الاشتراكية الديمقراطية كحركة وكأيديولوجيا من نتاج القرن التاسع عشر، وهي نتيجة للثورة الصناعية التي شهدتها المجتمعات الأوروبية، اتخذت الحركة العالمية للاشتراكية ـ الديمقراطية، لتعبر سياسياً عن إرادتها في الدفاع عن حقوق الطبقة العاملة ضد الاستغلال الرأسمالي، إطاراً تنظيمياً بإنشائها في باريس عام ١٨٨٩، وشكلت الأممية الاشتراكية الأولى.
منذ نشأتها، اتسمت الحركة بصراع بين تصورين للتغيير الاجتماعي، التصور الأول: يحمله الخط الماركسي، ويقوم على السعي لإسقاط المؤسسات السياسية والاجتماعية في النظام الرأسمالي، للبلوغ الى المجتمع الاشتراكي، أما التصور الثاني: فإنه يدعو الى اتباع طريق طويل للتغيير، من خلال هذه المؤسسات للتوصل وأخيراً، وعبر المفاوضات والنضالات إلى اكتساب الحقوق المهضومة للطبقة العاملة.
وقد انتهجت معظم الدول الاسكندنافية وخاصة السويد النهج الثاني، وقد عززت نهجها بمبدأ يقول بأنه في البلاد التي يقبل فيها مبدأ الديمقراطية السياسية، لا حاجة الى قلب المؤسسات السياسية الاجتماعية بالثورة، ولكن الحرب العالمية الأولى وثورة ١٩١٧ الروسية أدتا إلى انقسام الاشتراكية الديمقراطية، وإلى إنشاء الأحزاب الشيوعية في البلدان الأوروبية، وقد اتهمت الأحزاب الشيوعية الاشتراكيين الديمقراطيين بالخيانة، معتبرة أن هؤلاء قد تخلوا عن التضامن الدولي وانحازوا إلى مفهوم المصلحة القومية الضيقة.
الانشقاق: اعتبر لينين وتروتسكي أن التوجه القومي هو برهان على تدني وتدهور الاشتراكية الديمقراطية، ونتيجة منطقية لانحرافها عن الخط الماركسي الثوري، كما اعتبرا أن التحريفية التي نادى بها “برنشتاين” وحاربتها روزا لوكسمبورغ، قد حولت الاشتراكية الديمقراطية عن الطريق الذي يؤدي إلى إنشاء المجتمع الاشتراكي، وفي أذار من عام ١٩١٩ أسس لينين في الكرملين الأممية الثالثة تحت اسم الكومنترن، مرسخاً القطيعة بين التيارين.