بعد مخاض طويل استمر لما يزيد على عام، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس في 23 أيلول 2019 موافقة الحكومة السورية و هيئة التفاوض السورية المعارضة على إطلاق اللجنة الدستورية السورية، وتضم اللجنة الدستورية ممثلين عن النظام والمعارضة والمجتمع المدني لمراجعة الدستور، بهدف تعديله أو صوغ دستور جديد، على أن تكون هذه الخطوة “بداية مسار سياسي يلبي التطلُّعات المشروعة لجميع السوريين”. وكان تشكيل اللجنة وفقاً للقرار 2254، وينص القرار الذي صوَّت عليه مجلس الأمن في 18 كانون الأول 2015 على بدء محادثات السلام في سوريا في كانون الثاني 2016، وكان القرار اعتماداً على بيان جنيف الذي تضمَّن خطَّة واضحة للانتقال السياسي، ودعم بيانات فيينا الخاصة بسوريا والتي صدرت بتاريخ 30 تشرين الأول 2015 و14 تشرين الثاني 2015 باعتبارها الأساس في تحقيق عملية الانتقال السياسي بهدف إنهاء النزاع في سوريا.
وتضمَّن القرار 2254 عدداً من النقاط أهمها:
– التَّأكيد على أنَّه ما من حل دائم للأزمة الراهنة في سوريا إلاَّ من خلال عملية سياسية جامعة.
– يحث جميع الأطراف في العملية السياسية التي تتولَّى الأمم المتحدة تيسيرها على الالتزام بالمبادئ التي حددها الفريق الدولي، بما في ذلك الالتزام بوحدة سورية واستقلالها وسلامتها الإقليمية وطابعها غير الطائفي، وكفالة استمرارية المؤسسات الحكومية، وحماية حقوق جميع السوريين، بغض النظر عن العرق أو المذهب الديني، وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى جميع أنحاء البلد.
– يدعم عملية سياسية بقيادة سورية تيسرها الأمم المتحدة وتقيم، في غضون فترة مستهدفة مدتها ستة أشهر، حكما ذا مصداقية يشمل الجميع ولا يقوم على الطائفية، وتحدِّد جدولا زمنيا وعملية لصياغة دستور جديد، ويعرب كذلك عن دعمه لانتخابات حرَّة ونزيهة تجرى، عملا بالدستور الجديد، في غضون 18 شهرا تحت إشراف الأمم المتحدة، بما يستجيب لمتطلَّبات الحوكمة وأعلى المعايير الدولية من حيث الشفافية والمساءلة، وتشمل جميع السوريين الذين تحق لهم المشاركة، بمن فيهم أولئك الذين يعيشون في المهجر، على النحو المنصوص عليه في بيان اجتماع المجموعة الدولية في فيينا المؤرخ 14 تشرين الثاني/نوفمبر 2015.
– يشدِّد على ضرورة قيام جميع الأطراف في سورية باتخاذ تدابير لبناء الثقة من أجل المساهمة في فرص القيام بعملية سياسية وتحقيق وقف دائم لإطلاق النار، ويدعو جميع الدول إلى استخدام نفوذها لدى الحكومة سورية والمعارضة السورية من أجل المضي قدما بعملية السلام وتدابير بناء الثقة والخطوات الرامية إلى التوصل إلى وقف لإطلاق النار.
ودعا المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسن اللجنة الدستورية السورية، إلى بدء اجتماعاتها في جنيف في 30 تشرين الأول الجاري.
جاء ذلك ضمن وثيقة قدمها الأمين العام للأمم المتحدة إلى مجلس الأمن وتضمنت المعايير المرجعية وقواعد عمل اللجنة. ونصت الوثيقة على أنَّ المبعوث الخاص دعا اللجنة الدستورية إلى بدء اجتماعاتها في جنيف في 30 تشرين الأول.
المرجعية والقواعد الإجرائية الأساسية:
المادة 1: الولاية
– تُعدُّ اللجنة الدستورية، في سياق عملية جنيف التي تُيِّسرها الأمم المتحدة، مشروع إصلاح دستوري يحظى بموافقة شعبية كمساهمة في التسوية السياسية في سوريا وتنفيذ قرار مجلس الأمن 2254 (2015)، ويجب أن يتضمَّن الإصلاح الدستوري من ضمن جملة أمور في الدستور والممارسات الدستورية في سوريا استناداً إلى نص وروح المبادئ الإثني عشر.
– يجوز للجنة الدستورية مراجعة دستور 2012 بما في ذلك في سياق التجارب الدستورية السورية الأخرى وتعديل الدستور الحالي أو صياغة دستور جديد.
المادة 2: التكوين والهيكل
– يكون للجنة الدستورية هيئتين واحدة كبيرة وأخرى صغيرة.
– تتألف الهيئة الكبيرة من 150 رجلاً وامرأة -50 ترشحهم الحكومة، و50 رشحتهم هيئة التفاوض السورية و50 مجتمع مدني.
– تتكوَّن الهيئة الصغيرة من 45 رجلاً وامرأة -15 ترشحهم الحكومة من بين الخمسين، و15 من الذين رشحتهم هيئة التفاوض و15 من بين 50 للمجتمع مدني.
– تقوم الهيئة الصغيرة بإعداد وصياغة المقترحات الدستورية وتقوم الهيئة الكبيرة بتبنيها. يمكن عقد الهيئة الكبيرة، بالتوازي أو بشكل دوري أثناء سير عمل الهيئة الصغيرة، لمناقشة المقترحات واعتمادها.
المادة 3: صنع القرار
– يجب أن يحكم اللجنة الدستورية شعور بالتسوية والمشاركة البنَّاءة التي تهدف إلى التَّوصُّل إلى اتفاق عام بين أعضائها من أجل الحصول على أوسع دعم ممكن من الشعب السوري، وتحقيقاً لهذه الغاية، تتقدَّم الهيئات إلى الأمام وتتخذ القرارات بتوافق الآراء حيثما أمكن، ولكن بخلاف ذلك يتطلَّب التَّصويت دعماً بنسبة لا تقل عن 75٪ من الأعضاء في الهيئة المعنية (أي 113 عضواً حاضراً للتصويت في الهيئة الكبيرة، 34 عضواً حاضراً للتصويت في الهيئة الصغيرة). على أن تكون عتبة التصويت البالغة 75٪ ثابتة.
المادة 4: الرئاسة
– يكون للجنة الدستورية ترتيبات رئاسة متوازنة مع رئيسين مشاركين -واحد ترشحه الحكومة السورية والآخر ترشحه هيئة التفاوض السورية.
– يشرع الرئيسان المشاركان بتوافق الآراء في رئاسة الهيئتين الكبيرة والصغيرة.
– يمارس الرئيسان المشاركان بتوافق الآراء الصلاحيات اللازمة لضمان التقيد بالنظام الداخلي وحسن سير عمل اللجنة الدستورية، وقد تشمل وظائفهم:
– رئاسة وتوجيه الاجتماعات والدورات.
– اقتراح وضمان مراعاة النظام الداخلي.
– تسهيل واقتراح جدول أعمال وخطط عمل تمكّن من مناقشة جميع القضايا، على ألا يؤثر الخلاف في قضية ما على باقي القضايا.
– تحديد المتحدثين وتوجيه الدعوات إليهم.
– تشجيع تعميم مراعاة التوزيع بين الجنسين.
– تلقي الأفكار والمقترحات وطرحها على النقاش حسب الاقتضاء.
– التنسيق مع المبعوث الخاص للتأكد من أن دوره التسهيلي متاح امام الجميع لضمان تأدية واجباتهم.
المادة 5: التيسير
– يسهل المبعوث الخاص عمل اللجنة الدستورية التي تقودها سوريا والمملوكة لسوريا، بما في ذلك من خلال دعم الرئيسين المشاركين للتوصل إلى توافق في الآراء وتقريب وجهات النظر بين الأعضاء من خلال بذل مساعيه الحميدة عند الحاجة.
– يستعرض المبعوث الخاص بانتظام تطورات العملية الدستورية من خلال رفع تقاريره إلى مجلس الأمن.
المادة 6: ثقة وسلامة وأمن أعضاء اللجنة الدستورية
– هناك التزام قوي ومشترك ببناء الثقة يبدأ بضمان عدم تعرُّض أعضاء اللجنة الدستورية وأقاربهم أو منظمات المجتمع المدني وكياناتها السياسية الذين يشكلون جزءًا منها للتهديد أو المضايقة أو الإجراءات ضد شخص أو ممتلكات ترتبط مباشرة بعملهم في اللجنة الدستورية ومعالجة وحل أي حوادث ومخاوف في حالة حدوثها.
المادة 7: أحكام إضافية
– تماشياً مع شروط الاختصاصات والقواعد الإجرائية الأساسية التي تتمتَّع بموافقة الأطراف السورية، يجوز للجنة الدستورية الاتفاق على قواعد إجرائية أخرى ضمن عملية اللجنة الدستورية لضمان عملها الفعال والمستدام في جميع المسائل دون شروط مسبقة.
– تتفق الأطراف السورية على أنَّه ولصالح الشعب السوري وحده، تعمل اللجنة الدستورية على وجه السرعة وبشكل مستمر لتحقيق نتائج وتقدم مستمر، دون تدخُّل أجنبي، بما في ذلك امكانية فرض حدود زمنية من الخارج.
– يجوز للجنة الدستورية الاتفاق على أي تعديلات قد تكون ضرورية على طول الطريق في هذه الاختصاصات والقواعد الإجرائية الأساسية لتمكين اللجنة الدستورية من المضي قدمًا، وقد تسعى إلى بذل المساعي الحميدة للمبعوث الخاص حسبما قد يكون ضروريًا.
– تتفق اللجنة الدستورية على وسائل الموافقة الشعبية ونقلها إلى النظام القانوني السوري للإصلاح الدستوري الذي تبنته اللجنة الدستورية، وقد تسعى إلى بذل المساعي الحميدة للمبعوث الخاص حسب الحاجة.