جريدة بيرغون التركية
الصحفيّة زيلان أكاي
أجرت الصحيفة التركية بيرغون لقاء مع نادر عازر، عضو الحزب الشيوعي السوري (المكتب السياسي)، ونشر اللقاء بتاريخ ٧ تشرين الأول ٢٠٢١، أدناه نسخة مترجمة من اللقاء.
بينما كان التطور الأكثر أهمية فيما يتعلق بسوريا في الأيام الأخيرة هو أزمة إدلب، أصبحت حكومة دمشق مرئية مرة أخرى على الساحة الدولية. بعد مرور المحادثات التي أجراها دبلوماسيون سوريون في الجمعية العامة للأمم المتحدة، عززت المحادثات الرسمية الأولى مع الأردن ومصر منذ 10 سنوات قبضة إدارة دمشق. بينما يراكم الرئيس السوري بشار الأسد السلطة مرة أخرى في الميدان وعلى الطاولة بدعم من روسيا وإيران، تراجع الأحزاب الشيوعية في البلاد أيضاً مواقفها السياسية الحالية.
الحزب الذي انشق عن الحزب الشيوعي السوري الذي تأسس عام 1924، وأصبح المكتب السياسي الحزب الشيوعي السوري (المكتب السياسي) عام 1972.
نادر عازر، عضو الحزب الشيوعي السوري (المكتب السياسي)، هو أيضاً أحد أعضاء الحزب الذين يعيشون في الخارج. تحدثنا مع عازر المقيم في السويد، عن آخر الأوضاع في سوريا، وموقف حزبه، وتطورات خط دمشق – أنقرة، ومستقبل اليسار في البلاد. كما يتابع عازر العلاقات التركية السورية عن كثب ويقول: “إذا أمكن رسم طريق بين تركيا وسوريا، فلن يكون تحت حكم حزب العدالة والتنمية في تركيا في المستقبل القريب”.
تأثر حزب العدالة والتنمية بالحركات المسلحة والإسلامية
وقال عازر إن تدخل جميع الدول، بما في ذلك تركيا، في الشؤون الداخلية لسوريا “غير مقبول”، وقال “نحن في الحزب الشيوعي السوري (المكتب السياسي) ضد كل التدخلات الخارجية في سوريا. كل الدول التي تتدخل في شؤوننا الداخلية لها مصالحها الخاصة. قد يتفقون أو لا يتفقون على قضية معينة، لكن هذا لا يخدم الشعب السوري”.
وعن أوضاع الولايات المتحدة في البلاد، قال عازر: “إن الولايات المتحدة تريد الضغط على تركيا من خلال حزب الاتحاد الديموقراطي، وجر روسيا إلى المستنقع السوري. إضافة إلى ذلك، تمارس الولايات المتحدة ضغوطاً على إيران للحد من نفوذها الإقليمي، ولضمان أمن إسرائيل وما يسمونه محاربة داعش، وعلق على مزاعم عقد اجتماع في العاصمة بغداد على النحو التالي: “أي مفاوضات بين تركيا وسوريا ذات طبيعة أمنية لا يمكن أن تؤدي إلى حل سياسي. إن الحكومة التركية تعمل أيضاً من أجل مصالحها الخاصة. كما أن فراغ القوة العربية أدى إلى صعود قوى إقليمية مجاورة مثل إيران وتركيا وإثيوبيا، وامتد إلى التلاعب بالشؤون الداخلية للدول العربية من خلال الطوائف الدينية. لقد أثرت تركيا على الأحزاب الإسلامية والحركات المسلحة في سوريا”.
أرادت الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا الاحتفاظ بها بعيداً عن إدلب
وحول إدلب التي تعد آخر جبهة نشطة للحرب في البلاد، قال عازر، إن “مستقبل إدلب مرتبط بمستقبل الحل السوري ككل، لذا فهو مهم” وأن تركيا والولايات المتحدة وأوروبا. دول تحاول إبقاء إدلب خارج سيطرة الحكومة السورية. وتجمع آلاف المقاتلين من مختلف الجماعات العسكرية في إدلب لكنهم خضعوا لسيطرة هيئة تحرير الشام، وهي تنظيم سلفي جهادي. بينما يريد النظام السوري، بدعم من روسيا وإيران، استعادة سيطرته على جمع أنحاء البلاد، تريد تركيا والولايات المتحدة وأوروبا إبعاد إدلب عن سيطرة النظام السوري والضغط عليه ومنع أزمة لاجئين جديدة.
تعتبر الأزمة الاقتصادية في سوريا، والتي تؤثر بشكل كبير على المواطنين، من أهم القضايا. وقال عازر “إن المساعدة الاقتصادية التي تقدمها إيران وروسيا للنظام السوري غير كافية بالطبع. كما أن الحل ليس اقتصادياً بل سياسياً. ومن الصعب جداً، وربما مستحيل، تحسين الاقتصاد السوري دون حل سياسي”، في إشارة إلى لمحادثات جنيف التي عقدت في يونيو 2012 كحل.
وقال عازر: “إن مفتاح التغيير هو إعلان جنيف 1. يجب تقديم الدستور للاستفتاء وإجراء الانتخابات حسب الدستور الجديد، ويجب فتح المجال أمام كل التعبيرات الفكرية-السياسية لكي تنتظم في العملية الديمقراطية”. وقال: “لا توجد طريقة أخرى لعملية التغيير الديمقراطي ولا توجد طريقة أخرى لتجاوز الأزمة السورية”.
وتابع عازر الذي يرى الأطراف في حرب السنوات العشر في البلاد على أنهم “أطراف لا تستطيع هزيمة بعضها البعض”، على النحو التالي: “السوريون منقسمون إلى ثلاثة تخوم: موالاة ومعارضة وتردد، وكانت هذه التخوم الثلاثة عابرة للطوائف والأديان وإن كان غالبية كاسحة من الطوائف الإسلامية غير السنية مع السلطة وكذلك عند المسيحيين، فيما يلاحظ أن هناك انقساماً واضحاً منذ بداية الأزمة وعلى أسس اقتصادية-اجتماعية-ثقافية-سياسية، بين السنة العرب السوريين يجعلهم يصطفون في مواقع مختلفة في الموالاة والمعارضة والتردد. لم يستطع النظام السوري والمعارضة المسلحة أن يهزم أحدهما الآخر، ولم يتوصلا إلى حل. تسبب ذلك في أزمة سورية عامة استغلت من قبل دول المنطقة، والقوى الدولية لتتحول الى أزمة محلية وإقليمية ودولية تتطلب حلاً على نفس المستوى”.
ركز على المذهب العقائدي وتوحدوا
وأشار إلى أن الماركسيين يجب أن يستفيدوا أكثر من غيرهم من تراجع الخط الإسلامي السياسي مع انهيار الإخوان المسلمين في مصر ودول المنطقة، قال عازر: “التركيز على العلمانية التي تمثل حياد الدولة ضد الأديان والطوائف والمعتقدات السياسية. ومن الضروري التأكيد على لامركزية إدارية واسعة ورفض الفيدرالية”.
وأضاف عازر قائلاً إن على الماركسيين السوريين أن يعملوا معا: “هناك مؤشرات كثيرة على وجود موجة يسارية جديدة في العالم العربي. هذه الموجة واضحة في سوريا ومصر وتونس وخاصة بين الشباب. يجب على الماركسيين السوريين القيام بذلك. من أجل حل، نحن كحزب نعمل على ثلاثة خطوط، الأول هو الخط الوطني العام حيث نتلاقى فيه مع الأحزاب الوطنية الأخرى، والثاني هو اليساري العام حيث نتلاقى فيه مع قوى يسارية عروبية وكردية وماركسية، والثالث نبحث فيه عن طرق لتوحيد الماركسيين مع قيادة سياسية مركزية مع بقاء تنظيماتهم كمدخل الى التوحد في حزب يجمعهم في تنظيم واحد وبرنامج سياسي واحد”.