم لآلاف الأسر في المحافظة والتي منها تلك التي قدمت أولادها من أجل بقاء السلطة وعدم سقوطها .
من المفيد القول ،من أجل التعلم من هذه التجربة، أن هناك اهمية لانخراط هذا الحراك في إطار مشروع وطني ديمقراطي كامل ، ولكتابة مطالب عامة تخص المجتمع ككل ( كإنجاز الحل السياسي ، كونه باب لتحسين الأوضاع العامة المتدهورة ) ومطالب خاصة محلية لمحافظة السويداء لحفظ الحراك من أي جذب لأجندة خارجية ومشاريع دولية وإقليمية ، ولبلورة برنامج متكامل يتقاطع مع المصالح الجمعية لكلية المجتمع ، وإلا فأن الحراك لن يستطيع أن يحقق الحد الادنى من مطالبه ، وسيجلب التدخل الخارجي والعنف والتطييف والمشاريع المذهبية والتقسيمية ، فالسويداء محافظة ككل المحافظات تعاني من سياسات السلطة التي كانت سياساتها الاقتصادية في العشر سنوات الماضية تتجه أساساً لاستغلال ظروف الأزمة والحصار الخارجي من أجل احداث فرز طبقي جديد أصبح فيه80بالمئة من السوريين تحت خط الفقر وأصبحت قلة مرتبطة بالسلطة هي صاحبة الثروة وهي المتحكمة بكل مفاصل الاقتصاد،فيمادول أخرى استغلت ظروف مماثلة من حصار الخارج للتخطيط من أجل بناء اقتصاد داخلي قوي مثل ايران وكوبا. كماأن ترهل عملية التنمية في محافظة السويداء قد زاد في معاناة الأهالي ، وهنا يتقاطع أهالي المحافظة مع كل أهالي المحافظات الأخرى في المشروع الوطني التغييري العام الشامل لمنع تدهور الاوضاع العامة ( الأمنية والسياسية والمعيشية ) ، وقد أدى ترهل التنمية فيها لهجرة آلاف الشباب إلى الخارج بمحاولة لتكوين ثروات لتأمين مستقبلهم المعيشي ومستقبل أولادهم ، ويأتي الحراك الشعبي في إطار قضايا مطلبية أكثر منها سياسية ، لكن تأتي أهميته من خلال دفع الناشطين بسبب تعنت السلطة إلى الإنخراط في مشروع وطني ديمقراطي يتقاطع مع بقية أبناء شعبنا الذي يعاني الأمرين ، ولا شك أن هناك محاولات لتغذية العنف والعنف المضاد في المحافظة كمقدمة لجلب التدخل الخارجي وتطييف هذا الحراك الشعبي الذي يعبر في جوهره عن المصالح الحيوية لأهل المحافظة الذين يتقاطعون مع المصالح الحيوية ومعاناة أبناء شعبنا في بقية مناطق سيطرة السلطة .
في النهاية وباختصار ، هناك أهمية لانخراط الحراك ضمن مشروع وطني ديمقراطي ، لأن السلطة عاجزة عن حل المشكلات التي يعاني منها أبناء شعبنا في محافظة السويداء ، بسبب بنيتها القائمة على الأحادية والإقصاء الذين يفرض على قوى الشعب الحية الديمقراطية العمل وذلك من أجل التقريب بين الرؤى لبلورة البرنامج الديمقراطي الذي سيحل الأزمة الاقتصادية من خلال حله للأزمة السياسية ، كون الازمة السياسية آتية من خلال إنتاج وإعادة إنتاج التبعية على المستوى الاقتصادي للسوق العالمية من خلال تحول الطابع البيروقراطي للطبقة السياسية الحاكمة إلى طبقة طفيلية وكيلة تثبت التخلف والجهل والفساد والإفساد ضمن بنى المجتمع ، مما جعل ويجعلها معيقة لأي عملية تغيير ديمقراطي.
إن تقريب النضال المطلبي إلى العمل السياسي الصحي وبلورة برنامج ديمقراطي يضم المطالب التي على رأسها إنجاز الحل السياسي التسووي للأزمة السورية هو تقدم في إطار تشكيل أوسع تحالف وطني ديمقراطي للقوى الوطنية والديمقراطية والشعبية لدفع الواقع السياسي القائم إلى تغيير “ما” في بنيته القائمة ، وهذا ما يؤكده وجود عناصر ضمن البنية الاجتماعية السورية ( إذا ما وعت لمهمتها التاريخية ) لدفع البلاد نحو تقدم ملحوظ ضمن العملية السياسية ، ومحاصرة القوى التي لها مصلحة في استمرار العنف والعنف المضاد وتدهور الأوضاع العامة ، من خلال الاتفاق على الحل السياسي الممكن والواقعي بين السلطة والمعارضة ومنظمات المجتمع المدني بحوار سوري سوري وعلى أساس القرارات الدولية ذات الصلة بالقضية السورية.
الصورة من صفحة السويداء ٢٤ على الفيسبوك