في يوم الاثنين 25 تشرين الأول/أكتوبر 2021 حصل انقلاب عسكري في السودان على نظام الحكم الانتقالي، الذي بدأ في السودان في 19 آب/أغسطس 2019 وكان طرفاه الجيش والقوى المدنية الممثلة في “قوى إعلان الحرية والتغيير”، ثم أصبح له طرف ثالث ممثلاً في الحركات المسلحة في دارفور (“حركة تحرير السودان” بقيادة مني آركي مناوي و “حركة العدل والمساواة” بقيادة جبريل ابراهيم) التي وقعت على اتفاقية جوبا للسلام في 3 تشرين الأول/أكتوبر 2020. قام قادة هذا الانقلاب بحل مجلس السيادة ومجلس الوزراء وإعلان حال الطوارئ.
هذا الانقلاب هو الرابع في السودان، الذي هو البلد العربي الوحيد التي أسقطت فيه الحركة الجماهيرية السلمية النظم العسكرية الثلاث في ثورات أكتوبر 1964 وأبريل 1985 و 19 ديسمبر 2018-11 أبريل 2019، ولكن عندما كان نظام عمر البشير على وشك السقوط في فترة 6-10 أبريل 2019 بادرت قيادة الجيش، ومعظم طاقم النظام، إلى اعتقال البشير والصف الأول من النظام، للالتفاف على الحركة الجماهيرية ومن أجل منع قيام نظام ديمقراطي مدني، إلا أن العسكر لم يستطيعوا الحكم بمفردهم واضطروا بعد أربع أشهر لتوقيع اتفاقية الشراكة مع “قوى اعلان الحرية والتغيير” وهو ما رفضه الحزب الشيوعي السوداني وحذر من فشله.
يأتي الانقلاب في السودان قبل شهر من موعد تسليم المدنيين رئاسة مجلس السيادة الحاكم وفقاً لاتفاق الشراكة،وفي ظرف الخلافات بين “قوى اعلان الحرية والتغيير “والحركات المسلحة التي انحازت وأيدت انقلاب العسكر. أيدت الانقلاب قوى اقليمية، مثل مصر وبعض دول الخليج و “اسرائيل” التي كان المكون العسكري هو القوة الدافعة للتطبيع معها، فيما أدانت الانقلاب دول الاتحاد الأوروبي ومنظمة الاتحاد الأفريقي، بينما قامت الولايات المتحدة بإدانة الانقلاب في بيانات رسمية، ولكن علاقاتها مع عسكر السودان الذين شجعتهم على التطبيع مع “اسرائيل” كطريق لرفع السودان من “قائمة الدول الراعية للارهاب” ومن أجل تصفير ديونه يمكن أن تؤدي إلى تكرار سيناريو ماحصل من مواقف أميركية حيال انقلاب العسكر في مصر عام 2013 التي انتهت بتأييد واشنطن للحكم العسكري المصري القائم.
نحن في الحزب الشيوعي السوري (المكتب السياسي) ندين الانقلاب العسكري في السودان ونتضامن بقوة مع القوى الديمقراطية السودانية التي نزلت للشارع في تحركات جماهيرية سلمية ضد الانقلاب، وكان أولها الحزب الشيوعي الذي ثبت صواب رؤيته لمخاطر أي شراكة في الحكم مع العسكر، ونحن ندعو إلى الوعي لمخاطر اتجاهات دولية-اقليمية-محلية في الوطن العربي تدفع باتجاه الالتفاف على الحركات الجماهيرية، التي أظهرتها مجتمعات عربية عدة خلال العشر سنوات الماضية ضد أنظمة عسكرية أو يديرها العسكر من الخلف، وذلك من أجل العودة إلى حكم العسكر أو لتشارك المدنيين معهم في السلطة، وهو أمر رأيناه في مصر 2013 وفي سودان 2019-2021 وفي ليبيا مع خليفة حفتر، فيما الجزائر في مرحلة ما بعد بوتفليقة لا تختلف الآن عن وضعها بعهده عندما عزلته المؤسسة العسكرية بعد ثورة جماهيرية ضده عام 2019 وأتت برئيس مدني يحكم العسكر من خلفه.
لا للحكم العسكري
لا لتشارك المدنيين مع العسكر في الحكم
نعم للديمقراطية التي تعني خضوع المؤسسة العسكرية للحكم المدني المنتخب بآليات ديمقراطية.
29 تشرين الأول/أكتوبر 2021
الحزب الشيوعي السوري (المكتب السياسي)