الدكتور جون نسطة
في مثل هذا اليوم، الثاني والعشرين من شهر حزيران عام ١٩٤١، بدأ الجيش الهتلري الألماني مع حلفائه هجوما مفاجئاً على الاتحاد السوفييتي. لم تكن القيادة السوفييتية وعلى رأسها جوزيف ستالين تتوقع هذا الهجوم، رغم تحذيرات عديدة من قبل عدد ليس قليل من الجواسيس الروس وبعض الدبلوماسيين الغربيين، والتي لم تجد أذناً صاغية من قبل القيادة.
سارعت الجيوش الهتلرية التقدم، على قاعدة الأرض المحروقة، من بشر وحجر، حتى وصلت إلى أبواب لينينغراد وستالينغراد وحتى قريباً من موسكو. وهنا كان الصمود الأسطوري والذي لا يوصف وليس له مثيل في تاريخ حروب البشرية.
كان هتلر يسعى للوصول إلى منابع البترول في القفقاس لتغذية جيوشه على باقي الجبهات.
بعد معركة ستالينغراد بدأ العد التراجعي للهجوم الألماني، وبدأت جيوش ألمانية بكاملها تستسلم وتدخل في معسكرات الأسرى، رامية بأعلامها الهتلرية على الأرض.
وبدأت الجيوش السوفياتية بخطة الهجوم عوضاً عن خطط الدفاع. ودامت هذه الحرب الدامية قرابة اربع سنوات طويلة عانت الشعوب السوفياتية، من أوكرانية، وبيلاورسية، ومن جمهوريات البلطيق وروسيا في المقدمة ويلات وجرائم إبادة جماعية لم يسمع بمثلها من قبل. فقد قدم الاتحاد السوفيتي ٢٧ مليون ضحية ومئات الآلاف من الأسرى وعبيد العمل.
كانت النازية الهتلرية تعتقد بأن هذه الشعوب هي من أنصاف البشر، ويجب التخلص منها أو استغلالها كعبيد إنتاج في المصانع الالمانية. هم شعوب أصحاب ثقافة منحطة ولهذا قامت جيوشها بتدمير كل المعالم الثقافية من تماثيل إلى دور أوبرا ومسارح ومراكز ثقافية. المفاهيم النازية الحمقاء لم ير العالم مثيلاً لها من الظلامية والعنصرية.
انتهت الحرب في الثامن من أيار من العام ١٩٤٥، بتحرير برلين وانتحار هتلر وغوبلز وغيرهم من قادة النازية البغيضة. ورفع العلم الأحمر على مبنى الرايشستاغ، البرلمان.
اليوم تتذكر كافة الشعوب المنتصرة والمهزومة هذا اليوم بمشاعر مختلفة.
في الاتحاد الروسي تحيي أهم المدن الروسية هذه الذكرى الأليمة باستعراضات متعددة من أهمها الوقوف بإجلال أمام نصب الضحايا.
وفي ألمانيا يقوم رئيس الدولة السيد شتاينمير بوضع إكليل من الزهور أمام نصب ضحايا الحرب السوفييت في قلب العاصمة برلين. وفي خطاب له قبل أيام قليلة تعرض إلى حقيقة أن الشعوب السوفياتية دفعت الجزء الأكبر من الضحايا في عملية التحرير من النازية، مذكراً الشعب الألماني بهذه الحقيقة التي باتت شبه منسية.
وبالنسبة لنا الشعوب العربية، تقدم لنا هذه الحرب دروسا هامة بأن نيل الحرية والانتصار على الاستبداد والديكتاتورية والفساد، تستلزم دائماً وقوداً حزينة لتبقى مشاعل الحرية مرتفعة وعالية في ساحات النضال المستمر حتى تحقيق النصر المرتجى والأكيد.