د. جون نسطة
تمر اليوم الذكرى الواحدة والخمسين لهزيمة الانظمة العربية، المشؤومة، في الخامس من حزيران عام ١٩٦٧، والتي شكلت جرحاً عميقاً في وجدان الأمة وفي كرامتها، وهزة كبيرة لكل مسلّماتها واعتقاداتها وأوهامها السابقة. إنها شكلت وما تزال تشكل الحدث الأخطر في تاريخ العرب الحديث، والتي لا تزال تداعياته مستمرة حتى اليوم، في العمق.
ورغم المآسي والأحزان التي تعصف بشعوبنا، في رسم السياسات والمواقف الفكرية لكل القوى والاحزاب والتيارات السياسية، فالموقف من القضية الفلسطينية – المحورية – ومن إزالة آثار العدوان بتحرير الأراضي المحتلة في سوريا ولبنان والضفة الغربية والقدس، لا يزال يشكل فرزاً وغربالاً، للموقف تجاه الدول والمنظمات العربية والدولية المؤثرة في الساحة السياسية العربية.
الهزيمة في عام ١٩٦٧ التي حولت إلى انتصار من قبل النظام السوري، والذي إلى اليوم لم يقدم اعتذاراً إلى الشعب عنها، كانت في جوهرها هزيمة للأنظمة غير الديموقراطية، المستبدة والتي لا تقيم وزنا لحرية وكرامة الإنسان، ودولة المواطنة والمساواة بين الناس، وفصل السلطات واحترام القانون.
هذه الأنظمة، بهذا التوصيف الواقعي، تبقى عاجزة عن تقدير موازين القوى العسكرية لديها ولدى العدو، وقاصرة عن إدارة المعارك الدبلوماسية على الصعيد الدولي.
الشعوب غير قادرة على الإنتصار بالحروب، إذا كانت فاقدة لحريتها وكرامة معيشتها، وحقها في مشاركتها باتخاذ القرارات المصيرية وغير المصيرية.
والنظام الاستبدادي القائم على الفساد لا يستطيع أيضاً الحفاظ على سيطرته وانفراده بالسلطة، ولا على الحفاظ على وحدة الشعب واستقلال الوطن والسيادة القومية. وهذا ما يجري اليوم على الأرض، من خراب ودمار وتخلخل اجتماعي وضحايا بمئات الآلاف، وتهجير، وتجويع، واستدعاء للجيوش الأجنبية، وإلى تقسيم الوطن إلى مناطق نفوذ. وكل هذا يتحمل مسؤوليته بالدرجة الأولى هذا النظام بأمراضه القديمة.
إن شعبنا الذي عانى وما زال يعاني من هذه الكوارث، سوف يتابع جهوده ونضاله السلمي من أجل التغيير الديموقراطي وإقامة دولة الحق والقانون والعدالة الاجتماعية، حتي لا تتكرر الهزائم، ويحرر أرضه من الاحتلال الجديد والقديم.
هناك من ضيقي الأفق من يظن إن حراك شعبنا وتوقه للحرية قد تم احباطه وانتهى، إن الشعوب قد تتعرقل في مسيرتها، ولكنها لاتهزم ابداً.