بيان حول معاناة السوريين التي وصلت لدرجة لا تحتمل ولا تطاق وتدق نواقيس الخطر
منذ ثمانية سنوات ما زالت كرة الموت والدمار تحصد ارواح السوريين. وتدمر مدنهم وممتلكاتهم. حتى اضحى القتل والسرقة والخطف متفشياً على كامل الجغرافية السورية يقوٌض أمن المجتمع. ويترافق مع الارتدادات السلبية لهذه الحرب المجنونة التي تُدار بدماء السوريين.
أزمات خانقة تعصف بمتطلباتهم المعيشية وحياتهم الإنسانية، كأزمة الوقود والغاز، وندرة وجودهما، إضافة لارتفاع اسعارهما، وما يرافق ذلك من أزمة الكهرباء وانقطاعها المستمر وانقطاع المياه والتدفئة الذي حول حياة الناس إلى جحيم، ناهيك عن انخفاض قيمة الليرة السورية أكثر من عشرة أضعاف خلال أقل من ثمانية سنوات، مقابل الارتفاعات الفلكية في أسعار جميع المواد الاستهلاكية والضرورية لحياة المواطنين، حتى باتت الأجور ودخل المواطن لا تسد الرمق ولا تكفي لبضعة أيام.
فالنتائج الكارثية للمشهد السوري تُرخي بظلالها على كاهل المجتمع، إضافة إلى الحرب وما ينتج عنها من قتل وتدمير وتشريد وخطف، فإن الازمات التي تطال اكثرية السوريين تتوالى، وما يزيد من شدتها ويضيق الخناق على حياة الناس أن كل شيء صار مستباحاً، وانتشرت عصابات ومافيات الفساد والسمسرة وتجارة الممنوعات وصولاً للقتل والسرقة والخطف، دون محاسبة وردع لعدم وجود إرادة حقيقية في التصدي لهذه المظاهر المدمّرة للمجتمع، كون أفراد من مؤسسات وأجهزة النظام أو مرتبطين بها من خلال المحاصصة والسمسرة، هؤلاء وداعموهم هم الصانعون الأساسيون للأزمات والمستفيدون منها كوّنوا ثرواتهم المنهوبة من جهود ودماء الفقراء، وباتت تضيق الخناق على غالبية السوريين بمختلف شرائحهم الاجتماعية، حيث تتعرض الأكثرية من شعبنا للإفقار والتهميش المتزايد الذي يصل لمرحلة التجويع والقهر القاتل.
إن واقع الحال يثير الكثير من التساؤلات حول وجود جهات مسيطرة لها مصلحه بزيادة اخضاع وقهر الناس وتهجير من تبقى منهم للوصول لفوضى أكثر دموية.
وواقع الحال، موضوعياً لا يميز بين السوريين على أساس تصنيفات معارضة وموالاة أو مستقلين، بل يشكل ضغطاً متزايداً على جميع السوريين أينما كانوا في الداخل أو في الخارج، مهما كانت انتماءاتهم وتصنيفاتهم، ولذلك فإن مواجهة تلك الارتدادات السلبية ووضع حد لكل هذه التجاوزات على حياة الناس وأرزاقهم، هي مسؤولية كل السوريين الذين يدفعون أثمان الحرب والأزمات المتكررة والمتزايدة.
إننا نعتقد أنه لا حلول لهذا الأزمات إلا بتجفيف منابعها من خلال برنامج وطني شامل، ديمقراطي الطابع والتكوين، يدفع باتجاه الوصول لحل سياسي وطني ينهي الحرب وكل أشكال العنف والتضييق على الناس ويحقق طموحات السوريين في إسقاط الاستبداد في كل مفاصل الدولة والمجتمع، ويشق الطريق لبناء سوريا الجديدة، التي يعيش فيها السوريون بأمان وكرامة وحرية وعدالة إنسانية.
أهلنا وأحبتنا أينما كنتم: الشعوب لا تنال حقوقها وحريتها إلاّ بجهودها وتضحياتها، إن الدفع باتجاه حل سياسي وطني ومواجهة الأزمات التي تطال أكثرية السوريين غير ممكن بدون توحيد وتنظيم واعٍ للجهود وعلى أسس وطنية إنسانية عبر حراك شعبي متجدد، وفعاليات شعبية سلمية واعية ومنظمة.
إن الانتفاضات الشعبية السلمية التي حصلت في بلدان الربيع العربي، وكذلك انتفاضة شعب السودان وبلدان أخرى، لن تتوقف مهما تعثّرت إلاّ بالخلاص من كل أنظمة القمع والفساد والاستبداد والاستغلال، والانتقال إلى أنظمة ديمقراطية في إطار دولة المواطنة المتساوية، التي تطلق الحريات وتصون الكرامات، وتحفظ الحقوق.
هذا هو منطق الحق والتاريخ والغلبة للشعوب والهزيمة لكل أشكال البغي والفساد.
دمشق ٢٣ كانون الثاني ٢٠١٩
اللجنة التحضيرية لتشكيل الجبهة الوطنية الديمقراطية (جود) / القطب الديمقراطي