1-
النص التالي يتناول طريقة تعامل قيادة الحزب مع الأوضاع والتطورات السياسية في فترة معينة من الزمن.
2-
عند خروج رياض الترك ومن وقف معه من الحزب في نيسان 2005 من أجل تأسيس (حزب الشعب الديمقراطي) كان من بقي من الرفاق في الحزب الشيوعي السوري (المكتب السياسي) يعيش وضعاً سياسياً صعباً: في ظل الأزمة الأميركية-السورية التي نشأت إثر مقتل رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري وما قادت إليه من انسحاب القوات السورية من لبنان (14 شباط – 26 نيسان 2005) كانت آراء رياض الترك مسيطرة على المعارضة السورية، من حيث توقعه ومراهنته أن الصدام بين واشنطن ودمشق سيقود إلى تغيير سوري عبر ملاقاة المعارضة للرياح الأميركية.
في فترة أيار- تشرين أول 2005 انقادت غالبية القوى السياسية المعارضة نحو مراهنات رياض الترك، وقد كان تأسيس “اعلان دمشق” في 16 تشرين أول 2005 مبنياً على انشاء تكتل سوري معارض كبير من أجل ملاقاة تلك الرياح الأميركية. ضمن المعارضة وقفنا لوحدنا ضد تلك الموجة، فيما تراكض الجميع للركوب في مركب “اعلان دمشق” حتى (حزب الاتحاد الاشتراكي) و (حزب العمل الشيوعي).
أردنا من خلال استمرارنا في بيت الحزب الشيوعي السوري (المكتب السياسي)، عبر الكونفرانس المنعقد في 20 أيار 2005 بديرالزور، اثبات أنه مازال هناك خط سياسي شيوعي معارض للسلطة السورية، بالتضاد مع قوى شيوعية متحالفة مع السلطة في “الجبهة” وبالتضاد مع شيوعيين وماركسيين تخلوا عن شيوعيتهم وماركسيتهم واتجهوا نحو (الليبرالية الجديدة). النقطة الثانية، التي أردنا اثباتها وحملها، أن هناك (خط وطني ديمقراطي معارض) في ظل مراهنات عند معارضين كثر على الاستعانة بالأجنبي، على غرار المعارضة العراقية، من أجل احداث التغيير الديمقراطي السوري، والكثيرون من هؤلاء كانوا مؤيدين لما جرى من غزو واحتلال أميركيين للعراق عام 2003، ولم يكن يتملكهم الوسواس من تكرار السيناريو العراقي أو أي سيناريو آخر يقرره الأجنبي الأميركي.
التقطت قيادة الحزب، المنتخبة في كونفرانس 20 أيار 2005، فرصة قدمت في أواخر تشرين أول 2005 من قوى شيوعية وماركسية: (هيئة الشيوعيين السوريين بقيادة منصور أتاسي – حزب العمل الشيوعي – التجمع الماركسي الديمقراطي ” تمد” بقيادة نايف سلوم – الحزب اليساري الكردي بقيادة محمد موسى)، مع شخصيات مستقلة مثل نذير جزماتي وسلامة كيلة، من أجل بدء محادثات نحو تشكيل تجمع يجمع هذه القوى في تكتل جديد رغم انضواء (العمل) و (اليسار الكردي) في “اعلان دمشق”.
نجحت المحادثات في تشكيل (تجمع اليسار الماركسي- تيم) الذي وقعت وثيقته التأسيسية بيوم20 نيسان 2007، وقد حمل (تيم) كلاً من (الخط الماركسي السياسي المعارض للسلطة) و (الخط الوطني الديمقراطي). تعزز موقع (تيم) في الخارطة السياسية السورية عندما انشق “اعلان دمشق” على إثر مجلسه العام المنعقد ببيت رياض سيف بقدسيا في يوم 1 كانون أول2007 عندما تحالف الليبراليون الجدد مع الاسلاميين والأحزاب الكردية (ما عدا الحزب اليساري الكردي) وقاموا باسقاط مرشحي (الاتحاد الاشتراكي) و (حزب العمل) أثناء انتخاب القيادة الجديدة لـ”اعلان دمشق”، على خلفية خلافات بين الطرفين حول الموقف من (المشروع الأميركي للمنطقة).
في منتصف كانون أول 2007 بادر الأمين العام لحزب الاتحاد الاشتراكي حسن عبدالعظيم بالاتصال مع قيادة (تيم)، وقد نتج عن ذلك اتفاق على السعي نحو تشكيل تكتل سياسي معارض جديد، هو (الخط الثالث: الخط الوطني الديمقراطي)، بالتضاد والتفارق مع خطي السلطة و “اعلان دمشق”، وقد عقدت الجلسة الأولى (حضرها خمسة وخمسون شخصاً) في بسنادا ببيت فاتح جاموس يوم 11 كانون الثاني 2008 ثم جرت جلسات بلغت الثلاثين بمكتب حسن عبد العظيم كان آخرها في تموز 2010، حيث تبلورت فيها ملامح لـ(الخط الثالث) في وثيقة مشتركة، لم تعلن، شكلت النواة الجنينية للوثيقة التأسيسية لـ(هيئة التنسيق لقوى التغيير الوطني الديمقراطي) التي انبثقت عن اجتماع 25 حزيران 2011.
شاركت، مع (تيم) و (الاتحاد الاشتراكي)، قوى جديدة بمحادثات (الخط الثالث)، مثل (الحزب الديمقراطي الاجتماعي) بقيادة الدكتور يوسف سلمان، وشخصيات مستقلة مثل الدكتور أحمد فائز الفواز والدكتورة ميا الرحبي. كان (الخط الثالث) تعبيراً عن استقطاب جديد في الحياة السياسية السورية نتج عن تراجع مد (خط الاستعانة بالأجنبي في المعارضة السورية) وعن فشل مراهنات هذا الخط، وقد مثلت (هيئة التنسيق) ليس فقط استمراراً لهذا الخط في مرحلة ما بعد انفجار الأزمة السورية منذ درعا 18 آذار 2011 وإنما أيضاً كانت تعبيراً عن صعوبة تلاقي (الخط الوطني الديمقراطي) مع خط الاستعانة بالخارج الذي مثله (المجلس)، المشكل في اسطنبول بيوم 2 تشرين الأول 2011، ثم (الائتلاف) الذي ولد بالدوحة في يوم 11 تشرين الثاني 2012، وخاصة أن التباعدات بين الخطين قد شملت موضوعات جديدة: خط سلمي معارض أم خط العنف المعارض؟ اسقاط النظام أم تسوية للأزمة السورية بالتشارك مع السلطة باتجاه الانتقال الديمقراطي؟.
كان الحزب الشيوعي السوري (المكتب السياسي) رئيسياً في بلورة خطوط (تيم) و (الخط الثالث) و (هيئة التنسيق) وفي عمليات بلورة مؤسسات (تيم) و (هيئة التنسيق)، كما أنه كان صاحب دور رئيسي في العمل السياسي الاستراتيجي والتكتيكي بهاتين المؤسستين. كانت قيادة الحزب ترى في هذه المحطات الثلاث طريقاً لابديل له من أجل ممارسة تأثير عام على الساحة السياسية السورية بمجملها، لا يستطيع الحزب بقواه الذاتية ممارسته، كما أن ممثلي الحزب بهيئة التنسيق قد استطاعوا التأثير على قيادة هيئة التنسيق بفترة 2011-2014 من أجل عدم الانجرار وراء خط السكوت عن العنف المعارض وباتجاه الضغط ضد ميول عند بعض قياديي الهيئة نحو مراهنات على امكانية تحقيق شعار اسقاط النظام شبيهة بتلك الموجودة في (الائتلاف). كان ممثلو الحزب الشيوعي السوري (المكتب السياسي) هم الوحيدون الذين طرحوا خط (التسوية للأزمة السورية) في الاجتماع التأسيسي للهيئة يوم 25 حزيران 2011 قبل أن ينتصر هذا الخط في مؤتمر 17 أيلول 2011 الذي عقدته الهيئة في حلبون.
3-
كان هناك علاقات للحزب الشيوعي السوري (المكتب السياسي).
تمت دعوة ممثلين من الحزب، ضمن وفد من (تجمع اليسار الماركسي – تيم)، في حزيران 2007 لزيارة تركيا، من قبل (حزب الكادح- EMEP)، بالتشارك مع (معهد المشرق) في اسطنبول. جرت ندوة أثناء الزيارة في جامعة (بيلجي- المعرفة)، وهي بمثابة الجامعة الأميركية هناك،حول (السياسة الأميركية في الشرق الأوسط). شارك أعضاء الحزب (اثنان) بفعالية في الندوة، التي شارك فيها (حزب العمال الشيوعي التونسي) بشخص أمينه العام (حمة الهمامي)، وحركة (النهج الديمقراطي) المغربية، و (الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين). جرت لقاءات عدة بين وفد (تيم) وقيادة (حزب الكادح). في عام 2010 ذهب رفيقنا المقيم في بلجيكا (سومر خليل) وحضر ندوة دعا إليها (حزب الكادح) في اسطنبول. في عام 2008 قام الحزب الشيوعي السوري الموحد (يوسف فيصل) بدعوة وفد من حزبنا للحوار في مقره الرسمي بدمشق، ونشر نصاً رسمياً عن الدعوة في جريدة “النور”.
جرت لقاءات بين وفدين من الحزبين لم يتم فيها الاتفاق بسبب الخلاف حول الأوضاع السورية بين الحزبين. جرت حوارات مع (تيار قاسيون)، ثم مع (حزب الإرادة الشعبية) وهو الاسم الجديد لتيار قاسيون منذ 2011، ثم انقطعت العلاقة في صيف 2012. جرت محاولة في مؤتمر (تجمع اليسار الماركسي – تيم) المنعقد بدمشق يوم 4 شباط 2012 لتوحيد التجمع في تنظيم واحد أو انشاء قيادة مركزية موحدة لأحزابه وحركاته الخمسة تتجاوز صلاحية القيادة المركزية للتجمع، ولكن حزب العمل أفشل المحاولة، رغم موافقة الأحزاب والحركات الأربعة على ذلك. في آذار 2016 تمت دعوة من قبل أحد الفصائل الشيوعية السورية للحزب من أجل الذهاب إلى (قاعدة حميميم) وهو ما رفض الحزب تلبيتها.
في صيف 2018 تمت دعوة للحزب من قبل (مجلس سوريا الديمقراطية- مسد) من أجل لقاء حواري في تموز 2018 ثم تكررت الدعوة من أجل لقاء عين عيسى لـ(مسد) الذي عقد في تشرين الثاني 2018. لم يلب الحزب الدعوتين بسبب رؤية عند الحزب بأن علاقات (مسد) مع القوات الأميركية المتواجدة على الأراضي السورية، بمافيها المظلة التي يعطيها للقواعد العسكرية الأميركية في سوريا،تشكل مانعاً سياسياً للقاء مع (مسد).
في فترة آذار- تموز 2018 جرت لقاءات ثنائية بين الحزب الشيوعي السوري (المكتب السياسي) وبين (حزب العمل الشيوعي في سوريا) أثمرت بياناً مشتركاً في ذكرى الجلاء بيوم 17 نيسان 2018 وكان هناك اتفاقاً لتأسيس مجلة نظرية مشتركة لم تر النور في الموعد الذي حدد لبدء صدورها في خريف 2018.توقفت اللقاءات عندما لم نرى ما يوازي رغبة حزبنا عند (حزب العمل) للتواصل والتنسيق.
على الصعيد العربي: في عامي 2015 و 2016 جرى لقاءين رسميين مع قيادة الحزب الشيوعي اللبناني في بيروت.
في أوروبا: ساهم أعضاء الحزب الشيوعي السوري (المكتب السياسي) بفعالية في التحضير والمشاركة في (اللقاء الماركسي) الذي جمع حوالي الثلاثين من الماركسيين السوريين في بلجيكا ببروكسل في شهر آذار2013، والذي كان الهدف منه انشاء لجنة تنسيق للماركسيين السوريين في أوروبا، الأمر الذي لم يتحقق.
أيضاً، على الصعيد الدولي: في عام 2016 جرت لقاءات بين ممثلين للحزب الشيوعي السوري (المكتب السياسي) مع (حزب الخضر) في بلجيكا، ومع (الحزب الاشتراكي اليساري)، وهو ذو اتجاه تروتسكي، في بلجيكا.
4-
لم ينتصر خط التسوية للأزمة السورية عبر مسارات سورية بل عبر اتجاه دولي كانت أول تعبيراته هو (اتفاق الكيماوي السوري) في 14 أيلول 2013 الذي نتج عنه بعد أسبوعين القرار الدولي 2118 الذي وضع، في ملحق نصه، النص الكامل لـ (بيان جنيف1) الصادر في 30 حزيران 2012 ودعا إلى مؤتمر دولي يعقد أوائل عام 2014 من أجل تسوية الأزمة السورية على أساس (جنيف1). نتيجة مناورات أميركية-روسية جرى تهميش مشاركة (هيئة التنسيق) في وفد المعارضة بمؤتمر (جنيف2) إلى اثنين من تسعة فيما أعطي الباقي للائتلاف.
فشل (جنيف2) مع التباعد الأميركي-الروسي إثر انفجار الأزمة الأوكرانية. كانت خطة (الهيئة) أن التسوية قادمة، وأن من الضروري تقوية موقع (الهيئة) أمام (الائتلاف) عبر تشكيل (القطب الديمقراطي) بانتظار (جنيف3). من أجل ذلك تم السعي إلى عقد مؤتمر القاهرة الأول بشهر كانون ثاني 2015 ثم مؤتمر القاهرة الثاني في حزيران 2015 باتجاه لم شمل قوى معارضة ديمقراطية تشكل قطباً موازياً للقطب الاسلامي المعارض المتحالف مع ليبراليي “اعلان دمشق” والمتدرع بالفصائل المعارضة المسلحة.
كان سعي (الهيئة) باتجاه الاستقواء بمؤتمري القاهرة أمام (الائتلاف) ولكن من دون تشكيل كيان سياسي معارض عبر هذين المؤتمرين وهو على ما يبدو ما كان هدف هيثم مناع ومن وراءه السلطة المصرية، التي أرادت أن يكون لها ذراع في المعارضة السورية تواجه بها (الائتلاف) المدعوم من تركيا الداعمة لجماعة الاخوان المسلمين التي اسقط سلطتها بمصر انقلاب 3 يوليو 2013 بقيادة الفريق عبد الفتاح السيسي. نجحت (الهيئة) في ذلك وهو ما كانت أول ثماره لقاء باريس في أواخر شباط 2015 بين (الائتلاف) و (الهيئة) الذي دعت له الخارجية الفرنسية مع تأييد أميركي، والذي على إثره أعلن هيثم مناع ترك (الهيئة)، ثم لقاء بروكسل في تموز 2015 بين (الهيئة) و (الائتلاف) برعاية الاتحاد الأوروبي.
من دون لقائي باريس وبروكسل لا يمكن تفسير تخصيص (الائتلاف) و (الهيئة) بالدعوة ككيانين سياسيين، فيما تم دعوة الباقين كأفراد، من قبل لقاء 14 تشرين الثاني 2015 في فيينا ل (مجموعة 17) الذي دعا إلى مؤتمر الرياض1 للمعارضة السورية (8-10 كانون أول 2015) الذي تشكلت على إثره (الهيئة العليا للتفاوض) قبل ثمانية أيام من صدور القرار الدولي 2254 الذي لحظ نتائج مؤتمر الرياض وتمت الدعوة على أساسه إلى (مؤتمر جنيف3) الذي بدأ بيوم 29 كانون الثاني 2016.
لم يكن أداء ممثلي (الهيئة) مرضياً في (جنيف3) أمام كتلة تعطيلية للمفاوضات ظلت تراهن على العمل المسلح بدعم تركي-قطري لتفشيل المسعى الأميركي-الروسي الذي كان على ما يبدو جدياً في (جنيف3) نحو التسوية السورية قبل أن يعلن في 18 نيسان 2016 ايقاف المفاوضات من قبل رياض حجاب زعيم التعطيليين في (الهيئة العليا للمفاوضات) بالتشارك مع فاروق طيفور وجورج صبرة وسهير الأتاسي. أصدر الحزب الشيوعي السوري (المكتب السياسي) بيوم 28 أيار 2016 بياناً فضح هؤلاء التعطيليون وبسببها جرى تجميد عضوية مندوب الحزب في الهيئة الاستشارية للهيئة العليا للمفاوضات من دون أن يقف معه أحد من مندوبي هيئة التنسيق ضد رياض حجاب الذي اخذ القرار منفرداً.
لم يكن تجاوب الأميركان والروس ايجابياً مع المذكرة المقدمة لـ(مجموعة العشرة) في أيلول 2016 حول رؤية (الهيئة العليا للمفاوضات) للحل السياسي، وعملياً اجتمع هذا مع الخلاف السعودي-القطري، المنفجر منذ يوم 5 حزيران 2017، إضافة للخلاف الأميركي والسعودي مع تركيا، لتطيير (الهيئة العليا للمفاوضات) واستبدالها بـ(هيئة المفاوضات) التي انبثقت عن (مؤتمر الرياض2) في تشرين الثاني 2017 والتي استبعد منها (التعطيليون) لصالح طاقم أكثر اعتدالاً من (الائتلاف)، وليصبح وزن (هيئة التنسيق) أقوى في مرحلة ما بعد (الرياض2)، وخاصة مع انضمام منصتي (موسكو والقاهرة) لهيئة المفاوضات.
5-
اعترف المجتمع الدولي عام 2019 بـ(هيئة التفاوض) بوصفها الممثلة الوحيد للمعارضة في العملية التفاوضية وفي العملية الدستورية أمام السلطة السورية، ومن خارجها من المعارضين مضطر أن يدخلها لكي يتمثل بالعمليتين التفاوضية والدستورية. الحزب الشيوعي السوري (المكتب السياسي) أصبح منذ شباط 2017 ممثلاً في (هيئة المفاوضات)، وقد جرى بضغط تركي في شهر تموز 2018 استبعاد مرشح الحزب الشيوعي السوري (المكتب السياسي) إلى اللجنة الدستورية الذي كان اسمه مدرجاً ضمن قائمة مرشحي (هيئة التفاوض) إلى عضوية اللجنة الدستورية.
ليس من الواضح الآن بالنصف الثاني من عام 2019 ما هي آفاق تسوية الأزمة السورية، ما دام هناك لاتوافق أميركي-روسي ومادامت الأزمة الأميركية-الايرانية غير واضحة في معالم طريقها: نحو نحو حرب أم نحو تسوية أميركية-إيرانية جديدة؟
من الضروري أن يكون المعارضون السوريون على استعدادية لملاقاة استحقاقات التسوية السورية، وكذلك لملاقاة اصطفافات سياسية جديدة في مرحلة الانتقال السياسي ما بعد التسوية، في بلد أصبح ساحة للنفوذ الدولي والاقليمي. ستكون التسوية طريقاً لاطفاء الحريق السوري، ولكن تحرير سورية من النفوذ الأجنبي بجميع أشكاله ومسمياته من المهمات الملحة أمام الوطنيين السوريين في مرحلة ما بعد التسوية التي ستكون حصيلة توافق دولي-إقليمي وليس سوري، إضافة إلى بناء نظام ديمقراطي جديد ينهي عقوداً من الاستبداد السياسي في سوريا، ثم المهمة الثالثة وهي بناء دولة حديثة وعصرية، قبل الدخول في المهمة الرابعة وهي النضال اليساري لصالح الطبقات والفئات الاجتماعية الفقيرة ضد الرأسمالية الجديدة التي ولدت من رحم السلطة السورية القائمة.