المحبه الإنسانية ومجمل الخصال والقيم الإنسانية النوعيه المميزه للانسان لم ولن تسود بين الناس بالصدفه أو لانهم قرروا أن يحبوا بعضهم بعد سماعهم مواعظ ودروس عن المحبة والتعاون…
المحبه هي صفة الانسان النوعيه المميزه، وحاجه انسانيه حيويه من اجل البقاء والارتقاء والتطور.. اما.الكراهيه والانانيه والنزاعات والصراعات والحروب …لا علاقة لها بالصفات والمصالح الإنسانية النوعيه , بل هي نتاج غرائز ونزوات ومصالح لا انسانيه يولدها الواقع المعاش الذي صنعته علاقات احتكار الملكيه وكل اشكال احتكار الثروة ووسائل الانتاج والتاثير والسيطره التي تشكل اسس تشكيلات العبوديه التي جاءت على انقاض المشاعيه البدائيه وابتدأت ببيع الناس مع بهائمهم في اسواق النخاسه ليتحول المجتمع لساحه للصراع بين محتكري الملكية والسيطرة والمحرومين منها, بين الحاكم والمحكوم, بين العبد ومالك العبيد, الفلاح والاقطاعي, الانسان والرأسمال.
ولو كانت الكراهيه والانانيه في فطرة أو اصل وجود الانسان لما كان هناك انسان ولا نوع انساني ولا حضاره انسانيه, فاجدادنا الاوائل وفي المرحله الاولى من تميزهم وتطورهم ” في مرحلة المشاعيه البدائيه” كان مصدر قوتهم هو اتحادهم التعاوني الطوعي باستخدام ادوات بدائيه مصنوعه من الحجاره والعضام واغصان الاشجار , قوتهم في تعاونهم وتضامنهم واحساس كل واحد إنه مسؤول عن مصير ومستقبل الاخرين وكل واحد اخر وان أي اذي يلحق باحدهم يتسبب باذى للاخرين وهذا هو معنى المحبه, وفي تلك المرحلة بالذات تشكلت مانسميه الصفات والخصال والاخلاق الانسانيه النوعيه:
المحبه.التعاون والتضحيه والشجاعه والوفاء و… لكن هذه الخصال وهذه المحبه لم تسود فيهم وبينهم بالصدفه أو لانهم قرروا إن يحبوا بعضهم بعد سماعهم مواعظ ودروس عن المحبة والتعاون , لقد سادت بينهم لانها كانت مصدر قوتهم وضروره حيويه لبقائهم وتطورهم ,ويمكننا القول إن المحبه ليست فقط خاصية الانسان النوعيه وهي ايضا ضروره موضوعيه حيويه , وما جعل الكائن الحي الشبيه بالانسان انسانا وامكنه شق الطريق لصناعة تاريخه الخاص فوق كوكبنا…..لكي يمكن البقاء والتطور لا بديل عن وجود علاقات اجتماعيه بين الناس وعلاقات مع محيطهم الطبيعي…في المرحله المشاعيه لم يكن هناك احتكار خاص للملكية وبالتالي لم توجد علاقات استغلال الانسان للانسان بل علاقات التعاون والتضامن والمحبه الانسانيه…ففي هذه المرحلة كان صراعهم من اجل البقاء والتطور ليس فيما بينهم بل فيما بينهم وبين قوى الطبيعه العاتيه الصماء ووحوشها الباحثه عن غذاء وكان قانونهم الاساسي العمل التعاوني الجماعي والتوزيع الجماعي لنتاجات عملهم فيما بينهم… وكان جل اهتمامهم في تامين متطلبات الحياة والامان والاستقرار ومواجهة الاخطار , ولم يكن يمكنهم تامينها بدون تعاونهم وتضامنهم وحرصهم على مصير بعضهم , أي لم يكن تامينها ممكنا بدون المحبه.
المحبه هي الصفه النوعيه المميزه للإنسان وللعلاقات الاجتماعية في المجتمع الانساني الذي يشكل غايه انسانيه مشتركه والذي يشكل العمل من اجل الوصول اليه معنى وجودنا كبشر…المحبه هي الانسان نفسه عندما يستعيد انسانيته استعاده كامله وشامله., أي بعد إن يستعيد الملكيه الجماعيه الانسانيه ويتجاوز علاقات الاحتكار الخاص للملكية المولده لاستغلال واستلاب الانسان وتصبح حرية وملكية كل واي فرد انساني شرط لملكية وحرية أي فرد انساني اخر….. المحبه… تتجسد في مجتمع يخلق الشروط الضروريه ليكون التضامن والتعاون الانساني طوعي حر وضروره موضوعيه في الوقت نفسه أي أن تكون المحبه والاخوة الانسانيه خيار حر ولا بديل عنه لتلبية متطلبات بقاء وارتفاء وتطور الانسان.
المحبه الانسانيه: تسود بين الناس عندما يكونون في مجتمع يشعرون فيه إن مصالحهم وهمومهم وامالهم والمخاطر والتحديات التي تواجههم مشتركه وان تعاونهم وتضامنهم وتشاركهم في المسؤوليه هو الطريق الوحيد المضمون لاستمرار بقائهم وتلبية حاجاتهم ومتطلبات تطورهم وارتقائهم , لا يكفي إن تكون مصالحهم وامالهم مشتركه بل يتطلب وعيهم لهذا التشارك واهمية وحيوية التعاون….نعم هذا ما يجعل المحبه صفة الانسان المميزه والضروره الاساسيه لبقائه وتطوره , انه المجتمع الذي يكون فيه مصدر الخطر والتحدي والتهديد محيطهم الطبيعي , قوى وقوانين الطبيعه واسرارها التي لم يتم اكتشافها والسيطره عليها وتكييفها لمصلحتهم بعد أي عندما يكون الصراع بين الانسان والطبيعه ويتم تجاوز علاقات استغلال الانسان للانسان أي عندما يكون كل فرد انساني مالك سيد حر.
وتصبح حرية وملكية كل واي فرد انساني شرط لملكية وحرية أي فرد انساني اخر… وشتان بين حب إن اكون مالك سيد حر, وبين إن احب إن يكون كل شي لي وحدي ولا شيء لغيري , حسب االيات تطور النظام الراسمالي التي تقود الى تركز وتمركز متزايد للثروة ,فهل…احتكار الثروة من اقلية من الطواغيت وترك بقية سكان الارض خدما لامبراطورية المال المنهوب من عرق وجهد ودماء الشغيله المفقرين هو فطرة انسانية اوسنة الحياة الدنيا وارادة الله..؟؟
الجشع والانانيه والتنافس والصراع والحروب تتولد عندما تسود علاقات احتكار الثروة والسيطره على حساب افقارواستغلال الاكثريه .. نحن اليوم نعيش في نظام دولي راسمالي يشكل الربح دافعه الاوحد ,واستغلال واستباحة الانسان المصدر الوحيد للاستئثار بالارباح وضمان البقاء ,انه مجتمع تحكمه قوانين الغاب في مراكزه واطرافه التابعه , إن ضمان التوجه لصناعة مجتمع انساني يليق بالانسان يتطلب الخلاص من قوانين الغاب الحاكمه ,واي بدائل اخرى لن تكون اكثر من وعض وتخدير واوهام فالدعوة لمجتمع المحبه الانسانيه في ضل قوانين الغاب هي شكل من اشكال الوعظ أو ايجاد عمل وهمي ماجور لرجال دين السلاطين ,علاقات الغاب الحاكمه تتضمن تناقضات لا يمكن حلها الا بتجاوزها وكما لا يمكن اقناع القط والفار بان تسود المحبة بينهم لا يمكن إن يكون هناك مصالح اساسيه مشتركه بين الناهب والمنهوب أوالحاكم والمحكوم.
الاستعاده الكامله والشامله للمحبه الإنسانية هي نفسها الاستعاده الكامله والشامله لملكيته الجماعيه الإنسانية وتجاوز كل اشكال الاحتكار الخاص للثروة وكل اشكال احتكار وسائل الانتاج والتاثير والسيطره وبالتالي كل اشكال استغلال واستلاب الانسان
مجتمع المحبه الانسانيه هو اسم اخر لمجتمع الحرية والعداله الانسانيه ومثلما إن الوصول لمجتمع الوحده والمحبه الانسانيه هو الغايه الانسانيه التي تشكل معنى وجودنا فان المحبه نفسها تشكل الوسيلة لتحقيق هذه الغايه..
وكما اشرنا سابقا فان تحقيق هذه الغايه يتطلب تجاوز العلاقات الراسماليه الحاكمه على المستوى الدولي وكل اشكال انظمة الاستبداد والنهب والاقطاع الديني في العالم الثالث وكل اشكال احتكار الثروة والسيطره وهذا غير ممكن بدون تحالف وتعاون كل من لهم طموحات ومصالح مشتركه في تحقيق هذه الغايه وهم موضوعيا كل شعوب العالم واذا كان كادحي الدول الراسماليه يتعرضون للاستغلال والاستلاب من قبل الاحتكارات الراسماليه فان شعوب العالم الثالث تتعرض لاستغلال وقمع واستبداد ونهب مزدوج من حكامها ومن حكام المراكز وبالتشارك في المصالح فاطالة عمر النظام الراسمالي في المراكز يتطلب توسيع وتشديد سيطرتها ونهبها لثروات وموارد العالم الثالث باقل تكاليف ومخاطر ممكنه وكذلك فان استمرار وجود حكام بلدان العالم الثالث يتطلب استرضاء المسيطرين في المراكز ,فهذا التحالف بين قوى الاستغلال والنهب والسيطره يتطلب بالمقابل تحالف كل القوى الإنسانية في العالم وفي كل بلد من بلدانه , فمن تجمع بينهم موضوعيا مصالح وهموم وامال ومخاطر وتحديات مشتركه إن يدركوا ان تعاونهم وتضامنهم وتشاركهم في المسؤوليه هو الطريق الوحيد لاستمرار بقائهم وتلبية حاجاتهم ومتطلبات تطورهم وارتقائهم , وتجنب المخاطر الجديه التي تهدد مستقبل وجودهم فوق سطح الكوكب…
لا بديل عن تحالف انساني يجمع شعوب العالم الثالث التي تتعرض للنهب والقمع والقتل والافقار , يجمع كل شغيلة وكادحي العالم وكل العاملين بعضلاتهم وادمغتهم , يجمع كل من لهم مصلحه بالخلاص من النزاعات والحروب والفوضى الدمويه الهدامه وكل من يدافعون عن سلامة البيئه وبقاء كوكبنا صالحا للحياة , يجمع كل من يتوق لصناعة عالم انساني جديد عالم الاستعاده الشامله للانسان والمحبه الإنسانية, عالم الحرية والعداله الإنسانية.
بقلم “جايد عزام” منسق عام التحالف السوري للحرية والعدالة الإنسانية.
المقالات تعبر عن رأي كاتبها.