جير بيدرسون
المبعوث الخاص للأمم المتحدة لسوريا
إحاطة إلى مجلس الأمن
27 يونيو/حزيران 2019
السيد الرئيس،
- أود أن أتطرق بدايةً إلى الوضع المقلق جداً داخل وحول منطقة خفض التصعيد في إدلب. للأسف القتال مستمر، بما في ذلك الغارات الجوية، والصواريخ، وقذائف الهاون. هذه الهجمات تتسم في أغلب الأحيان بالاستخدام المفرط للقوة. المدنيون يقتلون وهناك مئات الآلاف من النازحين. خطوط التماس لم تتغير، على الأقل ليس هناك تغير كبير.
- هيئة تحرير الشام المصنفة كمنظمة إرهابية من قبل مجلس الأمن هي قوة مسيطرة في منطقة خفض التصعيد وهجماتها يجب أن تتوقف. إلا أنه يجب توفير الحماية اللازمة لقرابة 3 مليون مدني في إدلب، بعضهم نزح في فترات سابقة نتيجة للقتال في مناطق أخرى، وأيضاً للمدنيين في المناطق المحيطة. لكن كما سبق وأن أشار الأمين العام ” يجب أن يكون هناك التزام كامل بالقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني حتى أثناء محاربة الإرهاب”. الاعتداءات على المدنيين والبني التحتية المدنية – بما في ذلك المنشآت الطبية التي تم مشاركة احداثياتها وعمال الإغاثة – غير مقبولة على الإطلاق ويجب أن تتوقف دون تأخير.
- التقارير الواردة حول القصف المتبادل على مقربة من أماكن تواجد الحكومة السورية ونقاط المراقبة التركية مقلقة للغاية، وتذكرنا بأن ادلب ليست مسأـلة إنسانية فحسب، كما أنها ليست مسألة سورية فقط، بل هي بمثابة برميل بارود قابل لإشعال الوضع إقليمياً.
- لا شك أنه لا يوجد حل يسير لإدلب. ولكن السبيل الوحيد للوصول إلى حل هو من خلال وقف العمليات العدائية وانخراط الأطراف الفاعلة الأساسية في مقاربة جديدة تسودها روح التعاون لمكافحة الإرهاب، مقاربة تضمن حماية المدنيين. لقد حصلت على تطمينات من تركيا التي زرتها الأسبوع الماضي وروسيا التي أنوي زيارتها الأسبوع القادم بأنهما لا زالتا ملتزمتان بمذكرة التفاهم الموقعة في سبتمبر/أيلول 2018، وأنهما شكلتا مجموعة عمل معنية بالوضع في شمال غرب سوريا. لكن يجب أن تنعكس هذه التطمينات على الوضع على الأرض. أكرر بقوة نداء الأمين العام لروسيا وتركيا لضمان استقرار الوضع دون تأخير.
السيد الرئيس
- يجب أيضاً السعي لفرض وقف إطلاق نار على المستوى الوطني وفقاً لما نص عليه القرار 2254. نرى أهمية ذلك عندما ننظر إلى الوضع غير المستقر في أنحاء سوريا. هناك تبادل لإطلاق النار أسفر عن وقوع قتلي في ريف حلب الشمالي، ومؤشرات مستمرة لعدم الاستقرار في جنوب غرب سوريا. ويبقي مصير شمال شرق سوريا غير واضح ويتطلب الوصول إلى حل.
- الاحتياجات الإنسانية ومتطلبات الحماية داخل وخارج سوريا لا تزال هائلة. هناك فقر مدقع يتفاقم مع نقص السلع والمواد الأساسية وارتفاع الأسعار في عدة مناطق في سوريا. لقد شهدنا سلسلة رهيبة من الحرائق تلتهم محاصيل القمح وتهدد أمن سوريا الغذائي.
- النازحون هم الفئة الأكثر تعرضاً. بالإضافة إلى إدلب، هناك ازمتان في الركبان والهول هما على رأس قائمة أولوياتنا كما أخبركم منسق الشؤون الإنسانية مارك لوكوك منذ يومين. كما طالبت مستشارتي للشؤون الإنسانية، نجاة رشدي، اليوم مجموعة العمل المعنية بالشؤون الإنسانية هنا في جنيف بدعم جهود الأمم المتحدة لضمان الوصول الإنساني وتوفير الحماية للمدنيين والبني التحتية المدنية، والتوصل إلى حلول دائمة.
- التصعيد الحالي وعدم الاستقرار يرسل إشارة سلبية للاجئين السوريين تزيد من مخاوفهم بشأن الأوضاع الأمنية والتجنيد الاجباري والوضع المعيشي في سوريا.
- يجب احتواء الوضع في إدلب، إذا ما تحقق ذلك، يجب أيضاً العمل على تجنب سيناريو اللاسلم واللاحرب المتمثل في: تجميد جبهات القتال مع استمرار الصراع وعدم الاستقرار، استمرار تواجد جيوش من خمس دول، مع وجود خطر دائم باحتمال المواجهة بينها، استمرار انتهاك سيادة سوريا ووحدة أراضيها واستقلالها، استمرار عدم اقبال اللاجئين والنازحين على العودة بأعداد كبيرة، استمرار مأساة المعتقلين والمخطوفين والمفقودين دون حل، استمرار تنظيم داعش في تشكيل تهديد متصاعد مع استمرار قدرة الجماعات الإرهابية والمقاتلين الأجانب على إعادة تنظيم صفوفهم، واستمرار غياب الحل السياسي.
السيد الرئيس
- نتفق جميعاً على أنه لا يوجد حل عسكري لهذه الأزمة. لقد علمت على إعادة احياء مسار سياسي بقيادة وملكية سورية استناداً إلى قرار مجلس الأمن 2254. أحد الأوليات الملحة هي – إذا ما تيسر ذلك – إطلاق لجنة دستورية متوازنة وذات مصداقية بقيادة وملكية سورية وبتيسير من الأمم المتحدة، مع الاحترام الكامل لسيادة سوريا واستقلالها وسلامة أراضيها. هذه المسألة كانت أحد النقاط الرئيسية في حواري المستمر مع الطرفين – الحكومة السورية وهيئة المفاوضات السورية – كما عملت على ضمان الدعم المستمر للدول الداعية لسوتشي وغيرها، بما في ذلك ما يطلق عليه المجموعة المصغرة التي التقيت بها خلال بداية الأسبوع في باريس. كما ناقش الأمين العام الأمر أيضاً مع القيادة الروسية خلال زيارته الأخيرة إلى سان بطرسبرج.
السيد الرئيس
- بعد تجاوز عدد من العقبات الصعبة، أعتقد أن السبيل للتوصل إلى اتفاق حول تشكيل اللجنة الدستورية والقواعد الإجرائية قد يكون متاحاً الآن. أتطلع إلى اختبار النوايا، من خلال اتصالاتي في الفترة المقبلة، حول صيغة عملتُ بحرص على تحصيل موافقة كافة الأطراف عليها. أقدر المشاورات التي أجريتها مؤخراً مع مسؤولين روس رفيعي المستوي لدعم جهودي في هذا الشأن. كما أتطلع إلى التشاور مع الحكومة السورية في دمشق قريباً ومع قيادة هيئة المفاوضات السورية. لقد آن الأوان لوضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل من أجل تمكين الأمم المتحدة من تيسير عمل اللجنة الدستورية في جنيف في أقرب وقت ممكن.
- اللجنة الدستورية يمكن أن تٌشكل مدخلاً للعملية السياسية، ولكنها لن تحل وحدها الصراع أو تزيل التحديات التي تواجه سوريا. لا يمكن تحقيق ذلك إلا من خلال البدء في بناء ثقة حقيقية بين الأطراف يمكن تطويرها من خلال خطوات متبادلة وملموسة، بما في ذلك خطوات على الأرض.
- انني على اقتناع بأن التقدم في ملف المعتقلين والمخطوفين والمفقودين، إذا ما تم التعامل معه بطريقة جدية وعلى نطاق أوسع، يمكن أن يؤثر بشكل كبير. لقد أعطيت الأولية لمسألة الأفراج أحادي الجانب عن النساء والأطفال، والمرضى، وكبار السن. خطوة أخرى في هذا الاتجاه هي تحسين الوصول إلى المعلومات والتواصل. على الحكومة السورية والمعارضة اعداد قوائم مجمعة بالأشخاص الذين في حوزتهم أو من يملكون معلومات حولهم وكذلك الأشخاص المفقودين من طرفهم.
- سنواصل أنا ونائبتي خولة مطر العمل بشكل جدي على هذا الملف المعقد والهام. بالتوازي، سنواصل حث تركيا وروسيا وإيران الذين نعمل معهم في إطار مجموعة العمل الرباعية لبذل الجهود المطلوبة لتحقيق نتائج ملموسة في هذا الملف. وما زالت دعوتي لمجموعة العمل لتجتمع في جنيف قائمة.
السيد الرئيس
- في الواقع، هناك سلسلة من الخطوات مطلوبة وضرورية لخلق الثقة. هذا ما أكده لي السوريون على اختلاف مشاربهم.
- لقد التقيت مؤخراً مع عدد من نشطاء وشبكات المجتمع المدني من خلال غرفة دعم المجتمع المدني. أكد كافة السوريين الذين التقي بهم، من داخل وخارج سوريا، وبغض النظر عن انتماءاتهم وخلفياتهم السياسية، على حرصهم، بل على حاجتهم الماسة، إلى حل. ولكن ما يدهشني هو أنهم لا يؤمنون حقاً بوجود مسار سياسي يفضي إلى هذا الحل.
- لقد التقيت هذا الأسبوع مع المجلس الاستشاري النسائي الذي اجتمع في جنيف من أجل تعميق الفهم حول كيفية مساهمة المسار الدستوري في حماية وتعزيز حقوق المرأة. هؤلاء النساء أكدن، كما أكد آخرون، على أهمية تمثيل النساء بنسبة لا تقل عن 30%. كما أكدن أيضاً على فقدان السوريين، رجالاً ونساءً، ايمانهم بالمسار السياسي.
- لذلك فإن المسار السياسي يجب أن يكون أشمل من مجرد اجتماعات في جنيف، بل يجب أن يتضمن خطوات ملموسة على الأرض تخلق الثقة بين الأطراف. لذلك سأواصل مشاوراتي بشكل مكثف مع أكبر عدد من السوريين حول الخطوات التي يرونها عملية ومفيدة لبناء الثقة.
- ولكن في النهاية، يقع على عاتق الأطراف ذاتها اتخاذ هذه الخطوات. كسر الجمود سيكون صعباً. هناك قدر كبير من عدم الثقة. المواقف متصلبة. لكنني أعتقد أن النقاشات والتعاون على المستوى الدولي يمكن أن يساعد السوريين في التغلب على هذه العقبات. هذا الأمر لا يضر بطبيعة المسار كونه مساراً سورياً بقيادة السوريين. لكنه مجرد إقرار بحجم التدخل الدولي في سوريا والأهمية الكبيرة للدعم الدولي من أجل تحقيق مستقبل مستدام لسوريا. لذلك فإن الخطوات العملية على الأرض يمكن ويجب أن تتواكب مع إجراءات على المستوى الدولي أيضاً. هذا الأمر سيساهم في بناء الثقة بين السوريين بعضهم البعض وبينهم وبين المجتمع الدولي.
السيد الرئيس
- في الوقت الحالي، لا توجد مجموعة دولية تضم كافة الفاعلين الدوليين الأساسيين الذين يعد دعمهم أمراً ضرورياً للتوصل إلى خطوات ملموسة ومتبادلة على كافة المستويات. أعتقد أن جهودي يجب تعزيزها من خلال جمع الإرادة الدولية المتمثلة في مسار أستانا وما يطلق عليه المجموعة المصغرة والأعضاء الدائمين لمجلس الأمن. لذلك أواصل العمل على دعوة مجموعة من الفاعلين الأساسيين في إطار مشترك لمساندة المسار السياسي بقيادة سورية بشكل عملي في جنيف.
السيد الرئيس
- انني اتحدث عن إطار مشترك لأنني لا أنوي أن يحل هذا الإطار بديلاً عن المسارات الموجودة بالفعل، حيث أعربت عدة دول عن تقديرها لفائدة وأهمية هذه المسارات بالنسبة لأعضائها وأنا أحترم ذلك.
- هناك عدة موضوعات ستكون مطروحة على جدول أعمال القادة والزعماء المجتمعين في قمة العشرين غداً. الأمين العام وأنا شجعنا الأطراف على أن تكون سوريا على رأس جدول الأعمال. آمل أن تعمل تركيا وروسيا على أعلى مستوى لاحتواء الوضع في إدلب. وكذلك أتطلع إلى أن تقوم الولايات المتحدة وروسيا بالبناء على ما تم مناقشته في سوتشي وتعزيز حوارهما على أعلى المستويات أيضاً، فالتعاون بينهما هو عامل أساسي في تعزيز التعاون الدولي حول سوريا. وأتمنى أيضاً أن يتم تأطير هذا التعاون بشكل يسمح بمشاركة كل الأطراف الفاعلة الأخرى في دعم، وليس استبدال، مسار سياسي بقيادة وملكية سورية وبتيسير من الأمم المتحدة لكي تتمكن من إنجاز المهمة الموكلة إليها من قبل هذا المجلس.
السيد الرئيس
- قدم هذا المجلس دعماً كاملاً لمهمتي منذ استلامي مهام منصبي وهو أمر محل تقدير مني. الآن، وبعد ستة أشهر من بدء مهمتي، أقدر صعوبة وتعقيد الوضع، لكنني أرى أيضاً إمكانية إيجاد سبيل للخروج من هذه الأزمة. لقد آن الأوان ليستقر الوضع في إدلب وللعمل على إيجاد وقف إطلاق نار على المستوى الوطني. لقد آن الأوان أيضاً لإطلاق اللجنة الدستورية ومحاولة خلق مناخ يساهم في بناء الثقة. ونحتاج أيضاً بشكل واضح إلى إطار دولي داعم جديد.
- إن مثل هذه الخطوات يمكن أن تؤشر إلى أننا نسير في اتجاه الحل السياسي اتساقاً مع قرار مجلس الأمن 2254 من خلال لجنة دستورية تُسفر عن خلق بيئة أمنة وهادئة ومحايدة بما يمهد الطريق لعقد انتخابات حرة ونزيهة بإشراف الأمم المتحدة وبمشاركة كافة السوريين بهدف تحقيق تسوية سياسية دائمة في سوريا.
النهاية