خواطر فلسطينية

الدكتور جون نسطة

منذ أيام عديدة وانا أحاول متابعة استرجاع ما تبقى من زوايا الذاكرة وكتابتها، ولكن احداث القدس وتطوراتها السريعة لم تسمح لي بمتابعة الكتابة بهذا الاتجاه.

اسرائيل دولة العدوان المحتلة للقدس والضفة الغربية والجولان السوري، تحاول تهويد القدس وتهجير المقدسيين من بيوتهم ومصادرتها، وتمنع الفلسطينين من اقامة صلواتهم في المسجد الاقصى، وتعتدي عليه وفي داخله بقنابل الدخان والرصاص المطاطي، واعتقال المئات من المدافعين عنه تكشف عن وجهها الحقيقي.

ولم يكن في حسبانها، بان الشعب الفلسطيني سوف يهب في كل أماكن تواجده، في غزة الصامدة، وفي الضفة الغربية، وفي داخل اسرائيل نفسها، لنصرة بيت المقدس وأهله الأبطال.

ان تل ابيب نفسها أصبحت لأول مرة تحت مرمى صواريخ المقاومة الفلسطينية في غزة، الأمر الذي  لم يكن احد يتوقعه، وفي يوم واحد انطلقت من غزة أكثر من ألف صاروخ باتجاه كافة مدن الاحتلال. ونزلت جماهير الشعب الفلسطيني في كل مدن الكيان الصهيوني في حيفا ويافا وعكا واللد والناصرة إلى الشوارع والساحات تندد بالعدوان على القدس عاصمة فلسطين بل عاصمة العرب، وتعبر عن قهرها التاريخي منذ النكبة إلى اليوم، وتحاول رفع الظلم عنها.

فالكيان الصهيوني يدعي بأنه الدولة الديموقراطية الوحيدة في المنطقة، في الوقت الذي يمارس فيه التمييز العنصري بأبشع تجلياته، من اقامة الجدار العنصري المدان من محكمة الجنايات الدولية، الى معاملة الفلسطينيين كمواطنين من الدرجة الثانية او الثالثة، الى اعلان يهودية الدولة، لاغياً بذلك دولة المواطنة.

ان هبة الشعب الفلسطيني في هذه الأيام المجيدة ان هي الا محاولة جدية، لمسح وصمة العار، في هزيمة حزيران، عن جبين الأمة، وهي بالوقت نفسه تشكل صفعة قوية لدول التطبيع وقادتها المتخاذلين.

والشعب السوري الذي يعتبر القضية الفلسطينية قضيته الاولى، لا يستطيع الآن حتى عن التعبير عن مشاعر غضبه تجاه العدوان الصهيوني، ولا عن تضامنه مع شعبنا الفلسطيني، بفعل فقدانه لحريته وتكبيله من قبل أجهزة المخابرات الظالمة.

نضال الشعب السوري من أجل نيل حريته، هو بنفس الوقت نضال من أجل حقه بمقاومة الاحتلال ونصرة الشعب الفلسطيني.

تحاول اسرائيل والولايات المتحدة من وراءها، ان تصور نفسها ضحية العدوان الفلسطيني، وان من حقها الدفاع عن نفسها…هكذا نفس الأسطوانة القديمة المنكسرة منذ حرب 1967 واحتلال أراض لثلاثة دول عربية.

كنت اتمنى لو كنت شابا، لذهبت إلى أرض المعركة، الى القدس، الى فلسطين واغني مع ام كلثوم…. إلى فلسطين خذوني معكم، فقد صار عندي الآن بندقية.

من العدد ٥٢ من جريدة المسار