في يوم ٩ تشرين الأول ٢٠١٩ قامت القوات العسكرية التركية بغزو أراضي شمال شرق سوريا بغطاء أميركي-روسي، ما يشكل عدواناً سافراً على سيادة الدولة السورية على أراضيها، وما يمثل تطوراً خطيراً في مسار الأزمة السورية حيث كان رفض النظام السوري في عام ٢٠١١ للحل السياسي السوري-السوري واتجاهه للحل الأمني-العسكري قد فتح باباً مشرعاً لتدخلات خارجية قاد إلى تحكم الخارج الدولي-الإقليمي ليس فقط بمسارات الأزمة السورية وإنما أيضاً إلى فقدان السوريين جميعاً للقدرة على تقرير مصير سوري للأزمة.
لقد قام حزبنا منذ عام ٢٠١١ بانتهاج خط سياسي يرفض استعانة السوريين، مهما كانت مواقعهم في السلطة والمعارضة، بالخارج، وقد قلنا منذ ذلك العام بأن لا حل أمني-عسكري للأزمة بل حلاً عبر تسوية سياسية، وقد أبلغنا بشكل مباشر قياديين في “حزب الاتحاد الديمقراطي” بأن استعانتهم بالأميركان وتغطيتم لبناء قواعد عسكرية أميركية على الأرض السورية هو فعل مرفوض وطنياً وبأن الأميركان سيغدرون بهم و “يطعنوهم في الظهر”، كما أن إدخالهم سوريا في صراع تركي-تركي، بفعل تبعية “حزب الاتحاد الديمقراطي” لـ “حزب العمال الكردستاني”، ستقود أنقرة إلى عقد صفقات دولية من أجل القضاء على فرع سوري لحزب عبد الله أوجلان يحاول إقامة منطقة خاصة له عند الحدود السورية-التركية تحت إشراف وتوجيه من قيادة جبال قنديل، وهذا ما يدخل سوريا في نفق عميق تقود إليه الأطماع التركية المعروفة في الأراضي السورية.
إننا ندين الغزو العسكري التركي لأراضي بلدنا سوريا، حيث يتذرع الأتراك باتفاقية أضنة التي وقعها النظام السوري عام ١٩٩٨ معهم والتي هي مرفوضة وتفتقد إلى أي مشروعية دستورية وقانونية سورية، وندين كل طرف أو شخص أو فريق سياسي سوري شارك أو أيد أو صمت عن هذا الغزو باعتباره أخذ موقفاً لا وطنياً، ونطالب بانسحاب القوات التركية من الأراضي السورية، ونحن نرى بأن يوم ٩ تشرين الأول ٢٠١٩ هو منعطف فاصل يعطي إشارات واضحة على مدى فقدان السوريين لسيادتهم، وهو ما يدعو كل السوريين، مهما كانت مواقعهم في السلطة والموالاة والمعارضة والتردد، من أجل السعي نحو تبني وانتهاج خط سيادي وطني سوري يرفض ويسعى إلى إخراج كل القوات غير السورية، سواء كانت نظامية أو غير نظامية وسواء كانت مساندة لهذا الطرف السوري أو ذاك، من الأراضي السورية، مع سعي السوريين إلى حل سياسي ينهي الأزمة السورية على أساس القرار الدولي ٢٢٥٤ لعام ٢٠١٥ الذي يقول في نصه بإقامة “حكم ذو مصداقية يشمل الجميع ولا يقوم على الطائفية” من أجل الانتقال من الاستبداد إلى دولة الحق والقانون والديمقراطية كطريق وحيد نحو استعادة سيادة بلدنا سوريا الذي يعاني الآن من الاحتلالات والهيمنات الخارجية واستباحة أرضه.
دمشق – ١٢ تشرين الأول ٢٠١٩
الحزب الشيوعي السوري – المكتب السياسي