المبعوث الخاص للأمم المتحدة لسوريا غير بيدرسن
إحاطة لمجلس الأمن حول الوضع في شمال غرب سوريا
6 شباط/فبراير 2020
السيد الرئيس،
1- شكراً لإتاحة الفرصة لي لتقديم إحاطة حول الوضع المقلق في شمال غرب سوريا، والذي شهد تدهوراً خطيراً منذ الإحاطة التي قُدمت الأسبوع الماضي. فقد تسببت الهجمات المكثفة من الأرض والجو في موجات نزوح كبيرة ومقتل عدد كبير من المدنيين. نحن نشهد المأساة الإنسانية التي حذر منها الأمين العام للأمم المتحدة. وسيقوم منسق الشؤون الإنسانية والإغاثة مارك لوكوك بتقديم إحاطته حولها بعد قليل. يتسبب هذا الوضع في معاناة إنسانية غير مقبولة تُهدد الأمن والسلم الدوليين. وعلى الرغم من ذلك، فهذا الوضع يمكن ويجب أن يتوقف.
2- في 12 كانون الثاني/يناير، أعلنت روسيا وتركيا عن التوصل إلى اتفاق جديد لوقف إطلاق النار في شمال غرب سوريا. وعلى الرغم من ذلك، فقد استمرت الاشتباكات العنيفة والقصف المتبادل. وبعد يومين، استأنفت الضربات الجوية من جانب الحكومة السورية وحلفائها.
3- قامت قوات الحكومة السورية وحلفائها بعد ذلك بشن هجوم بري في جنوب شرق منطقة خفض التصعيد في ادلب. وحققت تقدماً كبيراً، حيث سيطرت مؤخراً على معرة النعمان التي لاذ سكانها بالفرار نتيجة لهجمات سابقة. تقع معرة النعمان على الطريق الدولي ذي الأهمية الاستراتيجية M5 . واستمرت القوات الحكومية في الدفع شمالاً، حيث وصلت إلى مدينة سراقب حيث يتقاطع الطريق الدولي M4 وM5 بالقرب من مدينة ادلب.
4- ترد تقارير أولية من مدينة ادلب حول انتشار حالة من الهلع في صفوف المدنيين الذين فروا أو يستعدون للفرار من المدينة. ويتواصل الغطاء الجوي الداعم لهجوم القوات الحكومية. وقد اشتدت حدة الاشتباكات على جبهات أخرى، خاصة في غرب حلب حيث حققت القوات الحكومية تقدماً.
5- خلال نفس الفترة، قامت هيئة تحرير الشام المصنفة من قبل هذا المجلس ومجموعات المعارضة المسلحة الأخرى بشن عدة هجمات وهجمات مضادة على طول هذه الجبهات، بما في ذلك في غرب حلب ومنطقة الباب في شمالها. ووردت تقارير حول قصف مكثف على مناطق مدنية في غرب حلب وتقارير حول طائرات مسيرة عن بعد تم اطلاقها على أهداف عسكرية سورية وروسية في جنوب غرب ادلب. وقد صرحت وزارة الدفاع الروسية بأن عسكريين روس قد لقوا مصرعهم.
6- وتقع الان اشتباكات مباشرة بين قوات تركية وقوات الحكومة السورية. في 3 شباط/فبراير، وردت تقارير حول قيام المدفعية التابعة للحكومة السورية باستهداف أحد نقاط المراقبة التركية بالقرب من سراقب. ووفقاً لما ذكرته وزارة الدفاع التركية، لقى سبعة جنود أتراك مصرعهم وأصيب عدد آخر.
7- وقد عكست التصريحات الصادرة عن القيادتين السورية والتركية خلال الأيام القليلة الماضية خلافات عميقة بين الدولتين الراعيتين لترتيبات خفض التصعيد في ادلب. منذ يومين، أبدى الأمين العام “قلقه الشديد” إزاء التطورات الأخيرة التي تشكل “تغييراً في طبيعة الصراع” وكرر مناشدته لوقف الأعمال العدائية.
8- حتى الآن لم يتم الاستجابة لهذا النداء. خلال الشهرين الماضيين، قتل مئات من المدنيين، ونزح أكثر من نصف مليون شخص، ويفر الكثيرون إلى مناطق تزداد ضيقاً عليهم يوماً بعد يوم ولكنهم يأملون أن تكون آمنة نسبياً. وستزداد أعداد النازحين حتماً إذا استمر القتال.
9- يبدو الأمر وكأننا قد فقدنا مبدأ التناسب. دعوني أكون واضحاً تماماً وأذكر كافة الأطراف أن الاعتداءات على المدنيين والبنى التحتية المدنية، بما في ذلك على المنشآت الطبية والتعليمية، غير مقبولة. يجب أن تحترم كافة العمليات العسكرية، بما في ذلك تلك الموجهة ضد المجموعات المصنفة من قبل مجلس الأمن، قواعد القانون الدولي الإنساني، بما في ذلك حماية المدنيين والأهداف المدنية.
السيد الرئيس،
10- ينقل إلي الأشخاص العاديين في ادلب شعورهم العميق بالخوف على حياتهم وأمنهم. فهم يشعرون أنه لا صوت لهم. وينقل إلى أيضاً ممثلي منظمات المجتمع المدني في ادلب، الذين يمثلون القوة الوازنة لمكافحة التطرف، شعورهم بالفزع وبأنه تم التخلي عنهم. وقد نقلت لي النساء السوريات مخاوفهن واحساسهن الدائم بانعدام الأمان بما في ذلك العنف المتصاعد ضد النساء اللاتي فررن واللاتي تعشن في أماكن النزوح-.
11- لقد أصبحت ادلب ملاذاً لمئات الآلاف من المدنيين من مناطق أخرى في سوريا فروا بسبب العنف. ونتيجة لذلك، فقد وصل عدد السكان في منطقة خفض التصعيد في ادلب إلى حوالي ثلاثة ملايين.
12- وتشكل مدينة ادلب أيضاً ملاذا للمقاتلين والمدنيين الذين رفضوا “تسوية أوضاعهم” سابقاً. وفي الواقع، تشكل هيئة تحرير الشام ومجموعات أخرى مصنفة من قبل مجلس الأمن، بما في ذلك مقاتلين أجانب قوة كبيرة في ادلب. ونحن نقر بأن تواجدهم وتأثيرهم في المنطقة غير مقبول ويمثل تحدياً كبيراً للمدنيين الموجودين في ادلب في المقام الأول، وأيضاً بمعنى أوسع على سوريا وعلى الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي.
13- ولكننا نعلم أيضاً بحكم التجربة المريرة أن هجوم شامل على ادلب لن يحل المشكلة، وسوف يكون له ثمن باهظ. لا يوجد مكان آخر للفرار، وهو ما يخلق إمكانية حقيقية لفصل دموي أخير على الحدود التركية، وهو ما سيكون له تبعات خطيرة على المدنيين، بالإضافة إلى خطر انتشار المقاتلين الأجانب وما يلي ذلك من تمرد. نعلم أن استمرار المقاربة العسكرية لن يؤدي سوى إلى تعميق الانقسامات الدولية حول سوريا ويولد مزيداً من الضغط بما يضعف من إمكانية إيجاد ديناميكية الخطوة مقابل خطوة من أجل بناء الثقة. وقد عكست التطورات على مدار الأيام الماضية التي شهدت اشتباكات بين جيوش دولتين من الدول الأعضاء إلى إمكانية أن يتحول الأمر إلى مواجهة في المنطقة ذاتها وما ورائها أيضاً.
14- ونعلم أمراً آخر السيد الرئيس. نعلم أنه يمكن التوصل إلى اتفاق لتحقيق الاستقرار في مناطق سوريا والوصول إلى مخرج. ادلب هي منطقة خفض تصعيد بموجب اتفاق وقع في آيار/مايو 2017، تم تدعيمه من خلال مذكرة تفاهم روسية – تركية وقعت في أيلول/سبتمبر 2018. هذه الاتفاقات لم تنص على وجود طرف ثالث مراقب، وبالتالي لسنا في وضع يسمح لنا بالمراقبة، وبالتالي لا يمكن لنا التعليق على مدى تنفيذ بنود هذه الاتفاقيات.
15- ولكن نعلم أيضاً أن هذه الاتفاقات يمكن أن ينتج عنها فترات متصلة من الهدوء. ما الذي يمنع من تكرار ذلك؟ لقد أكدت على هذه الرسالة خلال لقاءاتي في موسكو ودمشق، ومع مسؤولين أتراك رفيعي المستوى وأيضاً في اجتماع مجموعة العمل المعنية بالشؤون الإنسانية في جنيف اليوم. وسوف أنقل هذه الرسالة أيضاً خلال زيارتي إلى طهران في الأيام القادمة. وسأواصل التأكيد للأطراف الرئيسية على مسؤوليتهم للسير في مسار مختلف.
16- لا أدعي أن لدي حلاً سحرياً لا دلب. ولكنني مقتنع أنه يمكن الوصول إلى حل من خلال مسعى دولي جاد للتعاون، يكون مبنياً على الاتفاقات السابقة مع تعزيزها:
– وقف اطلاق نار مستدام ووصول انساني فوري وبدون قيود.
– احتواء الموقف وإتاحة المزيد من الوقت من أجل الوصول إلى حل.
– انخراط أكبر مع السكان المدنيين.
– التصدي بشكل جاد وحازم لمسألة المقاتلين الأجانب.
– إحكام المراقبة على الدعم المقدم للمجموعات المصنفة إرهابية.
– أن يكون أي استخدام للقوة ضد المجموعات المصنفة موجهاً بشكل دقيق.
– النظر بجدية في إمكانية تواجد دولي بالطبع بعد موافقة السلطات السورية.
– الاعتماد على الموارد المجمعة للمجتمع الدولي لتبادل المعلومات الاستخبارية والعمل بشكل محدد ودقيق.
17- السيد الرئيس: أدعو لوقف الأعمال العدائية ولجهد دولي جاد للتعاون في ادلب. إنها ضرورة إنسانية ووسيلة لمكافحة الإرهاب بشكل فعال. وأمر يساهم أيضاً في تحقيق السلم والأمن على المستويين الإقليمي والدولي. ويشكل ركيزة أساسية لمخرج دائم من الأزمة السورية التي تشارف على عامها العاشر.
18- لقد اقر هذا المجلس بضرورة ذلك عندما اعتمد بالإجماع القرار 2254، الذي نص على وقف إطلاق نار على المستوى الوطني ومقاربة تسودها روح التعاون لمكافحة الإرهاب والاحترام الكامل لسيادة سوريا، وحل سياسي ذي مصداقية وشامل للجميع بتيسير من الأمم المتحدة، كمخرج وحيد من هذه الأزمة. يجب على أعضاء هذا المجلس أن يضعوا ثقلهم وراء تحقيق هذا الهدف.
شكراً السيد الرئيس