التفكير الانتقادي

جمال عامر

سوف أتحدث عن فكرتين ضروريتين للحركة الديمقراطية عموماً والشيوعية خصوصاً متمثلة من جهة في امتلاك سلاح النقد والمعرفة الموضوعية من جهة ثانية. 

أولاً: 

يفرض التأخر المفروض على المجتمعات العربية البحث عن الموضوعية المعرفية، وامتلاك سلاح النقد لتحقيق الاندماج بحركة العصر والحداثة والتنمية والتطوير، ومحاربة الثقافة الكومبرادورية، التي تسعى لتثبيت التبعية الداخلية للخارج الإقليمي والدولي.

بناء على ما سبق، تأتي أهمية امتلاك أدوات المعرفة في تحديث الأيديولوجيا، وتنوير الفكر الديني السياسي، وامتلاك العقلانية في الفكر والممارسة السياسيتين، وتحديث البنى الاجتماعية الداخلية، وفك التبعية للخارج باتجاه تعزيز حقوق الفرد داخل المجتمع وتطبيق شرعية الأمم المتحدة بخصوص حقوق الإنسان والمرأة والطفل.

فلأجل تأسيس حركة سياسية معارضة ديمقراطية، يجب امتلاك ناصية النقد السياسي العقلاني وممارسة المعرفة الموضوعية والنزول من علياء الشعار إلى الواقع لإلغاء العادات والتقاليد المتخلفة التي تعزز العلاقات ما قبل القومية، ذلك لترسيخ المجتمع المدني وانهاء الاستبداد داخل الاسرة والمجتمع وحصر قوى الاستبداد المالي والسياسي والايديولوجي، وتنمية المجتمع وعقلنة التفكير السياسي وارتباطه بمصالح الامة – الشعب وتحرير التفكير السياسي من العقل التبريري لممارسات الاستبداد الى فضاء المعرفة والتقدم والحق وتكريس دولة القانون.

ما يحصل في مجتمعاتنا العربية يتطلب ما قيل أعلاه للخروج من حالة الضعف والتبرير والتخوين إلى عالم يسوده المساواة بغض النظر عن الثروة والجنس والمذهب، والبحث عن الإمكانيات الذاتية لمجتمعاتنا لإنهاء الاستبداد والتحكم الامبريالي بالمنطقة ومستتبعاته.

ثانيا:

تأتي مأثرة الفكر النقدي في نفيه للشروط السابقة والوضع السابق وتقديمه بذور البديل المطروح في نسيج انتقاده للوضع القائم.

من الأفضل والأكثر التماساً للحالة الثورية التي نعيشها والتي ستأتي في المستقبل من امتلاك سلاح النقد نقد الظروف القائمة والأوضاع التنظيمية والعقل التبريري والإلغائي والأحادي نقد كل ما يستند إليه النظام الاجتماعي الراهن لتفكيكه وتجاوزه لبديل أجمل يلامس الواقع العيني للطبقات العاملة.

سلاح النقد قد مارسه فولتير ضد السلطة الدينية لفصلها عن الدولة ومارسه هيجل بالفلسفة الألمانية ومارسته البرجوازية الأوروبية في تعبئة المضطهديَن ضد الإقطاع الديني والاقتصادي والسياسي فيتبين ضرورته للوصول لسيادة الحرية ولبناء المستقبل الوضاء للبشرية وإتلاف ما في الفلسفة من نظريات قد تجاوزها الزمان وتطور العلم.

هذا السلاح الذي شنه ماركس وانجلس والاممية الاولى ضد رأسمالية الفوضى والمنافسة وفورباخ يجب النهل منه لبناء وعي اجتماعي ناقد قادر على ايجاد التحليل المناسب للأوضاع القائمة والحلول الصحيحة المطابقة لجذر المشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وللخروج من الأزمات ذاتها لتجاوزها نحو بديل أصلب ومطابق لتطور قوى الانتاج لتغيير علاقات الملكية بالاتجاه المطلوب مرحلياً واستراتيجياً.

من العدد ٤٢ من جريدة المسار