عيد النصر على ألمانيا النازية

د. جون نسطة

جرت البارحة التاسع من شهر أيار/مايو احتفالات كبيرة وحاشدة شارك فيها أكثر من ١٢ مليون مواطن روسي، بمناسبة عيد النصر على ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية. ولقد شارك الرئيس بوتين بهذه المسيرات رافعا صورة لأبيه الذي سقط في هذه الحرب الشعواء. وكان قبل ذلك قد شهد استعراضا عسكريا ضخما للجيش الروسي، ظهرت فيه اسلحة روسية متطورة وحديثة، والقى فيه خطابا بهذه المناسبة الغالية على قلوب الروس وكافة الشعوب السوفياتية سابقاً.

المسيرات المليونية في العاصمة موسكو ظهرت فيها بكثافة غير عادية الإعلام الروسية وأعلام الاتحاد السوفييتي سابقاً، وحمل أكثر المشاركين صور كبيرة لأهاليهم وأقاربهم، الذين سقطوا شهداء في الحرب، إلى جانب صور القادة العسكريين السوفييت، وشاهدت بأم عيني صورة كبيرة للجنرال ستالين أيضا.

مسيرات موسكو، الزاهية الألوان، مع بالونات الهواء المختلفة الألوان، عبرت شوارع المدينة الكبيرة متوجهة إلى الساحة الحمراء رافعة الأعلام والصور ومنشدة اغاني النصر السوفييتية، قدمت دليلاً واضحاً على الملأ باحتفاظ الشعب الروسي بذاكرته الحية على هذا الحدث التاريخي وعلى التضحيات الهائلة التي قدمها، فقد سقط في هذه الحرب الوطنية العظمى ٢٨ مليون إنسان سوفيتي. ولم تقتصر هذه المسيرات على العاصمة موسكو بل عمت كافة المدن الروسية.

بدأت هذه الحرب بالهجوم المفاجئ والمباغت للجيش الألماني بيوم ٢٢ حزيران عام ١٩٤١ بمشاركة ٤.٥ مليون جندي على جبهة طولها ٢٩٠٠ كم، تحت اسم بربروسا الإمبراطور الألماني السابق.

رغم النجاحات الألمانية الهتلرية الاولى، فإن صمود مدن بأكملها مثل ستالين غراد ولينين غراد الاسطوري وبطولات الجيش الأحمر ودعم المدنيين الروس الكبير وتشكيلات الحرس الأحمر، حولت مجرى الحرب لصالح الاتحاد السوفييتي، وبدأت الهزائم الالمانية المتكررة والتراجع خطوة بخطوة، إلى تمكن الجيش الاحمر بقيادة الجنرال جوكوف من دخول العاصمة برلين ورفع العلم الأحمر على مبنى الرايشتاغ البرلمان الألماني إلى انتحار هتلر وغوبلز وهزيمة ألمانيا النهائية عام ١٩٤٥.

إن هذا النصر العظيم شكل نصراً عالمياً لكل الانسانية جمعاء. فقد قضي على أعتى قوى الظلام والوحشية والعنصرية النازية في التاريخ الإنساني. وشكل بداية حقيقية لعصر التحرر والاستقلال الوطني لشعوب أفريقيا وآسيا، وفي طليعتها الدول العربية، فقد كانت سوريا أول بلد في آسيا ينال حريته واستقلاله التام المنجز في السابع عشر من شهر نيسان عام ١٩٤٦.