سلسلة رؤساء وزراء سوريا: جميل مردم بك

ولد جميل مردم بك في دمشق عام 1895 لعائلة ارستقراطية تعمل في التجارة والزراعة. درس في دمشق ثم التحق بمعهد العلوم السياسية في باريس، حيث عمل على تأسيس الجمعية العربية الفتاة الرامية لتحرير سورية من الحكم العثماني وشارك في تنظيم المؤتمر العربي  بباريس سنة 1913 وانتخب أميناً عاماً له، فحكم عليه بالإعدام من قبل جمال باشا حاكم سورية العسكري وظل مقيما في فرنسا حتى نهاية الحرب العالمية الأولى، كما سافر إلى دول أمريكا اللاتينية لتقوية روابط الصداقة بين جمعية الفتاة والجالية العربية المقيمة هناك.

عاد بعدها الى دمشق وبايع الأمير فيصل بن الحسين حاكما عربيا على سورية وعند تشكيل حكومة الفريق رضا باشا الركابي عين جميل مرد بك معاونا لوزير الخارجية الدكتور عبد الرحمن الشهبندر.

بعد سقوط الحكم الملكي في سورية وفرض الانتداب الفرنسي سنة 1920 انضم جميل مردم بك إلى صفوف الحركة الوطنية بقيادة عبد الرحمن الشهبندر، وشارك بتأسيس حزب الشعب، الذي كان يهدف إلى تحرير البلاد من أي هيمنة أجنبية وتأسيس حكم ملكي في سورية يكون العرش فيه لأحد أبناء الشريف حسين بن علي، قائد الثورة العربية الكبرى. انطلقت أعمال الحزب في صيف عام 1925 وانضم عدد كبير من الوطنيين إلى صفوفه، مثل فوزي الغزي وفارس الخوري ولطفي الحفار. ولكن الحزب لم يستمر بالعمل إلا قليلاً فقد تم القضاء عليه يوم إعلان الثورة السورية الكبرى عام 1925، بسبب موقف أعضائه المؤيد لزعيمها سلطان باشا الأطرش. عَمل جميل مردم بك مع الشهبندر وقادة حزب الشعب على نقل الثورة من جبل الدروز إلى دمشق، وقام بشراء السلاح وتهريبه إلى ثوار الغوطة عبر قريته في حوش المتبن. فأمرت فرنسا باعتقاله ونفيه إلى سجن قلعة أرواد ومن بعدها وضعته تحت الإقامة الجبرية في مدينة يافا الفلسطينية، حيث بقي حتى انحسار الثورة في منتصف عام 1927.

وبعد خروجه من المعتقل، انضم جميل مردم بك إلى تنظيم سياسي جديد حمل اسم الكتلة الوطنية، عام 1928، برئاسة هاشم الأتاسي، أحد زعماء الحركة الوطنية السورية. سعت الكتلة الوطنية إلى تحرير سورية من الحكم الفرنسي عبر النضال السّياسي وصناديق الاقتراع، رافعة شعار “التعاون المشرف” مع حكومة الاحتلال من أجل تحقيق الاستقلال التام وغير المشروط.

بعد معاهدة 1936 مع فرنسا، فاز هاشم الأتاسي برئاسة للجمهورية بواحد وسبعين صوتاً من أصل أصوات المجلس النيابي الثلاثة والثمانين، وأصبح جميل مردم بك أول رئيس للوزراء في ما عُرف بالعهد الوطني الأول بين يومي 21 كانون أول 1936 و 18 شباط 1939 ثم أصبح رئيساً للوزراء مرة ثانية بين يومي 29 كانون الأول 1946 17 كانون الأول 1948.

ومن أخطر التحديات التي واجهت الرئيس مردم بك كانت قضية لواء اسكندرون، الذي تم ضمّه على مراحل إلى تركيا خلال السنوات 1936-1939. أعطت فرنسا اللواء إلى تركيا لضمان حيادها في الحرب العالمية المقبلة في أوروبا، وعجز جميل مردم بك عن حماية تلك المنطقة.

تسلّم حقائب الاقتصاد والدفاع ، إضافة لحقيبة الخارجية في حكومة فارس الخوري في تشرين الثاني 1944، وقبلها كان وزيراً للخارجية في حكومة سعد الجابري منذ شهر آب 1943.

توفي جميل مردم بك في مصر عن عمر ناهز 65 عاماً يوم 28 آذار 1960، وأعيد جثمانه إلى دمشق حيث ووري الثرى في مدافن الأُسرة المردمية.