فيروس كورونا: جولة في عقليات قادة ومسؤولين وكتّاب حول العالم

نادر عازر

ظهر فيروس كورونا (كوفيد-١٩) لأول مرة في مدينة ووهان الصينية، في شهر كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٩. ويعتقد الخبراء أنه انتقل من الخفافيش إلى الثعابين أو آكل النمل الحرشفي، ومنها إلى الإنسان من خلال الاختلاط بحيوانات مصابة في سوق للأسماك والحيوانات البرية في ووهان.

بعد ذلك، تفشّى الفيروس في جميع أنحاء العالم، لأسباب عديدة، منها عدوته الشديدة، وأعراضه الخفيفة التي تظهر على معظم المصابين الذين ينقلوها دون معرفتهم، وبسبب معدل سفر الناس الكبير والنشاط السياحي، وعدم توفر معلومات كافية حول الفيروس، كونه جديد، ولا يوجد لقاح له حتى الآن، إلى جانب عدم إعطاءه أهمية وأولوية من قبل العديد من الحكومات في العالم.

أدى انتشار الفيروس، الذي صنّفته منظمة الصحة العالمية على أنه جائحة، إلى تكاثر أعداد هائلة من نظريات المؤامرة التي استقبلها معظم الناس بسرعة، وساهموا في نشرها بنشاط غير مسبوق، وهذا أمر غريزي وطبيعي، كون الناس يفضلون إجابات مبسّطة عن أحداث معقدة، وخاصة في فترات الغموض والقلق.

لكن ما يستدعي التوقف عنده، هو تلقّف الأفكار المؤامراتية ونشرها، بقصد أو بدونه، من قبل قادة دول ومسؤولين ورجال دين وكُتّاب يمثّلون شريحة كبيرة من الناس ولهم تأثير، يفترض أنهم يمتلكون الحد الأدنى من المعرفة والمسؤولية والحس النقدي.

وفي جولة مكثّفة على عقليات وتصرفات بعض من المسؤولين والشخصيات العامّة في العالم:

سوريا

وسط تحذيرات منظمة الصحة العالمية من تفشي فيروس كورونا في سوريا دون اكتشافه، وخوف المواطنين اليائسين من المجهول في البلد الذي انهكته الحرب لتسع سنوات ودمرت أغلب بنيته التحتية والبشرية والطبية، قال وزير الصحة في حكومة السلطة السورية نزار يازجي في لقاء مع محطة الإخبارية: “إن الجيش العربي السوري طهر كثير من الجراثيم الموجودة على أرض سوريا”، وأكد أنه لا توجد حالات في البلاد، ليكشف لاحقاً وجودها، حتى طلب السفير السوري بموسكو من وزارة الصحة الروسية مساعدتها عبر تزويدها بأجهزة لرصد الفيروس والفحص والتحليل، وتوفير سترات واقية.

دولة الاحتلال الإسرائيلي

حاول الحاخام ديفيد ويكسلمان ربط انتشار كورونا، بطريقة ما، بمعاناة السوريين ومعاناة اليهود على يد هتلر، وكتب في مقال: “إن تفشي فيروس كوفيد-١٩ يعود إلى عدة أسباب من أهمها تجاهل العالم لعذابات ومحرقة الشعب السوري المستمرة منذ سنوات، إن المظالم التي تعرض لها اللاجئون السوريون تحولت إلى لعنة على العالم، تجسدت في كورونا، وأن ما يصيب البشرية ناجم عن معاصيها ونسيانها لخالقها وتجاهل أوامره”.

فيما قال الحاخام مئير مزوز: “إن انتشار فيروس كورونا المستجد حول العالم بسبب “الشذوذ الجنسي، ومسيرات المثليين في إسرائيل، التي هي ضد الفطرة والطبيعة، والله ينتقم منا بسبب ذلك”.

ويعتبر مئير مزوز من كبار المرجعيات الدينية الشرقية في دولة الاحتلال، وهو حاخام وزير الداخلية الإسرائيلي السابق إيلي شاي الذي كان يقدم مقترحات أمنية للحكومة بناء على ما يسمعه منه.

إيران

قال علي رضا بناهيان، رجل الدين المقرب من المرشد الإيراني علي خامنئي، في تصريح: “كورونا حرب بيولوجية، ضد البشرية وتيار المقاومة”.

أما المرشد الإيراني، علي خامنئي، كتب على موقع تويتر: “بإمكان تأسيس مقرّ صحّي وعلاجي لمواجهة الكورونا أن يكون بمثابة مناورة دفاعيّة بيولوجيّة نظراً للقرائن التي تشير إلى احتمال كون هذه الأحداث «هجوماً بيولوجيّاً» وأن يضاعف القوّة والقدرات الوطنيّة”.

وفي كلمة ألقاها خامنئي بمناسبة “العام الفارسي الجديد” قال: “هناك شكوك في أن الولايات المتحدة خلقت فيروس كورونا… أمريكا متهمة بصناعته ونشره، وأنا على دراية بمدى صحة هذا الإدعاء، لذا أي شخص يتحلى بالمنطق لا يستطيع الوثوق بدواء ستقدمونه أنتم”.

وتابع: “يمكن لدوائكم أن يسبب استفحال المرض، والأطباء الذين سترسلونهم إلينا سيراقبون عن كثب التأثيرات الجانبية للسم الذي صنعوه، وكما يقولون إن جزءاً من الفيروس تم إنتاجه بما يتناسب مع المورث الجيني للإيرانيين”.

ومن جهته، رد وزير الخارجية الأمريكي مارك بومبيو، على تغريدة المرشد الإيراني، قائلاً: “كما يعلم خامنئي، أفضل دفاع بيولوجي هو إخبار الشعب الإيراني الحقيقة عن فيروس ووهان عندما انتشر في إيران من الصين، عوضاً عن ذلك، أبقى رحلات (شركة) طيران ماهان تأتي وتغادر مركز الوباء في الصين، وسجنَ الذين تحدثوا بجرأة”.

العراق

وفي العراق تحدى زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، الإجراءات الحكومية لاحتواء الفيروس واستمر في إقامة صلوات جماعية، قبل عدة أسابيع، قبل أن يتراجع عنها، واتهم الرئيس الأمريكي ترامب بنشر الفيروس بين معارضي أمريكا.

كما ألقى الصدر باللوم على انتشار الفيروس على “شرعنة زواج المثليين” في شتى دول العالم، على الرغم من أن الفيروس ينتقل عبر القطيرات التنفسية الناتجة عن السعال والعطاس.

وقال الصدر في تغريدة على تويتر: “إن من أفدح الأمور التي تسببت بإنتشار هذا الوباء هو تقنين (زواج المثليين). من هنا أدعو كل الحكومات إلى إلغاء هذا القانون فوراً وبلا توانٍ فلعله سيكون بمثابة الندم على الذنب، وإلا فلات حين مندم”.

وفي تغريدة أخرى: “يا ترامب.. أنت وأمثالك متهمون بنشر هذا المرض ولا سيما أن أغلب من يعاني منه هم معارضون لأمريكا”.

الصين

في البلد الذي انطلق منها فيروس كورونا (كوفيد-١٩)، اتهم مسؤول في وزارة الخارجية الصينية الجيش الأمريكي بنقل الوباء إلى الصين.

وقال نائب رئيس إدارة المعلومات بوزارة الخارجية الصينية، ليجان زاهو، في تغريدة على موقع تويتر: “متى بدأ المريض الأول في أمريكا؟ كم عدد الأشخاص المصابين؟ ما أسماء المستشفيات؟ يمكن أن يكون الجيش الأمريكي هو من جاء بالوباء إلى ووهان. كونوا شفافين، أعلنوا بياناتكم للعامة! الولايات المتحدة تدين لنا بتفسير”.

البرازيل

استخف الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو بفيروس كورونا بداية، قائلاً إنها “مجرد أنفلونزا بسيطة”، وقلل من مخاطر الوباء من خلال تصريحاته ومخالطته لأنصاره ومصافحته لهم، وتعمّد مخالفة توصيات التباعد الاجتماعي. كما أنه ضغط ضد إجراءات الإغلاق التي فرضها حكام الولايات البرازيلية.

وقال أيضاً: “الناس سيموتون، أنا آسف… لكن لا يمكننا إيقاف مصنع للسيارات بسبب وقوع حوادث مرورية”.

أما وزير التعليم البرازيلي، أبراهام وينتروب، قال في تغريدات على موقع تويتر إن تفشي فيروس كورونا “جزء من خطة جيوسياسية للسيطرة على العالم”، واعتبر أن الصين كانت وراء أزمة الصحة العالمية.

وكتب أيضاً: “من الناحية الجيوسياسية، من سيخرج أقوى من هذه الأزمة العالمية؟”.

روسيا

قال زعيم “الحزب الليبرالي الديمقراطي” الروسي، فلاديمير جيرينفوكي، في تصريح “إن فيروس كورونا يقف خلفه البنتاغون بمساعدة شركات الأدوية بهدف خلق أوبئة محلية يمكن أن تُدمّر مجموعة مختارة من السكان دون الانتشار في دول أخرى”.

كما صرّح السياسي إيغور نيكولين: “إن اختيار ووهان لنشر كورونا، كان بسبب احتضانها معهد ووهان لعلم الفيروسات، الذي يقدم للبنتاغون والمخابرات الأميركية غطاء مريحاً لإجراء تجاربهم البيولوجية”، وأن “المختبرات الأميركية تقوم بجمع ومعالجة المواد الوراثية للسكان الروس والصينيين من أجل تطوير فيروس -محدد عرقياً- يستهدف شعوباً معينة فقط”.

من جهته، قال الخبير العسكري الروسي فيكتور بارانيتس: “إن الحرب البيولوجية أصبحت سلاحاً جديداً تستخدمه الولايات المتحدة من أجل التفوق على خصومها الرئيسيين”.

كما يوجد عدد هائل، يصعب إحصاءه، من التقارير الإعلامية الروسية التي تعج بالمؤامرات دون أي دليل علمي أو منطقي.

فيما أعلن مصدر في وزارة الخارجية الروسية، أن موسكو لا تملك معلومات حول “الأثر الأمريكي” في ظهور فيروس كورونا المستجد، ولكن هناك أسئلة يتوجب على واشنطن الرد عليها.

الولايات المتحدة

بداية، قلّل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من احتمالات وصول الفيروس إلى البلاد، قائلاً إن “الوضع مسيطر عليه… وبلادنا مستعدة لأي ظرف من الظروف. لا يوجد سبب للذعر على الإطلاق”، وأن “الأفراد الذين يتمتعون بصحة جيدة سيكونون قادرين على التعافي بشكل تام”.

كما اتهم رئيس أركان البيت الأبيض بالإنابة، ميك مولفاني، الإعلام الأميركي بإثارة الذعر حول فيروس كورونا، أملاً بالإطاحة بالرئيس دونالد ترامب، وقال: “السبب في إيلائهم الكثير من الاهتمام للفيروس اليوم، هو اعتقادهم أن هذا سيؤدي إلى إسقاط الرئيس”.

وبعدها بعدة أسابيع تصدرت الولايات المتحدة قائمة الإصابات والوفيات في العالم.

كُتّاب

قائمة الكُتّاب الغارقين بنظريات المؤامرة طويلة جداً، لكن يمكن اختصارها بمثالين:

الكاتب البحريني إبراهيم راشد الدوسري، قال في تصريح صحفي: “هل فيروس كورونا وباء طبيعي أم فيروس من صنع عقول خبيثة تحيك أسيادها خطط ومكائد لا يعلم أهدافها إلا الله… أشك أنه توجد في مطبخ المؤامرات وجبات مسمومة تطبخ على مهل”.

الكاتب عبد الباري عطوان، ذكر في إحدى مقالاته: “لن نُفاجأ أن يأتي اليوم الذي تظهر فيه الحقائق حول اختراع أمريكا لفيروس الكورونا، ونشره في الصين وإيران لتدمير البَلدين واقتِصادهما.. والأيّام بيننا”.

من العدد ٣٩ من جريدة المسار